| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 30/1/ 2011

 


ويكيليكس يفضح سياسة السويد
تجاه اللاجئين العراقيين

محمد حسب الله

ما يعقد من اتفاقيات ومساومات بين الأطراف الدولية وراء الابواب المغلقة وخلف الكواليس لم تعد سرا والخزانة الأمريكية غير قادرة على الحفاظ على سريتها ومنعها من التسرب الى ما وراء أسوار البيت الأبيض بفعل التقدم الهائل والسريع في تكنولوجيا المعلومات والأنتشار الواسع لمواقع الشبكة العنكوبتية وقدرتها على مد اخطبوطها عبر مدارات ودوائر العالم الكوني والنفاذ الى مراكز القرار وأختراق سريته ومعرفة أدق ما يطبخ من مساومات وأتفاقات وكشف هذا الطرف وفضح الطرف الأخر مستفيدة من أنتشار الأفكار الحرة الديمقراطية والليبرالية ورغبة الشعوب الملحة في نيل حريتها وكشف الديماغوجية التي تغلف سياسة بعض الدول التي تدعي احترامها لحقوق الأنسان ورغبة البشر في العيش الآمن البعيد عن الأحلاف السياسية والعسكرية التي تكبل حريتهم وتهين كرامتهم ,وبعيدا عن الحروب التي تنتهي بهم الى محرقة الموت الأجباري المجاني بالضد من أرادتهم وما تتركه من أثار مدمرة على كافة صعد الحياة وفي مقدمتها الأقتصادية والنفسية والعلاقات الأجتماعية وتبدو أثارها بشكل واضح على الأسرة النواة الأساسية في صنع المجتمع ويتحمل عبئها الأطفال والنساء كما حدث في العراق وافغانستان والصومال التي لا زالت شعوبها تعاني الأمرين من أهوالها .مما أضطرت الى الهجرة داخل وخارج بلدانها لعلها تجد متنفسا من هواء الحرية الذي أحرقته أسلحة الدمار التي صنعتها ذات الدول التي تتباكى في وسائل اعلامها على حقوق الأنسان والموقعة على كافة الأتفاقيات التي أقرتها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية بعد أن كلفتهم الملاين من الضحايا لا زالت تعاني بعض الشعوب من أثارها المدمرة . ومن بين هذه الأتفاقيات أتفاقية جنيف ولائحة حقوق الأنسان والتعهد بالألتزام بتطبيقها والعمل على تنفيذ ما جاء ببنودها بعيدا عن المصالح والمنافع الذاتية.

ومن بين أهم الدول الموقعة والمتعهدة بالألتزام بتطبيقها مملكة السويد التي تعد في طليعة الدول التي التزمت وطبقت على مدى أكثر من نصف قرن مما احتلت مكانة مشرفة في مجال حقوق الأنسان وحضت سياستها بأحترام جميع الأوساط الدولية ودعت الأمم المتحدة دول العالم الى الأحتذاء بسياستها من أجل ايجاد الحلول الناجعة لملايين البشرالذين يعانون من فقدان الأمن وشتى أشكال الأضطهاد العرقية والطائفية مما جعل من السويد محط أنظار كل من يتوق الى الحرية وحلم كل من يريد أن يسترد مكانته الأنسانية .

وكان لهذه السياسة التي مارستها السويد لها بالغ الأثر في أمتزاج الثقافات وتلاقح الحضارات والمساهمة في الحد من الفكر الأرهابي الظلامي الذي يهدد أمن وأستقرار شعوب العالم ومنجزاته الحضارية والأنسانية . غير أن الذي يثير الأستغراب والدهشة والأستهجان ويلطخ سمعة السويد ويشوه صفحات تاريخها الناصعة البياض , التخلي عن هذه السياسية ومبادئها الأنسانية السامية والمساومة على اعادة اللاجئين العراقيين المرفوضة طلباتهم بشكل قسري بالضد من رغباتهم ودون الشعور بأدنى مسؤولية لما يعانيه بلدهم من اوضاع غير مستقرة بتأكيد التقارير الدولية المحايدة , مما تشكل هذه السياسة الغير مسبوقة الى أطفاء بصيص الأمل في نهاية النفق المظلم وبعد صراع مرير مع الموت الذي كلفهم الكثير من الضحايا في طرق وعرة ومسالك خطرة للوصول الى السويد بلد الحرية والحقوق الأنسانية من خلال أتفاق مشؤوم أبطاله وزير الهجرة السويدي وسفيره في العراق وعرابهم الولايات المتحدة الأمريكية في سابقة لم تكن معهودة من قبل ومساومة رخيصة ثمنها اعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين بما فيهم العوائل والأطفال .بشر وليسوا حيوانات !! ولو كانوا كذلك لأحتجت جميع جمعيات الرفق بالحيوان بما فيها السويدية وأقفوا هذه المساومة الرخيصة الغير عادلة والمنافية للاعراف الدولية والدبلوماسية في تبادل السفارات والتعامل بالمثل . فأذا كانت أوضاع العراق مستقرة لماذا تلجأ السويد الى المساومة في العمل الدبلوماسي.

هذه الفضيحة التي فجرها موقع ويكيليكس ومن المتوقع أن لا تكون الأخيرة في مسلسل الفضائح والتي أثارت ردود أفعال مدوية تناقلتها وكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية وفي مقدمتها قناة التلفزيون السويدي التي جعلتها على رأس نشراتها الخبرية وكذلك راديو السويد والعديد من الصحف العالمية والسويدية وأعضاء في البرلمان السويدي الذين أدانوا بقوة الموقف الغير مسؤول لوزير الهجرة الذي يشم من تصرفه هذا رائحة العداء للمهاجرين والذي ألحق بالغ الضرر بسمعة السويد الدولية. والذي فشل في أعطاء التبريرات المقنعة لعقد الأتفاقية وتجاوزه على الأعراف الدولية في المجال الدبلوماسي على أساس المصالح المتبادلة والأحترام الكامل لأرادة الشعوب صاحبة المصلحة الحقيقة في التبادل الدبلوماسي , لا على اساس المتاجرة بأرواح البشر التي حرمتها من قرون عديدة القوانين الدولية ووزير الهجرة أعرف بها أكثر من غيره . ولا على اساس أستغلال أوضاع العراق الغير مستقرة وأستغلال حاجته الى الأنفتاح على دول العالم والخروج من عزلته الدولية التي فرضت عليه من قبل الأمم المتحدة لأسباب برهن التاريخ بطلانها وعدم صدقية الدول التي تحالفت مع الأمريكان على احتلاله الذي كلف الشعب العراقي الكثير من التضحيات ولا زال يدفع فاتورته والمجتمع الدولي غير مبال لأبشع مأساة عرفها التاريخ الحديث والمعاصر بعد الحرب العالمية الثانية.

وأذا كان وزير الهجرة السويدي ودوائره جادون في ايجاد الحلول المناسبة لمشكلة اللاجئين العراقيين أن لا يتجاوز على حقوقهم الأنسانية ويتجاهل الدعوات المتكررة من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمحكمة الأوربية وكل القوى والأحزاب المتعاطفة معهم والتي تعد الأنسان أثمن رأسمال في العالم , وأن لا يجازف بسمعة بلده بعقد هكذا اتفاقية تشكل منعطفا خطيرا بتاريخ مملكة السويد , وتؤكد هذه الأتفاقية أن أساليب تعامل دوائر الهجرة مع العراقيين في توفير الحماية ومنحهم الأقامات غير عادلة وقرارات الرفض جاهزة ونواياها مبيتة لذلك أسبابها غير منطقية وتخضع القرارات لأمزجة اللجان التي غالبا ما تتكون من شخص واحد , وقرارات محاكم الهجرة والمحكمة العليا غالبا ما تتحذ بشكل غيابي دون استدعاء اللاجئ للدفاع عن قضيته وتفنيد أسباب الرفض.حتى العودة الطوعية ليست طوعية بالمعنى الحقيقي والقانوني لأن الذي يرفضها تحول قضيته للبوليس ويرحل قسريا بعد أنتظار يطول لأكثر من ثلاث سنوات بعض الأحيان.

والحل المناسب لهذه المشكلة كما اعتقد أن تتشكل لجان تضم العدد من الأختصاصيين في مجالات علم النفس والأجتماع والتربية تدرس أوضاع اللاجئين وترفع التقارير وعلى ضوئها تصدر القرارات بعد أن اثبت من يعمل في دوائر الهجرة عن فشلهم وعدم امتلاكهم الخبرات والثقافة التي تؤهلم للتعامل مع اللاجئين الذين يختلفون في اعمارهم واجناسهم ومؤهلاتهم وأوضاعم النفسية.

وضرورة تعاون السويد والمنظمات الدولية مع العراق لتهيئة الأرضية المناسبة والمحيط الملأئم لأستقبال اللاجئين وتوفير فرص العمل المناسب للقادرين منهم وتقديم المساعدات المالية للأخرين وأن يساهم السويد مع دول ألأتحاد الأوربي في مجال اعمار العراق وتسهيل مهمته في توفير الخدمات للحد من ظاهرة العنف والأرهاب مما سيصبح مركزا لجذب العراقيين وغير العراقيين وبذلك تنتهي الهجرة الغير شرعية والى الأبد. أما الأساليب القسرية لا تحل المشكلة بل تزيدها تعقيدا وتدفع اللاجئين الى الأختفاء وممارسة العمل الأسود الذي يلحق أشد الأضرار بالمجتمع السويدي.

وأدعو من خلال هذا المقال البرلمان السويدي بأعتباره السلطة التشريعية والتي تراقب الحكومة ووزرائها الى التدخل وايجاد الحلول المناسبة ذات الطابع الأنساني لمشكلة اللاجئين العراقيين المرفوضة طلباتهم
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات