| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                   الجمعة  18 / 7 / 2014


 

حصتنا في حكومة المحاصصة الجديدة!

حسين الزورائي

اريد للعملية السياسية العراقية لما بعد 2003 ان تدار باسلوب ديمقراطي متعارف عليه ومجرب، لكن القائمين على هذه العملية خطفوها بمجملها نحو حكومة محاصصة بين المكونات الثلاثة الرئيسية في العراق، و اطلقوا عليها حكومة شراكة (وطنية)، وليست حكومة شراكة سياسية لأن (وطنية) تعني شراكة لمكونات (الوطن) الرئيسية، و لا وجود لبرامج ومشتركات سياسية حتى توصف بهذا الوصف. و هكذا بدأت الحكومات تعبر عن تمثيل نسبي عددي لمكونات العراق. و بغياب البرامج السياسية و الرؤية المستقبلية لشكل الدولة، مع عدم وجود بنية تحتية سياسية، ظل هذا التمثيل عددي فقط، لا يسري على تمثيل مصالح فئات المجتمع. و كان الارتجال وعدم الثقة و الخوف من الاخر هو المحرك الاساسي لمن هم في دفة السلطات الثلاث، مع هاجس واضح خيم على الجميع و راحوا يعملون عليه، وهو كيفية ترسيخ وجودهم السياسي كقادة و كحركات سياسية تمثل فئاتهم الاجتماعية. هذا قادهم الى التفكير في الاستحواذ على امرين عرفهما الانسان منذ الازل: السلطة و الثروة. وهكذا كان السباق و الصراع فيما بينهم محموما للاستيلاء على اكبر قدر من الثروة، بواسطة اكبر قدر من السلطة. و كل ما يقال و يكتب بعيدا عن معادلة الاستئثار بالمال و السلطة، هو اما انعكاس لهذه المعادلة الازلية، واما مجافي للحقيقة.

لنتأمل مؤشرات معروفة للجميع: الناتج الاجمالي الوطني و الموازنة، فالعراق ينتج ما قيمته مليار دولار كل ثلاثة ايام (بيع نفط رسمي و غير رسمي اضافة الى موارد قليلة اخرى غير نفطية). الحكومة رسمت الميزانية لان تكون اعلى من هذا الرقم (تقريبا 150 مليار لهذه السنة)، يعني يريدوا ان يصرفوا اكثر من الناتج الاجمالي!! فعيونهم حتى على الاحتياطي النقدي، و كل هذه الارقام – الاموال- تدار بالارتجال، و الفوضى، و بغياب الحسابات الختامية و بدون مسائلة. فمن يا ترى يقبل ان يكون في المعارضة، تاركا لغريمه الحكم و التصرف بكل هذه الارقام المذهلة. لذا نجزم انه بدون كوابح اجتماعية و شعبية قوية تترجم الى ارادات سياسية، فمن المستحيل في ظل الوضع الحالي ان يقبل طرف سياسي لعب دور المعارضة. و من المستحيل ان يترك السياسيون ابناء الشعب لهذا النوع من الحراك او اي حراك اخر قد يقود لانتاج (الكوابح السياسية) المطلوبة، و الادلة كثيرة، اخرها، مظاهرة من مئة طالب او نحو ذلك، قوبلت بالقمع و الاستخدام العنيف و الغير مبرر للقوة..اطلاق نار، و قطع طرق، و انتشار لعدد من القوات الامنية يفوق عدد المتظاهرين، هذا على الرغم من ان المتظاهرين مطالبهم (مشكوك بشرعيتها) فهم اصحاب ما يسمى بـ (الغش الجماعي في الامتحانات الوزارية). فكيف ستتصرف الحكومة مع مطالب سياسية مشروعة تهدد توجهاتها و هيمنتها و احتكارها للثروة و السلطة!؟

نعود للمعارضة و الشراكة...فدولة القانون خاضت الانتخابات البرلمانية الاخيرة وراء شعار واضح، و هو انها ان تمكنت من تشكيل الحكومة، فأنها ستكون حكومة اغلبية سياسية. رائع جدا!! قل ان عددهم مع حلفائهم (الفضيلة و الاصلاح و عدد بسيط اخر) في البرلمان 40% او اكثر، لكن الاخرين مجتمعين 60% او اقل، يصرون على حكومة شراكة، فهل تستطيع دولة القانون ان تفي بوعدها مع نفسها و مع الشريحة الواسعة التي انتخبتها، ان تذهب الى المعارضة التزاما ببرنامجها!؟ و لو فعلت ذلك، ستكون دولة القانون رائدة لتاسيس مسار سياسي رائع للعراق، ستجني ثماره بسرعة فائقة، و ستتسيد المشهد السياسي لوقت غير قصير و في كلا الموضعين: المعارضة و الحكومة لكل الدورات السياسية المقبلة لهذا الجيل. مرة اخرى نسأل، هل تنحو دولة القانون هذا المنحى؟ هل تفكر فيه و في مناقشته اصلا، !؟ هل يتمكن عضو قيادي او كادر وسطي من مكوناتها ان يتفوه بمقترح من هذا النوع؟ اشك في ذلك!! خصوصا وان بوادر عزمها على المشاركة القوية قد اعلنه بوضوح ترشيح وانتخاب مرشحها حيدر العبادي نائبا لرئيس البرلمان، وهم مستمرون في المفاوضات للاخذ بنصيبهم من (الكعكة: المال و السلطة)،

أذا، من الذي يقود الشعب بأتجاه خلق ارادات سياسية كابحة و تصحيحية، و يخرج العراق من هذا المأزق؟ و كيف؟

الجواب: هم اولئك الذين لاتسمح لهم اصواتهم و مقاعدهم من الاقتراب من الكعكة. اصحاب المقاعد القليلة جدا، و المشاكسين الذين لايهوى التحالف معهم احد من الاقوياء، التعويل على هؤلاء لمشاكسة منظمة من داخل البرلمان تدعم من قبل القوى الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة لتحجيم طموح الكبار و تهشيم معادلة (الكعكة)، و عليهم البدء من الان، و فورا، حتى و ان كانت محاولاتهم معنوية فقط، فأنها تؤجج مشاعر الناس و تؤلبهم على ترك اليأس والقنوت. و خير مثال هو الشجاعة التي تمكنت بها مرشحة التيار المدني الديمقراطي من منافسة مرشح المحاصصة لرئاسة البرلمان.

ايضا من الممكن ان تقدم هذه الكتل الصغيرة البعيدة عن كعكة المحاصصة، مقترحا للبرلمان، وهو الطلب بصياغة شكل الحكومة وبرنامج عملها، ومهامها وعدد اعضاءها قبل تشكيلها، لتلتزم بها اي حكومة تتشكل. و خصوصا عدد الاعضاء، لانه مؤشر ملموس. مثلا: ثلاث رؤساء ومع كل واحد منهم نائب، يعني العدد 6، تقاسموه كيفما اردتم، فلماذا تجعلوه 9؟ او مثلا نقول ان الحكومة المقبلة التي ستتشكل و بأي طريقة محاصصاتية يفرضها الكبار، يجب ان لايتعدى وزرائها عن 18 وزارة او اقل. أذهبوا و تحاصصوا على هذا الرقم بالطريقة التي تريدونها، لان زيادة عدد الوزارات معناه التعدي على المال العام، و لن نسمح به. و تقليل عدد الوزارات و فرض برنامج -الحد الادنى- على الحكومة هو حصتنا فيها، وهذا يمكن للتيار المدني اثارته، و ربما سيلتحق معهم اخرون، كالوطنية مثلا اذا ما خرجت خالية الوفاض من التقسيم. و للعلم فقط ان عدد وزارة حكومة الصين 21 وزارة، و المانيا 14 وزارة، و كوريا الجنوبية 14 وزارة و 2 وزارات دولة، و أظن ان كل دول العالم وزارات حكوماتها اقل من العدد الموجود في العراق. لذا فأن طلبا من هذا النوع منطقي و شرعي، و مفهوم عالميا، وعلى الاقل نعري من خلاله اعضاء البرلمان من الكتل الكبيرة!!

اننا ننشد تشكيل للحكومات العراقية على طريقة مختلفة، و لكن اذا لم نتمكن من كبح جماح الكبار في الابتعاد عن المحاصصة، لا يعني ان نسلم لهم الامور، علينا ان نسعى لمحاصرتهم بكل ما امتلكنا من وسائل شرعية و سلمية وهم ضعفاء جدا في التداول بمفاهيم يغلب عليها الطابع الشرعي و السلمي، لذا فأحتمال النصر هنا وارد جدا.

فحصة الشعب من حكومة المحاصصة الجديدة، هو تقليل عدد اعضائها، والزامها ببرنامج الحد الادنى يفرض عليها في البرلمان.


18 تموز 2014


* عضو رابطة المنتفضين العراقيين 1991
 



 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات