| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

صائب خليل
saieb.khalil@gmail.com

 

 

 

                                                   السبت 24/11/ 2012

 

حول بيان "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ظالمة أو مظلومة"

صائب خليل      

مرة أخرى يطل علينا "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ظالمة أو مظلومة" ببيان يهاجم فيه حكومة بغداد، هذه المرة على تحريك "قوات دجلة" والتي رأوها " تشكل تصعيداً خطيراً للغاية في العلاقة السيئة بين الحكومة العراقية وحكومة الإقليم". ومرة أخرى دون أن يوضحوا موقفهم من تلك العلاقة واسباب سوئها حتى أننا لا ندري إن كانوا يعرفون تفاصيلها ليتخذوا موقفاً أم أن إسم منظمتهم يقدم الموقف لهم جاهزاً. أعتبر نفسي من متابعي الموضوع عن كثب، بكل إشكالاته في النفط ونسبة السكان والتحديات العنترية المتبادلة، وتصوري أن التجمع لا يعرف شيئاً عن شيء، وإن كان يعرف فالأمر أسوأ.

لقد كنت من الناقدين بشدة لموقف الحكومة المتخاذل من كردستان، وأرى مثل الكثيرين أنه السبب في التمادي الكردي الذي أوصل القضية إلى ما وصلت إليه، وبالتالي فأراني معنياً بالرد على التجمع، دفاعاً عن موقفي المعاكس تماماً لموقفهم. ولو كان موقفهم داعياً إلى التهدئة فقط، لفهمنا الأمر، لكن إلقاء اللوم على الحكومة حين تحركت، وكنا نجلدها على تخاذلها سنينا، فهو أمر يجب مناقشته لنرى أي منا المحق، وهل أخطأت الحكومة بحركتها العسكرية أم لا.

يقول بيان التجمع أن حركة الحكومة "تحمل إشارة واضحة بالاستعداد للقتال ضد قوات الپيشمرگة المکلفة بمهمات الأمن والاستقرار في كركوك" والسؤال الأول هو من الذي "كلف" هذه القوات بتلك "المهمة"؟ هل هي "مكلفة" من الله بها؟ أم أن المفروض أن يكلفها بها القائد العام للقوات المسلحة، حتى لو كانت داخل الإقليم، فكيف حين تكون في مناطق "متنازع عليها"؟

ويلوم البيان أن "تشكيل قيادة وقوات دجلة لم يتم أي اتفاق بشأنها مع رئاسة إقليم كردستان"، فأين في الدستور أن تشكيل أية قوة أو قيادتها يجب أن يمر بموافقة إقليم كردستان أو أي إقليم او محافظة؟ وهل تسأل كردستان رئيس الحكومة عند تعيين قادتها العسكريين؟ إننا نعجب لهذا المنطق المقلوب!

ويلوم البيان الحكومة على "انقطاع الحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بالرغم من محادثات الوفد  لكردستاني الذي ترأسه الدكتور برهم صالح في بغداد". ومن الطبيعي أن "انقطاع الحوار" بين أي طرفين قد يكون ذنب أي منهما أو كليهما، فهل عرف التجمع كيف انقطع الحوار وماذا كانت مطالب كل من الطرفين وهل اتخذ التجمع موقفاً يؤيد مطالب أحدهما دون الآخر لكي يلام هذا على قطع الحوار؟ التجمع لا يخبرنا بشيء، لكي نحاججه فيه.

يقول التجمع: "إن سلوك الحكومة العراقية الراهن يذكرنا بسلوك الحكومات العراقية المتعاقبة التي كانت سرعان ما تعتمد القوة والسلاح بدلاً من الحوار والمفاوضات" والحقيقة هي ان الحكومة فاوضت وقدمت التنازلات إلى درجة إهانة نفسها كحكومة مركز، يفترض أن تمثل كل المكونات بضمنها الكرد، وقبلت بما لا يقبل به، مثل عقود النفط المشينة التي وقعها أشتي هورامي في ليلة ظلماء وفيها من السرقة والغش ما لا يخفى على الأعمى.

وقبلت وهي ملامة في ذلك، نسبة علاوي الـ 17% في الوقت الذي تقول فيه كردستان نفسها أن نفوسها 12.6% (قبل أن يسارعوا لاحقاً لتفادي الفضيحة فأضافوا مليوناً ومئة الف لنفوسهم على عجل). وقبلت طويلاً بواقع حال إدارة قوات البيشمركة للمناطق المتنازع عليها، بل واحتلالها مناطق خارج المتنازع عليها وجلب شركات النفط الأجنبية للتنقيب فيها عنوة عن المحافظات التي استقطعت منها، فهل من حق تلك المحافظات على الحكومة أن تحميها من البيشمركة ام لا؟ أيهما أجدر بالتكوين، "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية" أم "التجمع الكردي لنصرة قضية الموصل" أو "قضية صلاح الدين"، ليردع حكومته عن الإعتداء على هذه المحافظات وسلبها أراضيها كما يحدث الآن؟

ويقول "التجمع العربي لنصرة القضية الكردية ظالمة أو مظلومة": "إن العقل والحصافة السياسية هما المطلوبتان في الظرف الراهن وليس فتل العضلات والتحدي وتحريك القوات المسلحة. إن رئيس الوزراء العراقي يعتقد أن في مقدوره التعامل مع إقليم كردستان كما تعامل مع المليشيات الطائفية المسلحة والإرهابية في البصرة منذ عدة سنوات. إنها أيها الرجل ليست "نزهة ربيعية" كما عبر عنها "صالح مهدي عماش في حينه وكانت جحيما على البعث وحكمه وقيادته"

وما عدا هذا التجمع وبضعة يلتفون حوله، فلا اتصور أن في العراق من لم يستهجن كثرة "فتل العضلات والتحدي" التي قام ويقوم بها مسعود البرزاني، لكن التجمع لم ولن ير شيئاً، ولن يتصرف بشكل لا يوحي له به اسمه. وبقية الكلام في الإقتباس، ركيك لا يشبه شيء بقدر ما يشبه الخطاب الكردستاني المتحدي التهديدي المتعالي الساخر، والمشير إلى البعث في كل صغيرة وكبيرة، تماماً كما تشير إسرائيل إلى الهولوكوست كلما ضايقتها الحقائق، وكأن النص يفضح أن حكومة كردستان هي التي كتبته! 

سؤال أخير إلى التجمع: هل في اعتقادكم، أن قيادة كردستان أخطأت يوماً بحق الكرد وبحق العرب؟ أم كانت مناضلة نقية تقية على طول الخط؟ وإن أخطأت، فهل قمتم بواجبكم بإصدار بيان بينتم فيه خطأها فنصرتموها بمنعها عنه، أم أنكم ترون أن واجبكم يقتصر على الدفاع عن تلك القيادة مهما حدث؟

إن كانت محقة على طول الخط فلماذا لم تدافعوا عنها وعن وجهات نظرها وتصدروا البيانات بشرحها وشرح لماذا ترون أنها سليمة، فقد كانت بحاجة لدفاعكم لأن الجانب العربي صار مقتنع تماما وأكثر من أي وقت مضى أنه يتعامل مع مجموعة من الكذابين واللصوص والمطبلين "للرئيس القائد"، ومستعدين لأخذ حقهم وحق غيرهم في أية فرصة تتاح لهم وأن طرقهم المفضلة هي الإبتزاز والضغط والإستعانة بالأمريكان ورشوة أمثال علاوي والكذب بلا حدود والإصرار الوقح على فرض الواقع على الأرض وأحتلالها بالعدوان العسكري المسلح، وطرد فرق النفط الوطنية بقوة السلاح وإحلال الشركات الأجنبية محلها. وهم أعطوا عقود النفط للشركات بشكل مجحف لشعبهم كما تقول جميع المصادر بلا استثناء، وكما أكدت المعارضة والمنظمات الشعبية واحتجت عليه. وفي آخر تصريح لها أشارت قيادة حزب التغيير كوران إلى أنها نفسها لا تعرف كم هي واردات الإقليم من النفط! فهل لا يعني ذلك أن قيادات الحزبين تبقي حسابات الواردات في الظلام حتى عن البرلمان لتسرقها من الشعب الكردي؟ فهل دافعتم عن حق ذلك الشعب، أم أنكم ترون أن "القضية الكردية" هي في الدفاع عن أقطاعيي الكرد فقط دون شعبهم؟

لست مدافعاً عن الحكومة عموماً، لكنها كانت هنا تتجه نحو خطوة صحيحة دفعتها إليها كردستان دفعاً، فلا يعقل أن تبقى الحكومة الإتحادية وقواتها تتراجع امام قوات البيشمركة في كل اصطدام، وتبقى فرقها النفطية تطرد من كل مكان وتبقى ممنوعة من الوصول إلى الحدود خوفاً من البيشمركة وتبقى البيشمركة تدرب العصابات في الأراضي العراقية للمشاركة في حرب إسرائيل والناتو على سوريا. لقد صارت كردستان دولة ولم تعد "قضية" كما تحبون تسميتها لتبرير موقفكم غير المفهوم، وصارت دولة قوية وعدوانية ونتمنى مثل الغالبية الساحقة من العرب انفصالها بسلام بأسرع وقت ممكن، مثلما يتمنى المواطنون الكرد ذلك، فان وجود دولتين في نفس البلد أمر خطير وغير معقول.

إنني أتمنى أن تبحثوا لكم عن "قضية" أخرى تنصرونها، فالعالم مليء بمن يحتاج المناصرة من القضايا الشريفة، وليس قضايا أثرياء وإقطاعيين يحولون المصايف إلى قصور خاصة به فيسميها شعبهم: "العوجة"، وليس من يهدد الحكومة بشركة أكسون موبيل لأنه يراها "تعادل عشرة فرق"، وإنها "إذا دخلت مكاناً لم تخرج منه". لقد اسهمت أمثال هذه "التضامنات" في دفع قيادة الكرد إلى التمادي حتى وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه بين الطرفين، وها أنتم تستمرون في دعمكم بلا تفكير أو تروي، فإن كنتم قد تورطتم فاخرجوا من الورطة، وإن كانت هذه هي قضيتكم، فيؤسفنا أن نخبركم أنها لم تعد قضية يفتخر بنصرتها، وإن الإنتصار لقضايا فاسدة يصيب صاحبه بالضرر في سمعته.

 

بيان التجمع العربي من أجل نصرة القضية الكردية: من أجل إيقاف تقدم القوات المسلحة العراقية صوب كركوك وإعادتها إلى ثكناتها
http://www.sautalomal.org/index.php/2012-05-17-15-34-42/11266-2012-11-20-19-44-09.html

 

24 تشرين الثاني 2012

free web counter