| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
s.khalil@chello.nl

 

 

 

الخميس 24/4/ 2008

 


صائب خليل
نظام القائمة المرنة - مقترح لنظام انتخابات أفضل

صائب خليل

تدور اليوم بنشاط، مناقشات حول الشكل الأنسب لنظام الإنتخابات الذي سيستعمل في انتخابات المحافظات القادمة. ويدور الحديث عن خيارين أساسيين: الخيار الأول هو نظام القائمة المغلقة، حيث يتم انتخاب القائمة وتقوم هذه القائمة بإنتخاب مرشحيها لشغل ما فازت به من مقاعد، ومشكلة هذا النظام أن الناخب ليس له دور في اختيار شخصيات المرشحين.
الخيار الثاني هو نظام القائمة المفتوحة، ويسميه البعض نظام القائمة المختلطة (أعتقد أن "القائمة المفتوحة" بمعناها الحرفي مستحيلة إن لم يكن القصد ما شُرح على انه "مختلطة" كما سيلي) ويستجيب هذا النظام لضعف النظام الأول فتكشف اسماء مرشحي القائمة للجمهور ليختار منهم من يرشحه شخصياً بغض النظر عن تسلسله في القائمة ثم تتم إضافة الأصوات الزائدة التي كسبها بعض المرشحين الى المرشحين الآخرين من القائمة والذين لم يحصلوا على اصوات كافية للحصول على مقعد بدءا ً بمن حصل على أعلى الأصوات.

يقول الخبير القانوني طارق حرب إن "مسودة قانون انتخابات مجالس المحافظات الجديد أخذ(ت) بنظام القائمة المفتوحة من ناحية وناحية أخرى القائمة المغلقة.. فهي قائمة مفتوحة من جانب اختيار المرشحين دون التقيد بتسلسل ومغلقة من حيث أن الزيادة في الأصوات تعود على باقي المرشحين بالتسلسل. وأن "هذا النظام الجديد يختلف عن جميع أنظمة الانتخاب في العالم وانفرد بهذا النظام العراق ولا يوجد له شبيه." والحقيقة أنه إن كان المقصود بالتفرد هو هذا "المفتوح – المغلق" فليس صحيحاً أنه لايوجد له في العالم مثيل، فالبرلمان الهولندي اضافة الى برلمانات العديد من الدول تنتخب بهذه الطريقة.

إن ما يطرح للنقاش من إشكالات وتساؤلات يتركز على طريقة الإنتخاب وطريقة توزيع المقاعد على المحافظات والأقضية والنواحي ولايتطرق بعد ذلك إلى أسئلة أساسية في موضوعة الديمقراطية والأسس التي ينتخب بها المواطن ممثليه. ليس هذا غريباً على ديمقراطية مازالت تحبو تحت الرصاص وعلى اصوات الإنفجارات والطائرات الحربية، لكن لابأس أن نلقي نظرة مسبقة للإستفادة من تجارب الدول الأكثر تقدماً، وأن نطرق الباب على مشاكل ديمقراطية حتى قبل أن تطرق هي بابنا، حيث يمكن تلافيها بكلفة اقل كثيراً مما لو تم ذلك متأخراً.

تستند هذه المقالة إلى ملخص لدراسة قدمتها قبل سنتين الى "وزارة التطوير الإداري وعلاقات المملكة" الهولندية ونشرت ضمن الدراسات التي قبلت في مشروع "مبادرات المواطنين" في الوزارة.
الدراسة تتناول مشاكل الديمقراطية الهولندية كما شخصها المختصون في البلاد والعديد من الصحافيين والباحثين، وكان من أهمها علاقة التغرب بين الناخب والبرلمان، وكذلك الإتجاه المتسارع للعملية الديمقراطية في هولندا للأخذ بمقاييس أمريكية من خلال تركيز المواطن على شخصية المرشح وكارزميته\ها وإهمال البرنامج الإنتخابي، وهي أمور تشجعها بشكل متزايد طريقة عرض الناخبين إعلامياً كما تبين الدراسات. لذا لم يكن غريباً أن عدداً متزايداً من المرشحين، حتى في الإنتخابات داخل الحزب الواحد، أصبحوا يعتمدون على أشخاص كسبوا خبرتهم وتدريبهم في المشاركة بفرق الإنتخابات الأمريكية ونقلوا الى هولندا مقاييسها. ولعل الصعود المذهل لحزب (المرحوم) بيم فورتان كان أشد الصور وضوحاً لهذا الإتجاه حيث قفز حزبه في اول انتخابات يشارك بها وبعد تأسيسه مباشرة ليكون الحزب الثاني في الإنتخابات رغم أنه لم يقدّم اي برنامج سياسي، ولم يكن لديه اعضاء (سوى القيادة نفسها)، معتمداً تماماً على الكاريزما والدعاية الإعلامية الشديدة وكره الأجانب!

إذن بشكل مبسط، هناك إتجاهان متعارضان، الأول يطالب بسلطة أكبر للناخب في أن ينتخب مرشحه مباشرة، وأما الفريق الآخر فيركز على ضرورة إعطاء الأولوية للبرنامج السياسي وليس الكارزما الشخصية وأساليب الدعايات التي تعتمد على الشكل والحركات واللطف..الخ.
ورغم أن الناخب يتمنى أن يجد شخصا ً يثق به لتنفيذ برنامج يراه الناخب مناسبا، لكنه من الناحية العملية يضطر عادة إلى التضحية بأحد هذين المطلبين فيختار شخصاً موثوقاً دون النظر الى برنامج كتلته، او يختار الكتلة دون أن يفضّل أو يعرف أحداً من مرشحيها.
ألمشكلة هنا أن الناخب مضطر الى أن يضع صوته باسم شخص معين من القائمة حتى لو لم يكن يعرف أيا ً من مرشحيها، ربما على أساس الإسم او محل سكن او ولادة المرشح او أصله او دينه...الخ.

مشكلة المرشحين الذين يتركون الكتلة :
تزايدت في هولندا في السنوات الأخيرة مشكلة عدد الذين يتركون أحزابهم فيسحبون معهم مقعد البرلمان الذي ساعدتهم تلك الأحزاب في الحصول عليه. ونلاحظ أن هذه المشكلة تكررت في العراق ايضاً. وهنا يطرح السؤال: هل المقعد من حق المرشح أم من حق حزبه؟ المعمول به في هولندا هو أن المقعد من حق المرشح. لكن في هذا احياناً ظلم واضح للحزب، خاصة عندما لا يستطيع المرشح أن يحصل بنفسه على ما يكفيه من الأصوات للحصول على المقعد.
تزداد هذه المشكلة إشكالاً إذا تذكرنا أن الناخب مضطر أن يعطي صوته من خلال مرشح ما في الإنتخابات المفتوحة المستعملة في هولندا والتي ستستعمل في العراق كما يبدو. القائمة المغلقة لاتواجه مثل هذه المشكلة ويمكن ببساطة تشريع ملكية الحزب للمقعد وفي حالة ترك المرشح للحزب، يكون للحزب أن يرشح بديلاً عنه. لكن القائمة المغلقة لها إشكالاتها الأكبر من حيث أن الناخب ليس له اي يد في اختيار مرشحه، بل يعتمد في ذلك كلياً على الحزب، وهذا ليس خير الحلول، ويعطي الناخب شعوراً بالبعد عن البرلمان.

الحل الذي اقترحته في دراستي هو أن يتم العمل باستخدام القوائم المفتوحة، مع إضافة "مرشح رمزي" في اعلى القائمة، وليكن رقم صفر، هو الحزب نفسه، أو الكتلة نفسها. بهذه الطريقة يمكن للناخب أن يعطي صوته للحزب، ليعطيه الحزب بالتالي عبر آلياته الى المرشح المناسب، او أن يعطي الناخب صوته الى أحد مرشحي القائمة مباشرة وبذلك يمتلك المرشح هذا الصوت. هنا أصبح بإمكاننا تمييز نوعين من الأصوات: أصوات حصل عليها الحزب وهي ملكيته واخرى حصل عليها كل من المرشحين وهي ملكيتهم . وعندها يمكن وضع آلية عادلة للتعامل مع ملكية المقعد في حالة ترك المرشح للحزب، فيمكننا إفتراض أن المرشح الذي يحصل على أصوات تزيد عن 50% او ربما 60% كملكية له، يكون المقعد ملكاً له ايضاً، اما دون تلك النسبة التي يجب أن تحدد بقانون، فيكون المقعد ملكاً للحزب وعلى المرشح ان يتخلى عنه في حالة تركه للحزب. كذلك يمكن، ولكن ليس من الضروري، تحديد نسبة معينة من الأصوات اللازمة للمقعد البرلماني إن لم يكن المرشح قد حصل عليها فيمكن للحزب تغيير النائب متى شاء حتى لو لم يكن النائب ينوي ترك الحزب أو فريقه الإنتخابي، وتكون هذه النسبة أقلّ طبعاً مثل 30% الى 10%. هذه النسب لايحددها الحزب نفسه طبعاً وإنما تحدد مركزياً في قانون الإنتخابات ويمكن أن تخضع للتجربة والتحوير لاحقاً بعد إقرارها مبدئياً.

إضافة الى حل إشكالية ملكية المقاعد، فأن هذه الطريقة تسمح للمواطن بحرية أن يقوم بإختياره أما على اساس الأشخاص او على أساس الحزب. بهذه الطريقة يستطيع الحزب أيضاً أن يعرف بشكل أدق كم هي نسبة الذين صوتوا لمبادئ وبرنامج الحزب وكم صوتوا لثقتهم بشخص معين، ويستطيع إستناداً الى هذه المعلومة ومقارنة مثيلاتها في انتخابات سابقة أن يحصل على صورة هامة لتخطيط سياسته المستقبلية. كما أن مقارنة نتائج الحزب مع الأحزاب الأخرى تبين ايضاً ايا ً من الأحزاب يميل ناخبوها الى التصويت استناداً إلى برنامج الحزب ومبادئه وأيها يميل ناخبوه الى التصويت ثقة بالأشخاص . لكن لعل أهم أفضليات هذا النظام الحرية الإضافية التي يمنحها للناخب للتصرف بصوته، والقيمة الرمزية لتلك الحرية التي تؤكد بشكل إضافي أن الحكم للشعب وأن الحكومة والبرلمان ليسا سوى وكلاء له، إنتخبهم لخدمة مصالحه ورؤاه لفترة من الزمن، وضمن شروط معينة.

ليس في هذا النظام الإنتخابي أي تعقيد او صعوبة كما قد يتصور البعض، حتى بالنسبة للمواطن البسيط، بل ربما يكون من الأسهل إفهام هذا الناخب أن عليه إنتخاب من يشاء من قائمة حزبه، فإن لم يكن له خيار يعرفه، فلينتخب إسم الحزب الذي يقع في أعلى القائمة، عند الرقم صفر.

لقد اسميت هذا النظام بـ "نظام القائمة المرنة" لأنه يعطي الناخب المرونة ليختار على الأساس الذي يرغب به، وله أن يفعل ذلك كأنه يتعامل مع قائمة مفتوحة، بأن ينتخب مرشحه مباشرة، أو قائمة مغلقة بأن ينتخب الحزب نفسه. هذا النظام يترك الخيار بين هذين النظامين الى الناخب نفسه، فكأننا جمعنا افضليات النظامين بالنسبة للمواطن.

23 نيسان 2008

 



 


 

Counters