| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الجمعة  29 / 8 / 2014

 

ذاكرة مكان
الخطوط الجوية العراقية مآسي الركاب تتجدد

عباس الشطري

على مسافة قريبة جدا من افكارنا حول السعادة والحب والموت والحياة والخوف والرجاء تقاطرت اعداد الهاربين من جحيم درجات الحرارة العالية وتداعيات سقوطنا المدوي بيد داعش باتجاه بلاد السلطان (sultan) الجار المميز الذي تمتد علاقته بنا من عام 1534 حين احتل بغداد وبلادنا باكملها , نساء واطفال شيوخ ورجال وشباب قادرين على الحركة والسفر غصت بهم مكاتب شركات السياحة والسفر ومطار العاصمة بعد ان اصبح الحصول على تذكرة الى اربيل محظ خيال.

انا المسافر على متنها ثلاث مرات مضطرا! اطلب قهوة كما هو الحال في طائرات الخطوط العالمية الاخرى فتجيبني المضيفة التي دك عمرها الخمسيني وزاد على كيفك يابه كول كهوة (تصوروا)!!!!! عفوا لذا لم اطلب قهوتي في السفرتين الاخيرتين ولو طلبتها في خطوط اخرى لجاءت بيد ارق المضيفات واحلاهن وتجيد لغات عدة كما ينوه لنا الطيار دائما في الاماراتية والملكية الاردنية والميدل ايست وبابتسامة حلوة.

بعد التأخر المتوقع وصلنا عاصمة قسطنطين امبراطور الرومان قبل ان يحتلها السلطان العثماني محمد الفاتح , استمتعنا فعلا وكل الامور بخير بالرغم من زحام السياح ,شعب رائع طيب وسفرة لطيفة لكن في العودة امور اخرى .

لو تيسر للعراقيين خطوط ارخص سعرا او النقل برا لما اختارو الخطوط العراقية ابدا .

تطير طائرتنا متأخرة ساعة واحدة لا بأس نتحمل وبعد ثلث ساعة على ارتفاع نشاهد من خلاله بعض نقاط تشير الى مدن ومياه يقلقنا الطيار (سيداتي سادتي سنعود الى مطار استنبول لوجود خلل فني) الجميع شعر بالخلل فلاكثر من ربع ساعة نشعر بحركة الاطارات تحتنا مباشرة وهي تدوي عصية على الدخول الى مستقرها ,اللهم اجعله خيرا ونحط بسلام مرة اخرى في الاستانة .

شيء مضحك فعلا بعد ان نجانا الله من خطر محدق تبدأ رحلة معاناة اخرى
نصمد داخل علبة الطائرة لساعة كاملة وهي على الارض وهم يحاولون اصلاح الاطارات تصوروا !!!!!!!!! ثم يطلبون منا النزول الى ارض المطار والصعود بالباص الى داخل القاعات  .

تصل مندوبة الخطوط الجوية العراقية وهي شابة تركية لا تجيد حتى اللغة الانكليزية تزود كل راكب بكارت وتعطيه رقما لا اعرف لماذا الارقام تضايقني استحضرت ذاكرتي رغما رقمي واسمي المسجل على رقاقة ستيل ايام القادسية المشؤومة اني استذكره الان وعذرتهم فربما تخشى الخطوط العراقية ان يصعد راكب لم يدفع التذكرة ربما !!

الاتراك لا يجيدون الانكليزية اني اتحدث معهم فيقولون شوية شوية اذن علينا اللجوء الى حل اخر شاب تركماني يستطيع التفاهم معهم يتحدث معهم فيناولونه الميكرفون ليقول (بعد نص ساعة ستتبين الامور !) بعد انقضاء المهلة يعود نفس الشاب مترجمنا العراقي الراكب معنا على نفس الهودج, يعتذر الاتراك هنا ويضيف ان طائرتنا لن تستطيع الطيران لذا ستلحقون بالطائرة الاخرى في الثانية ليلا ! الان الساعة السادسة مساءا وحضرنا الى المطار قبل الساعة العاشرة صباحا وسنصمد حتى الثانية فجرا !يا للهول وهؤلاء الصبية والنساء والشيوخ كيف سيتحملون الانتظار , رفع صوته الرجل المسن الذي تجاوز السبعين محدثا زوجته الستينية التي تستعد للتقاعد بعد ثلاثة اشهر (مو كلتلك ذولة مصخمين هسه لو دافعين على الخطوط التركية مو اشرف النا) , بدت همهماتهم غير مفهومة انها صورة قاتمة فعلا فالمطار يغص بالركاب ومن الصعب ان تجد اريكة لتستريح عليها لذا افترش الجميع الارض وبعض النسوة ذهبن الى مسجد النساء في المطار للاستراحة كانت زوجتي من بينهم .

اخذنا نحن الرجال نتحرك هنا وهناك لقضاء الوقت ,تكرم علينا الاتراك بسندويج وعلبة كوكاكولا وطبعا عليك الاختيار بين الكوكا وقنينة الماء الصغيرة اذ لا يمكن الجمع بينهما كما ابلغنا الشاب التركي الذي قدمها لنا كأنهما ضرتين يخشى خلافهما , اخذ النعاس يدب بين الحضور واثار الاعياء واضحة على الجميع لم تكلف الخطوط العراقية نفسها بان ترسل مندوبا على الاقل يمكن التفاهم والتحدث معه فالاتراك لا يوضحون لنا شيئا وفرصتنا الوحيدة الشاب التركماني ويجب علينا البحث عنه في كل مرة نحتاج فيها اليه , الساعة تجاوزت الثانية عشرة وليس هناك سوى سندويج اخر وقنينة ماء او بديلتها من شراب الكوكا ,الان مضت عشر ساعات ولا احد من سلطات المطار او الخطوط العراقية في حين تقضي قوانين الطيران الدولية على توفير مبيت للركاب اذا تجاوز الانتظار العشر ساعات .. الساعة تقترب من الثانية فجرا ولا بوادر للحل هنا صنع الاتراك ارباكا اخر اذا قاموا بتوزيع البوردنك على الركاب الذين يتجاوزون الثلثمائة بطريقة بدائية استمرت لساعتين اي حتى الرابعة صباحا وضاع جواز لطفلة بسبب ذلك اذ تقوم الشابة التركية التي بقيت معنا بقراءة البوردنك بلغة صعبة الفهم ثم تقارن الاسم ومطابقته بالجواز ! اي عقل يميز ذلك بسرعة وقد اصابنا الاعياء , اخيرا لاحت بوادر الفرح ، الطائرة العراقية التي من المفترض ان تطير بالثانية فجرا مستعدة للطيران والساعة تجاوزت الرابعة فجرا اي مضى الان ثمانية عشر ساعة ونحن بالمطار ومفاجأة اخرى فجرتها الشابة التركية وصديقها (ان ركاب الطائرة التي تعطلت لن يتسنى لهم الصعود قبل ركاب طائرة الثانية فجرا وعليهم الانتظار اذ ربما لن تكفي الطائرة للجميع ! اي اخلاق يمتلكها القائمون على شركتنا العريقة (الخطوط الجوية العراقية)!

فجأة صراخ وعويل ودعوى بالويل والثبور من امرأة عراقية انضمت لها عراقيات اخريات (ما كو كرامة شنو انتو هيج العراقي رخيص ومن حكومته) تدافع الجميع للانضمام اليها وبين شد وجذب وصراخ مستمر من العراقية البطلة سمح لنا بالدخول الى طائرة الجامبو والتي طارت في الساعة الخامسة لتحط بنا في بغداد في الساعة السابعة والنصف وحتى اكمال اجراءات الدخول وانتظار الحقائب خرجنا من المطار الساعة الثامنة صباحا مضى الان 22 ساعة بالتمام والكمال بين مطاري بغداد واستنبول ودرجة الحرارة في بغداد 48 مئوية .
 

free web counter

 

أرشيف المقالات