|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  7  / 2 / 2015                                                                                                                         أرشيف المقالات

 
 


 

برحيل الدكتورة نزيهة الدليمي خسر العراق شخصية فذة

مبجل بابان

كلمة في الندوة التي اقامتها رابطة المرأة العراقية في بريطانيا بتاريخ 23/1/2015 عن دراسة الماجستير التي قدمها موفق غانم بعنوان " د. نزيهة الدليمي ودورها في الحركة الوطنية والسياسية العراقية "

الحضور الكرام

اقدم شكري لرابطة المرأة العراقية في بريطانيا لاستضافتي في هذه الأمسية للحديث عن عملي مع الراحلة الدكتورة نزيهة الدليمي طيبة الذكر .

كان لوثبة كانون الثاني 1948 تاثيرا كبيرا على حياتي واشتركت في اغلب المظاهرات الطلابية من اجل اسقاط المعاهدة التي كان ينوي صالح جبر توقيعها لتكون بديلا عن معاهدة 1930 مع البريطانيين وكان عمري 15 عاما طالبة في المرحلة الثانوية انتميت الى اتحاد الطلبة الذي كان يعمل سرا . وعرفني اخي د. رافد أديب بابان على الدكتورة نزيهة التي ابلغتني نيتها انشاء منظمة نسوية تدافع عن حقوق المرأة وعن رغبتها ان اكون احدى عضواتها . وهكذا انتميت الى رابطة الدفاع عن حقوق المرأة واصبحت احدى المؤسسات لها والتي صار اسمها رابطة المرأة العراقية في المؤتمر الثاني عام 1960 .

في عام 1952 قدمت ثلاثون عضوة طلبا لتأسيس منظمة نسوية الى وزارة الداخلية لكننا لم نحصل على الموافقة فعملنا سرا واعتبرنا فيما بعد تأسيس الرابطة يوم 10/3/1952 وكان عملنا اجتماعيا يصب في مكافحة الامية وتثقيف النساء بحقوقهن وواجباتهن.

وكنا مجموعة من النساء المتعلمات بيننا طبيبات ومهندسات وصيدلانيات ومن كافة المهن الاخرى ، كل ذلك بقيادة د. نزيهة الدليمي التي كانت تحثنا على الاهتمام بمشاكل النساء .

واصلنا عملنا بسرية حتى عام 1958 وبعد ثورة 14 تموز حصلنا على اجازة رسمية وشكلنا سكرتارية وفتحنا فروع في اغلب المدن والاقضية العراقية وافتتح الزعيم عبد الكريم قاسم المؤتمر الاول عام 1959 الذي حضرته وفود عديدة ومندوبة الاتحاد النسائي العالمي وكانت العضوية نحو 20000 عضوة ثم ازداد في المؤتمر الثاني في عام 1960 الى 42000 عضوة علما بأن الرابطة كانت قد اصبحت عضوة في الاتحاد النسائي العالمي عام 1953 .

في عام 1959 اصبحت الدكتورة نزيهة الدليمي اول وزيرة في العراق والعالم العربي . وكانت السكرتارية قد شكلت لجنة لكتابة مسودة قانون الاحوال الشخصية الذي اعتبره من اهم ما انجزته الرابطة ، هذه اللجنة شملت السيدات الفاضلات :  د. روز خدوري ، سافرة جميل حافظ ، د. عفيفة البستاني ، والمحامية نعيمة الوكيل والمحامية ماكي تلو والصحفية سلوى زكو والقاضية سعدية الرحال وانا مبجل بابان واخريات لا تحضرني اسماؤهن ، كل ذلك باشراف الدكتورة نزيهة الدليمي التي حملت مسودة القانون الى عبدالكريم قاسم والذي كان مناصرا لقضايا المرأة .

والذي بدوره عمل على تشكيل لجنة من رجال دين وقضاة ورجال قانون ودرست المشروع من كل جوانبه وبالفعل صدر في 30/12/1959 قانون الاحوال رقم 188 والذي يعتبر اكثر قانون تطورا في منطقة الشرق الاوسط ، ومن المعلوم انه اول قانون تلغيه سلطة الانقلاب في 8 شباط الاسود واصدروا عوضا عنه قانون رقم 11 واستمروا به لمدة شهرين فقط وبعدها عادوا الى قانون رقم 188 بعد حذف مادتين منه تتعلق بالميراث والشهادة .

اما بعد 8 شباط فقد انقطعت صلتي بالدكتورة لوجودها خارج العراق والتي كانت احدى اعضاء لجنة الدفاع عن الشعب العراقي برئاسة الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وتضم اللجنة ايضا الفنان الكبير محمود صبري والدكتور فيصل السامر واخرين .

اما انا فقد صدر قرار بالقاء القبض وطبعا فصلت من وظيفتي في البنك المركزي العراقي ولكنني تمكنت من الاختفاء لمدة سنتين .

في عام 1960 تقرر عقد مؤتمر للاتحاد النسائي العالمي دعيت اليه السيدة سيزا نبراوي التي كانت رئيسة الاتحاد النسائي العربي التي منعها جمال عبد الناصر من السفر فكلفت نائبة الرئيسة الدكتورة نزيهة الدليمي بالذهاب الى المؤتمر الا ان عبد الكريم قاسم هو الاخر لم يوافق على سفرها بحجة حاجة الوزارة لعملها ( كانت حينذاك وزيرة ) فارسلت بطلب زيارتها وظهر لي عند مقابلتها انها تطلب مني حضور المؤتمر بدلا عنها ، فوجئت بطلبها وحاولت الاعتذار بحجة اطفالي الصغار الا انها ضحكت وقالت لي انا متأكدة ان والدتك ستكون مستعدة لرعايتهم ، والحقيقة انني كنت متخوفة لانني لم تكن لي خبرة في هكذا مؤتمرات عالمية وقالت لي اذهبي فانك ستحصلين على خبرة جديدة وهذا ما كان .

كما اذكر بأنها عند تعيينها كوزيرة للبلديات ارسلت بطلبي لزيارتها ، وكان الطلب هذه المرة الانتقال من البنك المركزي العراقي للعمل معها في وزارة البلديات ، شكرتها على الثقة بي وافهمتها بان الموضوع ليس بهذه السهولة ، اذ كان عليّ ان استقيل من البنك وهذا سيفقدني سنوات خدمتي في البنك فتفهمت الدكتورة سبب الاعتذار .

وفي عام 1978 ذهبت الى انكلترا للعيش فيها وادخال اولادي للدراسة في الجامعات البريطانية لاشتداد الوضع السياسي في العراق. ومن لندن كنا نكلم الدكتورة تلفونيا التي لم تتوقف يوما عن عطائها وكلفتني لتنظيم صفوف الرابطة في بريطانيا مجددا .

كما كلفتني لحضور مؤتمر لحقوق الانسان في جنيف وتمثيل الرابطة والقاء كلمة في المؤتمر .

وكانت المرة الاخيرة عندما جاءت الى لندن لحضور مؤتمر المعارضة العراقية فانتهزت اللجنة النسوية في المنتدى العراقي الفرصة واقامت لها حفلة شاي على شرفها حضرته العديد من الشخصيات النسائية المتواجدة في لندن والرابطيات اللواتي عملن معها طوال السنين .

لقد قامت الصحفية انعام كه ججي مشكورة بعمل فلم عن الدكتورة وساهمت مع الاخت بشرى برتو بالحديث عنها والذي عرضناه في الحفل التأبيني الذي اقامته الرابطة في بريطانيا في 15/11/2007 .

برحيل الدكتورة نزيهة فقد العراق شخصية فذة
كما فقد العالم احدى القياديات في الحركة النسائية العالمية .
 



23/1/2015
لندن



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter