الصفحة الثقافية

الرئيسية

 

| الناس | الثقافية  |  وثائق  |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

الخميس 13/11/ 2008

 

الشاعر رياض النعماني :
للحرية أعداء كثيرون !

أجرى الحوار في دمشق : فائز صبري

* مظفر النواب هو الشاعر الإستباقي الأول في حركة الشعر العامي العراقي
* ثقافة المنفى قدمت إبداعات ونتائج رائعة ومؤثرة
* أتشرف أن أكون شاعرا عاميا
* المبدع يستمد قوته من إحساسه الغامر بأنه جزء من جوهر الكون الكبير

هو شاعر ٌ بكل ما في عمق هذه الكلمة من سعة وامتداد , مرهف ٌ في سلوكه وكلماته , وأصيل في موقفه , إن قامت الدنيا وإن قعدت , له قصائد محلّقة ٌ مثل الفراشات , وحزن باذخ فيه لوعة الجنوب , ونايات البلاد التي فقدت أبناءها , لتبكي عليهم دما ً .
هو رياض النعماني الشاعر الجميل , المليء بالشجن والآهات , والغارق بالحب . المبثوث كشعاع الشمس , لأنه يبدأ من الوطن , وينتهي إليه , كما يرتبط اسمه بالمنجز النابع من الزمن الإبداعي الجميل , فكان مبدعا متميّزا يشار إليه بالبنان في كل محفل أدبي حقيقي , يقول عن الشعر (الشعر رياح تأتي من جهات غامضة حاملة معها تاريخ وتجارب وأسرار وسحر وملامسات لا ترى إلا جوهر الوجود أي أنها تجربة ونشاط معرفي خالص تنجزه اللغة ويتم فجأة إذ ينبثق دون سابق إنذار هذا الانبثاق طبيعة هذا الانبثاق تحدده اللحظة التي تتم بها ....اللحظة التي تأتيه هي التي تصوغه ممكن أن تأتي على شكل أغنية أو على شكل جملة موسيقية أو جملة بالفصحى أو بالعامية إذا كتبته بأي صيغة يعني إيقاع اللحظة وطربها هو الذي يقرر نوعية الكتابة ) .التقينا به وكان هذا الحوار :

• كيف ترى صورة الثقافة العراقية في المنفى , هل هناك إشكالية بين مثقفي الداخل ومثقفي الخارج ؟
سوف أبدأ من الجزء الأخير من السؤال ,, ان مصطلح مثقفي الداخل والخارج بالطريقة التي يطرح بها اعتقده غير دقيق انه مصطلح يراد منه احداث شرخ في الجسد العراقي هل هذا المشروع مشبوه أم لا؟ اترك لك التقييم لأني لست بقيم او بوصي على شيء , طبعا احد اسباب هذا الشرخ كما أرى يرجع إلى سياسة صدام حسين الذي أحدث شرخاً في كل شيء العائلة والمجتمع والتاريخ العراقي , صدام حسين كان يعمل شروخا ويفسدها ويلوثها لان فكرة الوحدة كانت تصيبه بذعر شديد لأنه لم يكن بن عائلة متماسكة سياسة الاحتلال والنظام الطائفي الذي أوجدته كانت تقوم في بعض من مفاصلها على استمرار وجود هذا الشرخ بل ان هذه السياسة والميليشيات الطائفية المتناحرة والمتنوعة قد اندفعت بعيدا في تطوير هذه السياسة حيث قامت بعمليات تطهير عرقي وطائفي أفقدت العراق تنوعه وسوف تظهر فداحة هذا فقدان في مستقبل ثقافة العراق وفنونه .
أما الثقافة في المنفى فهي ممارسة واسعة ومتنوعة من الصعب ان أعطى صورة كاملة ونهائية عنها .. ثقافة المنفى التي بدأت من بيروت ثم توزعت على المدن , قدمت إبداعات ونتائج رائعة ومؤثرة وبلغة جمالية عالية على صعيد الكتابة والفكر والمسرح والتشكيل والاغنية وهناك الكثير من الأسماء في هذا المجال الفنانة زينب حتى ايامها الاخيرة كان لديها مشاريع مسرحية ..... المبدعون في المنفى عانوا كثيرا من خسارة المكان الأول فقد كانت جهات عديدة وحتى مثقفون مرتبطون بالنظام البائد يحاربون ويحاصرون الثقافة العراقية بشتى الوسائل والأساليب غير النبيلة .. حتى اليوم لم يخمد أوار هذه الحرب ضد الثقافة العراقية الم نشهد سعارا عدوانيا ممولا بشكل جيد لتشويه مؤسسة مدى الثقافي التي تشكل مع اتحاد الأدباء وإسهامات الفنانين العراقيين (تشكيل ومسرح) النافذة العلمانية التي تتنفس فيها الثقافة العراقية هوائها نظيف ... باختصار ما أريد أن أقوله أن الثقافة العراقية ظلت تدافع وبشرف إنساني وجمالي نادر عن ارث ومستقبل شعبها الذي وزعته الأنظمة البائدة والحالية بين منفيين في الداخل والخارج .. , في الجانب الآخر من ثقافة المنفى هناك أناس أساؤوا واستغلوا الظروف الطارئة لتحقيق مصالحهم الشخصية وشهرتهم الخاصة حيث زوروا وشوهوا حقائق كثيرة حتى أن احدى هؤلاء كانت توجه جهات معروفة لقيادة حملة تسيء عميقا لكرامة العراق حيث تظهره شحاذا ينتظر من إخوته العرب حتى ولو جنيها واحدا.

• هل أنت شاعر شعبي وكيف تصنف الشعر الشعبي ؟
انا في الاساس لدي اعتراض على مصطلح ( الشعر الشعبي ) والادق شعر عامي .
انا اتشرف ان اكون شاعرا عاميا ... فانا اكتب بالفصحى أيضا واكتب أحيانا في الصحافة .
للعامية العراقية دور مشرف في تاريخي وأحداثي وتحولات العراق المعاصر وكانت ابنة نجيبة للجمال الذي فطرت عليه ارض الرافدين والذي انبثق في كتابات على سبيل مثال لا الحصر ( فدعة والحاج زاير وعبد الواحد معلا وصاحب الحلي ومظفر النواب ) ...كانت انتصارات الكائن العراقي وزهو تاريخه وعلو راياته تجد لها تعبيرا عاليا ورائعا في ظاهرة الشعر العامي الذي كان يقاتل مع شعبه في جبهة الثقافة والتحديث والنضال وظل يستمد من روح شعبه البهاء ونبل القيم والصبر الجميل ولاندفاعه العالي إلى نار التحديات والمواجهات اللاهبة .... هذا العلو والشرف والنبل والطاقة على التحدي لم يرق لسلطة الأميين فحاربته كثيرا وأرادت مرارا أن تكسره وفشلت ولما يئست من مشاريعها هذه قامت وبعد الحرب العراقية الإيرانية وبشخص البائد صدام حسين قامت على احتواء وتزوير والحط من كرامة العامية العراقية وذلك بإشاعة ظاهرة المدح والذم والفخر واستصراخ الذئبية القومانية في أعماق أشخاص مهاويل (رداسة ورداحة) أشاعوا لغة الموت والثار والعدوان والإبادة والفجاجة التي لا تمت بصلة إلى نورانية وسمو وتعالي الشعر ونحن نلمس اليوم وللأسف – برعاية رسمية واضحة جدا- نتائج سياسة صدام حسين الكارثية على خطاب الشعر العامي اليوم وباستثناءات قليلة لشعراء معروفين وشباب فأننا نلمس وبألم بالغ التردي المريع في القصيدة العامية اليوم ... أن اخطر ما أفرزته هذا الظاهرة هو هذا التردي المريع لذائقة العامة والحس المعرفي الجمالي للمتلقي والشاعر العامي على حد سواء ... مرة قال لي وبألم بالغ الشاعر الكبير مظفر النواب ( لو ادري أن الشعر سينتهي إلى هذا الدرك والبؤس لما كتبت الشعر ) أن قلبي وبحزن مرير اردد نفس قول أبي عادل ... ولولا وجود بعض الأصوات النبيلة من شعراء قدامى وشباب فان المرء من يصنف شاعرا عاميا في هذه الأيام وأنا على الصعيد الشخصي فانا حائر ومندهش من الرعاية الباذخة التي تسديها وتخص بها جهات رسمية وأهلية عديدة لظاهرة الشعر السيئة التي تتنكر كليا لمفهوم الكرامة والجمال والمعرفة التي تميز الثقافة عموما والشعر بشكل خاص .. هل من حقي اسأل هذه الجهات التي تدعي أنها ضد صدام حسين لماذا تتبنى موقفه في رعاية وتبني الجانب الأمي والرديء من شعر العامية . ... كلي أمل في مجيء شعراء شباب سيعيدون للعامية العراقية صوتها الشريف والمضيء والأبدي الذي ينتمي إلى جوهر الإبداع الذي سيبقى باحثا ومكتشفا بلا حدود .

• لما لا تدعون إلى تشكيل مؤسسات ثقافية للحفاظ وصيانة الشعر العامي والموروث الشعبي العراقي؟
نحن هنا في المنفى كائنات شبه معزولة لا حول ولا قوة نعيش بصبر وصامدين ومحافظين على اسمائنا , هذا الموضوع يفترض من الذين كانوا في الداخل بعد الخلاص من نظام صدام , لكن ماذا حدث بعد التغير جاءوا باناس اعداء للثقافة تصور لا اعتقد اي تجربة في العالم تحترم نفسها تضع وزارة الثقافة ضمن المحاصصة الطائفية وتعطي وزارة الثقافة لامام جامع او طائفي وكالة الوزارة لشخص طائفي طارئ ليس له اي علاقة بالثقافة لا من بعيد ولا من قريب, في مهرجان المربد الاخير مربد الجواهري وعلي جواد طاهر وسعدي يوسف وكيل وزير الثقافة يفتتح المهرجان واقفا هو وحمايته على المنصة وهم يحملون البنادق والشعراء يصعدون لالقاء قصائدهم وهم مطوقون بالبنادق لا أعلم لمن توجه هذه البنادق للشعراء ام للجمهور ام الاثنين معا انه استعراض للسلطة الأمية الغاشمة والأنكى من ذلك ان افراد حماية هذا الوكيل الطارىء ابن ثقافة الزمن الرديء يعتدون على احد الصحفيين وبعدها يخرج الوكيل لا يعتذر بل يهدد في هكذا مناخ في ظل هذه الأسماء التي تسوم الثقافة في العراق وتحاصر اتحاد الأدباء كيف يمكن ان تنشا مؤسسات تقوم على جمع وتصنيف وتبويب وحفظ الموروث الشعبي بتنوعه الهائل.

• المعروف انك شاعر عامي ولكنك تكتب بالفصحى أيضا , كف يمكنك التوفيق بين هذين الحقلين ؟
الشعر في الأساس رياح تأتي من جهات غامضة حاملة معها تاريخ وتجارب وأسرار وسحر وملامسات لا ترى لجوهر الوجود أي أنها تجربة ونشاط معرفي خالص تنجزه اللغة ويتم فجأة اذ ينبثق دون سابق انذار هذا الانبثاق طبيعة هذا الانبثاق تحدده اللحظة التي تتم بها ....اللحظة التي تاتيه هي التي تصيغه ممكن تاتي على شكل اغنية على شكل جملة موسيقية جملة بالفصحى جملة بالعامية اذا كتبه باي صيغة يعني ايقاع اللحظة وطرب اللحظة هو الذي يقرر نوعية الكتابة .

• هناك قصائد لك غنيت واشتهرت في العراق , نجد اغلبية قصائدك لحنها الفنان كوكب حمزه ؟
لا انا لم اتعامل فقط مع الفنان كوكب حمزه مع احترامي الشديد له , تعاملت مع الكثير من الملحنين حميد البصري وطالب غالي وطه حسين وسامي كمال وسرور ماجد وجعفر خفاف وطالب القرغولي وهناك فكرة تعاون مع الملحن طارق الشبلي وكريم هميم ومفيد الناصح وهناك الكثير, اتعامل مع الكل بروحية واحدة واصغي للجميع وأتعلم منهم , الفنان كوكب حمزه لحن من قصائدي الكثير في السبعينات واشتهرت اغنية ( اصبغ هدومي بدارك , شيي تمر بليل واغنية حميمه مرة بهيده غناها الفنان سعدون جابر وايضا لحن لي تلك الفترة الفنان سامي كمال , لكن الفنان فلاح صبار لحن وغنى الكثير من قصائدي .

• ابو الجنوب خلال رحلتك الطويلة التي امتدت أكثر من ثلاثة عقود ما الذي جنيته وخسرته منها ؟
جنيت من هذه العقود التي تجاوزت الثلاثين , جنيت عذابا جميلا وخسارات رائعة جنيت المنفى والأمطار والتشرد والبرد والعزلة الدامية , جنيت اشياء كثيرة وخسرت اشياء كثيرة اهم الاشياء التي جنيتها هو الشعر فاذا كنت كائنا مخلوقا للكتابة سوف لن تفكر بنتائج الخسارات بل تنشغل بنقاء ضمير وعفاف اللسان وبياض اليد وبالبحث الدائم والاكتشاف الذي لا يقف عند حد لتطوير أدواتك ومعارفك وتعميق مشروعك الإبداعي ... بين فترة وأخرى تكون انت لنفسك مرآة تعيد من خلالها حساب مديات التطور واقتراحات الكتابة الجديدة وبالمستقبل ,هكذا يكون اطار تفكيرك وليس الخسارة... قد تكون الخسارة هي معيار عمق تجاربك الابداعية واخلاصك الدائم لكتابة ... الشعر يفرض عليك ان تكون عندك عفة وقامة وكرامة وخلقية وحس بالحرية عال لا تتنازل عن اي موقف تعتبره حقيقيا وصادقا مهما كانت النتائج هذا الموقف يمكن ان يخلق المشروع التاريخي للابداع عند المنخرط فيه فيجعل منه كائنا متفردا جسورا لا ينحني او يهاب لاي سلطة سواء كانت هذه السلطة ( المال , الدين , السياسة ) هذا الكائن الشجاع ليس متهورا بل انه وقوفا دائما مع الحق والجمال والعدالة, المشروع الثقافي يفرض على المبدع ان لا يكترث الا لأصوات عالمه الداخلي المشع وأعماقه التي تأنف من الإلتفات الى الصغائر, هكذا فان المبدع يستمد قوته من احساسه الغامر بانه جزء من جوهر الكون الكبير والعظيم يضعه في لب مشروع الانسانية الكاملة تتطلع ان تكون كائن استثنائي كائن ضوئي يتجه دائما الى الاعالي , الكتابة تخلق هذه الاشياء , اما بالنسبة لي اتمنى ان اكون جنيت بعضا من شرف هذه الاشياء.

• لنتحدث عن علاقتك الخاصة والطويلة بالشاعر مظفر النواب ؟
مظفر النواب انسان كبير ورائع ابن العراق ( انياله العراق على شاعر مثل مظفر النواب ) لديه كرامة وعلو وهو استثناء في حركة الشعر , مظفر النواب هو الشاعر الاستباقي الاول في حركة الشعر العامي العراقي , لحد الان شعره فيه حداثة كبيرة جدا واضيف ايضا بان ابو عادل انسان نبيل وعفيف وصديق حقيقي , بعيد عن النرجسية ويصغي لابنائه الشعريين يجلس معهم وكأنما يريد ان يتعلم منهم ولايتضايق من اي شاعرجميل , جربته كثيرا ولكن من المحزن ان مظفر النواب وفي هذه العزلة وهذا الألم لم نلمس عناية به من لدن المعنيين ان النظام العراقي الحالي يمثل نكرانا هائلا للجميل الذي قدمه ابو عادل للحياة والتاريخ ولوطنه حيث ان حياته كانت سيرورتا متصلة من التضحيات والسجون والتشرد والوفاء وا العذاب والمرارة حتى انه لم يتزوج فيحصل على نعمة البيت والزوجة والاولاد... تصور وزير التربية هذه الايام الرديئة يصر على حرمانه من حقه في التقاعد في حين ان أبناء حزب هذا الوزير والوزراء والمسئولين الآخرين قد حصلوا ليس فقط على راتب تقاعدي بل امتيازات أخرى مضافة وهم في أوربا ولم يزوروا العراق يوما واحدا أي مهزلة هذه وأي حظ العاثر لهذا العراق وهذا الموضوع يثير في التأمل الفاجع لوضعية العراق الحالي حيث غياب أسماء حقيقية ومهمة دون أي يعني هذا الغياب أي شيء لأي مسئول فيسأل أين هو علي الشوك وعلي العلاق وعبد الرحمن طهمازي ومالك المطلبي ومحمد مكية وآخرين أليس من حقنا ان نسال من هذه الأسماء تم اختياره وزيرا لثقافة و حتى وكيلا للوزارة ثانيتا أقول يا لحظ العراق العاثر ..

• ماذا تكتب الان ياابا الجنوب ؟
اكتب نصا طويلا بالفصحى لم اسمه بعد حتى الآن كتبت منه خمسا وستين صفحة , يعبر هذا العمل عن تجربة خاصة ولا اعرف هل هذا النص قصيدة نثر أم نصا مفتوحا , انه رحلة في حياتي وأسئلتي وإشكالاتي ,به الشيء الكثير من استدعاء الخسارات والمنافي والسؤال عن وجدان العالم وهل لهذا العالم من ضمير ...

لماذا كل هذا العدد من بيوت الله
والناس بلا مأوى وعرايا
النشوة عين العفة
وهي البياض الذي يطير به الروح إلى أعالي النقاء
عاليا .... عاليا حتى يصبح اقرب الخلق إلى الله
للحرية أعداء كثيرون
وفي الغرب أكثر من شرق
وللشمال قلب جنوبي حار

 

free web counter