| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                    الأحد 11/12/ 2011

 

مؤامرة،، أم فوضى،، أو انعدام وعي

جوتيار تمر

على غير المتوقع جرت في منطقة بهدينان بالاخص في كل من زاخو ودهوك وقسروك وديرالوك وسميل احداث اعطت وجها غير حضاريا للصورة التي رسمت من قبل لكردستان العراق باعتبارها تمتلك انموذجا ديمقراطياً واعياً يمكن الاقتداء به،، فمن خلال جملة امور متداخلة سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي افرزت حالة من الفوضى العارمة نتج عنها شرخاً داخلياً واضحاً، وعلى الرغم من أن الجهات الحزبية والسياسية والحكومية والمجتمع المدني حاولت جهدها من اجل تدارك الموقف وجعله يبدو وكأنه حالة انفلات غير واعية الا ان الصورة تبدو اعمق بكثير من ذلك.

بتاريخ 2 /12/ 2011 خرج المئات من الشباب بعد صلاة الجمعة الى بعض مراكز المساج ومحلات بيع المشروبات الكحولية في زاخو لازالتها مدعيين ان الامام خطب فيهم وبرر الفعل بانه حرام في الشريعة وان مجتمعنا الكردي مسلم ولا يقبل غير ما يقره القرآن والسنة النبوية،، مما خلق حالة من الهلع والفوضى عمت شوارع زاخو،، حيث احرقت مراكز المساج الموجودة داخل زاخو،، كما احرقت واتلفت المشروبات ورميت في الشوراع بصورة فوضوية واضحة،، وتلى ذلك اصداء وردود افعال داخلية سياسية حزبية وخارجية نددت بالوضع وبتلك الافعال المشينة،، وراحت ردود الافعال تتصاعد بوتيرة غريبة حيث اتجهت الانظار الى التيارات الاسلامية بانها وراء الاحداث تلك،، فاحرق مركز حزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني في زاخو،، وبتطور ملحوظ للوتيرة الانفعالية غير الحضارية تلك امتدت الاعمال الفوضية الى كل من دهوك حيث احرق مركز الحزب المذكور ،، ثم احرقت محلات المشروبات ومقرات الحزب المذكور في سميل وفي قسروك وفي ديرلوك،، وحاول البعض اتمام صفقة الفوضى تلك بمحاولة احراق المحلات في دهوك الا انهم فشلوا حيث تدارك الامن ذلك واحبطوا اية محاولة لهم،، لكن اصداء الفعل الفوضوي هذا ظلت تحرز المكانة الابرز على الصعيدين الداخلي والخارجي،، فبدأت الجهات الحزبية تتهم بعضها البعض بشيء من الحذر،، حيث اتهمت بعض الشخصيات في الحزب الديمقراطي الكردستاني " فاضل ميراني وجعفر ايمنكي" اعضاء ومؤيدي الاتحاد الاسلامي الكردستاني بالوقوف وراء تلك الاحداث،، وجاءت ردود افعال الحزب الاخير مربكة نوعاً ما،، الا انها انكرت تلك الاتهامات، ولوضع حد للازمة زار السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان منطقة بهدينان بالاخص زاخو ودهوك والتقى بالوجهاء والجماهير فيها واظهر مدى اسفه على تلك الاحداث غير المتوقعة من ابناء هذه المنطقة بالذات وأمر بتشكيل لجنة قضائية وتحقيقية للبحث في اسباب المشكلة وتقديم المذنبين الى المحكمة واتباع سياسة الردع والعقوبة الشديدة على من تقع عليهم اسباب بث الفوضى،، مؤكداً ان الدلائل والتحقيقات هي التي ستحدد وليس اتهامات البعض للبعض دون اية ادلة.

وعلى الصعيد نفسه كان لبعض القادة والساسة الكرد اراء اخرى تتهم فيها جهات خارجية بالوقوف وراء هذه الفوضى،، فذهب السياسي الكردي المحنك محمود عثمان عضو البرلمان العراقي الى ان هذه الفوضى هي نتيجة تدخل دول الجوار بالشأن الكردي وذلك لبث الفوضى فيها،، محاولة منها ايجاد سبل لتعطيل عملية المساندة التي يقدمها الكرد في اقليم كردستان الى الكورد في الدول تلك،، فاتهم كل من تركيا التي وجدت نفسها مضطرة لاستقبال رئيس اقليم كردستان قبل تلك الفترة للتباحث معه في شؤون كثيرة وهي التي اصلا لم تكن تعترف باقليم كردستان،، واتهم سوريا ايضاً بأعتبار ان الاقليم يقدم العون الى الثوار السوريين الكرد ضد الحكومة السورية التي تعيش حالة من الفوضى والانهيار بسبب استمرار الثورة السورية ضدها،، كما اتهم ايران باعتبارها من الدول التي لا تريد الاستقرار في كردستان خوفا من تصعيد الدور الكردي في المعارضة الايرانية ضد حكومتها،، كما انه وجه الاتهام لبقايا البعث في العراق الذين مازالوا يعيثون في بعض المناطق القتل والتفجيرات والخطف، وجاءت هذه الاراء وفق منظومة اقليمية سياسية مصوغة عبر تحليل اعمق واكبر من كونه مجرد فوضى واثارة موضوع من احد الائمة في مسجد،، وضمن السياق نفسه اتجهت اراء بعض الشخصيات داخل الاحزاب السياسية الكردية الى المنطق نفسه،، باعتبار ان مثل هذا لا يمكن ان يحدث بتوقيت مماثل في كل تلك المناطق الا اذا كان قد اعد له مسبقاً،، فبعض التقارير تشير الى ان الجماعة الغاضبة التي خرجت من المسجد لم تصل اصلاً الى محلات المساج والمشروبات انما وهي خارجة من المسجد بمسافة قصيرة وصلت الانباء الى ان تلك المحالات قد نهبت واحرقت،، وهذا ما يفسر التخطيط المسبق لها،، وما ليس يخفى على احد ان تلك الفئة التي وقفت وراء الحدث استمرت وحاولت اثارة عواطف المصليين داخل المسجد بالهتافات وخرجت بهم الى الشارع بعد الصلاة،، وعندما وصلت الى اماكن الفوضى كان هناك من سبقهم الى حرقها الا انهم انسحبوا منها وتركوا الشباب الثائر يكمل المهمة ويعبث بالممتلكات ويهجم على المحلات الاخرى،، حتى غطى الدخان مدينة زاخو باكملها،، وانتشرت العدوى بعدها الى حرق مقرات حزب الاتحاد الاسلامي.

ومن الجدير بالذكر ان الاراء لم تزل مختلفة بشأن من يقف وراء العمل الفوضوي ذلك، لكنها كلها تشير وبوضوح الى ان تلك الاعمال اضرت كثيراً بالقضية الكردية سواء على المستوى الداخلي ام الخارجي، وكوجهة نظر شخصية اجدها وصمة سوداء ستلقي بظلالها علينا في المستقبل القريب باعتبارها هدم لكل مقومات التعايش السلمي والحريات الشخصية والانفتاح على العالم الخارجي،، كما انها نسجت بخيوط تبدو وكأنها حرب دينية طائفية موجهة ضد المسيحيين والايزيديين،، ولذلك فانها ستظهر مدى التراجع الديمقراطي الذي يحدث لنا على عكس التيار الذي كنا نعوم معه،، فكأن الدول الكبرى ستعيد مفهوم الانتداب الى الواقع مرة اخرى،، وستعتبر ان اقليم كردستان غير مؤهل سياسياً وشعبياً وثقافياً واجتماعياً بان يحكم نفسه بنفسه،، لذا سيتوجب تأخير العملية تلك الى اجل غير مسمى،، وتلك الامور وان احدثت شرخاً داخلياً فانها تتعدى كونها ستخلق تراجعاً خارجياً باتجاه الاقليم سواء على المستوى السياسي ام الاقتصادي،، وهذا ما سنجده قريباً على عكس ما قد يثيره الاعلام بأن لا شيء قد حصل،، وان الجميع قد يشاركنا في بناء كردستان آمن متطور، وضمن احصائية أولية نشرتها وسائل الاعلام المرئية والمقروءة اثبتت ان الفوضى تسببت بإحراق 14 محلاً لبيع الخمور وأربع مراكز للمساج مملوكة لمواطنين مسيحيين وإيزيديين، بالتزامن مع تعرض الفرعين الثالث والـ13 للإتحاد الإسلامي الكردستاني المعارض في كل من دهوك وقضاء زاخو بالإضافة الى احراق مقرات الإتحاد الاسلامي في كل من سميل وقسروك ومؤسسات أخرى تابعة له الى الإحراق.
 


 

 

free web counter

 

أرشيف المقالات