| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 9/4/ 2011                                                                                                   

 

بيت ابو داوود .. تحية من صديق سبعين

حسين طعمة

في اوقات عديدة وفي هذا الخضم الهائل من كتابات عديدة تناولت بشكل او اخر مواضيع مؤجلة عن سنين اللوعة والحرمان .. عن سرقة احلامنا مذ كنا فتية نلهو كما نشاء لا نعرف حدودا للخوف حين كان الافق معادلا لنزواتنا ... نحمل جهرا احلامنا ونرتل أغنياتنا في ساحات موبؤة ونعلن عن قصد كل ما يجيش به وعينا .. نسخر من وجوه كالحة كانت تترصد خطوتنا ونهزأ من سماوات كانت تضللنا .. نعدو خلف عوالم كانت لنا أملا وسلوى .. نهرب من حرماننا وصرائف اهلنا وجوع ينخر فينا نحو سماوات أضلتنا واصحاب مضوا دون ان يدلنا الزمن الداعر عن عناوين وشواهد اجسادهم المنداة بعطر الورود .... كنا نحلم للاخرين رغم طفولتنا ونزواتنا .... ان يكون لجارنا ابو عباس الكادح بيتا يأويه .. ولسعيد العامل ما يكفيه كي يعالج زوجته المسكينة وأبو زينب واخرين .. واخرين . قالوا لنا أستريحوا الان أو أجلوا احلامكم مهلاً فالطريق طويل وسماواتنا تخدعنا حين أمطرت عناكب لتنهش فينا ولتغضوا الطرف عن دروب باتت موبؤة ومنافذ سُدت ونهارات سرقها الليل وحلم ينز دماً ليستحيل وهماً ... ذلك هو قدرنا واي قدر ؟؟....

في سبعينيات القرن الذي مضى ومعه مضت احلام مؤجلة لم تلبث ان صارت مستحيلة .. بعدما عبث الزمان بنا ودارت علينا دوائره وتغضنت جلودنا مثل احلامنا واصطبغت شعورنا والبسها الزمن لونها الفضي .. لازال هناك القاً يمور في قلوبنا وحنين جارف يأخذنا بين الوهلة والاخرى حنين غريب يشدنا نحو زمن كان ذا معنى .. بمثابة خلاصتنا وثمرة اعمارنا والقنا المشتهى وزادنا المخبوء الى بعد حين .

ما تنوء به الذاكرة الان همس الى ايام مضت في مدينتنا الحالمة وبالذات ايام الدراسة في متوسطة سومر كان معي صديقي جمال امين وهو الشقيق الاصغر لثلاث اشقاء وكلهم اغنياء عن التعريف لكل ابناء الناصرية . في المدينة كانت هناك بيوتاً تسمى بيوتاً شيوعية لان غالبيتهم من الشيوعيين ولكن هذا البيت يختلف عن سواه مع كل اعتزازي واحترامي للعديد منها وذلك لانه اولاً تحوّل بما يشبه مقر الحزب قبل تكوينه وثانياً ان العائلة كانت جميعاً لها ادوار بشكل او بأخر مع الحزب وكثيراً ما تساءلت من الصديق جمال عن كيفية وضعهم وراحتهم لكثرة الزائرين لهم .الاخ الاكبر داوود (ابو نهران) كان وقتها في التعليم ويعمل في محلية الناصرية وشقيقه امير كان يعمل في سكرتارية اتحاد الطلبة مع شقيقه سمير . اما جمال فكنا نعمل سويا في اتحاد الطلبة العام في متوسطة سومر وكثيراً ما كنا نذهب سوياً الى بيتهم لنجد الراحلة ام داوود الرائعة وهي تستقبل اصدقاء اولادها بمودة وطيبة لا حدود لها. كان للزمن الداعر قسوته عليها حين غادرها الجميع دفعة واحدة اواخر السبعينيات بعد الهجمة الفاشية التي تعرض لها الحزب ومعاناتها بعد خبر استشهاد ابنتها الكبرى (الموناليزا) في حرب الانصار وبعد حين استشهاد ابنتها الصغرى سحر والتي يسميها اهل الناصرية بنت الحزب لشجاعتها وتضحيتها واستشهادها اثناء اداءها واجباً حزبياً هي وزوجها الشهيد (صباح طارش) في زمن الخوف والرعب في فترة الثمانينات.اما ما تبقى من العائلة فقد غادروا العراق واحتضنتهم المنافي عدا شقيقهم الاصغر جمال الذي ظل متخفياً في بغداد. وتنكيلا بعائلة مناضلة كهذه ولدورها الكبير في مسيرة الحزب ومنظماته المهنية قام النظام السابق بعمل خسيس لا يمت للانسانية بصلة حين صادر بيتهم بشكل لا قانوني والغريب في الامر ان الحكومة الحالية لم تتخذ أي اجراء من شأنه ان يعيد لهم بيتهم .

مرحى لهذه العائلة المناضلة التي اعطت كل شيئ لوطنها بلا منة ولا مزايدة ولم تأخذ بالمقابل أي شيئ .


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات