| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 4/5/ 2011                                                                                                   

 

حق للعراق ان يفخر بمبدعيه، وحق للمبدعين ان يحتفي الوطن بهم

الإحتفاء بمئوية العالم عبد الجبار عبد الله بعيداً عن سمائه الأولى

هادي گاطع المالكي

العراقي عبد الجبار عبد الله، المولود في 4 ايار 1911، في قضاء قلعة صالح بمحافظة ميسان جنوب العراق لعائلة صابئية مندائية، هو عالم فيزيائي وفلكي مرموق، قدم خدمات جليلة للعلم ولبلده العراق، ونقش إسمه في سجل الخالدين من الناس العظام الذين، تخلدهم اعمالهم ونتاجاتهم الإبداعية، وتظل أجيال من الناس والمعنيين بمجال نشاطاتهم، تذكرهم لأماد طويلة، بعد رحيلهم عن الدنيا. وعالمنا الجليل التي تمر اليوم ذكرى مئويته واحداً من هؤلاء، ويُعدُّ احد أبرز الشخصيات التي عرفها العراق الحديث، والتي لم يستطع إهمال الحكومات المتعاقبة بعد حكومة 14 تموز، أن يطمس ذكراها.. هذا هو حال مبدعي بلاد الرافدين اليوم، حيث تمر مناسبات ميلادهم أو وفياتهم، دونما وقفة جادة من قبل الجهات الرسمية الحكومية ذات العلاقة، وإنّ مرت على ذكراهم، فليس أكثر من مرور الكرام. لكن عزاء الراحلين أمثال عبد الجبار عبد الله وغيره ممن أثروا مختلف صنوف الإبداع بنتاجاتهم، أنهم يسكنون أفئدة الكثير من الناس والأوساط الشعبية. وفي ظل غياب الاهتمام الرسمي داخل الوطن للاحتفاء بمئوية العالم الذي حقق العديد من الاكتشافات والنظريات والمعادلات الرياضية، في مجالات الفلك والأرصاد الجوية، خلال فترة دراسته وعمله في الولايات المتحدة الأمريكية، والتأثير اللاحق الذي تركه في مجال التربية والتعليم والبحوث العلمية من خلال عضويته ومن ثم ترؤسه لمجلس جامعة بغداد، بُعيد ثورة 14 تموز، التي وضع الر احل أسس صرحها، لم يغفل عراقيو الخارج هذه المناسبة، وأحيوها، رغم تواضع إمكانياتهم، بما يُليق ومكانة العالم الجليل. ولهذه المناسبة دعت الجمعية الثقافية المندائية في لوند/ جنوب السويد وبدعم من، والتنسيق مع إتحاد الجمعيات العراقية في السويد، والمجلس المندائي في السويد، وإتحاد الجمعيات المندائية في المهجر، وآخرين الى تنظيم إحتفالية كبيرة في مدينة لوند يومي 29و30/ نيسان، دُعي لها لها عدد من الباحثين والأدباء والفنانين من مختلف دول العالم، وحضرها المئات من المواطنين والمهتمين، وبينهم عدد كبير من الأكاديمين والمثقفين الى قاعة الإحتفال.

حضر الفعالية من الشخصيات الرسمية، كل من الأستاذ فوزي الأتروشي وكيل وزير الثقافة، السيد حسين العامري السفير العراقي في السويد، القنصل الثقافي في السفارة د. بتول الموسوي. منظمو الإحتفالية أشاروا الى أن الإحتفاء بالعالم عبد الجبار عبد الله هو إحتفاء وطني بعالم عراقي أصيل عمل من أجل وطنه والإنسانية. كما انه نداء للحكومة العراقية ان تضع من اولى مهاماتها إستقطاب الكفاءات العلمية والفكرية والإبداعية، ضمن مشروع وطني عراقي حقيقي للإسهام في بناء وطن خربته عقود من تسلط الدكتاتورية والحروب والتجهيل والدمار والصراعات الطائفية والقومية.. فتكريم العلماء والمبدعين يدل على أن هناك حكومة تعيد بناء دولة على أسس علمية، وإنهاض الوطن وإعماره.

 

وكيل وزارة الثقافة الأستاذ فوزي الأتروشي، قال في كلمته: لأنه متوزع فينا، ولأنه حاضر بيننا ، عِلماً وثقافة ونضالاً وإجتهاداً، ولأنه النخلة الباسقة التي ستبقى في الذاكرة الجمعية العراقية، فإننا نلتئم معكم لنقيم ماهو أبعد من الإحتفاء، وأعمق من الإستحضار لإسم يقف شامخاً شامخاً كعنوان أكاديمي، معرفي، علمي، نضالي.. انه عبد الجبار عبد الله.. انها المئوية الخضراء لميلاد هذا العالم الكبير، الذي نشعر اننا كعراقيين مازلنا مدينين له بالكثير الكثير، لأن عطاءه العلمي ورصانته وجديته في العقود الأولى من تأسيس الدولة العراقية كان لها الفضل الكبير مع عمالقة آخرين في التأسيس لواقع أكاديمي هيأ الأرضية للتنمية في العراق.. هذه التنمية التي بكل أسف مازلنا نفتقدها.

الكلمات العديدة والتحايا والبحوث التي قُدمت في الفعالية، اشادت بالمنجز الذي حققه العالم الجليل، والتأكيد على الخصال الحميدة التي تحلى بها، ومنها السلوك الديمقراطي فيما يخص التعامل داخل المؤسسة التربوية، والتحلي بها. ووجد العديد من المساهمين فرصتهم للتعبير عن رفضهم لواقع سياسة التحاصص الطائفي والقومي، التي تنخر بالبلد، وهو الأمر الذي تساءل معه الباحث د. رشيد الخيون، هل أن العالم عبد الجبار عبدألله، لو كان حياً بيننا اليوم، كان سيحصل على فرصته في رئاسة جامعة بغداد في ظل التحاصص الطائفي والقومي، والصراع الحاصل على المناصب والمسؤوليات، الأمر الذي أضطر المهيمنون معه على إستحداث الكثير منها في محاولة لإشباع نهمهم. الباحث د. إبراهيم إسماعيل، في بحثه الذي تناول فيه منجز عبد الجبار عبدالله في الجانب التعليمي والبحثي، وربطه بالواقع التعليمي، وما آلَ اليه حال الجامعات العراقية اليوم، أكد على ما تعيشه جامعاتنا اليوم في ظل الاستقطاب الطائفي والقومي من تدهور أمني ونفوذ ميليشي علني أومستتر، ومن غياب في تكافؤ الفرص، من جهة الانتماء الطائفي او السياسي، ومن تشويه قسري لشكل ومضمون التفوق، قد جعلها مياديناً لإذكاء الصراع وتأجيجه، وبؤر توتر، تتوجس منها الناس، بدلاً من ان تحتمي بضيائها . د. قيس السعدي قدم دراسة عن المشتركات والانجازات بين العلمين المندائيين (( ثابت بن قُرّة)) و((عبد الجبار عبد الله)) ، من نواحٍ عديدة، ووجد الكثير من نقاط الإلتقاء بينهما، رغم البعد الزمني الذي يفصل بينهما. فيما كانت مساهمة د. عقيل الناصري عن أوجه التشابه بين القائد عبد الجبار عبد الله في ـ في المجال التعليمي، والقائد عبد الكريم قاسم ـ في المجال البنائي، كما ذهب الى ذلك الباحث، الذي توصل الى أن العراق كان النقطة المركزية في عقل كليهما. د. إبراهيم ميزر، المختص في علم الفيزياء النظرية، تحدث عن جزء من سيرة وحياة وأعمال العالم الجليل من خلال كتابه الموسوم: عين الاعصار/ عبد الجبار عبد الله في مئويته. فيما قدم الشاب الأكاديمي رامز غدير الشيخ داخل، مداخلة علمية عن إكتشافات العالم في مجال الأنواء الجوية.

السفير العراقي في السويد كان قد قدم كلمة تحدث، في نصفها الأول، بكثير من الملل، الذي سببه للحضور، عن السيرة الذاتية للعالم المُحتفى به، تضمن حديثه بعض الأحداث غير الدقيقة، ذات الصلة بالعالم عبد الجبار، والتي نفاها نجل العالم لاحقاً، كما أن الفيزيائي إبراهيم ميزر كان قد نفاها في كتابه: عين الإعصار/ عبد الجبار عبد الله في مئويته. وواضح ان من أعدّ المعلومات للسيد السفير لم يعدها عن مصادر موثوقة، إنما عن كتابات في الأنترنت، كتبها معجبون بالعالم الراحل، وفيها كثير من المبالغة، ومن هذه ان العالم عبد الجبار عبد ألله تتلمذ وزامل العالم آينشتين، الذي اهداه، كما زُعِم قلم حبر مرصع بالياقوت الأحمر، وأن الرئيس الأمريكي الأسبق ترومان قد سلمه مفتاح العِلم. السيد السفير وجدها فرصة ليتحدث في النصف الثاني من كلمته، أو ليُعرِّج كما قال عما يدور من أحداث في البلد، فتحدث عن الأصلاحات في التعليم العالي، على حد زعمه، وأن البعثات في عراق اليوم لم تعد حكراً لأشخاص وطبقة معينة، حيث العدالة والكفاءة هي معيار الأختيار، كما زعم، على غير حقيقة!! وكأنه يكلم أناساً جاءوا من كوكب آخر، أو أن هؤلاء العراقيين لم يزوروا بلدهم، وليس لهم اهل هناك؟ ثم بشَّرَ سعادته العراقيين ان عجلة البناء تدور بسرعة والمشاريع العملاقة قد بدأت، والجهاز التنفيذي يعمل بجد!؟ ثم ردد إدعاءات السيد رئيس الوزراء والمهيمنين على الحكم، بشأن التظاهرات الجماهيرية، واتهام المشاركين فيها بعرقلة عجلة العمل وتنفيذهم لأجندات خارجية، وانهم يحملون علم المقابر الجماعية. هكذا بدون إستحياء، ربما مصدره، ان سعادة السفير لايقرأ ولا يشاهد او يسمع، وإلا لكان قد ميز شعارات المحتجين وهتافاتهم، الساعية الى إصلاح الأوضاع، والقضاء على الفساد المستشري في البلد وتقديم الخدمات للمواطنين والسعي لتقليل البطالة، ورفض آفة التحاصص المقيتة، وإطلاق سراح الأبرياء من المعتقلين، وخلق تكافؤ في الفرص، وتوفير الأمن للمواطن، وووو غيرها الكثير. وعندما تعالت بعض الأصوات المستنكرة، عاد السفير للقول(( النقد مرحب به، ولكن الرِجل الموجودة في الحكومة، والرِجل الثانية في الخارج غير مرحب بها))، في ردٍ يفتقر لأدنى أسس اللياقة والدبلوماسية، تعكس بجلاء طريقة المتحكمين في مقاليد البلاد.

كرّم الاستاذ فوزي الأتروشي عائلة الفقيد الكبير بتقديم درع الوزارة، تسلمه نجله د. سنان عبد الجبار عبد ألله، كما قدمت د. بتول الموسوي، الملحق الثقافي، درع وزارة التعليم العالي والبحث العالمي، وأشارت الى أنها ستقترح على الوزارة وضع تمثال للعالم في مدخل جامعة بغداد، ليكون رمزاً لكل عالم وأكاديمي ومثقف.

د. سنان عبد الجبار عبد ألله، نجل العالم الجليل، إرتجل كلمة باسم عائلة العالم، ذكر فيها أن والده شخصية عامة، وهو مُلك العراق، الذي قدم له الكثير، وكان إنجازه المضيء تأسيس جامعة بغداد، ومؤلفاته بالتدريس وتخريج المعلمين، وهو العمل الذي كان يحبه، وان من بين مايتذكره عن والده انه كلما عاد من عمل انجزه او لقاء جمعه بالزعيم أو غيره، كان يتحدث فقط عن العراق والعراقيين. ورغم إعتزازه بأهله وعائلته وطائفته، لم أسمعه يوماً ينحاز لفئة أو دين أو حزب. كان فقط عراقياً ،ويحب أن يتقدم العراق، وأن يتعلم العراقيون، وهذا ماقدمه للعراق والعراقيين. ثم أشار الدكتور سنان الى بعض ماكُتب وقيل عن علاقة والده بالعالم آينشتاين، وتتلمذه على يده، أن هذا الأمر غير صحيح بالمرّة والرجلان لم يلتقيا، كما أن مجال عملهما مختلف، إضافة الى بعض الأمور الأخرى. وهو ذات الأمر الذي أكده في وقت سابق الدكتور إبراهيم ميزر في كتابه عين الإعصار.

قدم الشعراء كامل الركابي، فالح حسون الدراجي، صلاح زهرون، وقيس السهلي قراءات شعرية.

كما كان لمختلف الفنون حضورها، إضافة للمعرض الذي أقامه الفنان التشكيلي كاظم الداخل في رواق القاعة، زينت لوحة كبيرة له تمثل العالم المُحتفى به خلفية المسرح، كان هناك عرض مسرحي بعنوان الناظر، إعداد وتمثيل وإخراج الفنان سلام الصگر، دارت أحداثه عن حياة العالم عبد الجبار عبد الله، كما عُرض فيلم وثاقي عن حياته بعنوان إعصار الغربة والحنين، من انتاج الهيئة الادارية لنادي التعارف. أما الموسيقار المبدع أحمد المختار فقد داعبت مقطوعاته الموسيقية شغاف قلوب الحاضرين، الذين تفاعلوا مع منحوتات المختار الموسيقية. وكان للغناء حضوره مع فرقة المحارة والفنانتين شروق وسفانة الحلوائي.

وعدا عن الكتاب الذي أصدره د. إبراهيم ميزر والموسوم: عين الإعصار/ عبد الجبار عبد الله في مئويته، خُصص العدد الرابع من مجلة إيوان التي يصدرها إتحاد الجمعيات العراقية في السويد للمناسبة ذاتها.


 

free web counter

 

أرشيف المقالات