|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  30  / 5 / 2015                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 


 

أبو شروق !

اسحاق الشيخ يعقوب

أكثر من نصف قرن كنت و إياه و آخرين ( ... ) على مقاعد المدرسة العليا نتلقى أصول "الفقه" الماركسي و كان هو من العراق و كنت أنا من السعودية و كان هو غير اسمه و كنت أنا غير اسمي و كان يناديني (الحجي) و كنا جميعاً نناديه ( أبو حقي ) لأنه يقول الحق و لو على نفسه و كان هو دون غيره الأقرب إلى قلبي و كان التجاذب الكيميائي يجاذب نفسينا و كان لهذا التجاذب دور على ما أظن في تجذير الصداقة بيننا على مدار أكثر من سنة ..

بعدها غادرت و غادر فتقطعت سبل علاقة صداقتنا على مدار أكثر من نصف قرن، إلا أن ذاكرتي لسبب أو بدون سبب ما أكثر ما تنبش جمالية و حميمية ذكراه (... ) و كنا خليط دول عربية فالبعض منا مات موتة ربه و البعض منا مات موتة سياسية و البعض منا استشهد في خضم الصراع السياسي (!) نصف قرن لا أدريه ولا يدريني في خضم غمرة العمل السياسي الذي انغمرنا فيه ... و قد تجشم عن حق مخاطر العمل السياسي و انغمر فيه بجدارة فائقة و عزيمة شجاعة متوثبة متمردة و هو من الكوادر السياسية الحزبية العراقية الفاعلة الذي يجعل العاصفة أن تنحني ولا ينحني لها (!) و كنت اقرأ له أحيانا في الصحف ولا أدريه و كان يقرأ لي أيضا في الصحف ولا يدريني (!) و كانت هواجسي تقلب المقالات السياسية و الفكرية هنا و هناك علّ عيني تقع على صورته لأدريه فقد حفرت تقاطيع وجهه في ذاكرتي حفراً و أصبحت ذاكرته تعاودني بمناسبة و بدون مناسبة .

و بعد أكثر من خمسين عاماً رنّ هاتفي رنيناً مميزاً فزّ قلبي في ذات الرنين، رفعت مقبض الهاتف قربته إلي أذني و كان الصوت يأتيني من بعيد قائلاً أنت ( الحجي ) أنا ( أبو حقي ) فراح شريط الذاكرة يأخذني أخذاً إلى أيام الدراسة و في تفاصيل علاقات تضج بالفكر و السياسة و الفلسفة (...) و كم توهجنا بهجة عارمة التألق كوننا بعد هذا العمر لم نزل نغد السير على ذات الطريق و على ذات الأفكار و المبادئ الإنسانية و عندما بعث إلي كتابه (الحقيقة كما عشتها ) تناهبته ( نعيمة ) و الأولاد و البنات و كلهم يريدون أن يعرفوا شيئاً بشغف عن صديق والدهم التراثي الذي كان يُحدثهم عنه (...) حقاً أن سيرة جاسم الحلوائي زاخرة بالنضال و التفاني من اجل انتصار الإنسانية العراقية على الظلم و الكراهية و أن تغمر المحبة و السلم وجه الأرض (...) و إني أجده في سيرته الذاتية كما عرفته صادقاً مخلصاً موضوعياً أميناً على معتقداته السياسية و الحزبية و في ذات طبيعته ودوداً محباً عاشقاً للحياة يغضب ضاحكاً و يضحك غاضباً و يكاد أحيانا أن ينقلب على ظهره من شدة الضحك (!) جاسم الحلوائي في سيرته الذاتية (الحقيقة كما عشتها) يتشكل في نشاطه السياسي و الفكري و تفانيه المنقطع النظير في الالتزام بإرادة العمل التنظيمي مقدماً نموذج نوعية المثقف العضوي في حزب الطبقة العاملة (...) و احسب أن كتاب (الحقيقة كما عشتها) للمثقف العضوي جاسم الحلوائي جدير بأن يكون منهلا فكرياً و ثقافياً و تنظيمياً للشبيبة العراقية التي يتجدد بها حزب الطبقة العاملة ( الحزب الشيوعي العراقي ) ضمن مسيرته النضالية من أجل وطن حر و شعب سعيد (!)

إن كتاب ( الحقيقة كما عشتها ) للصديق الفاضل جاسم الحلوائي يشكل ملحمة نضالية متميزة المصداقية و الأمانة في العمل المتفاني من اجل الحرية والديمقراطية و الانتصار على الجهل و الظلم و التخلف و في تحقيق أماني وطموحات كادحي الوطن العراقي في حياة حرة أبية كريمة (!)

تعليق أبو شروق (جاسم الحلوائي) على المقال
شكراً جزيلاً، عزيزي أبا سامر، على مقالك الجميل، فقد عبرت فيه عن طبيعة صداقتنا الجميلة والنادرة والمثيرة، خير تعبير. وكان بودي أن أعلن تحفظي على مديحك لشخصي، ولكنني خشيت أن أخدش مصداقيتك التي لا أشك فيها، ففضلت أن أقول بأنني أتمنى أن أكون كما وصفتني.
 
أتمنى لك وللعائلة الكريمة دوام الصحة وأجمل الأمنيات





 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter