آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 15/5/ 2011

 

ذاتَ صباحٍ من سبعينيّاتِ سانتياغو وبغداد

سعد الحجي

"إلى سلام كاظم فرج: يأتيكَ الحرفُ يمكثُ لديكَ غيرَ بعيدْ.. كهدهدٍ عتيدْ!"

-1-
كان الغَلَسُ الباردُ يجتاحُ شوارعَها
تجتاحُ الشاطئَ أمواجٌ بقواربَ تحملُها أرواحُ هنودٍ حُمرٍ
قَدِموا من مذبحةِ قرونٍ فادحةٍ
هتفوا: مُتْنا بمواثيقَ حروبٍ
وَلْيَحيَ الخبزُ..
فبِـهِ ليس بها يحيا الإنسانُ،
وكلِّ كلمةٍ تخرجً من....أو خرجتْ
عاشَ ألليندي (1) .. والمِنجلُ .. والمِعولُ!
دهَمَ العسكرُ..
هجَمَ العسكرُ..
وكان دخانُ البارودِ يثيرُ النشوى بينَ شيوخِ البنتاغونَ
ويملأُ رئَةَ "القِدّيسةِ ياغو" والجثثِ (2) ..
أقَرّتْ كتُبُ الشاعرِ بالجُرْمِ المشهودِ
فقالتْ: أعترفُ بأنّيَ قدْ عشتُ (3) ..
وكانَ أقَرَّ قُبَيلَ الموتِ بأنهُ قد عاشَ حياةً ماجدةً
بالمِنْجَلِ والمِعْوَلِ وقصائدَ حبٍ خالدةٍ
...
كان الشفقُ اللاهبُ يجتاحُ شوارعَها
يجتاحُ الشاطئُ موجَ البحرِ بقصائدَ تحملُها أرواحُ هنودٍ حُمرٍ
ويساريينَ أتَوا من مذبحةٍ للتوِّ
وظَـلّ المِنجلُ والمِعوَلُ في الرايةِ،
زعما أنّهُما أشلاءُ حديدٍ باليةٍ
لا تُحسِنُ نُطقاً كالأشعار!

-2-
كان العَسَسُ الزاعِقُ يجتاحُ الأسماعَ
رجالُ الأمْنِ يبُثّونَ الذُّعْرَ بأرضِ النّهريْنِ
وأصحابي كانوا بعضَ يساريينَ وشعراءَ
ومنهم سكّيرونَ -كقِدّيسينَ- وروّادُ مَلاهٍ
لم أرَهُ معهم..
سلامٌ كان يحبُّ الشايَ بمقهى "أُمْ كلثومَ"
ويكتبُ أشعاراً في حبِّ الأوطانِ
لفتاةٍ حدّثَها عن حاءٍ ثمّ تلَعْثَمَ من خجَلٍ لم يذكرْ باءً
كان يفلسفُ بجيوبٍ خاويةٍ "رأسَ المالِ"، وكان ثَرِيّاً
يهوى البسطاءَ ويحلمُ -مِثْـلي-
بحياةٍ لا يقْربُها الظلمُ أو الذّلُّ أو الفَقرُ
...
أتَمَّ العَسَسُ الزاعِقُ تدميرَ النهرينِ
أضاعَ سلامٌ -مثلي- المالَ ورأسَ العُمرِ
وعادَ برأسٍ مُحْتشِدٍ بالحزنِ وبالذكرى ..
أمّا أصحابي الشعراءُ..
فقد صاروا
- مِثْـلَ سلام ٍ-
منفيينَ بـ"بينَ النهرينِ" وغرباءْ..


هامش:
(1) سلفادور ألليندي، الزعيم التشيلي، أطاح به انقلاب عسكري بتخطيط الاستخبارات الأميريكية فقُتِل معه ذلك اليوم صديقه الشاعر بابلو نيرودا.
(2) (القِدّيسة ياغو) هو تعبير لفظي عن مدينة سانتاياغو عاصمة تشيلي.
(3) (أعترفُ بأنّيَ قدْ عشت) كان عنوان كتاب الشاعر نيرودا الأخير.
 


بنغازي.. مايس 2011
 

free web counter