| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأثنين 19/10/ 2009

 

الصورة وذاكرة الحدث

قيس شاكر لاعب دولي سابق.. معروف على نطاق كرة القدم العراقية في السبعينيات، انقطع لفترة عن ممارسة اللعب بسبب التحاقه في صفوف الأنصار/ البيشمركة عام 1963، وعاد من جديد إلى الملاعب عام1967، ليلعب مع فريق الفرقة الخامسة للجيش بقيادة الكابتن حسن بله لدورتين، لحين تسريحه.

بعدها مع فريق مصلحة نقل الركاب، الحائز على بطولة الدوري الممتاز سنة 1970- وعضو منتخب العراق الأولمبي في تصفيات دورة ميونخ عام1971 .. لديه ذكريات تتعلق بالأحداث التي مرت على العراق وانعكاساتها على الحياة الرياضية، منها ما يتعلق بهذه الصورة والأحداث التي رافقتها، قبل اقتراف نظام البعث الدكتاتوري البشع لجريمة إعدام كوكبة لامعة من الرياضيين الشيوعيين وأصدقاؤهم، بحجة ممارستهم لنشاط سياسي في الجيش والقوات المسلحة كذريعة لتبرير جريمتهم الشنيعة.. في مقدمتهم لاعب المنتخب الوطني لكرة القدم وفريق آليات الشرطة الشهيد البطل (بشار رشيد) الذي تجمعه مع قيس شاكر صلة صداقة ومحبة تتجاوز حدود الرياضة وساحات الملاعب إلى ما كان يجمعهم في إطار الحلم بوطن حر وشعب سعيد.. يكافحون من اجله عبر ما يحملوه من قيم صقلتها الروح الرياضية، تجسدها هذه الصورة التي تحكي الكثير عن معاناة الرياضة والرياضيين في تلك الأيام التي استحكم فيها البعثيون على العباد والبلاد...

صباح كنجي



من اليسار.. قيس شاكر/حازم عثمان/ بشار رشيد/ صباح جلال.. في ملعب الإدارة المحلية/ اربيل /تموز1973..


الصورة وذاكرة الحدث

قيس شاكر *

علق في ذهني الكثير من الحوادث منها ما يتعلق بهذه الصورة التي التقطت في اربيل في تموز من عام 1973... وهي تجمع بيني وبين اللاعب الشهيد (بشار رشيد) واثنين من لاعبي منتخب اربيل هم (صباح جلال وحازم عثمان)، وهي تحكي وتوثق جزءً مِمَا حدث بالأمس، التي ارتبطت بجملة أحداث مرّ بها الفريق أثناء عودته من اربيل إلى بغداد، بعد زيارة مدير فريق اربيل (محمد عثمان) لنا في بغداد، واقتراحه تشكيل وفد رياضي لإجراء مباراة ودية مع فريق اربيل.

إذ قررنا تلبية الطلب والسفر إلى كردستان بوفد مشترك من فريق اتحاد الشبيبة الديمقراطي الذي يمثله فريق الصليخ الذي يلعب فيه عدد من اللاعبين الدوليين منهم (بشار رشيد وكاظم عبود وقيس شاكر وسعد عبد الله وعبد المنعم جابر ورحيم فريح ورحمن سليمان والشهيد عمار جابر بمرافقة عدد من الاداريين منهم الشهيد جمال احمر والنقابي المخضرم الراحل الحاج كريم والأخ احمد جبلي وحازم أبو سطاي)..
تحركنا يوم الخميس وقررنا العودة يوم الجمعة بعد انتهاء المباراة لارتباط عدد منا بالدوام خاصة العسكريين والشرطة وبقية الموظفين، كانت المباراة رائعة حضرها جمهور كبير..
لكننا تفاجئنا بما صادفنا في طريق العودة بسبب تجدد القتال بين قوات السلطة والحركة الكردية المسلحة التي شهدت منعطفاً أدى إلى فشل تطبيق بنود اتفاق آذار الذي وقع عام 1970...

في هذا اليوم بالذات، أثناء عودة الفريق إلى بغداد في باص صالون يحمل فريق الصليخ للشبيبة الديمقراطي من اربيل الذي كان في قوامه آنذاك عدة لاعبين دوليين منهم (1-الشهيد بشار رشيد 2- كاظم عبود 3- عبد المنعم جابر 4- سعد عبداللة 5- رحيم فريح 6- الشهيد عمار جابر 7- رحيم سلمان - أبو عوف).. وآخرين لا أذكر أسماؤهم للأسف ومع ضيوف ومرافقين بينهم الشهيد جمال عبد القادر علي الملقب بجمال الأحمر. وكاتب السطور...

استوقفنا عدد من البيشمركة العائدين من تنفيذ مهمة في قرى مناطق داقوق وطلبوا منا أحدهم أن نكشف عن وجود العسكريين بيننا.. فتقدمتُ لأخاطبهم بالكردية نحن فريق لكرة القدم، لعبنا في اربيل وسنعود إلى بغداد وليس بيننا عسكريين... وقبل أن يغادر الذي استجوبنا أحالنا إلى مسئول المفرزة ليحدد الموقف ويقرر مصيرنا .. الذي طلب منا أن نقوم بتسهيل أمرهم في إيصال مجموعة من البيشمركة إلى قرية بالقرب من داقوق كمساعدة.. كنا في موقف محرج لا نستطيع فيه مواجهة المسلحين، كنت بالذات قلقاً على المجموعة الرياضية إذ كان بيننا عدد من العسكريين ... لهذا تدخلت ثانية كي احل الأشكال ، طلبت من الرياضيين النزول، ورافقت المجموعة المسلحة مع السائق، الذي اخذ يبكي، وكان خائفاً للغاية.. لا نعرفه فقد استأجرناه بالصدفة من خلال احد اللاعبين... عند وصولنا وجدنا من سبقنا إلى هناك، وشاهدنا ضابطين أسيرين لدى قوات البيشمركة كانوا بملابس مدنية ..

ترجَوْا مِنا أن نتدخل لأجل إنقاذهم.. بعد حديثي مع مسئول القوة تمكنت من اصطحابهم معنا والعودة إلى حيث الفريق ينتظر على الشارع العام... وحال وصولنا طلبت منهم الصعود والتحرك فوراً...
وعند وصولنا إلى مشارف ناحية داقوق استوقفنا حاجز عسكري مشترك للشرطة والجحوش بإمرة مقدم.. وطلبوا منا التوقف والتوجه إلى مركز شرطة داقوق.. وفاجئونا بمعرفتهم وإيصالنا لمجموعة البيشمركة إلى القرية المذكورة... واستفسر المقدم متهكما ً كيف توصلونهم؟ ..كان بحالة عصبية واخذ يهددنا... قلت له نحن فريق لكرة القدم ولسنا مسلحين وقد أوقفونا وطلبوا منا إيصالهم .. فكيف نمتنع و بماذا نقاومهم؟ لقد كنا مجبرين على ذلك..لم يستوعب الموقف وحجزنا في المركز داخل السيارة على أمل أن يجري تحقيقا معنا في صباح اليوم التالي... علما أن العسكريين من الضباط الأسرى قد تحدثوا معه وغادروا لا نعرف إلى أين...
في الصباح جاءنا عميد ركن يقود قوة عسكرية كان قد أعلم بالحدث... سأل من المسئول عن الفريق؟ .. نزلت مع حجي كريم رحمه الله.. فقال لنا ما هي قصتكم؟... تحدثتُ له بالتفصيل عما جرى معنا .. وأكد حجي كريم هو الآخر على ذات التفاصيل... قال من حجزكم ؟... قلت له هذا المقدم من الشرطة... انتقده ونهره أمامنا واعتذر منا طالبا أن نواصل مسيرنا نحو بغداد...
هذه هي حكايتنا مع هذه الصورة التي جمعتنا في ذلك اليوم الذي مازال العديد منهم أحياء ويتذكرون هذه التفاصيل وهؤلاء الشهداء الأبرار، وعذرا لمن لم اذكر اسمه فقد فات على الحدث أكثر من 35 عاماً... وقد وصلتني الصورة حديثا ً من بغداد بالصدفة مع مجموعة صور كنتُ قد استودعتها عند شقيقتي قبل مغادرتي العراق...

توضيح...
الشهيد بشار رشيد
: اللاعب في المنتخب الوطني والعسكري ، من بغداد مدينة الثورة ، اعدم مع مجموعة من الرياضيين عام 1978 بتهمة الانتساب لصفوف الحزب الشيوعي العراقي مع مجموعة مكونة من 21 رياضياً وطنياً ..

الشهيد عمار جابر : من بغداد الصليخ ، عامل في مطبعة دار الرواد للحزب الشيوعي ولاعب كرة قدم اعدم داخل السجون البعثية ولم يعرف شيئا عنه لحد الآن إذ لم تسلم جثته إلى ذويه...

الشهيد جمال احمر : من بغداد ، شارع فلسطين.. لاعب منذ الستينات في فريق الشرطة.. كان لديه محل خياطة في شارع الكفاح/ النهضة.. اعتقل بداية عام 1980 وغيب في السجون ولم تسلم جثته إلى ذويه.


* لاعب دولي سابق /المانيا
 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات