| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

آداب

 

 

 

السبت 18/9/ 2010

 

بدل رفو... نشيد السابع من تشرين
 

عبدالكريم يحيي الزيباري



مسافر لا تدري أين الطريق..
في سِفْرِ أيوب... أين الطريق إلي حيث يسكن النور والظلمة؟
بَدَلْ... ماذا صَنَعْتَ بِنا؟ ماذا صنعتَ بنفسكَ؟
حَمَلَتْكَ الريحُ، والقطارات السريعة، نحو أسفارِ الفراشات..
كملكٍ عاشقٍ، ذي قلبٍ جبليٍّ،
هجرَ المملكةَ بحثاً عن عوالم جديدة..
ما ارتبطتَ أبداً بالأمكنة الهاربة أو بالساعات المتوقفة.
ما ارتبطتَ بالوصيَّةِ، أو بالنخبةِ البهيَّة..
والسؤال ذل.. ولو أينَ الطريق؟
جئتَ من نقطةٍ أبعدُ من بحيرة نرسيس..
أبعدُ من جبالنا وسمائنا،
أبعدُ من أوجاعنا،
فنحنُ أيضاً نبكيكَ فَرحَاً..
تتسلَّلُ قلقاً خائفاً، علي رؤوسِ الأصابعِ، عَبَرَتَ من ثقوب الأقفال الحديدية، رَفَضْتَ الأبواب المُشْرَعَة الذهبية، وَقلبكَ دائماً مفتوح، كما السَّهلْ..
سَلاماً أيُّها الشاعرُ... نشيدُ السابع من تشرين الأول..
نشيدنا...
نشيدُ متين وكاره وشندوخا، وسفين.
جبالنا العالية، سماؤنا الزرقاء الصافية..
وشجرة جوزٍ عتيقة، تحتفلُ بعودةِ الشاعر إلي منفاهْ، وبأحلامهِ العظيمة.
تشرين الأول هو نشيدنا نحنُ...
نشيدنا.. مَـن رآهُ عَرَفَهُ، ومَـنْ عَرَفَهُ أنْشَدَهُ
"الشاعرُ يعيشُ بلا وطن".
نشيدنا عَقْدُ أحلافٍ مع تاريخٍ جديد للصداقة..
قبله ُ: لم نبقَ متلازمين، لم نكن جزءاً من هذا العالم
فيما بعدُ: تاريخٌ جديدٌ للإنسان..
وساعة الاحتفال الأخيرة، قبل أنْ نعود مأسورين إلي بيوتنا،
نَحْمِلُ معنا عبقَ المساء.. مساء الخميس، السابع من تشرين الأول،
ودهشة الحروف تلاحقُ صفير السَّهمِ الذي بدَّدَ حزن الشاعر.
تطوي البلادَ إلي ما لا تذلُّ به مِنَ البِلادِ، وَالحزنُ يَمنَعُ عَيْنَكَ لَذّةَ النّظَرِ، مَنْ يَعشَقُ الشِّعرَ لا يَعنُّ لِنازلَةٍ، في رونق السَّفَرِ ما يغني عن الكدر، تجوبُ الأرضَ، بعكَّازٍ تستعيرهُ من العلاّق:
" يتكسّر في الريح، لون الشجر، يتكسّر، في الروح ماء جميل، وتخضر، أسئلةٌ من حجر...، يتكسّر في الليل، أفقٌ جريح، شاعر يتقدَّمُ أوجاعَنَا، وذراعاه، ليلٌ فسيح، يتقدمنا"
صَوْبَ السابع من تشرين الأول.
شاعرٌ أُشَيْعِثَ اللحيةِ والرأسِ، أُحجيةَ السواحلِ البِكْرِ،
شكرا للحروف المندهشة
وقد جدلتِ منها حبلاً،
وقصائداً ليست تفارقُ جعبتهُ، وصديقٍ في كلِّ بلدٍ...
آهٍ، وآهٍ، وآهْ، تأوُّهاتِ مسافرٍ أضاعَ الطريق، يسألُ المارة: أينَ الطريق؟
يروي حزنَ الأوطانِ التي تمزقتْ، يَلْتَمِسُ العزاءَ في عذاباتِ الشعراء.
ما أصعب الأُحجية: "وَطَنٌ وَشَاعِرْ".
مَـنْ تُرَاهُ أرسلَ الوطنَ: قصيدةً إلي جزرٍ مجهولة؟
مَـنْ تُرَاهُ أرسلَ القصيدةَ: وطناً إلي فضاءاتٍ مُغايِرَة؟
لا أقولُ المترجم، لا أقول الشاعر،
لا أقول الرحالة الذي تبعثرَ بين الشطآن،
لا أقولُ القطارات، فقطارات إكس برس قد توقفت،
وغادرت المحطَّات..
لا أقول المطارات، فالمَطَارات مزدحمة،
لكن الحدائقَ، الحدائقُ وحدها،
تتوقُ إلي أحلامَكَ،
وخيمتكَ الزرقاء المتهرِّئة،
كالعصافير لا تحبُّ الكراسي والأثاث،
لا تحبُّ الرصاص، ولا الاسمنت المسلَّحْ،
وَلَكَمْ بِتَّ تَحْسُبُ الوطنَ كالطَّيفِ، لا كطيفِ هاملت...
لا كطيفِ نيتشة الذي أدركته أوربا في تاريخها..
لا كطيفِ بدل رفو الذي نعرفه ولا نكاد نعرفه!!.



دهوك \ كردستان العراق

 

free web counter