| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
السبت 14 / 1 / 2023 أرشيف المقالات
مفاتيحُ السّماءِ *
مسرحةُ الْقصيدةِ الْعربيّةِ
وهيب نديم وهبة
(موقع الناس)
السَّيدَةُ استَقَرَّ بِهِا الْمَقَامُ، كَما تَروي قِصَصُ الأَوَّلينَ،
فِي تِلكَ الْمَغَارَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ لِلْحَيوَانَاتِ وَالْبَهَائِمِ.. وَمِنْ
هُنَاكَ أَشرَقَتْ شَمسُ الْحُرِّيَةِ.
الْحُرِّيَةُ: قَمِيصُ الزَّهْرِ فِي أَوَّلِ تَتويِجٍ..
رَسَمَتِ النَّارُ عَلى شَكلِ الرّيحِ فَرَاشَةً
يَغرَقُ الْحُلمُ مَا بَينَكَ وَبَينَ الْحُرِّيَةِ
يُصبِحُ الرَّمزُ عِبَادَةً
وَالْعِبَادَةُ،
تَحرِيرُ الذَّاتِ وَالتَّوحُّدُ مَعَكَ..
وَمَعَكَ تُحلّقُ الرُّوحُ فِي سَمَاءِ الرَّبِّ
كَمِثلِ الْيَمَامَةِ.
ارتَجَفَ الزَّهرُ عَلى سُفُوحِ جِبَالِ الْقَلبِ
سَكَنَ فِي أَعمَاقِ النَّبضِ، خَوفًا- هَلَعًا- مَوتًا –
وَسِكِّينُ هيرُودُسَ فَوقَ عَتَباتِ الْبُيوتِ الْمُزهِرَةِ بِالأَطفَالِ..
تَذبَحُ الأَزهَارَ..
أفتَحُ لِلرُّوحِ طَريقًا لِلْهُرُوبِ
كَيفَ يَتَسَرَّبُ الْجَسَدُ؟
رَضِيعٌ يُشِعُّ بِالضِّياءِ
تَحضُنُهُ السَّيدَةُ خَوفًا مِنْ يَدٍ تَستَلُّ
مِنْهُ الْحَياةَ،
وَيسقُطُ تَحتَ سِكِّينِ الذَّبْحِ..
يَأتِي الْحُلُمُ كَما الأُسطُورَةُ..
خُذْ مَا استَطَعْتَ واحمِلْ صَغِيرَكَ وَارحَلْ،
أَمَامَك مِصرُ..
تَعُودُ الْهِجرَةُ وَالتَّهجِيرُ وَالسَّفَرُ الْبَعيدُ..
كَانَتِ الْبِشَارَةُ رَمزًا.. وَكَانَ الرَّحِيلُ،
وَكَانَ الْعَذابُ أُمثُولَةً..
كَيْ تَستَيقِظَ نَفسُ الْإِنسَانِ..
وَتَخضَعَ لِمَحَبَّةِ اللهِ..
بِالْعَذَابِ يَعُودُ خَلاصُكَ..
وَبِالْعَذابِ يَكونُ خَلاصُ الْعَالَمِ.
أَيقَظَنِي الصُّوفِيُّ فِي مَملَكَةِ الرِّيحِ،
الشَّجَرِ، الْإبدَاعِ..
وَقالَ: (ما قَالَ) أَشَارَ بِيَدِهِ نَحوَ النّهرِ
وَمَضى في الْغَابِ،
وَغَابَ فِي غَياهِبِ النَّهرِ.
أَقُولُ: غَمَامَةٌ نَزَلَتْ مِنْ مَائِدَةِ الرَّبِّ إلى النَّهرِ.
كَانَ النَّهرُ سَماءً وَكانَتِ السَّماءُ عِيدًا لِلتَّقديسِ..
وَكَانَ الصَّوْتُ كَلامًا اغتَسَلَ بالنَّهرِ، "تَعَمّدَ"،
وَالغَمَامَةُ حَمَامَةً طَارَتْ، طَافَتْ، حَولَ سُقوطِ
رَذَاذِ كَلامِ اللهِ – وَخَرجَ نَبِيًّا بِثَوبِ الْمَاءِ..
الطُّهرُ والعُمَّادُ وَخَلاصُ الْبَشَريَّةِ.
يَأخُذُنِي المَاءُ عَمِيقًا لِلْعِشقِ
أَقرَأُ الزَّهرَ وَالْحَجَرَ، أَقرَأُ سُورَةَ الْمَاءِ،
بَينَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، أُبصِرُهُ قِدِّيسًا،
أَخَذَ جِهَةَ النَّهرِ مَعبَدًا، سَقفُهُ السَّمَاءُ،
جُدرانُهُ الْمَحَبَّةُ، دَاخِلُهُ زَمَنٌ مَضَى،
خَارِجُهُ زَمَنٌ يَأتي، وَاْلإنسَانُ يَأتي وَيَمضِي..
وَالْمَكانُ الْجِذرُ الْعَابِرُ بَينَ رِيحِ الرَّمزِ وَمَاءِ الْفَرَحِ
وَعِطرُ رَذاذِ الْكَلِمَاتِ..
يَشُقُّ جَبِينَ الصَّباحِ وَعَتمَاتِ الْغَسَقِ
فَادي الْبَرِيَّةِ غَرَسَ أَوَّلَ خُطوَةٍ مِنَ النَّهرِ إلى طَبَرِيّا–
إلى قَانَا الْجَليلِ إلى عُرسِ الْبَشَرِيَّةِ..
نَهَضَ الصُّوفِيُّ مِنْ عَبَاءَةِ الْغَيبِ،
مُبتَلًّا بِالْحِكمَةِ
مُتَوَّجًا بِدَمعِ الْفَرَحِ
قَالَ: اتبَعنِي، وُجهَتِي الْآنَ طَرِيقُ النُّورِ
وَسَرَقَني كَالسَّاحِرِ بَينَ الْغَيبِ وَالْحُضُورِ
فَكوّنْتُ عَناصِري
مِنَ الْمَاءِ وَالنَّارِ وَالْحِكمَةِ وَالنُّبُوءَةِ
وآمَنْتُ أنّ الْقَادِمَ
يَحمِلُ مَفَاتِيحَ الْحَياةِ
* المقطع من المطوّلة لمسرحة القصيدة العربيّة – بصوت الأديب الإعلامي: نايف خوري- التَّسجيل الكامل للكتاب - مكتبة المنارة العالميَّة. الرابط:
• https://arabcast.org/?mod=book&ID=3166
• مفاتيح السَّماء بالعربيّة والإنجليزيّة – صدرت الطّبعة الثَّامنة – عن مكتبة ودار الشّامل الفلسطينيَّة – 2022.