| الناس | الثقافية  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

فنون

 

 

 

الأربعاء 6/12/ 2006

 

 

 فصول من تاريخ المسرح العراقي
(
الفصل
الرابع والعشرون )


( كربلاء والمحافظات الجنوبيه وتشابيه المقتل والتعازي الحسينيه في عاشوراه
  )


لطيف حسن

latif@webspeed.dk


اشتهرت المحافظات الجنوبيه في العراق وعلى رأسها مدينة كربلاء بعقد مجالس التعازي الحسينيه في العشره الاولى من ايام عاشوراء من كل عام ، أحياءا لذكرى واقعة الطف التي سقط فيها الحسين ( ع ) شهيدا مع آل البيت والاتباع من الذين شاركوا في المعركه ، ، كما هو حال باقي البلدان الاسلاميه التي تسكنها غالبية شيعيه كايران جارتها على وجه الخصوص ، وثلاث بلدان عربيه اخرى هي لبنان وتونس والمغرب .

وتعود تقاليد اقامة هذه المجالس في اشكالها الاولى الى زمن بعيد , يبدأ من مقتل الحسين (ع)، ومستمده من عادات هذه الشعوب القديمه في تكريم الميت ، وكانت تقام سرا وبشكل بسيط من قبل اتباع الحسين حتى لاينسوا وتبقى احداث الكارثه الكبرى التي حلت بآل البيت حيه يتذكرها الاحفاد ومن يأتي من الاجيال القادمه ، وتطورت طقوسها انطلاقا من هذا الاساس وتعقد ادائها بمرور الايام مع ترسخ واتساع حركة التشيع لاسيما بعد تأسيس الدوله الصفويه التي اخذت ملامحها الاستعراضيه العنيفه من الشيعه الصفويين , وبعدها في اواخر الفتره القجريه دخل اليها طقس ( التشابيه ) موضوع هذا الفصل ، وعندما تكاثر اتباع الشيعه في ايران عن طريق فرض التشييع بالقوه ، ومن بعدها اتبع نفس الاسلوب في العراق بعد احتلال بغداد من قبل الصفوين ، وكان موقف السنه ، بمذاهبهم الاربعه من أتباع الشيعه الاوائل ، أنها تمثل فرقه ومجموعه من الروافض والخوارج الكفره ، انحرفوا بتعاليم واصول دين الاسلام الحنيف كما جاء عليه في الجزيره العربيه ، ومازالت هذه النظره موجوده عند بعض الفرق الاصوليه في السنه .

ولم يتم الاعتراف بهم كمذهب خامس في الاسلام الا في المؤتمر الاسلامي التاريخي الشهير الذي عقد في النجف عام 1743 برعاية نادر شاه الحالم بتوحيد كل المسلمين ( سنه وشيعه وغيرهم من الفرق والطوائف في امبراطوريه اسلاميه واحده من تجمع كل الاقوام والملل و يتربع هو على عرشها ) ), حضر وشارك في المؤتمر ، ممثلي المذاهب السنيه الاربعه ، وقد جرت في هذا المؤتمر مراجعة شامله للمذهب الجديد عن طريق النقاش والمناظره والجدل وايراد الحجج و الادله والبراهين فيما بين علماء المذاهب السنيه الاربعه من طرف ، وعلماء المذهب الجعفري ( 14 ) من الطرف الاخر لم يخلوا من التشنج وتبادل الاتهامات والتشكيك بالنوايا ، وخرجوا في ختام المؤتمر با تفاق على ماهو مشترك ، و طويت على اثرها مرحله دمويه دامت طويلا بين الطرفين ، لكنها لم تزل كل الخلافات القائمه بينهما ، وكان الانجاز الكبير الذي حققه المؤتمر هو تعهد نادر شاه في هذا المؤتمر الذي انعقد بضغط منه ان يعترف بشرعية الخلفاء الراشدين الثلاثه و ان يقر بصحة المذاهب السنيه الاربعه ، وان يكف الشيعه منذ ذلك اليوم عن شتم الخلفاء الثلاثه من على المنابر والمحافل وان يتم ذكرهم في خطب الجمعه اسوة بالخليفه الرابع علي ابن ابي طالب( ر ) ومنع منعا تاما اقامة مواكب العزاء التي اخترعها الصفويون في حملة التشييع ، وكل المظاهر التي من شأنها التفريق بين الشيعه واهل السنه ، بالمقابل حصلوا على اعتراف المذاهب السنيه الاربعه بالمذهب الخامس في الاسلام ( المذهب الجعفري ) ، وان يسمح لهم بالحج والعمره كأتباع مذهب منفصل, لهم امامهم و خطيبهم ، ويخصص لهم أسوة بالمذاهب الاربعه التي كانت تقتسم اركان الكعبه الاربعه فيما بينها ، ركنا خاصا بهم من اركان الكعبه ، واتفقوا على ان يكون هذا الركن هو الركن الشامي .

وقبل الاعتراف بالمذهب الشيعي في مؤتمر النجف الشهير، لابد من ان نذكر بالتزاوج الذي حصل بين حركة التشييع الاثني عشري في ايران ، مع طريقه دراويش الصوفيه الباكداشيه في ايران ، التي اخذت منها التعازي الحسينيه الشيعيه , طقوسها الاستعراضيه العنيفه ، التي اعتمدت لاحقا في مواكب التعازي ، المتمثله بايذا وتعذيب الجسد عن طريق اللطم القاسي على الصدور والضرب على الظهوربالسلاسل التي في نهايتها قطع حديديه جارحه ، وتطبير الرأس بالقامات ( نوع من السيوف القصيره المستقيمه ) تعبيرا ، عن الندم والتنفيس عن تكبيت الضمير ، المأخوذه بدورها من استعراضات آلام السيد المسيح ومسرحيات أللآم التي كانت نتشر في اوربا المسيحيه في القرون الوسطى ، وذلك منذ القرن السادس عشر عندما تولى مؤسس الدوله الصفويه الشاه اسماعيل ، الشيعي المتزمت مقاليد الحكم وهو في مقتبل العمر ، واسس الدوله الصفويه وفرض التشييع على الايرانيين بالقوه والدم، واستغل مناسبة تعازي عاشوراه كأداة لنشر الدعوه ، ففرض الحداد والحزن و لبس السواد في هذا الشهر كواجب ديني على الجميع , و أمر برفع الرايات والاعلام الملونه على البيوت ، ونصبها في الشوارع والاسواق ، وحملتها المواكب في المسيرات الاحتفاليه المقامه في هذه المناسبه ، بحيث جعل المناسبه قوية الاثر على العامه , واتخذ من سب الخلفاء الراشدين الثلاثه شعيره تردد في خطب الجمع من على كل المساجد ، وامر بادخال الشهاده الثالثه في الاذان وهي عبارة ( أشهد ان عليا ولي الله ) وهذه الشهاده في الواقع ليست بالجديده فقد سبق وان ادخلها لفتره بعض الغلاة في القرن الثالث للهجري , الا انه تصدى لها بعض علماء الشيعه المعتدلين من الذين لم يستسيغوها , وابطلت فقهيا الى ان احياها الشاه اسماعيل ، ومازالت هذه الشهاده الى اليوم بين الشيعة ذاتهم موضع اخذ ورد.

في عام 1508 ، تمكن الصفويون من سلخ بغداد لفتره من العثمانيين واحتلالها بعد حصار دام ثلاثة اشهر قاسيه اكل فيها الناس اطفالهم ، والحيوانات من الكلاب والقطط والحمير ، وكما فعل الشاه اسماعيل ، الشيعي المتعصب في ايران ، كرر فعلته بأهل بغداد ، اذ نبش قبر الأمام ابو حنيفه النعمان ، وهدم مرقد عبدالقادر الكيلاني، وقتل الكثير من أنباع السنه في مجزره بشعه استمرت طويلا، و لم تتوقف الا بعد ان تدخل كليد دار مرقد الامام الحسين ( ع ) في كربلاء (السيد دراج) الذي كانت له منزله خاصه عند الشاه فقبل شفاعته للسنه وتوقفت المجزره , ثم باشر بعدها بفرض التشييع بالقوه ، واعلن سب الخلفاء الثلاثه من على منابر المساجد ، وصك نقودا نقش عليها اسم علي ( ر ) وأسماء باقي آل البيت ، و جدد ابنيه المراقد الشيعيه في كربلاء والنجف ومرقد الامام العسكري في سامراء ومرقد الامام جعفر الصادق في الكاظميه ، ونشر دعاة التشييع في كل مكان من بغداد .

نستطيع هنا ان نضيف الى العوامل التي ساعدت على تقبل و انتعاش طقوس التعازي الحسينيه في شكلها الصفوي بين صفوف شيعة العراق التي لم تكن تعرفه في السابق ، هو توفر عامل الاستعداد النفسي عند الفرد العراقي لتبنيها بسهوله بدافع ميله الشديد تاريخيا لحالة الحزن التي لم تكن تفارقه في أي يوم من الايام ، جراء توالي النكبات التي كانت تعصف على العراق بلا انقطاع على شكل كوارث جماعيه كبرى من فياضانات وامراض وحروب ومجاعات وقحط وظلم اجتماعي متواصل جراء جور الحكام ، ان من يريد ان يدرس بشكل موضوعي ، المذهب الشيعي على حقيقته ، عليه ان يتجاوز بالضروره ويهمل الفتره الصفويه من تاريخ الشيعه وكل ماجائت به من اضافات طقسيه غريبه على ثوابت الاسلام كما حددتها المذاهب الفقهيه ، التي استنكفت هذه الطقوس ومازالت على موقفها الرافض منه لحد الان ، اذا استثنينا المذهب الجعفري الذي اخذ يتغاضى علمائه النظر في هذا الامر والتدقيق فيه كثيرا ، على اساس القبول بالامر الواقع الذي حصل ، و الذي من الصعب عليهم اليوم اصلاحه بعد ان ترسخ في وجدان الناس ، وقد انفلتت السيطره من ايديهم.

ان توجه هذه الطقوس ، ماعادت اليوم نافعه وصالحه لعصرنا الحالي لانها ممارسه بدأت متعصيه وغارقه في الطائفيه وباهداف واضحه تلائم ظرف الطائفه والمرحله التي كانت تمر بها آنذاك ، وبقيت على حالها رغم تغير الزمن ، وحافظت على اوضاعها كما كانت عليه وتركزت في نفوس الشيعه بالتقادم , لتتحول هذه الممارسه السياسيه من حيث الجوهر والهدف الى طقس ديني مضاف ، واخذ ت ممارسته الاستفزازيه السنويه للسنه في العراق من خلال مواصلة شتم الخلفاء الثلاثه والتعرض لهم في هذه المواكب، تضر بالمصالح الاجتماعيه والوحده الوطنيه الذي يتعايش عليها جنبا الى جنب اكثر من دين وقوميه وطائفه ومذهب ، و ما عادت هذه الطقوس التي ولدت باجواء وروح القرون الوسطى ، صالحه لعصرنا الحالي، وواجب يقع على عاتق الحوزه العلميه وعلمائها ، مراجعة هذه الطقوس الضاره وطنيا بشكل جاد، والتي غطت على القيم الروحيه الاصليه التي قام عليها المذهب الشيعي ، فالمذهب تشكل نتاج اول انتفاضه وانشقاق سياسي وديني واسع في الاسلام من اجل تصويب الحق والعدل والقيم التقليديه التي كانت سائده آنذاك ، وكان عند نشوئه خاليا من الطقوس الخرافيه الغريبه التي ادخلها الناس عليه بمرور الايام ، وترسخت فيها بدءا من قيام الدوله الصفويه في بدايات القرن السادس عشر، التي فرضتها بالقوه على شيعة ايران ، وتعززت في الفتره القجريه ، وحولت الدين الى وسيله سياسيه تستغلها الطائفه ضد من يخالفها من باقي الطوائف والقوى الاخرى في حسم صراعها معها مره ، ومرة اخرى بيد الاصوليه الدينيه السياسيه للوقوف بوجه الحداثه وعلمنة وتجديد الحياة الاجتماعيه ، وقد ترسخت هذه الشوائب الطقسيه الخرافيه عميقا في وجدان الشيعي المغلوب على امره , وغطت على كل المعالم الجيده في المذهب .

تمظهرت الحركه الشيعيه كما هو معروف فى اول انشقاق سياسي مذهبي واسع في المجتمع الاسلامي وتحددت في الفتره البويهيه في اطارها الفكري ( المذهب الجعفري) الذي لم يكن يتعارض تماما مع المذاهب السنيه الاربعه في اركان وطقوس الاسلام الاساسيه ، لف حوله كل من لاصوت له من المهمشين عن السلطه في الامبراطوريه الاسلاميه التي اصبحت شاسعه الاطراف و التي كان يمسك بمقاليدها بيد من حديد الخلفاء القساة من الخلفاء الامويين ، ومن بعدهم الخلفاء العباسيين الاوائل , وبطبيعة الحال لم يكن بعيدا هذا الانقسام الموضوعي الذي حدث أثناء عملية تشكل المجتمع الاسلامي الجديد الواسع من اقوام وشعوب واعراق مختلفه ومتباينه في الحضارات والعادات واللغات ونظم الاداره والحكم ، وما نشأ عن ذلك من صراعات بين القيم والعادات والعقائد المتناقضه ، بين ماهو وطني ومتوارث راسخ في نفوس سكان البلدان المفتوحه ، وبين ماهو قادم وجديد مع الفتح الاسلامي ، دون ان يخفى في كثير من الاحيان الغرض السياسي في اعادة احياء بعض جوانب الذات من عادات وتقاليد ( التي نحاها ونهى عنها الدين الجديد بصرامه تجنبا لوقوع الرده عن الاسلام )، و كنوع من المقاومه السلبيه التي ابدتها الحضارات العريقه في مواجهه هيمنه الاعراف البدويه ، الا ان المدن المقهوره بمرور الزمن امتصت البدوي القادم من وسط الجزيره ومدنته وفرضت عليه شروطها في العلاقات الاجتماعيه العامه و الحياة اليوميه من مأكل وملبس ولين العيش وعادات من ما عندها من خزين منجزها الانساني والشعبي المتقدم ، في اطار الاركان العامه التي جاء بها الدين الاسلامي والذي حمله معها البدوي المسلم وفرضه عليها من موقع المنتصر ، وقبلت هذه الشعوب بلغة القرآن ، لغته التي كان يتحدث بها لتكون حاملا للحضاره الاسلاميه الجديده التي اخذت تتشكل تدريجيا.

كانت المغالاة في تقديس الميت بالشكل الذي مارسه الشيعه فيما بعد ، و التي ا وصلت ببعض فرقهم الى تأليه علي ابن ابي طالب ( ر ) ، هي عاده قديمه لم تكن مبتكره ، تعود اصولها الى الديانات القديمه في منطقة الشرق الاوسط في تأليه الاب او الحاكم بعد موته، وكانت محرمه تماما في صدر الاسلام ، ونهي عنها القرآن و احاديث الرسول (ص) الصحيحه واتفاق كافة الصحابه ، فالمغالات في تقديس البشر الموتى , مهما كانت مكانة الميت كبيره وعظيمه لايستثنى منها حتى من هو في منزلة الرسول نفسه ، و لم يكن مقبولا عليهم استذكارالفقيد بهذه الطريقه البكائيه واظهارالهلع والنواح المبالغ فيه عليه ، فالمؤمن الحقيقي عليه ان يتقبل ترك هذه الدنيا الفانيه بسعاده فما ينتظره في العالم الاخر هو نعبم الجنه الخالده ، وينسبونها الى العادات الجاهليه غيرالمستحبه عند المسلم في الجزيره العربيه ، بل هي في رأي المؤمن البدوي المتزمت نوع من الرده الجاهليه و الشرك المنهى عنه ، وبدعه وخروج صريح على تعاليم الاسلام ، وواضح دون ان ندخل في تفاصيل اكثر من انها ممارسه وطقس دنيوي تقنع بالدين ، موجه للتأثير على العاطفه العمياء للمتلقي لايقاف العقل المفكر عنده عن ما يدور حوله ، مستمد من طقوس ديانات اقدم في الشرق الاوسط التي سبقت الاسلام ، جرى احيائها واضافتها الى طقوس التعازي الحسينيه ، فيما بعد أحداث كربلاء بفتره طويله جدا ، لم ترق كثبرا الاضافات الشيعيه على الاسلام، أهل السنه المحافظون ، ولم يهضمونها حتى هذا التاريخ ، سيما اضافة جملة (على ولي الله) في الشهاده ، وبعض الممارسات في اداء الفرائض حتى الشكلية منها ، كتسبيل الذراعين بدل التكتيف عند اداء الصلاة وغيرها ، وحجتهم ان الرسول في حياته قد حدد الشكل النهائي للطقوس الدينيه التي توحد الاداء الشعائري للمسلم اينما كان ، والتي يسموها بالاركان ، وهي واجبه وملزمه ومفروضه على الجميع ، وشرط أساسي لسلامة وتحقق اسلامه ، والتي هي خمس اركان ، اول هذه الاركان ، الشهاده التي يقر بها الفرد بوحدانية الله ، والاعتراف بمحمد رسوله ونبيه ، (محدده بديباجه غير قابله للتغيير والتعديل) ، والصوم في شهر رمضان ، والصلاة اليوميه بمواعيدها الخمس الا اذا تعذر ذلك شرعا ، والحج الى مكه بيت الله الحرام لمن استطاع اليه سبيلا على ان تكون مره واحد ه على الاقل لمن يقدر على ادائها ، والزكاة لمساعدة المستحقين من الفقراء ، و قد أغلق باب الاجتها د الفقهي بتعاليم هذه الاركان , واعطوها صفة الثبات بعد وفاة أئمة المذاهب الخمسه في الاسلام .

ولما كان مذهب التشييع في الاسلام قد بدأ اول ما بدأ في العراق ، وامتد بمزامنه واحده مع بلاد فارس التي أسهمت واشتركت الى حد بعيد في تعميقه كفكر ، فالمتتبع لتطور طقوس التعازي الحسينيه الى شكلها الشعبي الحالي الذي تمارس فيه الان ، لابد له ان يقر بدور التراث الفارسي الاساسي الغالب في بلورة وبنية هذا النوع من الطقس المثير للجدل والذي لم يأخذ حقه من الدراسه الموضوعيه والعلميه المجرده عن المقدس لحد الان ، وحقيقته التي تكاد ان تغيب وتطمس عن البال ، في ظل الهاله المقدسه التي يحرص على ان تظهر بها المناسبه ، وندرة الدراسات الحياديه الدقيقه الخاليه من الاخطاء الكبيره ، وأخفيت في العراق بشكل خاص ، لهذا السبب او ذاك الكثير من الحقائق عن ألاصل الذي بدأ به هذا الطقس الشيعي العاطفي الجديد نسبيا الذي لايزيد عمره في العراق على المئتي عام الاخيره ، والاسباب التي كانت تقف وراء انعاشه بقوه بين فتره واخرى ، والتعتيم على الدوافع في ترسيخه بقوه في الوعي الجمعي بهذه الصوره في هذه الايام ، واصبح اليوم ماهو غيردقيق وخرافي مضلل من تبريرات لتسويغ هذه الطقوس للاستهلاك ، وتحقيق مصالح سياسيه آنيه و بعيده غير خافيه ، و التكرار الطويل لها الموجهه بالدرجة الاولى للبسطاء المنفلتين من قاع المجتمع من الذين مازالوا يشكلون عندنا قطاعا واسعا وعريضا من الاميين والعاطلين عن العمل ، و من وجهة نظر الاصوليه السياسيه الدينيه المتعصبه الاحاديه فقط التي أخترعت ( التشابيه ) وهي صاحبة المصلحه في توتير المجتمع وتشنيج هؤلاء البسطاء المنومي الاراده ، لتحركهم نحو اهدافها ، وتحولت هذه الطقوس التي يوجهها التعصب السياسي الطائفي , الى ماهو اشبه بواقع ديني مسلم به عند شيعة اليوم ، وتابو محرم مناقشته وفتح ملفاته على المكشوف ، والا فالتكفير والتخويف والعقاب سينتظر كل من يتجرأ ويحاول ان يسلط بقعة ضوء على المستور ، في ظل تردي الوعي الجمعي بالحقائق في العراق في الوقت الراهن .

في هذا المجال لابد من ان نذكر بالقضيه المدويه التي حدثت في العراق في عشرينات القرن الماضي والمنسيه في الوقت الحاضر ، قضية ( أنيس زكريا النصولي ) التي اورد تفاصيلها المشوقه ، الدكتور سيار الجميل في بحثه ( انتيليجينسيا العراق ) . فحوى القضيه ان الجدليه التي تحكم العلاقه فيما بين السلفيه ان كانت ( سنيه او شيعيه او مسيحيه او يهوديه ...الخ ) تميل في جوهرها كما هو معروف الى تجميد الواقع على ماهو عليه والرجوع به الى الوراء ، وبين التقدميه التي تعمل على تحريك الواقع وتغييره ودفعه الى الامام ، فالصراع لم ينقطع في كل الازمان ، فيما بين السلفيه التي تعني تخليد الماضي ، والتقدميه التي تعني نقيضها صنع المستقبل ، وقضية انيس زكريا النصولي تظهر هذا التناقض الذي احتدم وظهر جليا في الحركه الفكريه العراقيه في محاولاتها للانعتاق نحو الفضاء الاوسع والتجديد ، في العشرينات من القرن الماضي .

أنيس زكريا منصور ، لبناني الجنسيه من خريجي الجامعه الامريكيه ، قسم التاريخ ، انتدب للتدريس في العراق في بدايات الحكم الوطني في العراق ، درس مادة التاريخ في احدى المدارس في الموصل اولا ، ولفت الانظار اليه بطريقته الجديده في تناول التاريخ ، من خلال مؤلف له كتبه في الموصل بعنوان ( تاريخ الدوله الامويه ) الذي طبعه في بغداد عام 1926 ، وانتقل بعدها للتدريس في بغداد في الاعداديه المركزيه ودار المعلمين ، وقد اثار كتابه فور صدوره ضجه واسعه شملت كل انحاء العراق ، لأن النصولي ذكر في الكتاب ، ان من بين اسباب فشل ثورة الامام الحسين ( ع ) ارتياب الحسين ( ع ) في حقه بالخلافه ، وعدم يقينه تماما بهذا الحق ، واعترافه اعترافا صريحا ليزيد بأمارة المؤمنين واستعداده لمبايعته بالخلافه ، كانت هذه العباره كافيه لاستفزاز الشيعه الاصوليين ، والشيعه البسطاء الذين لم يكونوا مستعدين ان يتقبلوا أي وجهة نظر جديده مهما كانت موضوعيه مخالفه عن الصوره المقدسه المرسومه في عقولهم عن ا لحسين ( ع ) .

وهبت زوبعة شديده هزت المجتمع ، نظمها الشيعه المتعصبون ضد النصولي في الصحف والجرائد تستنكر ماجاء في كتابه واتهموه بتلفيق الروايه عن لسان الحسين ( ع ) و انتقدوا بشده مضامينه واحكامه واتهمته باثارة النعرات وتفريق الجامعه الاسلاميه ، فسارعت وزارة المعارف التي كان وزيرها شيعي هو السيد عبدالمهدي بفصل النصولي من العمل ، ومنع الكتاب من التداول والتدريس ، وسفر النصولي الى خارج العراق على عجل .

تعاطفت مع قضية النصولي قطاعات واسعه من المثقفين والشبيبه التقدميين وطلابه ، على اثر قرار الفصل والابعاد ، وعقدوا مؤتمرا في الكرخ تحت عنوان ( حرية الفكر والبحث العلمي ) ووجهوا رسالة احتجاج الى وزير المعارف الذي حملوه المسؤوليه ، واعتبروا فيها فصل النصولي وتسفيره قتلا للحريه الفكريه ، ثم خرجت المظاهرات الطلابيه الحاشده المؤيده لحرية الفكر ، والمطالبه بعودة النصولي ، فداهمتهم الشرطه وسيارات الاطفاء لتفريقهم ، وجرت معركه عنيفه بين الطرفين ، وهاج الوضع بشكل خطير مما اضطر وزير المعارف نفسه للخروج اليهم لتهدئة روعهم دون جدوى ، ثم اتسعت المظاهرات الى مدارس ومعاهد عده في بغداد ، نذكر هذه الحادثه من التاريخ العراقي المنسي ، التي هزت وزارة جعفر العسكري ، الذي قدم على اثرها وزير المعارف السيد عبدالمهدي استقالته من الوزاره ، وانشغل البرلمان بالقضيه لفتره طويله بين مؤيد للنصولي وبين مستهجن , وظل الموضوع ساخنا لفتره تزيد على الستة اشهر منشغله بها الصحف العراقيه ، وصدرفي هذه الازمه كتاب ( دولة الشجره الملعونه الشاميه ) عن مطبعة دار السلام في عام 1927 للسيد محمد مهدي المدسوسي القزويني ردا على ما ورد في كتاب النصولي .

تلقي هذه الحادثه الضوء على موقف الاصوليه الشيعيه في العراق من الفكر الحر ( الذي لايختلف عن موقف اي فكر اصولي آخر من اي تجديد ) ، الذي تمثل في رد فعلها المتشنج من كتاب النصولي ولجم اى محاوله اخرى تهدف تجديد اسس دراسة وفهم التاريخ ، وتم لهم النجاح في وأد مشروع النصولي النهضوي في الفكر في المهد ووضعوا حدا لكل من يتجرأ على دراسة التاريخ الاسلامي ( الشيعي بوجه الخصوص) من وجهة نظر معاصره ومحايده بعيدا عن المقدس ، ووضعوا حدودا لمن يتناول التراث، الذي هو الحقيقه المطلقه التي لاتمس ولاتناقش الا بالحدود التي تعززها وتقوي من جذورها كما هي , ولاتقبل التمحيص والتدقيق، ونحن مستمرون في تناول هذا الموضوع لابد ان ابين ، ( ان لا انتقاص ولا مدعات للخجل مطلقا من ان تكوين ثقافتنا العراقيه وقيمنا الحاليه قد اخذت الكثير من ثقافات وعادات الشعوب الاخرى ، وفي نفس الوقت هذا لايدعو مطلقا الى التشكيك باصالة وريادة حضارتنا العريقه , وضرورة ان نسمي الاشياء بأسمائها عند ذكر الحقيقه التاريخيه ، و نقر بدون تعصب اعمى لها من وجهة نظر طرف الطائفه المتحمس ، او التعارض المسخف لها من جانب الطرف الاخر بدون اساس ، و لكي لا نبتعد عن الموضوعيه المجرده الضروريه عندما ننظر الى حقيقة أي أصل لطقس او عاده ا و ممارسه اجتماعيه مفيده ما جائنا من حضارة هذا الشعب اوذاك ، او هذه الدوله المجاوره او تلك ، فهي ليست مثلبه بقدر ماهي دليل على حيوية حضارتنا وانفتاحها وتجددها و استعدادها للتلاقح مع الاخر او الاخذ من تجاربه بما يغنيها ، و بالتالي هي عمليه حتميه تجري موضوعيا ، فما بالك من طقس روحي لطائفه واسعه تعيش العراق تقودها وتوحهها منذ قرون وحتى اللحظه الراهنه مرجعيتين ( قم ) من ايران و ( النجف ) من العراق ، فالحضاره في النهايه انسانيه وطابعها عالمي تراكمى تنموى ، ولم يخلقها بشكلها الكامل عرق او قوم او شعب واحد ، رغم الاقرار بالرياده الاولى لشعب ما من هذه الشعوب في أكتشاف او اختراع ما ، لكن ما ان يتم هذا الاكتشاف والاختراع ، حتى يتحول الى ملك مشاع للبشريه باسرها، تعيد انتاجه وتضيف اليه وتطوره .

منذ بداية القرن الثامن عشر بدأت فرنسا وبريطانيا في منافسه حاده للاستحواذ على مناطق الشرق التي تعيش في سبات تخلف القرون الوسطى ، من اطراف اقاليم الامبراطوريه العثمانيه ، وايران ذات الموقع الاستراتيجي . واخذت تتبارى فيما بينها لمد مجساتهما الى هذه البلدان الغنيه بالمواد الخام والثروات الدفينه , وكانت ايران تشكل هدفا مهما فيما يتعلق بالصراع البريطاني الفرنسي ، فسارعت بريطانيا قبل غريمتها الى توقيع معاهده مع قاجار الثاني فتح علي ( 1798 - 1834 ) تعهدت فيها بريطانيا على دعمها لايران عسكريا وتحديث جيشه ، بمقابل منح البريطانيين حقوقا تجاريه مفتوحه على اراضي ايران الواسعه الغنيه بمواد الصناعه الخام ، وتحويلها الى سوق لتصريف بضائعها التي سيعجز على منافستها الانتاج الوطني ، تمكنت بريطانيا في فتره قصيره من السيطره على مقدرات الاقتصاد الايراني بتدميرها صناعة الحرير التقليديه التي كانت منتشره ، واقامة بعض المشاريع الصناعيه الحديثه لانتاج البضائع الاستهلاكيه في كل انحاء ايران ، وتضررت بشكل اساسي مؤسسة التجار الذين كانوا قبل عملية تحديث ايران ساده عن أب وجد للبازار والاسواق الايرانيه الداخليه ببضائعهم التقليديه ، توجه البازاريون الى علماء الدين الذين كانوا يعيدين لحد الان عن التدخل المباشر في الشؤون السياسيه للحكومه ، وكانت تحافظ على استقلاليتها حتى ذلك التاريخ ، وتحالفوا معها للتصدي لعملية تحديث ايران التي يعني القضاء على الصناعه التقليديه المحليه ، ومواجهة العلمنه التي تؤدي في تهاية المطاف الى تحقيق السيطره الاوربيه على ايران ، مستفيدين من ما يسمح به جوهر المذهب الشيعي الذي هو في الاساس تشكل في خضم نزاع سياسي على السلطه ، فتشكلت في ايران لاول مره حركه سياسيه اصوليه شيعيه قويه في نهاية القرن الثامن عشر ، حصل فيها علماء الدين والمجتهدين سلطه شعبيه كبيره جعلتهم محصنيين عن التهميش فيما بعد .

التحالف الذي تم بين علماء الدين والبازار الايراني كان موجها بالاساس لمواجهة خطر العلمنه وتحديث ايران بالاسلوب الغربي ، وتركزت المواجهه بالعوده القويه الى احياء التقاليد الايرانيه القديمه، والتراث المترسب في الوعي الشيعي الذي كان على شكل التعازي الحسينيه الممزوجه بصخب طقوس دراويش الباكداشيه، التي سبق وان ابتدعها الشاه اسماعيل في حملة تشييعه للايرانيين ، ولجأوا الى أحياء مشهد استشهاد الحسين (ع) بطقس جديد اضافوه في هذه الفتره الى طقوس التعازي هو ( التشابيه ) وتمكنوا في فتره قصيره من اعادة تشكيل الوعي الديني الشعبي الملتصق بهذه الحادثه، واعادة تشكيل مجالس الفاتحه بقراءة ( للروزخون ) التي تسرد حكاية مقتل البطل الاثير ، وحولوا هذه الاحتفالات الى مهرجانات كبرى وكرنفالات شعبيه تجوب الشوارع تعيد من جديد خلق مشهد الصراع بين الخير الحسين واتباعه ، والشر يزيد ابن معاويه والجيش الاموي ، كما في الديانه الزرادشتيه العريقه ، وكانت تحمل في هذه الاحتفالات الى جانب الرايات والاعلام الكبيره , دمى ضخمه يحرق بعضها في الاحتفال كما هو الحال تماما في الديانات الايرانيه القديمه عندما كانوا يحملون تماثيل آلهتهم معهم في الاحنفالات ويحرقون رموز الشر منها ، وكانت تحمل في هذه المسيرات على عصا طويله صوره مجسده للشمس ( النهار ) رمز آلهة النور والخير ، وصوره اخرى للقمر ( الليل ) رمز ألهة الظلام والشر في الديانه الزرادشتيه ، وتحول العدو التقليدي في هذه الاحتفالات من السنه الاموين قتلة الحسين (ع) ، الى الشيطان الغربي . او الغرب الكافر.

ادى احياء هذه التقاليد الجديده في طقوس التعازي عن طريق التشخيص والتمثيل البدائي في الشوارع والساحات للروايه الشيعيه للمقتل، التي سميت ( تشابيه ) الى تأسيس تقاليد دينيه جديده في استذكار الواقعه تختلف عن تقاليد مؤسسة علماء الدين الشيعه التقليديين ذات الطابع المدرسي الفقهي , ودخلت بسبب هذه (التشابيه) في البدايه بتناقظ وجدل مع هذه الممارسات الجديده المتطرفه التي لم تكن معروفه من قبل ، واتهموها بالبدع والعمل الحرام باقدامهم البعض على تشبيه الحسين بشخص معاصر مهما كان مستقيما وعفيفا فأنه لن يرقى الى منزلة ونزاهة وقدسية الحسين ( ع ) ، الا ان الحركه الشيعيه الشعبيه في ايران بطقوسها الجديده ذات الجذور التي تعود الى ماقبل دحول الاسلام الى ايران هي التي انتصرت في النهايه على رجل الفقه واكتسحته معها ، وانفلتت مشاعر ومكنونات العوام الدفينه بحيث ماعاد بالامكان السيطرة عليها لاحقا واعادتها الى السلوك الواعي كما ذكرنا سابقا ، يذكر الدكتور علي الوردي في ملحق كتابه الهام - لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث - الجزء الاول مايلي (( ... واوضح مثل مايمكن ان نأتي به في هذا الصدد هو مايسمى ( بالمواكب الحسينيه ) فقد اخذت هذه المواكب تتضخم عاما بعد عام بشكل لاينسجم مع روح العصر ، ويؤدي الى الضرر في النفس والمجتمع ، وقد وقف الكثير من رجال الدين موقف المتفرج تجاه هذا التضخم المخزي وربما ايده البعض منهم بادلته العقليه والنقليه بينما الواجب الديني يقضي عليهم ان يهبوا جميعا لمكافحته والقضاء عليه ، ان الحجه التي يتمسك بها رجال الدين لتبرير موقفهم هذا ان العوام لايطيعونهم ، وقد قال لي احدهم ذات يوم ( لو جاء الحسين نفسه يردع العوام عن تلك المواكب لما أطاعوه.. ) ..))

وقامت نفس المؤسسه التي كانت تقف وراء احياء وبعث تاريخ الاسلام الشيعي من جديد ، بعد ان سبق وان منعها نادر شاه بعد مؤتمر النجف ، واحياء التراث الايراني ، وتشخيص الواقعه في ( التشابيه ) ضمن حملة مواجهة شامله ضد هجمة الغرب لتحديث ايران ، بمعارضة شديده في نفس الوقت لاي محاولة نحديث للتعليم التقليدي في ايران، وحاربت باسم اليقضه الايرانيه والرقي والتقدم على هدى السلف ( كما كانت تسمي حركتها ) اقدام الحكومه على أفتتاح ( دار الفنون ) التي انشئت في طهران تحت رعاية الوزير امير اكبر وشيعوا , ان هذه الدار التي لم تكن الا عباره عن ( مدرسه للفنون الجميله ) ، واتهموها بانها جزء من الخطه الاوربيه لتدمير الثقافه الاسلاميه والايرانيه القديمه ونشر الفساد في المجتمع ، واصدروا فتاوي عديده في تحريم هذه (المدرسه الشيطانيه ) .

اردت من استعراض هذه اللمحه الموجزه من تاريخ التشييع في الاسلام ان اقول ان ( التشابيه) طقس استعراضي دنيوي جديد نسبيا , دخل واضيف الى التعازي الحسينيه التقليديه التي كان يقيمها الشيعه, بدوافع سياسيه ، وهي ليست غارقه في القدم كما يشاع عنها او كما يتوهم البعض ، وكانت التعازي الحسينيه في بداياتها تؤدى بشكل عقلاني بدون استعراضات مثيره وكانت تليق بمهابة وقدسية المناسبه ، وما جرى من اضافه جديده ( التشابيه ) للتعازي ’ وقبلها اضافة الطقوس ا الغريبه على روح و تعاليم الاسلام الاول ، كضرب السلاسل وتطبير الرؤوس بالقامات وغيرها, تمت على يد تحالف التجار في البازار الايراني والاصوليين من الاسلام الشيعي السياسي الذي تشكل في القرن الثامن عشر وليس قبلها ، عند مواجهتهم لهجمة التحديث الغربيه على ايران ، وهي تصحيح في نفس الوقت لخطأ في معلومه اوردتها الباحثه السوفيتيه تمارا الكساندروفا في كتابها ( الف عام وعام على المسرح العربي ) عندما تورد ان المسرحيه الدينيه الاسلاميه ( التعزيه ) هي اقدم الاشكال المسرحيه في العالم العربي ، وتمتد جذورها تاريخيا بامتداد التاريخ العربي ، ( هنا تذكر خطأ مصطلح العالم العربي بدلا من مصطلح العالم الاسلامي )

وأيضا ردا على بعض من نقادنا من الذين لايمحصون كثيرا في التاريخ ، ويطلقون توصيفاتهم السريعه التي تحتاج الى الدقه, كما ورد في ما طرحه الناقد عبدالخالق كيطان في جريدة الزمان في عمود تحت عنوان ( افكار حول مسرح التعزيه ) اذ يعتبر التعزيه ركنا اساسيا في الدلاله على قدمية المسرح العربي، ( لااعرف كيف توصل الى انه مسرح عربي ولم يقل مثلا على الاقل انه مسرح اسلامي ) لان (التشابيه) وليست التعزيه لم تظهر في البدايه الا في ايران , ولها اسبابها الداخليه التي تخص ايران ، وبدءا من القرن الثامن عشر فقط , ومما يؤكد على ذلك هو ان اقدم نصوص التعازي المكتوبه التي وصلتنا ، قد كتبت بعد هذا التاريخ ، والمعروف عن التراث الشيعي المكتوب انه يكاد ان يكون محفوظا كله ، ( وهناك من يقول ، ومنهم د. علي الوردي انها قد دخلت العراق في اواخر القرن التاسع عشر فقط وليس قبلها ) ، وقد وصف ( التشابيه ) في عروضها الاولى ، بعض الرحاله الغربيين من الذين شاهدوا الطقوس في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر في ايران وليس في مكان اخر ، وقد انتقلت من ايران الى العراق في القرن التاسع عشر , اي في اواخر السيطره القجريه على العراق , و بعد السيطره الصفويه بوقت طويل ، وهو تصحيح لرأي شائع ، وهو الاخر خاطيء ، يجزم بانه قد ظهر في بدايات تشكل الدوله الصفويه ، وعرفت ( التشابيه ) ايضا في الفتره الاخيره عدا العراق وعلى نطاق ضيق جدا منطقتان عربيتان ، فيها من بين سكانها اكثريه شيعه ، هما جنوب لبنان و بعض مدن تونس والمغرب فقط ، ولم تعرفهاغيرها من المناطق العربيه الاخرى على الاطلاق ، بما فيها مصر الفاطميه .

وعندما تناول الباحث د. محمد عزيزه المسرح في الاسلام في كراسه الصغير والهام هذه الطقوس ، لم يسميها بالمسرح العربي وانما سماها بالمسرح الاسلامي اعتمادا على طقوسها المقامه في ايران ، وكان بحثه الذي كتبه في الستينات متزامنا مع حركة بحث محمومه كان يقوم بها المسرحيون العرب آنذاك والتفتيش في التراث عن وجود المسرح عند العرب القدامى الذي لم يجدي البحث عن شىء هام وحاسم , حتى ولو كان مايعثرون عليه قشه ليبنوا او ليبرهنوا عليها بدافع التخلص من عقدة الشعور بالنقص التي انتابتهم جراء ان العرب الاوائل لم يعرفوا المسرح على شاكلة الاغريق ، في تلك الاجواء التي كان فيه صوت القوميه العربيه والناصريه عاليا في المنطقه العربيه , وقاموا بتجارب مسرحيه عده ونبشوا كتب التراث ولفقوا بعض المسرحيات لهذا المسرح الذي افترضوه ، للبرهنه بأي ثمن على انه كان هناك مسرح من نوع معين يقام في الشوارع وسموه بمسرح ( الفرجه) ، وانفتح بعد ذلك باب التجريب والدراسات واسعا في هذا المجال في كل البلدان العربيه ليدلى من يريد بدلوه .

ماهي التعازي الحسينيه في العراق ....؟
التعازي عندنا شبيهه بالتعازي التي تقام في ايران ، عباره عن مواكب حاشده من الناس ، وهم بلباس الحداد الاسود يجوبون الشوارع بالمشاعل ، تتصدرهم اعلام ورايات كبيره مختلفة الالوان كتب عليها اسم الحسين ( ع ) واسم الموكب ، ومعهم ( الرادود ) الراوي الذي يمتاز بحلاوة الصوت ، الذي يقص تفاصيل وقائع المأساة غناءا، و التي تستمر لعشرة ايام ، تروى فيها الوقائع يوما بيوم .

وتقام في الشوارع ، والساحات العامه , وتنصب قرب مراقد الشهداء من آل البيت السرادق الكبيره لمجالس التعازي ، لتستقبل الناس العاطفيين المشحونيين سلفا للبكاء والنواح ، ويلعب الرادود بذكاء بالغ دورا اساسيا في اثارة وتوجيه عواطف الحضور والسيطرة عليها، فانت تسمعه بين فتره واخرى وهو يشجعهم من على منبره على البكاء ، ( حبا بالحسين ابن ابا عبد الله ) وينخرط معهم بالبكاء والعويل في الوقت الذي يريده و في مقاطع معينه للتخفيف من زخم الحزن المتصاعد عند الحضور .

.وتقام في البيوت تعازي موازيه للنساء فقط تسمى ( قرايات النسوان ) تقتصر على لطم الصدور فقط ، والاستماع الى التعازي التي ترددها ( الملايه ) التي لاتقل مهاره عن الرادود في اثارة عواطف البكاء والنواح ، واكثريتهن ( علويات ) يجدن نظم الشعر ويرتجلنه حسب المناسبات ويحفظنه ، وهن عادة من النساء اللواتي يجنين من مهنتهن هذه اموالا مجزيه ، رغم ان اعمالهن موسميه وقصيره تتحدد باربعين يوما فقط في السنه ، تبدأ من الاول من عاشوره ، وتنتهي في الارعينيه ( ردة الراس )، الا انهن يعملن بشكل دائم كندابات على الموتى ، وبعضهن حتى في الافراح و( قبولات النسوان) لقاء اجور يختلف مقدارها من ملايه الى اخرى ، حسب المكانه والشهره التي تحتلها ، اضافه الى حصصهن من النذور المقدمه لوجه الله وآل البيت والهدايا الاخرى .

وفي (قرايات النسوان) يقام عرض فيه نوع من الممارسه الدراميه يسمى ( عرس القاسم ) شخصياتها كلها نسائيه تلبس احدى النساء فيها ملابس العرس البرقع الابيض لتودع القاسم ، توقد فيها ( صواني الياس والشموع وحلوى العرس .)

وهذه التعازي تقام سنويا في كل محافظات الجنوب تقريبا ، الا ان اهمها هي التعازي التي تقام في كربلاء التي يحج اليها في هذه المناسبه اكثرية الشيعه العميقي الايمان، وهناك عاده في ان تتوجه بعض مواكب المدن الاخرى اليها مشيا على الاقدام ، اشهرها ( موكب طويريج) السنوي الذين يتجهون فيه الى كربلا هروله تدعى ( عز ، ركضة طويريج ) ، ويذهب سنويا العديد من زواركربلاء ضحايا للازدحام في هذه الايام ، ودعسا تحت الاقدام، وتختلف طقوس هذه المواكب حسب نوعية الموكب ، هناك ( موكب اللطامه ) الذين يضربون صدورهم بقوه على ايقاع الطبول والدمامات ، و( موكب الزناجير ) الذين يضربون ظهورهم العاريه المدمات بالسلاسل الحديديه ذات النهايات الحاده كالمسامير ، و( موكب الطباره ) وهو اكثر المواكب قسوه في تعذيب الجسد ، يتلخص في شج مقدمة الرأس بالموس قبل مشاركته في الموكب ، ثم يسير وهو يضرب على الجرح الذي في رأسه بصفحة القامه ، ويشرك في هذا الموكب اطفال صغار نذروا من قبل ابائهم على ان يضربون القامه سنويا في مناسبة عاشوراء.

الا ان (التشابيه ) موضوع فصلنا هذا ، الذي يكتمل فيه مهرجان عاشوراء، ان جاز لي ان اسميه مهرجان ، لان فيه تجتمع كل عناصر وممارسات المهرجان الشعبي ، فكل سكان المدينه في الشارع اما مشارك او متفرج ، فالعواطف الملتهبه الورعه لمجاميع المشاركين في المواكب ، تقابلها عواطف وامزجه اخرى تماما لمن هم على هامش هذه المواكب من المتفرجين المراهقين ، فالنساء والمراهقات الحبيسات في البيوت طوال ايام السنه في الاحوال الاعنياديه ، يسمح لهن في هذه الايام بالخروج والسهر في الشوارع على شكل مجاميع تحت مراقبه مشدده من عجائز الاسره ، ويستغل العشاق المناسبه ,لاقتناص لقاء ، او الحصول من الحبيب على اشاره او ابتسامه ، او على اقل تقدير تبادل النظرات الخجوله والغمزات ، وتنشط أيدى النشاله في تجريف جيوب حشود الورعين من محتوياتها ، وتوزع النذور من مآكل وحلويات ومشارب بسخاء على المشاركين ، وتستمر المواكب الاستعراضيه على ايقاع اللطم والطبول بمشاعلها وراياتها الملونه ، وهي تطوف بالشوارع الى وقت متأخر .

تنصب ديكورات ( التشابيه ) في ساحه يختاروتها تنصب فيها الخيام التي تمثل مضارب آل البيت ، والتي تحرق من قبل الشمر بعد استشهاد الحسين ( ع ) وسبي النساء والاطفال ، ويقسم المكان الى موقعين للطرفين المتقاتلين ، ويأتي مشخصي الواقعه بملابسهم التاريخيه وسيوفهم ودروعهم وهم يمتطون الجياد والجمال التي تحمل الهوادج التي نساء آل البيت، وجميعهم من الهواة من سكان المدينه المعروفين , بقالين ولحامه وعطارين .. الخ ، وليس منهم من هو محترف مسرح ، ويشترط بمن يقوم بدور الحسين ( ع ) ان يكون ( سيد ) أي اجداده ينحدرون من آل البيت ، حسن السيره والسمعه والصوره و تعرفه الناس بانه متدين يؤدي الفرائض ، وذو اخلاق عاليه ، عكس مؤدي دور ( الشمر ) قاتل الحسين ( ع ) الذي يتلقى الضرب والاعتداءات الحقيقيه وصنوف الاهانات الاخرى من الناس المشاركه اثناء الاحتفال ، ثم يجري اعادة تشخيص الواقعه ، و ينخرط الطرفان في مبارزات فرديه ، نرى فيها شجاعة وتفوق آل البيت الذين جلهم لايتجاوزون الثالثه عشر من اعمارهم وامكانياتهم الخارقه في المنازله ولا يسقطون صرعى الا بعد ان يكبدوا الجيش الاموي العشرات من القتلى ، ويلتحم في بعض اللحظات الجيشان جماعيا في المعركه واكثر المقاطع اثاره في ( التشابيه ) مقتل العباس ( ع ) الذي حوصر وهو يحمل الماء للعطاشى من نساء واطفال آل البيت ، ويقاتل ببساله بسيفه وهو يحمله بين اسنانه بعد ان فقد ذراعيه ، ويظل يقتل من الاعداء يمينا ويسارا حتى يستشهد ، وتبقر قربة الماء التي كان يحملها ، في الوقت الذي يكون فيه الراوي مستمرا في سرد او شرح ما يجري امامهم من الواقعه شعرا . ومشهد جواد الحسين ( ع ) مضرجا بالدماء بعد استشهاده يسير امام الموكب، ولم تكن بطبيعة الحال ان تمر هذه المناسبه ، دون ان يتم شتم الخلفاء الراشدين الثلاثه والامويين السنه ، والتشابيه لاتحوي على حوارات كثيره بين الشخصيات ، وان وجدت فهي مقاطع شعريه ، وتكتفي في اجزاءها الكثيره على تشخيص ما يرويه الراوي وهو يسرد احداث الواقعه شعرا .

وكانت ( التشابيه ) دائما تحمل امكانيات توسيع اطار ممارستها عن ما هي فيه ، باتجاه اوسع من الاطار الديني والتاريخي ، وتستخدم في احيان كثيره لتعبر عن الجانب الدنيوي والزمن المعاش ، وكان يستغل موضوعها واحداثها وطريقة عرضها الشعبي البدائي الحالي لاسقاطها على الاوضاع السياسيه الانيه ، فمثلا ملابس قائد الجيش الاموي ( الشمر ابن الجوشن ) الذي كان يحرص ان تكون في الزمن الملكي هي نفس ملابس الجندي الانكليزي بقبعته الفلينيه ذات الريش الملونه المعروفه وعلى صدره تتدلى النياشين ويضع على عينيه نظارات شمسيه حديثه ، مما يعطي الشخصيه دلالات جديده ورمز جديد اخر ، أي يتحول فيها الطقس الروحي الى اداة سياسيه معاصره بيد الموجه ( الاسلام السياسي الشيعي) ، مستغلا المناسبه والالتساق العاطفي القوي للشيعي تأريخيا بهذه المناسبه .

لكن هذه الطقوس لم تتقدم اكثر من ذلك ، رغم توفر طابعها الفولكولوري الذي يسهل ويساعد على انتقالها من المقدس الى الدنيوي ، وهناك محاولات عديده سبق وان قام بها بعض المسرحيون العرب في استلهام هذا الطقس للمسرح ( من وجهة نظر وقراءه سنيه لاحداث كربلاء ، و اخرى شيعيه)، نذكر منهم محاولة كرم مطاوع من مصر ، زار العراق في السبعينات خصيصا لحضور احتفالات كربلاء بعاشورا في السبعينات ، ضمن تحضيراته لاخراج مسرحية ( الحسين) لعبد الرحمن بدوي ، واتذكر ان بعض من اعضاء فرقة المسرح الفني الحديث قد رافقته لحضورها التي مهد لها ، واستقبلها واستضافها بكرم في بيته المتواضع في كربلاء الفنان عزي الوهاب ، ولكي لايبدون مختلفين و غرباء ويجلبون النظر اليهم ، تنكروا بلبس الدشاديش السود والعرقجينات ، وعندما عاد كرم مطاوع الى مصر ، وبدأ بالتمارين اصطدم بمؤسسة الازهر التي منعت عرض المسرحيه ، بحجة ان الفقه السني لايجيز تشخيص شخصيه اسلاميه مقدسه بمقام الحسين( ع ) ، وهناك محاولات جديه اخرى في الفتره الاخيره ، قامت بها المؤسسه الدينيه الشيعيه في لبنان ، لتطوير طقوس عاشوراه واعطائها وجها فنيا حديثا ملائما لبيئة لبنان ، يخرجها من مناطقيتها ومن اطارها الديني الطائفي البحت ، فكلف الشيخ عبد الحسين صادق ، المشرف على احتفالات عاشوراه في النبطيه ، المخرج رئيف كرم لاعداد المقتل للمسرح واخراجها ، ويبدو ان النتيجه مخيبه لم تعجب كثيرا المؤسسه الدينيه التي كلفته بالعمل ، واهملت المشروع لاحقا ، وعادت الى طقوسها الشعبيه في تناول المأساة ، لان هذا العمل المسرحي لم تشكل بديلا للطقوس عند الناس ، واهميتها انها القت الضوء على مأساة الحسين ( ع ) وتوجهت به الى جمهور اوسع من الطائفه .

فما قدمه المخرج ، هي مسرحيه اخرى تصلح ( للسلطنه) بكل ماتعنيه كلمة ( سلطنه ) وليست مناسبه للنواح والبكاء كما هو موجود في الطقوس الشعبيه التي تقام سنويا ، حسب ماصرح به المخرج لوكالة ( رويترز ) ، وقد اسنعان المخرج في عرضه الفخم بدمى عملاقه واكثر من 200 راقص ومغني وممثل محترف ، لم يظهر المخرج اللطم وضرب السلاسل على المسرح ، وانما عبر عنه بصوت المغني والندابات ورقص المجاميع على ايقاع اللطم ، معتبرا اللطم الطقسي هو نوع من الرقص الديني موجود عند بعض الشعوب القديمه ، واستقدم ملحن من هولندا وضع له الحان المسرحيه .

ماقدم في التجربه اللبنانيه ، هي مسرحيه تقليديه فخمه ، بنفس قواعد اللعبه المسرحيه المعروفه والموجوده اصلا ولم تخترع ، موضوعها الحسين ( ع ) في الايام العشره من محرم ، استفادت واستخدمت طقوس المناسبه و الفنون الشعبيه ولم ترتفع بمستواها الى وضع اعلى ، وفقدت عند ما استخدمت ادوات المسرح الراقي وشخصها ممثلون محترفون ، مضمون وهدف وأهمية طقوس التعزيه المتمثله في توجهها وانحيازها الطائفي عند عرض مأساة الحسين ( ع ) دراميا و بشكل موضوعي ومقبول من الجميع ، وما عادت ( طقسا روحيا ) تؤدي وضيفتها الشعبيه الاساسيه وأعني توتير المتفرج لاشراكه في صنع حالة الحزن والبكاء والعويل واللطم الحقيقي جراء استرجاع هول ما حدث لآل البيت من قبل الرادود كما في الطقوس .، فالجمهور اللطامه والندابين في الطقوس جزء مندمج مع مشخصي المأساة ومكون لايتجزاء من العرض ( كالكورس في المسرحيات اليونانيه )، وعندما عزل هذا الجمهور عن الممثل وانفصل عنه بفعل الجدار الرابع ، حل محل مشاركته البكاء واللطم و العويل على حد تعبير المخرج ( السلطنه ) بمعنى التمتع , والتأمل الهادىء .

وجرت في العراق في الفتره الاخيره محاولات هزيله وسطحيه في المسرح لاستلهام المقتل وطقوس التعازي وسير آل البيت، فشلت جميعا واضرت بقدسية المناسبه ، فالمشكله لاتكمن في استلهام الطقس لفن المسرح القائم اصلا، بل المشكله هي في الامكانيات المتوفره في داخل هذه الطقوس نفسها التي تمنحها قدرة ان ترتقي بالطقس كله وتتحول به من الشارع الى مسرح ، أي ان تترك مهرجان الشارع نهائيا بلا عوده ، وتدخل المسرح الذي تشكله على مقاسها .

( فالتشابيه ) في رأيي فن فطري وسيبقى بصورته الحاليه فطريا ، كتب عليه العقم ، ولايمكن ان يتحول الى فن مسرحي راق في المستقبل ، حاله حال الطقوس الدينيه الاخرى في الاسلام ، ولا امل له في ان ينجب مسرحا في المستقبل ، بسبب هيمنة وتوجيه المؤسسه الدينيه لهذه الطقوس ، والنطاق الصارم والجامد الذي رسمت و ضبطت حركته فيها ، التي تحد من أي امكانيه ان تتحول الى نوع آخر من العرض ، فليست كل الطقوس الدينيه الدراميه في العالم تتوفر عندها الامكانية في ان تتحول او ان تنجب مسرحا عظيما ، رغم ان الميل الى التشخيص والتعبير بالرمز والتقليد والتقمص والتمثيل موجود اصلا في داخل الانسان بالفطره ، ومن المستبعد ان يخلوا مجنمع بشري مهما كانت درجة تطوره بسيطه ومحدوده ، من ممارسة شكل معين من التعبير الدرامي ، فالتشخيص عند الانسان وتقليد الاخر قديمه وفطريه، أستخدمها كوسيلة تعبير قبل ان يتمكن لسانه على النطق والكلام وصياغة اللغه المحكيه ، ويذهب بعضهم الى انها بدأت كفعل درامي لاول مره عند الانسان الصياد الاول ، منذ ان كان يقوم بتقليد وتشخيص عمليه الصيد ويحاكي حركة واصوات الطريده امام افراد قبيلته ، وهناك من يفترض انها بدأت مع الدين ، وان الكاهن يعتبر هوالممثل الاول في العالم ، والفن والدراما والرقص كلها ولدت في المعبد وخرجت منه .

كل الاديان ، لها طقوس فيها نوع من الملامح الدراميه والاستعراضيه وتقمص الارواح والسحر ، لانستثني منها احد ، حتى الدين الاسلامي لم يخلو منها ، فنجد في شعائر طقوس الحج الى الكعبه الكثير من بقايا الملامح الدراميه الاستعراضيه والتشخيص الواضح ، بدءا لو اخذنا الطواف حول الكعبه الذي يهدف الى استدرار الحاج للغفران والعفو من الذنوب من الخالق ، يعيد بعض الباحثين أصلها الى تشخيص عادة كان يقوم بها البدوي عند حلب الابل ، لحث شاته كي تدر الحليب ولا تعسر به عليه ، بان يقوم يأطافة وليدها حولها ، وشعيرة ( السعيى بين مناة والمروه )، هي ايضا شعيره دراميه اقدم على الاسلام ، يعيدها الباحثون في تاريخ الاديان في الجزيره العربيه الى الفتره التي كانت فيها العرب تعبد صنمين للخصب مقامان في طرفين متباعدين من الكعبه ، هما ( اساف ونائله) ، اللذان يعادلان تموز وعشتار عندنا ، وسعي الحجاج بينهما ماهوه الا تشخيص بدائي لربط وتمتين الود والوصل بينهما من اجل البركة .

و لاتخلو ايضا من الاشارات الدراميه ، شعيرة رمي الجمرات ( رمي الشيطان رمز الشر بالحجاره )، جميع هذه الطقوس تحمل بقايا ملامح دراميه كانت قويه واكثر دلاله ووضوح قبل ان يأتي الاسلام ، اضعفها الدين الجديد ولم يبق منها الا على اشارات خفيفه ، انطلاقا من موقف الاسلام الصارم عموما المعروف من التشخيص والتمثيل ، وعندما نقول ان العراق لم يعرف المسرح الا منذ اواخر القرن التاسع عشر ، نقصد العراق وهو في كنف الثقافه الاسلاميه المهيمنه على كل مفاصل الحياة و التي امتدت لالف وخمسمائة عام الاخيره ، تم خلالها الانقطاع تماما عن جذوره مكوناته الثقافيه والحضاريه القديمه التي لاتتناسب مع روح الاسلام والتي محيت بقسوه من الذاكره ، وتم نسيانها اليوم .

فمن غير المعقول ان لاتعرف الشعوب القديمه في العراق قبل الاسلام ، فن المسرح ، وهو مهد اقدم الديانات والحضارات الانسانيه في العالم ، وحفريات الاثار تكشف عن وجود ( اكيتو ) او بيت الاحتفالات الذي هو مسرح بطراز بناء خاص ، في كل مدينه من المدن العراقيه المندثره ، التي كانت تمارس فيها اعياد رأس السنه والاحتفالات الطقسيه الاخرى التي يجرى فيها تشخيص ملحمة قصة الخليقه ، التي كانت تحوي على عروض دراميه هامه كجزء من الطقوس المقدسه ، وحتى انه قد عرف ايضا المسرح بشكله الاغريقي منذ اجتياح اليونان للشرق ، ومن بعده المسرح على طراز البناء الروماني ، ففي بابل عثر على خرائب مسرح يوناني بناه الاسكندر الكبير , فيما بعد بني على انقاضه مسرح روماني، اضافه الى خرائب المسرح الروماني في صحراء تدمر ، فمن غير المعقول ان توجد في العراق القديم ابنية المسارح بهذا العدد بدون ان تؤدي وظيفتها الاصليه ، وهي العرض المسرحي .

من ضمن الكوارث التي كانت تحل بالعراق ، تعرضها بشكل متتالي لاجتياحات واكتساحات الطامعين من الشعوب الاخرى ، وما نتج عن هذه الاجتياحات والاكتساحات من توالي الانقطاعات التي تعرض لها تاريخه وثقافته الوطنيه ، فكل اجتياح تحاول الشعوب المنتصره ان تطمس ماتستطيع من معالم حضارة الشعب المقهور وتلغي ذاكرته ، وتفرض بقوة المنتصر محلها الحضاره والثقافه التي تحملها ، آ خر هذه الانقطاعات واطولها بدأت بالفتح الاسلامي ، حيث تمكن الاسلام من اسدال ستارا سميكا على كل ما له علاقه بالاديان القديمه وطقوسها ومنها فن المسرح ، ودرس ومحو جذورها بالتقادم , وتحريم ممارسة عاداتها التي تتعارض مع روح الاسلام ، واحل محلها الحضاره الاسلاميه الغنيه عن التعريف، وحرمت على الاديان الوثنيه الوطنيه القديمه ان تتواصل وتمارس طقوسها وان يتحول اتباعها الى الدين الجديد بقوة الحجه والاقناع والجدل ، او بالسيف ان تعذر ذلك وواصلوا العناد والضلال ولم يهتدوا الى الاسلام ، عدا اديان اهل الكتاب الموحده فقط , التي لم تكن تملك اصلا طقوسا نافعه لخلق المسرح الدنيوي ، ان لم تكن تحاربه .

والحضاره الاسلاميه معروفه في تحريمها للفنون التشكيليه ( رسم صورة الانسان ، والنحت ) والتشخيصيه ( التمثيل) ، الذي تبرره بتجنيب المسلمين الجدد من الاسباب التي تؤدي الى الرده للشرك ، ولم تمانع من الاستفاده والانفتاح بالحدود القصوى على كل نتاجات حضارات الشعوب القديمه ، ( عدا المسرح الذي اهملته تماما)، وأخذت و انعشت وطورت علوم عصرها عن طريق النقل والترجمة اضافه الى الوضع ، فتقدم على يديهاعلم الفلك والطب والكيمياء والحساب والمنطق والقياس ، وازدهر البحث الممنهج وطرق التعليم وانتشرت المدارس و الجامعات وكثرالتأليف في التاريخ والعلوم الانسانيه والادب والشعر وفن الموسيقى ( تجاوزت التمثيل ) وبعثتها على شكل حضاره عالميه جديده بملامح اسلاميه قويه , كان لها اثرها البالغ فيما بعد على قيام النهضه الاوربيه وتغيير الفكر والعالم , واذا تناولنا طقوس ( التشابيه) الشيعيه بالدراسه المقارنه , مع الطقس المقدس الذي خلق المسرح عند الاغريق ، أي مع أغاني و طقوس الخصب في اعياد باخوس التي كانت تقام في حقول الكروم والغابات ، ثم يأتي بعدهم ( هوميروس ) المغني الجوال وهو يحمل قيثارته ويغني ملحمة ( مدينة طرواده ) التي تتناولها (الالياذه والاوديسه) التي تصف التحام بشر وآلهه مع بشر وآلهه في حرب اسطوريه طويله من اجل استرداد هيلين الجميله الى زوجها، والذي سقط فيها على اسوار طرواده الابطال انصاف الالهه من الطرفين المتنازعين , من بينهم (اخيل) الرجل الذي طالما حاول ان يتجنب هذه الحرب , بسهم اخترق كاحله ، تماما كما رسمت قدره الآلهه , ثم يأتي الشاعر والممثل ( ثيسبس) وهو يجول بعربته في المدن والارياف، اينما كان هناك تجمع يرغب في ان يشاهد و يسمع عن اخبار الالهه العظام واسرار الاولمب، وبعده جاء ( سوفوكليس واسخيلوس ويوريبيدس ) ويتحررمعهم المسرح الاغريقي تماما من قيود المعابد ويتحول الى فن خالص بحد ذاته ، لكنه يظل يحكي اخبار ابطال الاغريق العظام في صراعهم ومواجهه اقدار الالهه . وتتطهر نفوس الحضور من الجمهور في كل عرض من ما قد علق بها من ثقل الشوائب ، وتتجدد وتنشط النفوس بعد ان تتخلص من ادرانها .

لم تنتج الطقوس الدينيه لشعوب حضارات سومر وبابل واشور مسرحا دنيويا ، شبيه بالمسرح الذي بناه الاغريق ، رغم انهم خلقوا اسس الحضاره الانسانيه العالميه ، بما فيها الاسس التي بنى عليها الاغريق حضارتهم ومسرحهم ، لكن حضارات وادي الرافدين الرائده ، توقفت عندما لم يستطيعوا ان يتجاوزوا كثيرا مرحلة الطفوله العقليه التي كانت تمر بها البشريه اجمع ، أي الانتقال بالتفكير من الاسطوره والخرافه والدين في تعليل الظواهر ، الى مرحلة المنطق والديالكتيك والتفسير الفلسفي الذي تمكن الاغريق ان ينتقلوا اليه ، أي ان المسرح الاغريقي تطور من الطقس المقدس الى الدنيوي ، فقط عند ظهور الفلسفه التي انزلت الالهه من عروشها في الاولمب الى الارض وساوتهم بالبشر ، وفسح تطور العقل والفكر الجدلي امامها المجال واسعا لتستفيد من كل ارث و منجزات حضارات شعوب وادي الرافدين والعالم المتوقفه ، وتأخذها لتبني عليها حضاره جديده للعالم ، وتسير بها وتقودها الى الامام .

ان مأساة مقتل الحسين في ( التشابيه) الشيعيه من الناحيه الفنيه، لاتشبه من حيث الجوهر , المآسي والملاحم اليونانيه القديمه التي انتجت مسرحا ، الاختلاف في اكثر من وجه ، ولاترقى اليها باي حال من الاحوال في شكلها الحالي من حيث عدم توفر مكونات نوعية في عناصرها الدراميه لتعطيها امكانية ان تتحول الى نوع اخر ارقى من طقس (التشابيه ) ، المتوفره فقط في الطقوس والملاحم اليونانيه القديمه ، رغم جلال موضوع الاستشهاد البطولي للحسين ( ع ) في الاسلام التي تتناوله ( التشابيه)، وطرح عدالة القضيه التي ضحى بنفسه من اجلها و التي لايختلف عليها اثنان .

اول هذه الفروق ان الملاحم ا ليونانيه العظيمه كانت تظهر تناقض البشر مع مارسمته له الالهه من مصائر، أي صراع الانسيان الضعيف الغير متكافيء من اجل التقرير الحر لمصيره ، مع الالهه التي تفرض عليه احكامها وتنتصر عليه في النهايه ، في الروايه الاسلاميه لمأساة الحسين لا تتناول او تعطي دورا للآلهه والأرباب العظام في الصراع مع البشر ضحاياها الضعفاء، ولاتظهر الا صراعا بين مجموعه محدده من البشر ، ضد مجموعه اخرى من البشر تتناقض معها على مشكله ذات طابع دنيوي مناطقي ، ضمن اطار مجتمع يوحد الطرفين هو المجتمع الاسلامي ( نزاع داخلي) ، وكل طرف يطرح قضيته و اسبابه وتبريراته المنطقيه والعقليه المختلفه , وكل طرف له انصاره و اتباعه في هذا الصراع ، مما يبسط ويخفف من عقدة ووقع المأساة و يقلل من وهج تراجيديا البطل الحقيقيه ، ويجعلها متخلفه جدا عن مأساة وقضية الانسان في المآسي الاغريقيه ذات الطابع الكوني الشمولي البعيد عن طابع المحليه والمناطقيه ، الملاحم اليونانيه تعلن عن الصراع الازلي للانسان وتمرده على قدره الذي رسمته له الالهه ، في المأساة الحسينيه لاتكشف مطلقا عن وجود تناقض بين الفرد المسلم و بين احكام الله وقدره ، بل هي تظهره يخضع تماما لهذه الاحكام و يقبل القدر الالهي بطيبة خاطر وسعاده ، لااعتراض في احكام الخالق كما حددتها الديانه الاسلاميه ، وهذا الخنوع والاستسلام للقدر الالهي في الاسلام يجرد البطل المأساوي من ديناميكيته المطلوبه في التحرك لتأزيم الاحداث والارتفاع بها الى مستوى التحدي كما في التراجيديات العظيمه ، نجد الثيمه الاساسيه في الملاحم اليونانيه التي انتجت مسرحا ، هي مشكلة الانسان الكونيه الاولى في علاقته مع الالهه واقدارها التي تسلب ارادته وحريته ، والزمن في الملحمه اليونانيه زمن كوني دائري مفتوح غير محدد , يمكن ان يكون الان او أي وقت آخر ، والمكان ايضا غير محدد يمتد ويختلط بين الاولمب في السماء حيث تجتمع الالهه , وبين الارض التي عليها البشر، والبشر انصاف الالهه ، مما يسمو باحداث واجواء الملحمه الى عالم المثال الاسطوري الخالد.

لا نجد في المأساة الحسينيه اثرا لهذه الثيمه الكونيه ، وأنما توجد بدلا عنها ثيمه دنيويه باهته ، هي ثيمه بالاصل سياسيه مباشره ( أصلح ان تكون بروبوكاندا سياسيه من ان تكون فنا دراميا) تعكس صراع ومصالح طائفه واحده من طوائف الاسلام , (وليس الاسلام بمذاهبه الاخرى)، بهدف الاستفزاز وتسوية خلاف أ ونزاع ما ( أي صراع داخلي وليس صراعا مع قوى خارجيه اخرى اكبر منها تهدد وجودها ) هنا يتخفف حدة التناقض في الصراع فيها ، مما يهبط باحداث المأساة الى مستوى العاديه والسطحيه ، ويحرمها من امكانياتها في خلق الدهشه كما هو حال التأثير الذي تحدثه الفنون العظيمه ، و أحداث (التشابيه ) ترتبط بزمن ومكان وظرف ارضي محدد بدقه وبواقعيه شديده ، مما يعطي كل المأساة الصفه الزمنيه الوقتيه الفانيه ، ويجردها من السمو المقدس .

و مما يضعف (التشابيه ) من قدرتها الاقناعيه على الجميع ، انها لا تتوجه كطقس للامه الاسلاميه بأسرها ، انها تفتقد ان صح التعبير الى صفة ( الشموليه الدينيه ) للاسلام ، فهي لا تمثل الا وجهة نظر طائفه واحده في العراق ( صغرت ام كبرت ) من الطوائف الاسلاميه ، والطقس نفسه مازال نقطة خلاف فقهيه عند الشيعه ، و المسلمون السنه ينظرون اليها بعين الشك والريبه من صحة اسلاميتها فهم يفسرونها ، على انها طقس تعبوي للحقد الطائفي ، بدلا من ان يكون طقسا روحيا و دعويا خالصا لللاه ، ويرونها عامل استفزاز و تفرقه طائفيه للصف الاسلامي الداخلي، بدلا من ان تكون كما هي وظيفة الطقوس الروحيه الجليله, عامل وحده وشد لحمه المجتمع الاسلامي ذو الرايه الواحده ، ويقيموها باعتبارها خروجا صريحاعلى تعاليم الكتاب والحديث والفقه والمنطق المتفق عليه ، ورده الى ضلال وعادات الجاهليه التي نهى عنها الاسلام , هدفها استعراض قوة الطائفه والتعصب اليها على غرار ماكان سائدا في الجاهليه .

يوجد ايضا في الاسلام العديد من الطقوس الاخرى ، الضيقة النطاق المضافه على الاصل في اوقات مختلفه وهي غير ملزمه كفروض ، والتي مازالت تمارس لحد الان هنا وهناك ، على هامش فروض الاسلام الرئيسيه ، تتفق ولاتتعارض مع المباديء الاساسيه او تخرج عليها كثيرا ، تعود للمذاهب والفرق المختلفه التي ظهرت في الاسلام ، لها طابع تعبدي استعراضي ، وأكثريتها جديد ومن اختراع الفرق الصوفيه السنيه ، الا انها تختلف تماما عن طقوس التعازي الحسينيه ، التي أستفادت بدورها من بعض طقوس الصوفيه ، (كاللطم وضرب الزناجيل والتطبير ) ، الا ان الفروق بين طقوس التعازي الحسينيه وطقوس دراويش الصوفيه يتحدد في فرق جوهري واحد ، هو ان الصوفيين في استعراضاتهم يحاولون ان يعكسو ا علاقة الانسان الضعيف بالخالق ، وقدرة الله الكليه عليه ، ويدعون الى تطهير النفس البشريه من عادات و ادران الدنيا الفانيه والارتقاء والتسامي بالروح حتى التماهى والاندماج بروح الله المقدسه التي تتحقق عندها السعاده الكليه الغامره ، فهم يتحركون بحذر بالحدود الصارمه التي يسمح بها الاسلام ، بينما نجد في طقوس التعازي الحسينيه القضيه تدور حول علاقة الشيعي الصالح بالامام الشفيع وآل البيت ، والموضوع ينحصر في مأساة المقتل والظلم الذي احاق بآل البيت ولاغير ذلك ، وعلاقته بالخالق علاقه غير مباشره لاتكاد نذكر ، ولا تتم الاعن طريق الامام الشفيع ، وبهذا تختلف عن طقوس الصوفيه في الاسلام التي تظهر حالة التعبد الكليه التي تصل الى حد العشق الموجهه الى لله وحده فقط ، وهنا يتناقض معها .

وقد حرم الشيعه في العراق ، في فترات متعدده من تاريخ العراق الحديث ، من حقهم في ممارسة طقوس التعازي الحسينيه و ( التشابيه ) ، لاسباب طائفيه بالدرجه الاولى ، وايضا سياسيه ، التي اطولها ، الفتره الممتده من عام 1975 وحتى عام 2003 ، أي ضمت معها فترة الحرب العراقيه الايرانيه وما وا كبها من تنكيل وحشي بالاسلام السياسي الشيعي واحزابه ورموزه البارزه .

 


1- الف عام وعام على المسرح العربي - تمارا الكساندروفنا - ترجمة توفيق المؤذن - بيروت - دار الفارابي -1981
2- افكار حول مسرح التعزيه - عبد الخالق كيطان - جريدة الزمان
3- المعركه من اجل الله - كارين ارمسترونغ - عرض وتقديم ابراهيم درويش - الجزء الرابع - جريدة الزمان - عدد 24 نيسان 200 .
4- انتلجينسيا العراق ، من اطوار الطرابيش والعمائم الى نخب السدارات والجماعات - د. سيار الجميل - الحلقه السادسه والعشرون - جريدة الزمان - عدد 29/ 9/2000
5- انتليجينسيا العراق ، من اطوار الطرابيش والعمائم الى نخب السدارات والجماعات - د. سيار الجميل - الحلقه السابعه والعشرون - عدد 1/10/200
6- اقامة الدليل على حرمة التمثيل - حسن بحراوي - ( مسرحيون ) موقع الكتروني .
7- عاشوراه عمل مسرحي احترافي لاول مره في لبنان للفنان رئيف كرم ( الجيران ) موقع الكتروني .
8- تاريخ الشعوب العربيه - ( الجزءالاول ) - د. البرت حوراني - ترجمه نبيل صلاح الدين - الالف كتاب - مصر 1997
9- تاريخ الشعوب العربيه - ( الجزء الثاني ) - د. البرت حوراني - ترجمة نبيل صلاح الدين - الالف كتاب - مصر 1999
10- لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث - ( الجزء الاول ) - د. علي الوردي - طبعة ايران سنة 1413 هجريه مصوره عن طبعة بغداد 1969 .
11- كتاب الاصنام - ابن الكلبي - تحقيق احمد زكي - دار القوميه للطباعه والنشر بالقاهره - طبعة 1965 المصوره عن نسخة دار الكتب سنة 1343 هجريه - 1924 ميلاديه.
12- النزعات الماديه في الفلسفه العربيه الاسلاميه - الدكتور حسين مروه - الجزء الاول - دار الفارابي - الطبعه الثالثه - بيروت 1980 .
13- نحو آفاق اوسع - الجزء السادس منه ( الدين في شبه الجزيره العربيه ) - ابكار السقاف - نشر دار العصور الجديده - القاهره - 2000 .
14- ( المذهب الجعفري ) المذهب الخامس في الاسلام ، الذي حمله معه نادر شاه الى مؤتمر النجف ليقبل به السنه ، ويعترفون به باعتباره المذهب الفقهي الاساسي الذي تلتزم به كل الفرق الشيعيه ، ويعود المذهب الى الامام جعفر الصادق الذي عاش في نفس العصر الذي عاش فيه الامامان مالك وابو حنيفه اللذان كانا يجلان الامام الصادق، بالاضافه الى ان الامام جعفر الصادق كان ينحدر من جهة الاب من علي ابن ابي طالب ( ر) ومن الام من جهة ابوبكر الصديق ( ر ) ، ان فكرة اعتماد المذهب الجعفري تعود الى الشريف الرضي الذي عاش في بغداد في الفتره البويهيه في زمن الخليفه العباسي القادر بالله ، ولم ينجح مشروع الشريف الرضي بسبب الاحتلاف بين الشيعه واهل السنه الذي لم يكن فقط في القضايا الفقهيه ، بل في القضايا التي تتصل باصول الدين، فاصول الدين عند السنه ثلاثه هي التوحيد والنبوه والصحابه ، بينما عند الشيعه خمس يضاف اليها العدل والامامه ( الاثني عشر) ، وتحذف بعض فرقهم الاصل الثالث ( الصحابه ) وتخص فقط ( الصحابه من آل البيت) .