آداب

 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأحد 10/3/ 2013

 

على هامش الحياة

رستم شمعون شعيا

بعد ان انتهى من حمّامه وحلاقة ذقنه وعطر وجهه تمدّد على فراشه يقلب القنوات بغير تركيز منتظرا زوجته التي كانت تلملم وتغسل الأواني المتبقية على مائدة الطعام بعد تناولهم وجبة العشاء ولجوء الأولاد الى غرفهم .

انه يوم الخميس وغدا يوم عطلة له ولزوجته ، فلن يكون عليهم الاستيقاظ باكرا وهو يعتقد انها تفهم استعداداته لهذا اليوم وكان يتمنى لو كان لديها نفس حماسته . بعد ان انتهت من عملها غيّرت ملابسَها و تمددت الى جانبه.

انتابته مشاعر متناقضة بين الرغبة والقلق الذي ينتابه في مثل هذه الحالة التي يعلم ان عليه المبادرة فيها .

نهض من فراشه اطفأ التلفاز والإنارة ، وهم بغلق الباب بالمفتاح توقع ان يسمع اعتراضها فور سماعها صوت المفتاح يدور في القفل كعادتها وبالفعل سمعها تقول ما الداعي لغلق الباب . زادت كلماتها من قلقه وبدأ شعور بالإحباط ينتابه عاد الى فراشه متمددا فأعطى ظهره لها كما كانت هي قد فعلت . بدء بالتفكير في الخطوة اللاحقة وهو يعرفها جيدا وهي ان يسعى الى مداعبتها . ويعلم جيدا ان ردة فعلها تنحصر في احتمالين اما ان ترده بشدة متذرعة بمختلف الأسباب او ان تستجيب له بتذمر . شعر بثقل المهمة احس بانه كما لو كان عليه ان يقوم بتشغيل ماكنة قد تنفجر في وجهه . تأمل ان تبادر هي فتمد يدها لتلمس وجهه او يده , كم افتقد تلك اللمسات العفوية من زميلات دراسة او عمل او من خلال المعرفة الاجتماعية حين كانت احداهن تمد يدها للحظة خاطفة تمسك بها يده معبرة بها عن شكر لنصيحة او تأييد لكلامه او لشعور بالبهجة لطرفة قالها . كم تمنى ان تمسك زوجته يوما يده وفي عينيها ذلك البريق الذي غاب عنه منذ عقود ، بريق لم يألفه الا من فتاة احبته حين كان مشغولا بمهمة تغيير العالم ففقد الأمرين . كم تمنى ان تنظر زوجتُه الى عينيه وعلى شفتيها ابتسامة محبة وفي عينيها ذلك البريق السحري كم يغتاظ دون ان يستطيع إظهار غيضه عندما يصفه اصدقائه بالمحظوظ لأنه لديه زوجة متميزة فهي بارعة في عملها وامرأة بيت من الدرجة الأولى فهي لا تقوم بالواجبات المنزلية فحسب بل تحرص ان يكون زوجها بأفضل مظهر فهي تكوي ملابسه وتلمع احذيته ولا تسرف على نفسها كما انها تضع كل راتبها في خدمة العائلة دون تفريق بين مالها و مال زوجها . هي متعلمة و متحدثة ممتازة . وفيما هو يتذكر رأي اصدقائه فيها اقتحمت ذاكرته صورة والدته عندما كانت تجلسه في حضنها وتشير اليه متحدثة الى بعض نساء المحلة اللائي كن يلجئن اليها يشكين هجر ازواجهن لهن قائلة ان الزوج يجب ان تعامليه مثل طفلك فكلما اغدقت عليه المحبة والحنان زاد تعلقه بك وما يعود قادرا على فراقك .

يا للعجب كيف تمكنت امرأة أمية من معرفة هذه الوصفة السحرية لم تتعلمها زوجته الخارقة على وصف اصدقائه وفيما هو تراوده هذه الأفكار سمع صوت انفاسها تشير الى انها غطت بنوم عميق فعلم انه لن يحظى منها بمبادرة حنان ولو بلمسة حتى لو انتظرها سنوات . فاخذ عهدا على نفسه بان لا يكون المبادر مستقبلا وسينتظر اليوم الذي تستدير نحوه وتعانقه وتشعره بدفيء مشاعرها حينها سيكون جاهزا ومتحررا من مشاعر القلق المحبطة.

شعر بالنعاس اغلق عينيه ففاضت منهما دمعتان على خديه . .


 

free web counter