مقالات وآراء حرة
السبت 8 / 3 / 2014
عيد المرأة العالميفهد المضحكي
إن حماية المرأة من العنف والتمييز وانتقاص حقوقها تتحمل مسؤوليته الدولة والمجتمع، وهذا لا يتأتى إلا بتحقيق مطالبها والالتزام بكافة القوانين المنصفة لها دون قيود تلغي دورها ومسؤوليتها تجاه المجتمع والوطن ودون وصاية دينية ترى أنها عورة ومكانها هو البيت!
لاشك ان حصول المرأة البحرينية على حقها السياسي يُعد إنجازاً كبيراً يحسب للمشروع الاصلاحي ولنضالات المرأة والحركة الوطنية والتقدمية التي ومنذ عقود لم تتوقف مطالباتها بمساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات ووقف كل الممارسات الاستبدادية الاقصائية التي تسلب المرأة حقوقها بغية تحريرها من الظلم والاضطهاد وتسلط الثقافة الذكورية وفتاوى الاسلام السياسي الذي وبحجة الدين فرض عليها قوانين وتشريعات كثيرة تعود الى القرون الوسطى اخطرها تلك التي تراها كائناً ناقصاً لا تتوفر فيها شروط الولاية!!
لم يكن ماركس مخطئاً حينما ربط تطور المجتمع بمدى دور المرأة فيه. ومعنى هذا ان قياس تطور اي مجتمع مرتبط بأهمية دور المرأة وأن هذا الدور لن يكون فاعلاً طالما حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمدنية ناقصة، وهنا تأتي اهمية الحقوق والواجبات ووعي المرأة والرجل والمنظومة القانونية والتشريعية المدافعة عن تلك الحقوق أسوة بالرجل، وهذا يتطلب ترسيخ مبادئ الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
في بلادنا نالت المرأة حقوقها السياسية من خلال إقرار حقها الدستوري في الانتخاب والترشح ومع اهمية ذلك لا تزال مطالبها في المساواة والنهوض بدورها وتمكينها بما ينسجم مع حقوقها الكاملة على اكثر من صعيد تعترضها الكثير من الحواجز والعراقيل!
وإذا كان المجتمع في أمس الحاجة لقوانين لا تفرق بين أحد وإلى منظومة تشريعية حقيقية تتجلى فيها العدالة فلابد من تشريعات كافية تجرّم العنف والتمييز ضد المرأة.
وحينما نتحدث عن هذه الظاهرة تستوقفنا حالات العنف التي تواجهها المرأة في البحرين والتي بلغت كما رصدها الاتحاد النسائي في نوفمبر / تشرين الثاني 2013 (2800) حالة عنف أسري! ولا ندري لماذا وإلى الآن لم تقر السلطة التشريعية قانوناً لحماية المرأة من العنف الأسري؟!
وهنا تأتي أهمية قانون الأحوال الشخصية وقد ثبت بعد إقرار هذا القانون / الشق السني أن نسبة العنف ضد المرأة قد تراجعت ولا يزال السؤال حول الشق الجعفري مطروحاً، فغياب هذا الجانب تتحمل مسؤوليته القوى الدينية الطائفية التي أسهمت عبر خطابها المتطرف ــ وبحجة الضمانات الدستورية ــ أن تفرط في هذا الحق الذي يتوافق مع الحفاظ على كرامتها وحماية أمن الأسرة وكذلك تتحمل مسؤوليته السلطة التشريعية التي لا تزال مترددة في اصدار هذا الشق، وكذلك المرأة نفسها التي احتشدت عبر مسيرات كان الخطاب السياسي فيها يدعو الى الوقوف ضد مصالحها!!
لابد إذاً من تشريعات حديثة مستنيرة تحول دون التعدي على حقوق المرأة.. تشريعات تجرّم كل فعل لا يحترم حقوق الانسان وحرية المرأة المقيدة بقيود التخلف التي تفرضها قوى الظلام في المجتمع.
وإذا كان الظلم والفقر والحرمان من الاسباب التي تقف وراء التحرش بالمرأة جنسياً فإن الاعراف والمورثات الدينية وتدني الوعي عند بعض الرجال وغياب مبدأ المساواة قاد الى تفاقم ظاهرة التحرش في البلدان العربية. وعن هذه الظاهرة تقول «ياسمين الطريحي» في مقالة لها: «الدولة عار وليس المرأة» نشرت قبل عام في موقع الحوار المتمدن: دخلنا في السنة الثالثة من انتفاضة الشعوب العربية ولازالت هذه الشعوب تتظاهر وتناضل بكل اطيافها ويسقط الشهداء الواحد تلو الآخر فقط من اجل تحقيق ابسط الحقوق كالعدالة الاجتماعية والمساواة في المواطنة، كما هو مذكور في الدساتير العربية ومع كل ذلك لازالت ظاهرة التحرش الجنسي الممنهج والاغتصاب ضد النساء المشاركات في التظاهر مستمر ويمر من دون عقاب ورادع..
في هذا اليوم الذي اضحى مناسبة عالمية تضامناً مع قضايا المرأة وحقوقها في الحرية والعدل والكرامة والمساواة نرفع القبعات لنساء بلادي وكل نساء العالم.. فلا تنمية تنصف المرأة وتكرّس الاستقرار الاسري والاجتماعي والاقتصادي من دون ان تنال المرأة حقوقها كاملة ومن دون رفع الحيف عنها ومن دون مكافحة الطائفية الافة الخطيرة التي تهدد المجتمع.
وعن هذه المناسبة السعيدة يقول الشاعر العراقي «عبد صبري أبو ربيع» في مطلع قصيدته:
«يا قبلة البساتين».
أرخت ذوائبها ومالت
تناغيني بعينيها الضاحكتين
وتهديني كلاماً عذباً
من بين الشفتيَن
قالت.. آذار عيدي
وعيد الغيد والملايين
وأنا نفحة الورد
وعطر الياسمين.