|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  19  / 9 / 2020                                                                                                     أرشيف المقالات

 
 

 

هل الرأسمالية آخر نظام اقتصادي تصل إليه البشرية ؟

عبد الفتاح علي رضا
(موقع الناس)

إن البشرية كانت ولا تزال تحلم بإقامة مجتمع خال من استغلال الإنسان للإنسان. وقد حدثت تجارب في الزمن القديم لإقامة مثل هذا المجتمع الخالي من الاستغلال. ويمكن اعتبار (المزدكيه) نسبة إلى مؤسسها مزدك الفارسي الأصل اول حركة (اشتراكية) لإقامة مثل هذا المجتمع. فقد دعا مزدك إلى مشاعية وسائل الإنتاج البدائية آنذاك والإنتاج أيضا. فقد خصص مكان لجمع كافة المواد الغذائية وأمر أن يأخذ كل فرد ما يحتاجه فقط . ولكن هذه التجربة انتهت بمقتل مزدك على يد ملك فارس الذي اعتنق المزدكيه في بادئ الأمر ثم انقلب عليها.

ومن التجارب الحديثة لإقامة مجتمع خال من الاستغلال هي تجربة الاتحاد السوفيتي وما كان يسمى بالدول الاشتراكيه. وقد انتهت هذه التجربة أيضا بالفشل لأسباب موضوعية وذاتية لا مجال للتطرق اليها في هذا المقال.

إن البشرية مرت بأربعة مراحل اقتصادية :
1 - المشاعية البدائية
2- العبودية
3- الاقطاعية
4- الراسمالية

إن الانتقال من تشكيلة اقتصادية محددة إلى تشكيلة اقتصادية أخرى يتم عندما يتشكل أسلوب إنتاج جديد في داخل رحم النظام الاقتصادي القديم ويدخل في صراع مع أسلوبه. وتكون الغلبة لصالح اسلوب الإنتاج الجديد عندما تستولي الطبقة التي تمثل هذا الأسلوب الجديد على السلطة السياسية.

إن العملية الاقتصادية لأي نظام تسير بشكل طبيعي عندما يحصل توافق بين عنصري أسلوب الإنتاج وهما القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج. إن القوى المنتجة عادة ما تتطور بوتيرة أسرع من علاقات الإنتاج وهذا ما يؤدي في وقت معين إلى الوصول إلى نقطة التقاطع التام بين قوى الانتاج وعلاقات الإنتاج. وهذا يحتم بالضرورة إلى حدوث تغيير جذري وثوري لغرض إعادة التوازن والتوافق بين قوى الانتاج وعلاقات الإنتاج.

لقد مضى على تشكل النظام الرأسمالي ما يقارب الستة قرون ولكننا لم نلحظ لحد الآن بوادر تشكل أسلوب إنتاج جديد يدخل في صراع مع أسلوب الإنتاج الرأسمالي. إن قوى الانتاج قد تطورت بشكل كبير جدا في العقود الأخيرة والذي تمثل بالاتمتة العالية التطور في العملية الإنتاجية. ويمكن القول أن هذه الاتمتة المتطورة أصبحت هي التي تنتج فائض القيمة التي كانت تنتجها قوة عمل العامل.

وقد كان لهذا الأثر السلبي على طبيعة الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية حيث تناقص عدد أفراد الطبقة العاملة بفعل تلك الاتمتة. حيث تدخل المواد الخام من باب وتخرج مصنعة كاملة من دون تدخل الأيدي العاملة أو تدخلها يكون محدوداً جدا.

ولكن علاقات الإنتاج المتمثلة بمن يملك وسائل الإنتاج والإنتاج لم تصل إلى حد التقاطع التام مع تلك القوى المنتجة وبالتالي يستوجب حدوث التغيير الثوري.

ومن جانب آخر أن الطبقة الرأسمالية أصبح لديها خزين هائل من الخبرة في كيفية التعامل مع الأزمات التي يمر فيها النظام الاقتصادي الرأسمالي والتي لم تنقطع ابدا منذ تشكل هذا النظام ولحد الآن وإدارتها بعدم وصول التناقض بين قوى الانتاج وعلاقات الإنتاج إلى حد وجوب حدوث التغيير الجذري.

إن بنية النظام الرأسمالي الحالي تختلف بشكل كبير عن تلك التي كانت في زمن ماركس الذي أعلن في حينها من أن الثورة الاشتراكية قادمة لا محالة في أكثر الدول الرأسمالية تطورا وهذا ما لم يحدث لحد الآن.

هل كان الفيلسوف الألماني الكبير هيغل على حق عندما قال إن الرأسمالية هي آخر نظام اقتصادي تصل إليه البشرية. أم أن البشرية ستجود علينا بتحقيق نبوءة ماركس بزوال الرأسمالية وإحلال الاشتراكيه محلها.

 

 

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter