الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 21/5/ 2009

 

كفاءات خارج الوطن
ماجد الخطيب

أجرى اللقاء: صفاء فاخــر
Safaa.facher@hotmail.com

"كفاءات خارج الوطن" سلسلة لقاءات تسلط الضوء على طاقات وكفاءات عراقية خارج الوطن، محاولين من خلالها الوقوف عند الرؤى والطموحات العراقية المختلفة من اجل المساهمة ببناء عراق جديد على اساس ديمقراطي حر .

هادىء، مسالم كشجرة زيتون, متواضع ومبتسم غالبا , ولكن وراء صمته ذهن يغلي، فجزء من غليانه باحث عن الجديد في عالم الطب والدواء، والاخر عن كل ماهو جديد في عالم الحاسوب والبرامجيات، بل حتى عن اخر التطورات في عالم السيارات لينسج منها تقريرا تنتظره الشرق الاوسط حيث هو مراسلها في المانيا.
وبعض غليانه الاخر يدور في شخصية تلاحقه ويلاحقها, يحركها على الورق, كي تكتمل بها الدراما المسرحية التي البسها ثوبا اسودا من الكوميديا التي تصرخ :
اه يا وطني الابيض, كم يحاولون تلويثك.
وبين هذا الغليان الذهني وذاك تراه ساهما , متأملا الكلمات المنسجمة لترجمة اشعار صدح بها شاعر الماني او هنكاري او انكليزي من قبل , ليعرّبها لنا حية تمتعنا ولو بعد حين.

انه ماجد الخطيب الصحفي والكاتب المسرحي والمترجم العراقي الذي زرناه في شقته الانيقة الصغيرة في مدينة كولن , ذلك العش الملىء باللوحات التجريدية العريقة, والغارقة حيطانه بالمئات من الكتب الهامة في كل صنوف الثقافة والعلوم .

قبل ان تكون مسرحيا او مترجما, كنت في البدء صحافيا, حيث مارست العمل الصحافي في بلدان عديدة , كلبنان ,سوريا , بريطانيا والمانيا وغيرها من بلدان المنافي التي مررت بها , وبهذا تكون قد حصدت خبرة كبيرة , هل لنا من اضاءة على هذه التجربة المتنوعة ؟
- هذه في الحقيقة إحدى مناقب المنفى، إذ أن السياحة القسرية في زمن الدكتاتورية منحتنا الفرصة لمواكبة خبرة العمل في العديد من البلدان. هذا أضاف عدة لغات إلى قاموسي اللغوي أيضا، وهو ما أهلّني للترجمة والكتابة بعدة لغات. درست الطب والصحافة باللغة الانجليزية الأمرالذي فتح لي أبواب اللغة في عالمي الصحافة والعلوم. كانت رحلتي عام 1989 إلى كابول، حيث صورنا فيلما للتلفزيون الألماني، مغامرة كبيرة لي عبر مواقع المجاهدين في اسلام آباد. بقية الصحافيين العالميين آنذاك خافوا من الرحلة الجوية عبر أفغانستان خشية صواريخ المجاهدين، ولولا خبرتي"البيروتية"، كمثل، لما تجرأت على هذه المغامرة.
وأعتقد أن أهم مكسب لي في الخارج هو تعلم الصحافة في المعاهد والمؤسسات الغربية، فالصحفي الغربي يكتب بالحقائق ولا يكتب الإنشاء (والتزويق اللفظي) والزروقةالفظية. هذا يذكرني بإعلان تلفزيوني شهير لمجلة "فوكوس" الألمانية المعروفة حيث يظهر رئيس التحرير وهو يتحدث مع المحررين ويؤكد لهم:" الحقائق… الحقائق!! والقاريء يفكر". الصحافة العربية برأيي تلقينية وتعتمد على الشحم لا على العظم كما يقول الألمان. عندما يكتب الصحفي الألماني أن حزب المحافظين يتفوق على غيره فأنه لا يفعل ذلك أبدا دون أن يستشهد بنسب من آخر استطلاع موثوق للرأي، في حين يجد بعض الصحفيين العرب سهولة بالغة في التقييم دون الاستناد إلى الحقائق التي تقنع القاريء.

كيف تقيمون وسائل الاعلام العراقي اليوم؟ خصوصا المرئية منها والمقروءة؟ هل ترصدون كفاءة اعلامية في هذه الوسائل؟ وكيف - برأيكم - يتم تطويرها ان وجدت ؟ وهل استثمرت وسائل الاعلام العراقية الكفاءات الاعلامية المتناثرة خارج الوطن وفي شتات واسعة من العالم؟
- هناك بلا شك صحافة عراقية مقروءة ومرئية محترفة وأخرى مبتدئة ومباشرة، إلا أن القاسم المشترك الأعظم بينها هو ضعف الكفاءات، ويتبدى هذا الضعف أساسا في التقارير المنحازة، وهذا يسري على الصحافة الرسمية وغير الرسمية، اللاحرفية في صياغة الخبر، التلقينية والأخطاء النحوية والإملائية غير اللائقة. وما زالت الصحافة تحريضية ومنفعلة وبعيدة كثيرا عن نبرة الهدوء والموضوعية التي يتطلبها العمل الصحفي. التجربة الصحفية الليبرالية في بلدنا جديدة وليس لدينا جهاز إعلامي يرتفع إلى مستوى حرفية الصحافة الغربية. عموما هناك استهانة بالعمل الصحفي، فالصحافة الإلكترونية فتحت المجال أمام الرياضي والسياسي للكتابة، ليست هذه محاولة لتقزيم الناس، ولكن مستوى الكتابة ورداءة اللغة تجعلني أقول بثقة أن بعض الناس تستسهل الكتابة في حين كانت"رهبة" الكتابة تقض مضجع كاتب عملاق مثل تولستوي. انتقدت مرة رئيس تحرير موقع هام على الأخطاء اللغوية والإملائية في المقالات فقال أن هذا الأمر لا يهمه وهو عيب على كاتب المقال. الزميل المذكور يسمى نفسه رئيس تحرير موقع لكنه لا يؤمن بضرورة "التحرير"، ولا أدري متى ستتحرر الصحافة من أمثاله.

باعتباركم مسرحيا اود ان يعرف القاريء بداياتكم مع المسرح ؟
- أنا ترعرعت في بيت مثقفين تنتشر الكتب والروايات والمسرحيات في الأركان والغرف وعلى الطاولات والكنبات. كانت روايات الجيب وسلسلة المسرح والأدب العالمي في متناول اليد، وكنت رغم صغر سني" لازم سرة" على كل كتاب. شدتني إلى المسرح أيضا الفرق المسرحية البصرية الصغيرة، وخصوصا نشاط الأخ والصديق قصي البصري، ومن ثم اوبريتات حميد البصري وطالب غالي. وكنت أسافر من البصرة إلى بغداد كي أشاهد أعمال المسرح الفني الحديث. ولكن ترجمة المسرحيات، والتي بدأت بترجمة مسرحيتين هنغاريتين، دفعتني شوطا باتجاه المسرح، وأهتم بي العديد من المسرحيين المعروفين أثارت الترجمة السلسة واللغة المسرحية اعجابهم. سألني مرة مثقف ومترجم عراقي كبير عن سر نجاحي في الترجمة المسرحية فأجبته بأني أبني المشاهد وأوزع الأدوار على اصدقائي الممثلين واصيغ الجملة بعد أن أضع نفسي على المسرح وأنطق الجملة كي أعرف أن كانت طويلة ومعقدة على الممثل أم لا.

كيف تقيمون المسرح العراقي في المنفى ؟ وهل هناك نقد يستطيع ان يقوم التجربة المسرحية العراقية في بلدان الغربة؟
- هناك أعمال قدمت في الخارج واستصعب الحديث عن مسرح عراقي في الخارج. هناك صعوبات بالغة في العمل وخصوصا بسبب تبعثر العاملين في المسرح، انعدام الموارد والإمكانيات وتعذر جمعهم في فرق بسبب المنافسة. هناك في ذات الوقت ضعف في الاستفادة من تقنيات وإنجازات المسرح في الخارج، هناك القليل من المسرحيين العراقيين في الخارجين، الذين يهتمون بقراءة النصوص ومشاهدة المسارح المحلية.
أنا أعتبر الكوميديا السوداء من أفضل أساليب التعامل مع مشاكل الناس والشعوب من كافة أنواعها. يقول المثل "شر البلية ما يضحك"، وهو بتقديري تعبير بالغ عن قوة مسرح الكوميديا السوداء. المسرح توعوي، بمعنى أنه يتعامل مباشرة مع وعي الإنسان، واضحاك الناس من مآسيهم يحرضهم أكثر على التعمق في هذه المشاكل والبحث عن حلول لها.

رغم ان لدينا العديد من المهتمين بالفن المسرحي في العراق وخارجه , هل استطاع المسرح العراقي اثبات وجوده بحيث تكون له اعمال خالدة , كما اوبريتات فيروزفي لبنان ومسرح عادل امام في مصر وعبد الحسين عبد الرضا في الكويت, ودريد لحام في سوريا ؟ وماهو سبب عدم معرفة الشعوب العربية بالمسرح العراقي؟
- قال لي الناقد المصري( السوري الاصل) الكبير رفيق الصبان" كان عندكو مسرح هايل في الستينات والسبعينات" وهذا دليل واحد على موقع المسرحي العراقي بين العارفين في المسرح ، وليس بين الشعوب العربية طبعا. لم يترك المسرح العراقي أعمالا خالدة كبيرة عدا عن المسرحيات التي أعدت عن روايات غائب طعمة فرمان مثل "القربان" و"النخلة والجيران" وبعض الأعمال الأخرى. لكن البصريين تركوا اوبريتات خالدة، على المستوى المحلي في الأقل، مثل" المطرقة" و "بيادر الخير".

لاشك ان الترجمة من لغة لاخرى عمل يحتاج لجهد كبير ووقت , وهو من اكثر الاداب نفعا حيث يتم من خلاله التبادل الحضاري بين الشعوب.كيف وجدتم وقتا للترجمة مع زحمة الاهتمامات الاخرى في الصحافة والمسرح؟ ومن اي اللغات ترجمتم الى العربية استاذ ماجد؟ وماهي ابرز ترجماتك ؟
- في الحقيقة انتقالي، أو لنقل طفرتي، من الطب إلى عالم الصحافة والكتابة بدأت من الترجمة بسبب إجادتي للانجليزية. بدأت بترجمة المقالات السياسية والأدبية للصحف في البداية، ومع تقدمي في "مهنة" الكتابة والابداع، تحولت بالتدريج إلى ترجمة ما يروق لي فقط. وهكذا ترجمت حتى الآن 10 مسرحيات من ثلاث لغات مختلفة هي الانجليزية والألمانية والهنغارية. أنا فخور بترجماتي للمسرحيات الهنغارية ومسرحيات" المهرج" داريو فو، والمسرحيات التي عرضت أكثر من مرة على المسرح. الترجمة، كما يقول أحد أفضل المترجمين العراقيين، ليست قراءة فنجان وإنما فن يتطلب الكثير من المعرفة اللغوية والمعرفة العامة والمعرفة بأدب وفهم الكاتب المعني بالترجمة.

هل تلاقي الترجمات الاجنبية رواجا في العالم العربي, وبالعكس هل يـُرحب بالكتب العربية المترجمة الى اللغات الاجنبية في دولها , وهل تجد رواجا في اسواقها ؟
- الترجمة ما تزال عملا كاسدا للكثيرين بفعل المردود المادي المتواضع قياسا بالجهد. وعموما هناك رواج للترجمات في مجال الرواية والكتب السياسية والشعر، إلى حد ما، لكن ترجمة المسرح لا تجد صدى إلا في بعض سلاسل الكتب التي تهتم المؤسسات العربية بنشرها. وما زالت معظم دور النشر تنشر الترجمات دون موافقة الكاتب، اي ما يسمى بالقرصنة في عالم النشر، وهو ما يعرقل نشر هذه الترجمات في بلدان الخارج. الوقت القليل الذي خصصته لتدقيق ترجمات هذا المترجم أو ذاك تعكس استخفافا كبيرا بالنص أحيانا. وقد يتجاوز البعض جملا عصت على فهمهم أو أنهم يترجمون ما يفهمونه منها وحسب.

هل هناك مؤسسات تنظم عمل المترجمين العراقيين في المنفى ؟ وهل هناك تنسيق لعملها – ان وجدت مع المؤسسات داخل العراق ؟ ام ان سؤالي هذا مقترحا تتفق معي عليه لتنشيط حركة الترجمة في العراق؟
- أذكر أن أحد أصدقائي المترجمين طرح علي منذ نهاية السبعينات فكرة الإنضمام إلى نقابة المترجمين العراقيين. استغربت حينها وجود مثل هذه النقابة، وأعتقد أنها تجربة فريدة لأنني لم اسمع بمثلها في بلدان عربية أخرى، وربما ما تزال موجودة. وإذا كان المعنيون هنا هم مترجمي الأدب، وليس مترجمو الشهادت والوثائق، فالغالب أن معظم المترجمين هم من الكتاب والصحفيين. المثقفون في الخارج أكثر احتكاكا بالنصوص من زملائهم في الداخل ويمكن للتشاور بين الاثنين، فرديا أو عبر نقابات، ان يوجه الأنظار إلى الأعمال الجديرة فعلا بالترجمة.

ماذا يشغلك الان؟ وفي اي المجالات تجد نفسك, في المسرح ام الصحافة ام الترجمة ؟
- أنا حاليا مرهق بالصحافة، اقتنص الفرص للجلوس ومواصلة كتاباتي المسرحية، وألقي عينا "متمنية" على نصوص أجنبية تعجبني ولا أجد الوقت والقوة لترجمتها. أخصص معظم أفكاري للكتابة المسرحية، هناك العديد من المشاريع التي تنتظر، والعين بصيرة واليد قصيرة.





















 

free web counter