| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 5/12/ 2010

 

كفاكم صمتا ، فمن الصمت ما قتل

ابتسام يوسف الطاهر

بعد الفعل الغريب والمخجل لمجلس محافظة بابل بمنعه فرق الغناء التي دعيت لمهرجان بابل الثقافي!؟ مفاجأة أخرى مخيبة للآمال ومحبطة لهمم الرجال..الهجوم على مقر اتحاد الأدباء وإغلاق ناديه!؟ بحجة منع شرب الخمر! فعلوها من قبل بمحلات الكرادة ، لكن تنفس الرجال الصعداء حين بادرت الحكومة بردع هؤلاء الذين يلبسون الدين قناعا لسلب حرية المواطن وكرامته والذين يحاولون إعادة كابوس البعث الذي كان عصاباته تتلذذ في إهانة الإنسان وسلب حريته وكرامته في تدخلهم حتى بملبس وتسريحة شعر الشباب. فهل من سرق البنوك كان يشرب الخمرة! هل من قتل الأطفال والنساء في الأسواق والمطاعم والمدارس كان سكرانا..أم ملتحي ويدعي انه يصلي ويصوم!؟

فما الذي جرى الآن؟ بعد تشكيل الحكومة التي طال انتظارها لتضع حدا للفوضى والفساد الإداري والبطالة والسكن والخدمات السيئة ومأساة الكهرباء وغيرها من المشاكل التي يعول المواطن على حكومته الحكيمة بحلها ووضع نهاية لمعاناته!. نفاجا بوسيلة طالبانية متخلفة ومهينة للمجتمع حكومة وشعبا! هل تلك الأعمال هي محاولة من مجالس المحافظات للسيطرة على المدن بطريقة البلطجة والشقاوات؟ فأين مجالس المحافظات من تنظيم المرور ؟ من حل مشكلة السكن وعشوائية البناء؟ من حرمان الملايين من سكن صحي متوفر فيه ابسط الشروط الحياتية؟ أليس وظيفة المحافظ تعني الحفاظ على المدينة ومراعاة أهلها وتوفير ما يحتاجه المواطنون، واحترام إرادتهم وحريتهم!؟

فهل حُلّت كل مشاكل المواطن ولم يبق غير مشكلة الخمر التي هي مشكلته الشخصية .. لو أنهم وضعوا حدود وقوانين لمعاقبة من يتعدى على الآخرين بحجة السكر لأيدناهم ووقفنا معهم..لكن أن يعتدوا على صرح أدبي له تاريخه وحضوره بحجة منع الخمر! هذا ما لم يقبله عقل ولا منطق ولا يمكن السكوت عليه ! ربما هي محاولة لإشغال الناس بموضوع ثانوي، على خطا السابقون بافتعال أبو طبر مرة، والاعتداء على الشباب بشكل مهين بأخرى! بدلا من التعاون للقضاء على الإرهاب والفساد ووضع حد للتفجيرات التي لم تتوقف.

أم هو تقليد أعمى لما جرى في ايران..حين منع الخمر فصار في كل بيت مصنع للخمور! يصنعونها سرا وبطرق غير صحية .وكذلك ازدهرت تجارة الحشيش والمخدرات التي هي أكثر خطورة على الفرد والمجتمع من الإرهاب. لكن يبدو ان هذا ما يريده التجار الحريصين على إرضاء إيران او السعودية على حساب المواطن العراقي وصحته وخصوصيته.

لست من دعاة شرب الخمر.. فمضارها لا تقل عن مضار السجاير، خاصة اذا تم تعاطيها بشكل غير واع. مع الفارق ان متعاطي الخمر لا يؤذي غير نفسه بينما التدخين يضر بصاحبه وبكل من يجلس المدخن معهم، لاسيما في العراق حيث الكثير يحلوا له ان يدخن بالسيارة مما يسبب أذى لكل الركاب! ولكن الخطر يصبح اكبر في حال منعها، ليس فقط لان كل ممنوع مرغوب، بل لأن في إغلاق النوادي والتدخل بما يأكل ويشرب او بما يلبس، هو تعدي على حرية المواطن الذي ضحى كثيرا من اجلها! إضافة الى أن ذلك سيدفع الكثير للبحث عن الخمر بأي شكل وتعاطيها بشكل أكثر ضررا. لذا منع النوادي والبارات هو خطوة فيها منحى لتدمير معنويات وروح وحرية الفرد.. والسكوت عليها سيؤدي لما هو أسوأ كما هو الحال بسكوتنا على حروب صدام وقوانينه الهزلية.. كذلك لو سكتنا الآن سيواصلون التعدي على حرياتنا الأخرى..سيبتدعون قوانين وأساليب أخرى أكثر استخفافا بالإنسان وكرامته..سيستعذبون سكوتنا . فلابد من مواجهة تلك العصابات التي تدعي أنها تنفذ القوانين، حتى لو بالسلاح..فما جدوى الحرس الذي يقف على بوابة الاتحاد؟
واذا كانوا بهذا الحرص على تطبيق القوانين..ما
ا عن قانون منع الرشوة؟ ماذا عن قانون منع التعيين بالواسطة؟ ماذا عن قانون الخدمات والإسراع بتحسينها والتي من حق المواطن العراقي التمتع فيها؟ ماذا عن قانون محاسبة المتلاعبين بأموال الدولة؟ ماذا عن قانون ردع أصحاب المشاريع الوهمية ؟ او الإسكان والأعمار الذي ينتظره المواطن منذ زمن؟ او قانون منع الاستيلاء على ممتلكات الدولة؟ كما حصل في احتلال الكثير من المؤسسات الحكومية. لماذا لا يطبقون تلك القوانين؟ ومن ثم يطبقوا القوانين الأخرى الأقل أهمية.. فأين يذهب المواطن الذي يعيش كل يوم كابوس متجدد من معاناته مع الكهرباء..الى معاناته في الدوائر لانجاز اي معاملة ما؟ اما أن يلجا لشرب كاس او تدخين سيجارة التي هي أكثر ضررا من كاس النبيذ! فهل يريدون حرمان المواطن حتى من هذه!؟ لماذا لم تسعى وزارة الصحة لتوعية المواطن بشكل علمي عن مضار الكحول وتترك له حرية الاختيار.. كذلك ليس بالضرورة كل من يدخل تلك النوادي يشرب الخمر..فكثيرون يذهبون الى هناك للقاء صديق او زميل ، فهي أماكن اجتماعية مثل المقاهي العامة مع اختلاف أنها تقدم الخمرة لمن يريد. أم أن الهجوم المسلح وبشكل بربري أسهل وارخص من حملات التوعية!؟

اذن هي محاولة لإذلال المواطن وتهجينه..استكثروا عليه الحرية التي تمناها بعد التخلص من الديكتاتور. لابد ان المهاجمين بقايا من بثور ذلك الجدري لكن بلباس مختلف!. استكثروا على المواطن تلك الواحة من الفكر والأدب على تواضع البناء وفقره لأبسط المرافق! كنا نتأمل ان تتدخل الدولة ووزارة الثقافة بالذات لتطوير مقر اتحاد الأدباء وجعله يليق بأسمه ورواده، بإنشاء أكثر من قاعة وأكثر من نادي ملحق فيه ليستقبل المواطنين وعائلاتهم أيضا. فالنادي على تواضعه كان يشكل مصدر اقتصادي للاتحاد ، الذي لم تموله الحكومة ولا وزارة الثقافة ولا غيرها.


 


 

free web counter

 

أرشيف المقالات