| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

الأحد 17/5/ 2009



هَـبّة السيد رضوان الكليلدار

د. جعفر العاني *

يتفنن أعضاء مجلس النواب في بغداد ابتكار قضايا جانبية وحتى هامشية واحياناً وهمية، يسعون بها الى ترسيخ حضورهم في المشهد البرلماني العراقي، خصوصاً وهم يعرفون بان امتيازاتهم الكبيرة والسخية، غير المعقولة، سوف تكون على المحك لانتهاء دورة البرلمان في بدء السنة القادمة. وقد يفقد البعض منهم تلك الامتيازات المتمثلة برواتب خيالية ومناصب سيادية، وحمايات شخصية ومعنوية لهم ولعوائلهم. وقد حصلوا عليها، كما هو معروف، بدون وجه حق. فلا ساعات دوامهم الرسمي، التى هي اسمية ، واشبه بالنزهة، تعلل حصولهم على تلك الامتيازات؛ ولا مقدار مدد ايام عملهم التى فيها من العطل والغيابات اضعاف اضعاف مدة عملهم وتواجدهم الفعلي في قاعة البرلمان، تفسر احقيتها. وكل تلك الامتيازات حصل البعض منهم عليها من كان لا يحلم بالحصول علي جزء يسير منها. فكثير منهم غير مؤهلين لشغل تلك المقاعد، بل ان بعضهم زور مؤهلات كاذبة وغير حقيقة نسبها لنفسه لتبرير تبؤ مثل تلك المقاعد الاثيرة.

رضوان الكليلدار، عضو البرلمان العراقي، وعضو لجنة الاوقاف والشؤون الدينية فيه، ربما يكون احدهم، اذ وجد هذا النائب ان مشكلة العراق الانية ليست في الارهاب وليست في سرقة المال العام،ولا في نظام المحاصصة، كما ليست في فقدان النزاهة والشفافية، وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وجدها في " القناني ( التى يرميها قصدا او بغير قصد السكارى ) بالقرب من المساجد ودور العبادة" وفقا لتصريحه الذي نقلته وكالة نينا للانباء، واعادة نشره وكالة براثا

( انظر الرابط : http://www.burathanews.com/news_article_65679.html )

مكتشفاً " في الوقت نفسه بان الكثير(!!) من الممارسات المنتشرة في العراق تتعارض مع الشريعة الاسلامية.." . وهو اكتشاف خطير ، كما رأى، لمأساة جديدة يعيشها العراق اضافة الى مآسيه العديدة. ولهذا فقد انبرى النائب المحترم في الدفاع عن الدين الحنيف وابدى عزيمته في وأد "تلك الممارسات الكثيرة المنتشرة في العراق" وتحريمها، فهو يقول بان " من واجبنا الشرعي ان نطالب بذلك". ويجعل البرلمان يتجه لتبني قرارات تصب في الهدف اياه.

يفهم بان البلد، وفقا للتصريح، يسير على غير هدى، ومنتشرة به كثيراً الممارسات غير الشرعية. لكن السيد النائب ( نائب البرلمان، وليس نائباً لمنصب ما!!) لا يرى اياً من مخالفة للشرع، عندما تتحول المساجد والحسينيات ودور العبادة الاخرى الى ترسانة من الاسلحة المتنوعة التى تبطش بالابرياء، ويتم فيها بسرية اجراء حفلات الدم والتعذيب لضحاياها المختطفين من بيوتهم ومن محلاتهم، كما اظهرت ذلك مرارا وتكرارا وسائل الاعلام وتناولت اخباره المواقع الالكترونية المختلفة. ولم نسمع لا من السيد رضوان ولا من لجنته بيانا يشجب هذه الممارسات اللاخلاقية والمجرمة وغير الانسانية والمخالفة للشرع بامتياز ايا كان القائمون بها.

يتبجح السيد الكيلدار بان الدستور " يمنع تشريع اي قانون او ممارسة تتعارض مع تعاليم الدين الاسلامي". ومعلوم ان الدستور العراقي يعتبر وفق رأي كثير من المختصين الاكثر ديمقراطية من دساتير اغلبية الدول العربية والمجاورة، واكثرها اهتماما بحقوق الانسان. لكن السيد رضوان يقرأ الدستور قراءة خاصة به، تتيح له ان يتصور العراق الاسلامي لا يشبه "اسلامية" حتى تلك الدول التى تسير وفق دساتير اقل شأنا من دستورنا الذي كفل كثير من حقوق الانسان، ويتمنى على البرلمان تشريع قوانين تحد من حرية كثير من المواطنين، قوانين لا يوجد مثلها لا في الاردن ولا في سوريا ولا في مصر ولا في لبنان او تونس او المغرب او الجزائر وحتى في الامارات ولا طبعا في تركيا الاسلامية ولا في باكستان او اندونيسيا البعيدة، اسلام خاص بالسيد رضوان وعلى شاكلته.

وهذه الثقافة: ثقافة اشهار سيف التسلط على الاخرين والتبجح بدور ابوي مزعوم، ومن ثم تفسير مواد الدستور والقوانين السائدة تفسيرا ناقصا وخاصا، وتمثيل هذه القراءة كونها القراءة الوحيدة والصائبة والحقيقة، كنا قد نأمل ان (9 نيسان) قد ابطلها وذهبت مع ممارسات الديكتاتورية البغيضة. لكننا مع الاسف نشهد كيف ان البعض يسعى وراء استعادتها اليوم بكل الوسائل وباغطيه اخرى ، ومنها غطاء الدين كما تمثله ثقافة السيد رضوان الكيلدار.
ايها العراقيون، تذكروا هذا الاسم رجاء، ولا تجعلوا منه او من شابهه بوقا يراد بها افتعال قضايا غير حقيقية وغير دستورية، طمعا في الاستمرار بمنصبه والتمتع بدوام بامتيازات ذلك المنصب.
 

* استاذ جامعي عراقي

 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات