| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الثلاثاء 9 / 6 / 2015 أرشيف المقالات
تركيا مابعد نتائج الانتخابات وظربة الناخبيين الى طموحات اودرغان
احمد ستار العكيلي
تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" نتائج الانتخابات البرلمانية في تركيا، التي حسب رأي الصحيفة اصبحت استفتاء بشأن ضرورة أو عدم ضرورة اجراء تعديلات على دستور البلاد.
جاء في مقال الصحيفة:
اصبحت الانتخابات البرلمانية التي جرت في تركيا يوم الأحد الماضي، عمليا استفتاء شعبيا على ادخال تعديلات على دستور البلاد وتحويلها الى دولة رئاسية، كما يريد أردوغان. بينت نتائج هذه الانتخابات، ان الرئيس اردوغان لم يتمكن من تحقيق هدفه هذا. لأن حزبه، وفق هذه النتائج، فقد سيطرته على البرلمان. كما ان الانتخابات بينت نجاح الاحزاب المعارضة المدعومة من جانب الأكراد. وحسب رأي الخبراء هذه الحقيقة ستجبر انقرة على تصحيح سياستها الشرق أوسطية.
اثبتت نتائج الانتخابات فشل اردوغان، الذي كان قد عزز ، خطوة فخطوة، سلطته بعد انتخابه رئيسا للبلاد في السنة الماضية. شغل اردوغان منصب رئيس الوزراء 10 سنوات، تمكن خلالها من فرض سيطرته على السلطة القضائية وملاحقة المعارضين، ويبدو ان هذه ارتدت عليه وعلى طموحاته.
المثير في نتائج الانتخابات، تمكن حزب الشعوب الديمقراطي، الذي تأسس عام 2012 من احزاب كردية وديمقراطية، من تجاوز حاجز الـ 10 بالمائة اللازم للحصول على مقاعد في البرلمان.
يبدو ان البلاد في طريقها نحو مرحلة الغموض السياسي. حزب اعدالة والتنمية سيحاول تشكيل حكومة ائتلافية هذا من جانب، ومن جانب آخر إذا لم تشكل هذه الحكومة في الوقت المناسب، فقد تجرى انتخابات برلمانية مبكرة.
تقول نائب مدير المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية، آنا غلازوفا، "حصل حزب العدالة والتنمية على 40 بالمائة من الأصوات، وهي أعلى نسبة، ولكن رغم ذلك يمكن اعتبار هذه النتيجة خسارة كبيرة للحزب منذ 13 سنة، بالإضافة الى ان الحزب لم يحصل على الأكثرية، لكي يتمكن من اجراء تعديلات على الدستور لتحويل البلاد الى نظام حكم رئاسي".
وحسب رأي غلازوفا، نتائج الانتخابات "كانت متوقعة سلفا استنادا الى العوامل التالية: أولا – تدهور الأوضاع الاقتصادية بعض الشيء. ثانيا - سلوك اردوغان، على الرغم من انه لا ينتمي الى حزب العدالة والتنمية، إلا انه تصرف وكأنه منتمي اليه. ثالثا – أخطاء القيادة التركية في الشرق الأوسط".
يمكن اعتبار السياسة التي انتهجتها السلطات التركية في الشرق الأوسط، سياسة فاشلة ، "لأنها تسببت في تأزم علاقاتها مع العديد من البلدان، حتى ان بعضها قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تركيا (مصر، سوريا، اسرائيل).
وتضيف غلازوفا، بعد زيارة الرئيس بوتين الى ارمينيا لحضور مراسم احياء الذكرى المئوية لمذابح الأرمن، اطلق قادة تركيا تصريحات معادية لروسيا، "من جانب كانت هذه مكرسة لكسب الناخبين وخاصة انصار "تركيا القوية" عشية الانتخابات. ومن جانب آخر كانت هذه محاولة لتحسين العلاقات مع الغرب".
كانت هذه التصريحات مفاجئة، بعد 15 سنة من نمو وتطور العلاقات بين البلدين. وحسب قول غلازوفا، لقد بلغنا خلال هذه الفترة مرحلة الشراكة الاستراتيجية.
من المحتمل ان يتم تجاوز هذه المسألة خلال لقاء بوتين واردوغان في باكو يوم 12 يونيو/حزيران، التي تنظم الدورة الأولى للألعاب الأوروبية، حيث تم الاتفاق على هذا اللقاء مسبقا.
بنتيجة انتخابات خلطت الأوراق السياسية، بات لا مفر أمام حزب العدالة والتنمية التركي من التحالف مع أحد الأحزاب المعارضة، الأمر الذي يفتح باب التكهنات بشأن شكل الحكومة القادمة.
وظهر الذهول والحيرة على وجوه مؤيدي حزب العدالة والتنمية بعد صدور النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، بالرغم من فوز حزبهم بالمركز الأول، فهؤلاء أرادوا الأغلبية المطلقة، لكن رياح الانتخابات جرت بما لا تشتهي سفن العدالة والتنمية.
ولأنها استثنائية، فإن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، الذي جاء في المرتبة الرابعة بعد حصوله على نحو 80 مقعدا، قلب الموازين البرلمانية على حساب العدالة والتنمية، الذي خسر بدوره مقاعده، أما حزبا المعارضة التقليديان، الشعب الجمهوري والحركة القومية، فقد بقيا من دون تغيير يذكر، بحفاظهما على نسب تمثيلهما في البرلمان.
وشهدت الانتخابات الكثير من التحليلات والتوقعات قبلها، لكن نتائجها فتحت مجالا واسعا للتكهن بمستقبل الحكم في تركيا، واضعة البلاد أمام سيناريوهات صعبة التحقيق، أكثرها قربا تحالف العدالة والتنمية مع الحركة القومية، التي تتقاطع معه في عدة نقاط، لكنها تختلف معه في السياسة الخارجية وقضية الأكراد.
وبالتالي فإن الشريك الجديد المحتمل قد يفرض سياسة خارجية مختلفة في تركيا، أما سيناريو تكتل المعارضة لتشكل حكومة يصبح فيها العدالة والتنمية هو المعارض، فهو سيناريو يستبعده الكثيرون على اعتبار أن الحركة القومية لن تقبل التكتل مع الأكراد.. أما آخر الاحتمالات فهو أن تفشل التحالفات وتذهب تركيا إلى انتخابات برلمانية جديدة.
وبعيدا عن التحليلات، فإن المفارقة في هذه الانتخابات ترتبط بأن الفائز فيها يعتبر الخاسر الأكبر، والملتحق الأخير بقبة البرلمان، وحزب الشعوب الديمقراطي، هو الرابح الأكبر.