| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 4/8/ 2010

 

إخوان الصفا وشهود يهوه !

خضير الاندلسي

لا شك ان تراث الفرق الدينية التي تعرضت للاضطهاد والقتل لايختلف عن نظيرتها السياسية, الا ان ما جرى من حروب وصراعات التي مرت بها المجتمعات اجبرتها على سماع رأي الاخرين واعطاءهم فرص ابداء الرأي حتى لو لم يتفق معها.

الاختلاف الرئيسي الذي ميّز جماعة اخوان الصفا التي نشأت في البصرة عن جماعة شهود يهوه التي نشأت في نيويورك هو ان الاولى لم تتمتع بفسحة كاملة من الحرية من اجل ابداء ارائهم الفلسفية حيث جرى اتهامهم بالزندقة والكفر من جانب والميول عن الافكار الاسلامية وحرفها من جانب ثان ,ليس لانهم ادخلوا الفلسفات الغربية والهندية والفارسية وما شابه الى علوم الدين فحسب بل لانهم حللوا شتى انواع العلوم ووظفوها لخدمة الخالق كما سنأتي على ذكره موجزا ادناه, بينما في حالة شهود يهوه,الحالة الثانية, فقد تم افساح المجال لهم في التعبير عن الرأي حتى ان ركنهم الاساسي المتبع يتجلى في طرق ابواب الناس والتكلم معهم مباشرة والتعريف بأفكارهم ومعتقداتهم , وكسب الحرية هذه, جاءت نتيجة الاضطهادات التي تعرضوا لها قُبيل الحربين العالميتين وأثناءهما , فانتشروا في بقاع العالم وأخذوا يلقنون الناس فلسفة دينهم ومعتقدهم المنفصل اصلا عن المسيحية ويدافعون عنه كونه الحق, بينما اندثر تراث جماعة إخوان الصفا ولم يبق سوى رسائلهم التي تُطعن بين الحين والاخر دون مناقشة محتواها في افضل الحالات! فقد صنف اخوان الصفا رسائلهم الى الخمسين في جميع اجزاء الفلسفة وعِلمها وسموها رسائل اخوان الصفا وكتبوا فيها اسماءهم وبثوها في الوراقين ووهبوها للناس.

من خلال تلكم الرسائل نجد ان جماعة اخوان الصفا قد شرعوا دراسة الهندسة التي استهدفت التهدي للنفوس من المحسوسات الى المعقولات ودرسوا الموسيقى فوضعوها من اجل تشويق العقول التي عبروا عنها بالنفوس الناطقة. اما في الجغرافية فكان غرض بحوثهم الحث على التفكير فيما نصب الله لنا من دلالات كما افردوا فصولا في الاخلاق للسمو بالأنفس الى السعادة المرجوة, كما درسوا الانسان جسدا وروحا مثلما فعل فلاسفة الأغريق القدماء وبينوا ان الانسان عليه ان يتعرف على ذاته جيدا كي يعرف الناس جيدا. هذا وعدت رسالتهم "ماهية العشق" بداية لتأسيس علم النفس في العالم الإسلامي. (رواد التنوير في العالم العربي).

عن تأريخ اخوان الصفا يكتب ابو حيان التوحيدي انهم جماعة سرية نشأت بالبصرة ولها فروع في اكثر البلاد ,اسسها زيد بن رفاعه الذي اقام بالبصرة وصادف فيها جامعين لاصناف العلم وانواع الصناعة منهم ابو سليمان البستي وابو الحسن الزنجاني وابو احمد المهرجاني والعوفي وغيرهم .جماعة تآلفت بالعشرة وتصادفت بالصداقة واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة فوضفوا بينهم مذهبا زعموا انهم قربوا به الى الطريق الى الفوز برضوان الله. وذلك برضوان الله وذلك انهم قالوا: ان الشريعة قد نست بالجهالات واختلطت بالضلالة ولاسبيل الى غسلها وتطهيرها الابالفلسفة لانها حاوية الحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية . (الامتاع والمؤانسة)

اما شهود يهوه "لفظة يهوه تعني الله" فكانت بدايتهم العصرية في سبعينات القرن التاسع عشر. وفي بادئ الامر كانوا يُدعون تلاميذ الكتاب المقدس. لكنهم في سنة 1931 تبنوا الاسم شهود يهوه المؤسس على الاسفار المقدسة. ومن بدايات صغيرة نمت الهيئة الى ملايين, وهم ينهمكون في اكثر من 230 بلدا وينشرون مجلداتهم في اغلب لغات العالم ان لم تكُ جميعها!

تعقد جماعات شهود يهوه اجتماعات متواصلة وعلى مدار شهور السنة ,مقرهم الرئيس في الولايات المتحدة الامريكية "نيويورك" يستندون في افكارهم على الكتاب المقدس ويبرهنون معظم ارائهم عن طريق النقاش العلمي وهو باين في مجلداتهم.

بقي لنا القول ان احياء تراث الاقدمين عن طريق قراءات متعمقة للمفاهيم والوقوف عندها يساهم في توسيع المدارك والاستفادة من تجارب الماضين في الحاضر وتطوريها ,اذ ان تلاقح الافكار يهدف الى تبلور مفاهيم تسامحية خصوصا اذا ما علمنا ان اخوان الصفا من الضالعين في علوم الاجتماع والفلسفة والانسانيات وهي ذات الصفات التي تتسم بها الفرق الدينية المعاصرة الساعية الى ربط العلم بالدين ونفض الغبار عن ماضيهم بالمعرفة كما هو الحال لدى جماعة "شهود يهوه" على اقل تقدير.


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات