| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                     الأثنين 25/3/ 2013

 

الأمثال في توصيف الأحوال
(1)

جورجينا بهنام

تشكل الأمثال الشعبية خلاصة تجارب الآباء الأجداد، وخواتيم لحكايات وأساطير قديمة درج الناس على ذكرها وتمثلها، حتى أدى تكرارها إلى ذهابها مثلاً، لان الحكمة الشعبية جزء لا يتجزأ من تراث الشعوب العريقة ذات الجذور الموغلة في التاريخ، وفرع من الموروث الأدبي المنقول شفاهاً، من جيل إلى جيل، تحفظها ذاكرة الشعوب وتنقلها دون تعمد إلى الأجيال التالية لتصبح جزءاً من التقليد المتوارث، وعمادا أساسيا لأفكار ومفاهيم وأسلوب تفكير ذلك الشعب ، لتعكس، على الأغلب، الإطار العام الرئيس الذي تدور فيه حياة هذا المجتمع أو ذاك، وكلما ضرب لك احدهم مثلا سبقه بالقول (الأمثال تضرب ولا تقاس)، و لأنها خلاصة تجربة عميقة، ووسيلة مختصرة للتعبير عن خبرة قد يطول الحديث عنها، ولأنها تضرب ولا تقاس، ربما كان من الممكن أن تضرب في حالات كالتالية :
- العراق بلدنا بلد الثروات اللامحدودة، النفط أولها وآخرها علمه عند الله، غني بكل ما تحمله هذه الكلمة من معانٍ، ومصادر ثروته تكاد تفوق او تتفوق على مصادر ثروات كثير من الدول المجاورة وغير المجاورة، سيما الدول النفطية. ولكن شعبه لا يحظى بذات الرفاهية التي تحظى بها شعوب أخرى، مستوى الفقر عنده في تصاعد وعدد الأيتام والأرامل دون معيل ولا كفيل في تزايد، ولا تقدم الدولة فيه لمواطنيها ابسط الخدمات، إذ لا تكفل لهم الرعاية الصحية اللازمة مثلا، او توفر مواد البطاقة التموينية الأساسية، ولعل المثل الذي ينطبق عليه هو:

(مثل الجمل يحمّل ذهب وياكل عاگول)

- يزور الكثيرون من أبناء محافظات العراق إقليم كوردستان – العراق، وبمزيد من الإعجاب والاندهاش ينقلون صورة التطور العمراني والحضاري الذي يشهده الإقليم عندما يعودون إلى ديارهم، ويروون بفخر واعتزاز ما حققه من تطور ويخصون بالذكر (ام المشاكل: الكهرباء) فهي متوفرة بنوع أفضل في الإقليم عدا الأمور التفاضلية الأخرى. فهل ينطبق عليهم المثل الذي يقول:

(تتباهى القرعاء بشعر اختها الطويل)

-
كثيرة هي البلدان والدول التي شهدت ثورات عارمة، او ما اصطلح عليه بالربيع العربي، طارت مع رياحه حكومات وسقطت أنظمة وتزلزلت الأرض تحت أقدام دكتاتوريات عنيدة، لكن شعوبا أخرى في ذات المنطقة، تعيش أحوالا ليست بأفضل من تلك التي عاشتها الشعوب المنتفضة، ورغم ذلك ما زالت صامتة ولم تحرك ساكنا وكأن نسيمات الربيع العربي لم تعرف طريقها إلي أجوائها. أم لعلها تتمثل المثل القائل:

(مجنون تعرفه خير من عاقل تجهله)

-
ومع الحديث عن الربيع والخريف والصيف....تاهت بعض الشعوب في متاهات الصراع بأشكاله المختلفة، ورغم فظاعة فترة حكم الأنظمة السابقة فقد كان لها من اسمها نصيب وإن كان يسيرا، الا وهو النظام، في ظل الفوضى السائدة يحن البعض للأيام الخوالي ولكن عبثا، فهل يصح فيها المثل الشعبي:

(لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي)

- في ذات السياق، كان العراق سباقا في في مجال التحول نحو الديمقراطية، ويكاد يكون الدولة الرائدة في المنطقة بأسرها، عانى بعد التغيير ولسنوات، من ويلات الاقتتال والصراعات الداخلية التي حملت شعارات مختلفة، ورغم ذلك، حين سنحت الفرصة للآخرين ليرتقوا سلم التغيير أعادوا ومازالوا يعيدون سيناريو الأخطاء ذاتها في صراعات لم تقرأ ولا حرفا واحدا من التاريخ الحديث فما بالها بالقديم. ولم تستفد قيد أنملة من تجربة العراق. أكان يقصدهم من قال:

(العاقل من اتعظ بغيره والجاهل من اتعظ بنفسه)

- وأخيرا اخبرونا مرارا أن (الثورات يصنعها الفلاسفة والمفكرون، ينفذها الثوار الشجعان، ولكن يجني ثمارها الانتهازيون)، ولعل ذلك ينطبق على ما آلت اليه الأمور في كثير من دول ثورات القرن الحادي والعشرين، ليكون لسان حال ثوارها الشباب:

(يا من تعب يا من شكا ويا من على الحاضر لكا)
 

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات