| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الخميس 27/8/ 2009

 

قراءة اولية في "اعلان الائتلاف الوطني العراقي"

صادق جعفر محمد

بعد مخاض غير سهل، إن لم يكن عسيراً، جرى الإعلان عن الائتلاف الشيعي في حلته الجديدة وسمـّي هذه المرة بـ"الوطني" . وذلك بأمل إخفاء طابعه الطائفي عن أعين جمهور الناخبين الذين أعطوه أصواتهم في الانتخابات السابقة بتأثير ما أشاعه عن تأييد المرجعية الشيعية له .
غير انه في إعلانه الجديد ظهر بدون ركن من أركانه السابقة ،ألا وهو حزب الدعوة الذي عزز رصيده في انتخابات مجالس المحافظات ، وألحق هزيمة كبرى بغريمه المجلس الأعلى الإسلامي،حيث أزاح سيطرة هذا الأخير على مجالس المحافظات في الوسط والجنوب، وافشل دعواه وحملته من اجل فيدرالية الوسط والجنوب التي كان يراد لها أن تضم تسعة محافظات بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي.
ولم يكن النجاح الذي حققه حزب الدعوة بمعزل عن تخليه،عمـّا ظل المجلس الأعلى الإسلامي متمسكاً به في دعايته الانتخابية من تمسح بالمرجعية واستخدام الرموز الدينية وغير ذلك مما لم يعد يؤثر في جمهور الناخبين كما في السابق، وبتسمية قائمته بـ"إئتلاف دولة القانون".

والآن لنتفحص إعلان الائتلاف الشيعي بصيغته الجديدة وتسميته الائتلاف الوطني. إن ضيق الائتلاف الجديد ولا وطنيته ( بمعنى عدم شموله لكل مكونات الشعب العراقي) يظهر منذ البداية في استشهاده بالآية القرآنية "قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين " . وبهذا اخرج المسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين وكل غير المسلمين من أبناء الشعب من حسابه.
والائتلاف الجديد كالقديم يضع نصب عينيه مهمات ليس من بينها تعزيز وترسيخ النظام الديمقراطي الاتحادي التعددي . الأمر الذي يذكـّر بتناسي السيد إبراهيم الاشيقر هذا النص وحذفه من القسم عندما إلف وزارته ، وجرى إجباره بعد ذلك على أداء القسم كاملاً كما نص على ذلك الدستور .
واستمر الائتلاف في إعلانه الجديد بالتمسح بالمرجعية بقصد كسب أصوات البسطاء من مقلديها . وذلك بالنص على "الالتزام بالتوجيهات الرشيدة للمرجعية العليا".

وعند الحديث عن الثقافة والأدب والفن لم يجر الإعلان على التمسك بحرية المبدعين في هذه المجالات ، بل قيد هذه الحرية التي نص عليها الدستور، بجعل رعايتها من قبل الائتلاف الجديد"وفق القيم الدينية والأخلاقية"! والكل يتذكر كيف "رعت" مكونات هذا الائتلاف سابقاً الثقافة والأدب والفن ؟ وما هي القيم الدينية والأخلاقية المزعومة التي اعتمدتها؟
أما الموقف من المرأة فقد ورد في البرامج "اعتبار المرأة ركيزة أساسية في النهضة الحضارية الشاملة" دون إي ذكر لمساواتها بالرجل . الأمر الذي يذكـّر بالشعار الذي أملاه الائتلاف على نسائه القائل "لا للمساواة ..نعم للعدالة" ولا ندري كيف تكون العدالة من غير مساواة.
وورد في الفقرة 11من البرامج النص على"العمل على تعديل الدستور وفق الطموحات الوطنية" . وهو تعبير غامض قد يعني التمسك بديباجته ذات النفس الطائفي المنغلق ومادته الحادية والأربعين الخاصة بالأحوال الشخصية التي تهدد بإلغاء القانون الذي سنته حكومة ثورة الرابع عشر من تموز وضمن للمرأة الكثير من حقوقها .

ولا يدري المراقب السياسي لماذا جرى إبراز السيد إبراهيم الاشيقر ، وهو الطائفي بامتياز ليلقي بيان الائتلاف القديم بصيغته الجديدة . فالسيد الاشيقر تخلى عن لقبه العائلي وهو لقب محترم وظل متمسكاً باسمة الحركي(الجعفري) أيام المعارضة ، الذي يعلن عن انتمائه الطائفي . هذا الانتماء الذي كان واضحا ومؤثراً ًفي سلوكه عندما ترأس الوزارة وقبل ذلك عندما كان عضواً في مجلس الحكم. وأكده في كلمته بعد تلاوة بيان الائتلاف الجديد عندما اقتصر على ذكر الشهداء الشيعة بالأسماء والآخرين بالمكـّور.

إن من أضيفوا إلى الائتلاف من غير المشاركين فيه سابقاً لا يمكن أن يغيروا شيئاً من طابعه الطائفي. إذ كما شبـّه احدهم الأمر ببرميل من ماء البحر أضيف عليه لتر من الماء غير المالح ليصبح البرميل كله غير مالح!

وفي الختام آمل أن يتسع صدر معدّي الإعلان عن الائتلاف بملاحظة على بعض الصياغات والإشارة إلى بعض الأخطاء الإملائية التي ظهرت في الإعلان و كان يمكن تجنبها بمراجعة بسيطة من قبل أي من أقطاب الائتلاف الجديد وكلهم من حملة الشهادات والمتضلعين باللغة العربية ، وفي مقدمتهم الدكتور إبراهيم الاشيقر .
فقد ورد القول "ان ما يزخر به شعبنا من خيرات وافرة". واحسب أنه يقصد وطننا وليس شعبنا. وورد الفعل يحضى والصحيح يحظى . وتظافر والصحيح تضافر. ولأن والصحيح ولئن . ولا يقطع الى بخطى . والمقصود إلا بخطى. وآمل أن تخلو بيانات الائتلاف القادمة من الأخطاء الصياغية والإملائية. اما الأخطاء السياسية والفكرية فلها حساب آخر.





 

free web counter

 

أرشيف المقالات