| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 31/12/ 2011



افتتاحية المدى

بعيداً عن كواليس ومناورات أمراء الطوائف...لنبادر معاً إلى وأد الفتنة......

فخري كريم

لم نجرب بعد سوى أقاويل القادة ودعاواهم حول الانقسام في المجتمع واحتقاناته التي تنعكس في الحياة السياسية بين آونة وأخرى ، كفتيلٍ يوشك على إضرام الحرائق في هشيم البلاد، وآن الأوان لنعتمد إرادة الناس البسطاء الذين كانوا على الدوام حطب وقودهم ورماد حرائقهم الطائفية ...
لم نجرب، عوضاً عن مناورات القادة في كواليسهم، حراكاً من نمطٍ آخر يعتمد على مبادرة الناس البسطاء الذين يتعايشون مع ذكريات همهم المشترك، وهم يكتوون بجحيم الفاقة والبطالة وانقطاع الكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات الأولية التي لا عيش إنسانياً من دون تأمينها. الناس الذين تعايشوا وإن على بعد، في أجواء القتل على الهوية من دون أن يروا وجهاً لوجه ملامح القتلة او يتعرفوا على هوياتهم الحقيقية، سوى ما أوحي لهم، وتدبروا أمور معيشتهم بضنكٍ وعوزٍ، وهم يرون قادتهم والناطقين باسمهم، يسيحون في الجوار وأبعد من الجوار، يتمتعون بنعمٍ لم يألفوها او يحلموا بها، محصنين أسرهم وذوي قرباهم من شظايا المفخخات والمتفجرات والملصقات وجيف الانتحاريين الجبناء، في شققٍ وفللٍ فارهةٍ ، لم يوفروها ، بيقينٍ ، من رواتبهم او مخصصاتهم او مواريثهم، بل من المال الحرام ومن "جباية " المتفضلين عليهم من وراء الحدود، لقاء خدماتهم. يستوي في ذلك من يدعي تمثيل هذا المكون او ذاك ، فلكل واحدٍ منهم ليلاه، ومن يُسَبّحُ بحمده ويستجير به على أبناء جلدته.
ويظل السؤال المؤرق: هل حقاً انقطع حبل الود والرحم بين أهالي الأنبار وصلاح الدين ونينوى والفلوجة وبيوتات الأعظمية وباب الشيخ والكرخ... وأهالي البصرة والنجف وكربلاء والعمارة؟ هل نسي الجمع كله من كل بقاع العراق المعمد بدمائهم وتضحياتهم في مسيرة بناء وطنهم، توأمهم في الضفاف المجاورة، وتخالفوا وتناسى بعضهم الآخر، واستنكروا ما يحمله من هوية لا تغير في واقعه ومنبته شيئاً ..؟
أكاد اجزم أن مثل هذا الادعاء عارٍ عن الصحة وتلفيقٌ يُراد به إبقاء الفتيل "متربصاً " و "فزاعةً " يحرض على فتنة كامنةٍ. ومن لا يصدق فليرجع الى وقائع التاريخ وسجلات الأمن العام ومديرية السجون ليطلع بنفسه على تلك المشاهد الوطنية المضيئة في تاريخ حركتنا الوطنية، ويستذكر بضميره غير المخرب أبناء الرمادي وعنه وهيت وهم يتوافدون على المعتقلات وبيوت المبعدين ويقدمون لهم أفضل ما تتكرم به الضيافة والاحتضان .
ولنستذكر معاً جموع الكرد وهم يعيشون بين إخوتهم في كل حواضر العراق، سنةً وشيعة، وكأنهم في قراهم وبين أهاليهم الأقربين..
فأين الإحساس بالغربة بين العراقيين الذي ذر قرنه بيننا فجأة، وكأنه قدرٌ لا راد له، وبعد حقبٍ موصولة من التراحم والتزاوج والتعايش، وأي هويةٍ أسمى من التشارك الإنساني الذي يختزل كل الهويات والعصبيات وخلافها..
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نكتم وقائع ذاك التاريخ المجيد في صدورنا، ونترك العابثين بأقدارنا بيد أمراء الطوائف، وحاصدي جوائز الاحتراب بين الأشقاء وشركاء الوطن الواحد، ألم يحن الوقت للقفز عليهم وتجاوزهم وأخذ المبادرة بأيدينا غير الملوثة بحصاد الفساد وشراهة الحكم الجائر..؟
لقد حان الوقت تماماً لتنظيم أوسع مبادرةٍ شعبية، ينخرط فيها وجهاء المجتمع وقادة منظمات المجتمع المدني، ونشطاء الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام المستقلة والوطنية، وشبيبة الحركات الاحتجاجية والمثقفون المتنورون والنساء الملتاعات بحصار الجهل والتخلف وضياع الأعزاء، يجري من خلالها تعبئة وفود الى المدن والأرياف والحواضر "عكس الهويات" من النجف وكربلاء الى الأنبار وصلاح الدين ومن الكاظمية الى الأعظمية ، ومن كل المدن الى كل المدن، وهي تحمل الهوية الأخرى وتخلطها مع بعضها البعض، ولتتفتق الأفكار عن عشرات ومئات المبادرات في هذا الاتجاه، ولنتوجه لجمع مئات آلاف بل ملايين التواقيع بالدم، نعلن فيها هوية وطنية واحدة تتجسد فيها مطالبنا في عراق يتوقف فيه النزيف، وينتهي منه الحرمان، ويكف عن ثرواته أيدي لصوص المال العام، وتنجز فيه الخدمات ويُنصف فيه المحرومون والعاطلون عن العمل وذوو الاحتياجات الخاصة والأرامل واليتامى وأسر الشهداء...
ألم يحن الوقت ، لتجريب طاقاتنا وإرادتنا الحرة، ولا نظل أسرى مطامع من يعيشون على دوام محنتنا..؟

لنفكر معاً..
ولنتحرك معاً..
فليس في ذلك سوى حريتنا..



 العدد :  2349

السبت 31/12/2011


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات