| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                        الأربعاء 6/4/ 2011

     

شيوخ مزيفون يهددون الأطباء العراقيين من خلال الأعراف والتقاليد العشائرية

ستيفاني ماكرمن
1/4/2011 من بغداد

ترجمه: مازن فيصل البلداوي

قال الطبيب ناصر السوداني الذي قام بعملية جراحية لتصحيح كسر في انف احد الشباب،على الرغم من ان العملية جرت بشكل جيد الا ان الشاب ذو الـ 35 عاما توفي نتيجة جلطة دموية وهي حالة لاعلاقة لها بالعملية الجراحية لأنفه، الا انه في غضون ساعات من وفاته ،بدأت تصلني المكالمات الهاتفية البغيضة .

قالوا(المتصل).....: لقد توفي اخانا وعلينا ان نتفاوض،عائلة المتوفي تطلب 40,000.00 دولار،،كما يروي د. ناصر السوداني.،وهو يعلم فيما انه لو رفض العرض فقد يتعرض للقتل.
لذا فقد قام بنفس مايقوم به العراقيون هذه الأيام،فقد قام باختيار شيخ جيد قاد وفدا لمقابلة شيخ العشيرة التي تنتمي لها العائلة،وبدأت أسابيع من النقاشات المحزنة.

بعدما وضع الهجوم الأميركي العراق على عتبة مرحلة اكثر تمدنا لبناء مجتمع ديمقراطي كما يفترض بثمان سنوات، نجد ان الناس بدأت تلجأ وبشكل متزايد الى طرق المفاوضات والحلول بموجب الأعراف العشائرية القديمة والتي تدعى بالــ (الفصل العشائري) يجريها زعماء القبائل ورؤساء العشائر من اجل طلب التعويضات عن الظلم المزعوم.

وبينما كان العراقيون يسخرون من مسألة الفصل العشائري المثيرة للسخرية،يقول الناس ان هناك نسخة جديدة معدلة من (الفصل العشائري) يتبناها الزعماء العشائريون الأقوياء ليوظفوها في ابتزاز الكفاءات العلمية الأختصاصية لاسيما الأطباء.

ان جزءا من اسباب هذه المشكلة يقع على عاتق وجود نظام قضائي ضعيف والتقصير في متابعة الشكاوى الرسمية،الا ان مثل هذه الأمور كانت تعالج من خلال القضاء في المحاكم خلال فترة حكم نظام صدام حسين الأستبدادي،اي عندما كان الأستبداد سائدا،على الرغم من ان الكثيرين يضعون اللوم على نتائج الأحتلال الأميركي والمسمى (الشيوخ المزيفون او الصحوات) ويشمل هذا (شيوخ كوندليزا رايس- الذين ارتبط انشاء نشاطهم باسمها خلال فترة ترأسها لوزارة الخارجية الأميركية) ،والمدفوع لهم ماليا من قبل الولايات المتحدة لمقاتلة مايسمى بالمقاومة، واستمرت هذه الفئة تزاول نشاطها خلال تولي نوري المالكي لرئاسة الوزراء.

وبينما يتمتع الشيوخ بالأحترام بشكل عام في المجتمع العراقي،الا ان الكثير من الناس يقولون ان بعض الشيوخ الجدد (الذين غالبا مايرتدون ملابس زاهية ويتجولون بسيارات رياضية متعددة المزايا) يتحولون شيئا فشيئا الى نوع من المافيا العراقية الحديثة الولادة.
يقول الدكتور علي عباس (الذي يدعو الى الأصلاح في نظام الرعاية الصحية والنظام القانوني) انهم (هؤلاء الجدد) صيّادو فرص كالأنتهازينن المستبدين....ان كل الأمر متعلق بمقدار القوة التي يتمتع بها هذا الشخص او ذاك،فالأمر لايتعلق بالقصور المهني!

اذا لم يدفع لهم الطبيب فلربما يهددون حياته او عائلته او يخطفوا اطفاله!
لقد صرح العديد من المسؤولين الرسميين في عدد من مستشفيات بغداد بان التهديدات العشائرية متفشية على نطاق واسع،لذا فانك تجد ان العديد من الأطباء يغادرون البلاد كما فعلوا خلال فترة الحرب، ويقول احد اطباء العيون الذي عاد للتو من دبي للعمل في بغداد ويفكر حاليا بالمغادرة مرة أخرى...حتى اني لاأعرف من هو الشيخ المسؤول عني؟؟ ويقول ان زوجتي طبيبة تخدير وتريد العمل في العراق،لكني اقول لها لاتفعلي ذلك، لأن الأمر فيه مجازفة كبيرة.

عملية عقد الصفقات:
يعد الأنتماء العشائري او الهوية العشائرية من اهم هويات التعريف الشخصية في العراق على الرغم من ان العراقيين يهتمون بها بمستويات مختلفة،الا ان العديد من الناس لايلزمون انفسهم مع شيوخ العشائر وهي طريقة شبه رسمية من الممكن ان توفر وضعا اقتصاديا وامنيا جيدا للفرد، ولكنها بذات الوقت تفرض التزامات معينة على صاحبها تجاه العشيرة.
لقد تم حظر قانون الأعراف العشائرية في عام 1958 (أعلان الجمهورية العراقية) وبقي هذا القانون مختنقا طيلة فترة حكم صدام حسين الا انه عاد وازدهر لأسباب عديدة.

يقول محمد اسماعيل المسعودي احد الشيوخ الذين يتمتعون بالأحترام في بغداد،بعد الأحتلال البغيض،امضى العراق سنوات عدة بلا سلطة وقد قمنا بالنهوض بالمهام الملقاة على عاتقنا بشكل مسؤول،يقول الشيخ المسعودي وهو جالس على اريكة مزخرفة ومغلفة بقطيفة جميلة داخل مكتب انيق واصفا قضية احد الأشخاص الذي توفي اثناء اجراء عملية جراحية له...........لقد طالبنا بمبلغ تعويض مقداره 50,000.00 دولار كتعويض لعائلة المتوفي الا ان المبلغ تعرض الى عدة تخفيضات وحسب العرف العشائري،ولأن سبب الموت قد تم احتسابه على انه غير متعمد وافق الشيخ على ان يخفّض النصف،ولأن الطبيب اعترف سريعا بخطأه فقد تم تخفيض المبلغ مرة اخرى ولأن التزامه تضمّن واحد من سلالة النبي محمد والمعرّف بالــ (سيّد) فقد تم خصم آخر للمبلغ،في النهاية...دفع الطبيب مبلغ 5000 دولار. ولو حصل انه رفض الطبيب دفع المبلغ لكان من الممكن ان يقوم الثأر العشائري للأقتصاص منه وستستمر عملية الثأر لسنين طوال.

عليك ان تدفع:
بينما يحسب المسعودي نفسه كحكم عشائري نقي السريرة، يرثي هو وغيره للحالة التي ادت لظهور(الشيوخ المزيفين)!ويستطرد قائلا...فبدلا من ان يستمد الشيوخ المستحدثين سلطتهم من الأصول الكريمة لعوائلهم وانسابهم العشائرية فهم غالبا مايستمدون هذه السلطة من المبالغ الضخمة التي استلموها من الأميركان بهدف تجهيز ميليشياتهم ومقاتلة المسلحين (المقاومة) خلال اتعس ايام الحرب.

وليس بوقت بعيد قام العديد من هؤلاء بعمل ترتيبات سياسية مع المالكي،الذي قام بدوره بتأسيس كيانات شبه سياسية أطلق عليها مجالس الأسناد العشائرية ونشرها حول البلاد.
لذا فأن الدكتور ناصر السوداني لم يكن متأكدا من الشيخ الذي هدده عبر الهاتف،فقد يكون واحدا من هؤلاء الشيوخ المستحدثين،الا انه وصفه بــ غير المؤدب! ، احد افراد وفده المفاوض كان يتأفف ضجرا وقال: لقد قمنا بجمع المال من كل أطباء مدينة الناصرية، واستطرد د. السوداني قائلا....كي نذهب الى المفاوضات المقامة في المدينة التي تقع فيها دار المريض المتوفي جنوب العراق.

لقد قام د. السوداني (الذي قام شيخه بجمع وفد كبير لهذه المهمة) ،بدفع مبلغ 8000 دولار من ماله الخاص لعدم وجود (التأمين ضد المسؤولية) في العراق. واستطرد قائلا ...حتى ان لم يكن خطأك فعليك ان تدفع والا فأنك ستتعرض للمشاكل،وبناءا على هذه التهديدات والتصرفات فأن الكثير من الأطباء يرفضون القيام باجراء عمليات جراحية معقدة،والبعض يقوم باتخاذ تحوطات اكثر عند القيام بها.

قانون الغاب:
في مدينة الفلوجة قام الطبيب صباح العاني بتوظيف حراسة شخصية لتأمين نفسه من اي تهديد قد يأتي من بعض المرضى ذوي النزعة الخطرة الجالسين في غرفة الأنتظار،ويقول...هناك اشارات معينة تستطيع من خلالها ان تعرف انك على وشك الدخول في متاعب،لقد قام احد جراحي العظام بدفع الألاف خلال السنتين الماضيتين! فاذا ما اتاك احد المرضى بصحبة حارسه الشخصي او بصحبة احد الشيوخ، او ان تحدث معك على الهاتف النقال قائلا عبارات معينة من مثل"نحن الرجال المسؤولون في هذه المنطقة" ففي مثل هذه الحالات فاني سأجيب اما بأني متعب او ابعثهم الى بغداد.

في عيادته الصغيرة الواقعة في شارع بناياته قد مزق واجهاتها الرصاص تحدث د. العاني عن احد زملائه الذين رفضوا دفع التعويض المالي،ونتيجة لهذا القرار فقد تم رميه في شق ارضي وبقي متحفظا عليه حتى وافقت عائلته غلى دفع المبلغ المطلوب.،ويستطرد د. العاني قائلا....جزء من المشكلة ان المرضى غالبا ما لايدركون العقيدات المحتملة للعملية الجراحية.

لذا وبشكل عام فعندما يخيب امل العراقيين في احدى هذه القضايا،ربما سيستدعون رجالا اشداء للتدخل في الأمر وفرض سطوتهم ومطالبهم........أنه قانون الغاب.
ومجموعة من العوامل المذكورة اعلاه قادت أياد حسين لأستهداف احد الأطباء فشل في اعادة بعض اصابع يده التي تهرأت بفعل طلقات نارية اصيب بها خلال مواجهة مسلحة في الفلوجة،وبعد سنة من العمليات غير الناجحة، ذهبت الى شيخ عشيرتي الذي نجح في جعل الطبيب يدفع الى اياد مبلغا قدره 2000 دولار التي تمثل كلفة العمليات التي قام بها اضافة الى تعويض عن الأضرار! ويضيف قائلا، نحن من اكبر العشائر هنا وانا كعامل بناء عاطل عن العمل، لذا فأن الشيخ كان مسرورا لقبول المبلغ الذي دفعه الطبيب.

 

صحيفة الواشنطن بوست


http://www.washingtonpost.com/world/tribal-lawsuits-fake-sheiks-threaten-iraqi-doctors/2011/03/30/AFdCgFJC_story.html
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات