| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأربعاء 25/2/ 2009



 سلاما آل رهك

رياض مثنى

يقال ان بداية كتابة اي مقال من اصعب المهام فما بال هذه المقدمة ان كانت تتحدث عن عائلة عراقية اصابها ضيم كبير و الم لا يمكن اختصاره باسطر معدودات...نعم انها عائلة الفقيد الغالي حسين رهك
ما ثارني لكتابة هذا الموضوع المؤلم هو ما نشرته المواقع لحفل يوم الشهيد الشيوعي و كلمة الشهداء القاها ماجد حسين رهك.

اعادني هذا الخبر الى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي حيث تعرفت على هذه العائلة في موقف مديرية امن الكرخ.

في البدء لم اصدق الذي سمعته من زملائي الموقوفين و جلهم كانوا من التنظيمات الاسلامية و لكنهم و الحق يقال كانوا يمتدحون ببطولات هذه العائلة...شدني الحماس للتعرف اليهم خاصة بعد معرفتي بقضيتهم و تفاصيلها و الذي شدني اكثر تهمتهم اي كونهم شيوعيين.

عددهم تجاوز الاربعة عشر ..اكبرهم سنا امرأة تجاوزت السبعون عاما و اصغرهم سنا طفلة تجاوزت توا اعوامها العشر...تعرضت هذه العائلة لاقسى حالات التعذيب...ماجد الذي لم يتجاوز عمره السبعة عشر عاما تفننوا في تعذيبه خاصة و انهم اعتقلوه متلبسا في توزيع منشورات الحزب في ازقة بغداد في وقت كانت السلطة في اوج قبضتها الامنية على الشارع ...ابو طه الاب اعتبروه المحرض الاساسي على توجيه ابناءه لمقارعة السلطة...ابراهيم اعتبروه العقل المدبر لادارة عمليات طبع و اختيار اماكن التوزيع اما الاخرون علاء و ماجد و ماجدة و احلام و امهم الرائعة ام طه فاعتبروهم الاداة التي يتم استخدامها في توزيع المنشورات.

العائلة كلها واجهت حكم الموت في مديرية امن الكرخ و لكن الشئ المذهل عدم اباليتهم و اصرارهم العجيب على تحدي الجلادين..فما زالت الذاكرة طرية يوم استدعوا ابو طه الى غرفة التحقيق و كان ينزف دما من جهازه البولي لاصابته بسكر الدم علقوه و طلبوا منه ان يقر الاعتراف بمسؤولية ابنه ابراهيم عن الذي يجري في بغداد من فوضى توزيع المنشورات (حسب تعبيرهم) مقابل تعهد باطلاق سراحه و سراح عائلته رفض و بشدة ..لا لكون ابراهيم ابنه و انما لقناعته بما كان يقوم به مع ابنائه.

في اذار من عام 1985 وصلني همس من الموقف المجاور و اذا به صوت طفلة تتغنى باحدى اغاني الحزب الذائعة الصيت في السبعينيات..لم اصدق في البدء و لكنها حلومة كما كان يحلو لنا ان نسميها في التوقيف انها احلام حسين رهك.

حالفني الحظ وقتها باني كنت جوارهم اذ تم تجميع العائلة باستثناء الابناء ( ابراهيم و علاء و ماجد )..فوجئت احدى المرات بقطعة قماش مكتوب عليها كل عام و حزبنا بالف خير سلمتني اياها حلومة عبر قضبان الشباك في اول فرصة سنحت لها في غفلة من الجلادين اخفيت هذه القطعة في طيات كفة البنطلون و رافقتني الى زنزانات الموت..احلام التي تمتلك صوت رائع كانت كنسمة الصباح عندما تبدأ باغاني فيروز عوضتنا كثيرا عن جهاز الراديو..

ام طه المرأة الصلبة التي عركتها الحياة انسانة رائعة بكل معنى الكلمة لي موقف معها لا يمكن ان انساه اذ انقذت حياتي بصرختها بوجه الجلاد يوم حاول خنقي بقوة لولاها لحدث ما حدث.

عن من اتحدث هل اتحدث عن الشهيد ابراهيم ام عن الشهيد كريم ام عن الشهيد علاء ام عن ابو الشهداء ابو طه (*) .. كل منهم بحاجة الى مقالات و ليس مقال لما سطروه من بطولات في مقارعة سلطة البعث..
عودة الى المناضل الغالي ماجد و ذكريات لابد ان تدون للتاريخ ..فقد اقدمت السلطة و بتكتيك ذكي الى اطلاق سراح ماجد و احلام و قبل هذا طبعا اقتيدوا الى سجل النفوس لتقدير اعمارهم على امل تقديمهم الى محكمة الثورة سيئة الصيت.

كان الغرض من هذه المحاولة هي جعلهم كبش فداء و لكن بالرغم من صغر سن ماجد لم تنطلي عليه اللعبة و كان اكثر دهاءا من سلطة البعث المجرمة ..كانوا على يقين تام بأن لهذه العائلة صلات مع الحزب و بالفعل لولا صمودهم البطولي لكانت الكارثة اكبر.....

بعد قرار المحكمة بمصادرة املاكهم المنقولة و غير المنقولة ظل ماجد و احلام يتنقلون في دور اقاربهم و يتوزعون في ايام المواجهات الى السجن ..فتارة الى سجن النساء للقاء الام و الاخت و الخالة و هدى الشابة الجامعية التي كانت معهم في القضية حيث حكم عليهم جميعا بالمؤبد في سجن الفضيلية..و تارة اخرى يتوجهون الى سجن ابو غريب للقاء الاب و الابناء و الاقارب الذين جكموا بالمؤبد و عينهم على اخوهم ابراهيم الذي حكم عليه بالاعدام و على كريم الذي اختفى هو الاخر..و كل هذا و استدعاءات الامن لم تتوقف حتى 9-4-2003 يوم سقوط البعث العفن.

فسلاما لك ايها الشيخ الجليل الشهيد حسين رهك
و سلاما لك ايتها الام الرائعة ام طه
و المجد و الخلود للشهداء الغاليين ابراهيم و كريم و علاء
و لكم ايها الغاليين ماجدة و احلام كل الحب ايتها الرائعات

(*)
في كتاب لي باللغة الفنلندية خصصت جزء كبير للحديث عن هذه العائلة و ما قدمته من تضحيات على مدى سنوات حكم البعث..اسم الكتاب من ابو غريب الى فاريسوا


ابنكم و رفيقكم
رياض مثنى
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات