| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 4/4/ 2009

 

شيوعي اسمه .. المتروك

محمد حسب الله

لم يكن يوم 31 أذار من عام 1934 يوما كباقي الأيام في تاريخ العراق الحديث . ففي هذا اليوم اشرقت شمس جديدة في سماء العراق لتنير الدرب للكادحين من جماهير العمال والفلاحين وبقية فئات الشعب المسحوقه التي كانت بالكاد تحصل على رغيف الخبز مقابل من فاضت جيوبهم وتكرشت بطونهم وتعفنت عقولهم تطفلوا على قوت البؤساء الذين لبسهم ثالوث الفقر والمرض والجهل (الذي ما زال ينهش فيهم بما نملك من خيرات تحسدنا الدنيا عليها) هذا المرتبط بفساد السلطه التي صادرت حريات الناس واعتقلت افكارهم ووضعت العقبات والقيود بوجه اي تقدم يقتضيه التطور التاريخي للمجتمع لتجاوز هذه الأزمات فأقتضت الضرورة التي لا بد منها الى حركه تطرح مهمة التغيير وتضع الحلول الناجعه لمشاكل المجتمع فأنبثق الحزب الشيوعي العراقي من بين الجماهير الكادحة صاحبة المصلحة الحقيقية في عملية التغيير ليتبنى مطاليبها ويستمع الى شكاويها ويتحسس معاناتها ويقودها بنضال ثوري عنيد لا يعرف المهادنه للارتقاء بالعراق الى مصاف الدول ذات السيادة الكاملة والتوزيع العادل للثروات واحترام كرامة الانسان بأعتباره اثمن رأسمال ..

ففي هذه المناسبة الغالية على قلوب كل الشرفاء يسعدني ان اتقدم بباقات الورود الحمراء الى قيادة واعضاء واصدقاء الحزب الذي اثبت خلال تاريخه النضالي الطويل المخضب بدماء شهدائه الخالدين انه الحزب الأكثر وطنية والأكثر التصاقا بقضايا الجماهير التي تعرضت لأبشع استغلال طيلة العقود المنصرمة (ولا زالت تعاني) والأكثر نزاهة وحرصا على اموال وممتلكات الدولة التي يعتبرها ملكا للشعب والأجيال القادمة .

وعلى صخرة صموده تحطمت كل محاولات تصفيته والقضاء عليه وظل اسمه مطرزا بدماء الشهداء على رايته الحمراء تتوارثها الأجيال . حزبا فتيا يتجدد شبابه كل يوم ويزداد عنفوانا وأصرارا على مواصلة النضال من اجل مستقبل افضل لكل العراقيين ...

وفي هذه المناسبة الأذارية الخالدة علينا ان نتذكر بأعتزاز وأجلال بطولات الشيوعيين الرواد الذين ضربوا بشجاعتهم اروع صور البطولة والتحدي في مقارعة الظلم بأندفاع قل نظيره ادهش الأصدقاء واثار حفيظة الأعداء لقد أمن الحزب ان قضيته العادلة في الدفاع عن حقوق الجماهير لا يمكن ان تحقق النجاح ألا بالعمل الدؤوب والمتواصل بين صفوفهم في المحلات الشعبية والمعامل والمزارع والاسواق والمساهمة بالمظاهرات والأضرابات والأعتصامات العمالية والطلابية وكسر حاجز الخوف والصمت الذي زرعه ازلام الأنظمة السابقة..

ومن بين هؤلاء الشيوعيين الذي يلزمنا الوفاء ان اذكره في هذه المناسبه والذي كان له عظيم الأثر علي وعلى الكثيرين في اعتناق مبادئ الحزب او التأثر بها شيوعي كان يعرف في دوائر الأمن بأسم (المتروك) والذي ترك انطباعا عند كل من عمل معه او تعرف عليه من خلال بساطته واساليبه المرنة في التعامل وقدراته في اقناع الأخر بصواب رأيه وقوة حجته وان المثل والأخلاق الشيوعية ليست دخيلة على مجتمعنا كما يصورها الأعداء لمأربهم الخاصة ومصالحهم الطبقية التي كانت بالضد من مصالح الشعب وحماهيره الكادحة بل هي انعكاس للواقع المرير القائم على ابشع صور الأستغلال وامتهان لكرامة الانسان وحرف تفكير الناس عما يحيط بهم من واقع صعب كأنه مقدر عليهم لا يجوز الاعتراض عليه او مقاومته والأقتناع بما هو قائم ..

وقد عهدته شجاعا مليئا بالطموح والأستعداد لمصارعة مصاعب الحياة وعدم التذمر او التهاون عن مواصلة النضال في سبيل الشعب بكل مكوناته من اجل قضاياه العادلة التي رباه عليها الحزب . كان جسورا لا يهاب الموت يمشي والموت معه في كل لحظه . كان من نوع الرجال الذين انجبهم الحزب يعبرون بأقدارهم دون انحناء.

خبر سجون العراق وخبرته وحول هو ورفاقه جدرانها الى لوحات دونوا عليها تاريخ نضالهم المرير ودروسا في التوعية الوطنية والتثقيف الذاتي فصارت السجون مدارس تؤرخ لفترة مهمة من تاريخ العراق الحديث وشاهدا على نضال الشيوعيين . سمو اخلاق الشيوعيين كانت مثار اعجاب حتى السجانيين الذين تعاطف البعض منهم سرا معهم .

هذا الشيوعي الخالد بنضاله العنيد اتعب أفراد الأمن الذين كانوا يدخلون الأنذار الكامل عندما يسمعون بوجوده في اي محافظة من محافظات العراق واذا عثروا على اي منشور يقولون ورائه (المتروك) اكثر من نصف حياته قضاها نزيلا في السجون لا يوجد سجن في العراق ألا وله بصمة فيه من سجن رقم واحد وسجن نقرة السلمان الصحراوي وسجن الحلة وقصر النهاية و..و. وترك التعذيب على كل جزء من جسمه اثار تعرية كنياشين فخر واعتزاز اخذها معه بعد مماته لتنير له قبره وتزكيه هو وحزبه .

كانت عصابات الأمن تخافه حتى بعد موته يقولون انفاسه باقية تقلقنا ، كم تمنى ان يرى نهاية جلاديه .اقول لك نم هادئا فأن نهايتهم مخزية وكنسهم التاريخ الى مزبلته التي لا ترحم وبقيت انت خالدا في قلوب كل من ناضلت من اجلهم  .

 

free web counter

 

أرشيف المقالات