الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الأربعاء 21/9/ 2010

 

تموّجاتُ الأمل والتشاؤم
في قصائد / مواويلُ الشتاء /
للمترجم بدل رفو المزوري

حكيم نديم الداوودي - السويد

ما سأقوله في هذا الديوان الشعري المشترك لثمانية عشر صوتاً شعريّاً / شاعرة ً وشاعراً /هو انطباعٌ شخصي بحت لا يرقى الى النقد الأكاديمي . الدخولُ الى مثل هذه المتاهة مغامرة ٌ فوق طاقتي . الا أن قصائده المختلفة الأشكال حفزتني على الكتابة عنها.
هؤلاء الثمانية عشر إسماً أشعلوا شموعهم وجازفوا في إيصال صوتهم الى القرّاء العرب، والفضلُ لمترجمهم المتألق "بدل رفو المزوري". وهاهم يُضيئون ممرّات العتمة المضروبة حول قصائدهم بوميض الإبداع الشبابي الذي يُغامر في المجهول جسارة ً وتحدّياً وثقة ً بالنفس، وقدرة ً على التواصل مع قرّاء العربية. فهم ينتمون تارة ً الى الثراث الشعري وآناً يتمرّدون على أسلافهم . إلا أنهم على كلّ حال تعرفهم مَدائنُ كردستانهم. فذاع صيتُ بعضهم وسُمع صوتُهم. إذن، ليست هذه المجموعة من الأسماء الشابة مواهبَ ضائعة لا تعرفُ طريق الإبداع الحق. وهم مذْ بّدء ِ مسيرتهم نفضوا عن كواهلهم عِبْءَ النبرة الكلاسيكية التي ظلت تراوح في مكانها ولا تصدم المستقبل وتخترقه.وحين قرأتُ قصائدهم المترجمة الى العربية غشيتني الدهشة ُ والإعتزاز بالشعر الكردي.

أعودُ الى هولاء الفتية الشعراء الذين ركبوا متنَ المغامرة وأصدروا ديواناً مشتركاً ينمّ عن تفاوت التجارب والإصرار على إيصال الشعر الكردي الى القاريء العربي الذي ينتشر على مساحة مترامية من ضفاف الأطلسي حتى شواطيء الخليج .نعم لكلّ من الشعراء الثمانية عشر نبرة ٌ خاصة ٌ تميّزه عن سواه . والفضل ل" بدل المرزوي" المترجم الضليع الذي حرّر قصائدهم من القمقم الكردي المُنغلق لتمتدّ الى المديات المفتوحة على اللغة العربية . ومن الضروري أن يترجم شعر شباب الكورد الى اللغات العالمية الحية . واقع الشعر الكوردي ومنه الأسماءُ الشعرية نجدها محصورة في رقعتها الجغرافية ولم تتمكن من تخطي حدود كوردستان سوى البعض منها والتي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

فإبداعُ الكوردي بكلّ اجنحته الأدبية والموسيقية والتشكيلية والمسرحية لا يقل دينامية وتألقاً عن ابداعات الشعوب الاخرى. هلموا، اذن، نسمعْ بعضَ الأصوات الشعرية لهذا الشعب الممتد فوق عدد من البلدان ، ويُمنعُ في بعضها التحدّث والكتابة بالكوردية. اصوات تشعرنا بالحُمّى والقشعريرة في آن. سواء بايقاعاتها الجديدة ام بتجاوز صورها المعتادَ المكرور المستهلك. أم بصدقها المُعبّر عن ذات متمرّدة، وتخطّيها الى اقاليم المستقبل:
- صمتٌ مُطبَقٌ / ينهالُ من عيون الليل / وليس بمقدورك الفرارُ من زنزانة خيالي / بهار محمّد .
- قلْ لي : متى ستراقصني في المرّة القادمة ؟ / فهذه السنةُ مرّت أيضاً دون رقص..القبلةُ ليست خطيئة ً/ فلا تترددْ / جيهان كانيكي .
- ابحث عنك وطنا وطنا / ....هذه الليلة السوداء / انيريها بوجهك / كوني قمراً فيها / جكر خوين شعبان .
- مراراً احببتُ لو أكونُ مصيدة ً/ بين أنامل طفل مُشاكس / وهشّمتُ بها زجاجَ نوافذ البرلمان/ .. بعد سنوات التهميش والتعريب والمنع / عُدتُ من الموت مرّة ً اخرى / حسن فتاح .
- سنة ً بعد سنة / تتساقطُ منا الآمالُ / .. فدعيني انسجُ الموسيقى بعظام الدروس / خليل عبد الغفور .
- ما زالَ النطقُ في وطن الجرأة لم يفطن بعد / ولم يتجاسر على مقولة: احبّك، اعشقُك / دلدار محمد رشيد.
- يا حُلوتي / ساُشيّدُ في خيالي وطناً واُسمّيه وطنَ العشق / ...مهما كنتُ بعيداً عنك / سوف ادنو منك بأفكاري / دلوفان هالو .
- تلك السيدة ُالتي يقول لها الكلُّ : نعم سيدتي / تلك التي ترقصُ في سماء أفكاري / على آثار أقدامها تتفجّرُ الينابيع / دلير كمال .
- سأخلعُ نوافذ بيتي / اصنعُ منها أقراطاً لاُذنيك / لتسمعي جيداً أحاديثَ هوانا / ديار ئه ره دني .
- صبيّ لحدّ الغروب / يمسحُ الأحذية بعينيه / ...زهرة ٌ في خصلات الفجر ، وترسُمُ الضحكة على شفتيه / رزكار صبحي .
- وقتَها فقط علمتُ / انّ الحياة َ مسرحٌ لبعض الأحلام التي يتغيّرُ ثغرُها / سندس مهدي .
- وأناملُك تتلاعبُ بوجودي/ تُحلّقُ بي الى الآفاق / وتحطّ بي الى الأعماق / مُزنة ٌ ربيعية أنت / لكني أعشقك أبداً / شيلان محمد بر موسى .
- حين يحلُّ الظلامُ/ احترقُ/ وارتبكُ / واتساءلُ : كم باباً للجحيم ؟/ فهيل محسن قوجان .
- ظمآن أنا / وليلتي جَوعى / ماذا عساي أن أفعلَ؟/ ....فعشقُك منذ زمن طويل يتراقصُ في أحشائي / قهرمان عكيد .
- لمَ سأعودُ / الى أين اعودُ ؟ اليسَ هو ذاك الوطن الذي يلهو صغارُه برؤوس البشر ؟/... بهدوء / يُقبّلُ الموجُ شفاهَ اليابسة / محمد علي باسيق ..
- الليلُ/ قدحٌ مائي / صار عند المنتصف / لكني ما زلتُ اقتفي آثار أقدامها في وريقاتي /هلكورد قهار .
- لاتنتظري الموتَ / تشبثي بالحياة اُفقاً / ....لنُنادِ صباحاً مُزهراً ببراعم الرُمان / هوار كمال باقي
- لا تدعوني" انثى" / فبمقدوري أن اجثم على قمم المحبة / هيفاء دوسكي .
ربّما تعسفتُ قليلاً في اختيار النماذج الشعرية ، لكن بعضها بلغت حدّ النضوج وبعضها الآخر ترواحت في مكانها وتطمح في الوصول الى مرحلة الشعرالأصيل .وأظنّ ان هذه القصائدَ لا تُمثل أفضلَ اشعار هذه النُخبة الشبابية ، الا أنها تشي بقدوم اسماء شعرية واعدة . وقد تتشابه التجاربُ الشعرية في الهمّ ِ الوجودي والعاطفي والوطني والذاتي، بشقيّه التفاؤلي والتشاؤمي، وتختلف في ذات الآن معبّرة عن شخصية شاعرها .. ومادامت القصائدُ مترجمة الى العربية فان شعرية الشاعر تفقد بعض بريقها ومصداقيتها لأنّ المترجم مهما كان حريصاً على الأمانة والدقة فان ثقله الإبداعي يظلّ مهيمناً على القصيدة كما لو انها من عندياته..اظنّ أن مَنْ يُتقنُ الكوردية والعربية في آن له رأيٌ آخر. فلن يستطيعُ أيّ مترجم ، مهما كان حاذقاً، أن يكون بديلاً عن الشاعر الذي ترجم له. ويمنحنا نفَسَه الشعري واحساسه الذي عبّر عنه. ولعلي أسألُ نفسي : اليس من الصعب أن تتحدّث عن ثمانية عشر شاعراً وكلّ أحدٍ فيهم وجودٌ وكينونة قائمان بذاتهما؟ . حسبي أني أحببتُ قصائدهم . على الرغم مما يشوبها من الأخطاءالقليلة التي يُمكن تجنبُها في طبعة اخرى. لقد ملأني السعد وانا أقرأ لهؤلاء الشباب الذين سيغدو بعضهم نجماً لامعاً يُفاجيء عالمنا الشعري بابداعه الذي يُضاهي ابداع أيّ شاعر باللغات العالمية الاُخرى.


مواويل الشتاء أصوات شعرية من كوردستان
ترجمة وإعداد : بدل رفو المزوري
دهوك ، مطبعة خاني –2011

 

free web counter