| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

                                                                                الثلاثاء 10/4/ 2012

 

سقوط النظام ونعال ابو تحسين !!

زكي فرحان

شذرات من شعر (السياب) كتبها فى سجن الكوت يصف فيها حاله السجناء السياسيين الشيوعيين في السجن، ومعاناتهم الرهيبه والتعسف و الظلم الذي لحق بهم فى ملجأ سجن الكوت سىء الصيت والمسخط بالرعب و القهر و التوتر و الموت ، حيث منعت عنهم الحكومه الملكيه الجائرة وقتذاك ضروريات الحياة بكل ما تعنيه الكلمه من معان ولم توفرها لهم او تسمح لهم بشرائها من الاسواق على حسابهم الخاص من خارج السجن ، و منعت عنهم الجرائد والكتب التي تختارها ادارة السجن، وكذلك الزيارات العائليه والبريد والرسائل و هذا بيت مستقطع من تلك القصيدة المتأمله، يقول فيها الشاعر السياب :

( كوحشه المصدور فى ليل السعال ، كنا وكانت أغانينا بلا ظلال ، )

هكذا كان حالنا نحن العراقيين فى الغربه يوم سقوط بغداد الجريحه على أيدي الامريكان ، (نهار الاربعاء الموافق التاسع من نيسان عام 2003) يوم ليس يوما عاديا مثل باقي الايام ، يوما مؤلما و محزنا ضاع به الوطن ، وكئيب لفداحه التضحيات والخسائر بألأرواح والأموال ، وتدمير بنية العراق التحتيه ، كم تمنينا ان يسقط هذا النظام البعثي الدكتاتوري الدموي بأيدي مناضلي الشعب العراقي وقواة الوطنيه ..! لا بأيدي قوى خارجيه، فقد دمر العراق ونهبت ثرواته وأستبيحت حرماته بهذه الوحشيه العنيفه ، كنا نحن معشر العراقيين المهاجرين نحتضن التلفاز بتلهف المتشائم ليلاً ونهاراً و بدون انقطاع متوشحين بالصبر والترقب و التوجس والرعب ، بدءا من اليوم الاول للحرب المدمرة الشامله، حتى ضربه نعال (ابو تحسين) القاضيه التي هشمت رأس الطاغيه المستقوي على شعبه ، ونحن نتابع الطائرات المتلاحقه ، تجول و تصول في السماء و كأنها كما يقال (طير آبابيل) تستكشف روح بغداد المستظامه التى أذلها و أهانها صدام ، و بكل جبروت عنفوانها تنقض على بغداد المستكينه الملتهبه بنار الجراحات، بحمم من نار القنابل الحارقه المتناثرة ، و وهج صدم الصواريخ الناريه المدمرة التى تحرق الاخضر و اليابس دون رحمة او اخلاق وحقوق انسانيه ، فتهتز بغداد منسدحه مستغيثه متوجعه تنزف ، ترتجف كوحشه المصدور في ليل السعال، ونحن نهتز معها و نرتجف نشاركها ألألم والفجيعه، لقد كانت مشاعرنا و هواجسنا و آمالنا بلا ظلال كما قال السياب ، يعترينا الرجيف المفزع و يأخذنا الهلع و يملأ صدورنا الوهن والحزن والالم، والتساؤل عن وطننا وشعبنا و اهلنا ونحن في الغربه ، نستشيط غضباً جراء هذا الدمار الهالك وحنيناً و رحمهً بالوطن ، ويسأل بعضنا البعض ترى ماذا حل بهم بعد هذا التدمير و الخراب الشامل و الحرائق المسعارة ؟ و اين هم الان ؟ وهل هم احياء أم أموات ؟؟، والاسى والحزن يسكن قلوبنا، فتأخذنا الهواجس و التخيلات السوداويه الى استذكار جريمه (الانفال و حرق (حلبجه) بالمواد الكيميائيه من قبل صدام وزمرته الفاشيه المجرمه التي قادها (علي كمياوي) سنه (1988) وراح ضحيتها اكثر من (100000) كردى من الأطفال والنساء والشيوخ ، ونحن نترقب الاخبار بحرقه و لهفه وفى زحمه تداعيات وهج مشاهدات الوقائع و الصور المرعبه التي ينقلها ألينا التلفاز الامريكي والفضائيات ، والمضحك المبكي ، يطل علينا وزير أعلام صدام، محمد سعيد الصحاف ( ابو العلوج ) بأكاذيبه المفبركه السمجه التى اصبحت نكته يتندر بها الصحفيون و الاعلاميون، ورسامو الكاركاتير، و سخريه مزحه فى العالم، من تصريحاته المرتجله الواهيه ،حيث يقول ان القوات العراقيه الباسله حرقت الغزاة الامريكان فى دباباتهم ، وهم فى وضع حرج لا يحسدون عليه و يتراجعون، فى حين ان الدبابات الامريكيه تشاهد على جسر الجمهورية قرب الباب الشرقى من جهه الكرخ تتجه نحو ساحه (ميسلون) ،

لقد اسقط الصنم الجاثم فى وسط ساحه ميسلون بحبل امريكى علق من رقبته، وتهاوت عليه الايادى بالضرب والسحل فى الشوارع، و الناس ونحن لم نصدق سقوط بغداد بهذة السهوله وبهذه الوضعيه المشينه الخجوله بدون مقاومه تذكر، أين عسكرته وأجهزته و مخابراته التى أرعب بها الشعب العراقي، و غيرها من الزمر الخنوعه الذيليه ،لم يصدق احد هذا السقوط السريع المهين ، ألآ عندما شاهدنا هذا الرجل العراقى البسيط المقهور و الكادح الصابر المجروح الشجاع (ابو تحسين) رغم كثافة الرصاص المنفلت و النهب و السطو ورغم كل ذلك ، ينهال بنعاله على صورة راس الطاغيه صدام ، مخاطبا العالم (آخ لو تدرون هذا أش سوة بينا - قتل أولادنه - هتك اعراضنا - يتم اطفالنا) كانت صرخه ابو تحسين هذه هي صرخه كل المظلومين و المعذبين والمفجوعين و المغيبين في مثرمه البشر، وفي احواض (التيزاب - حامض النتريك) ، صرخه ابو تحسين هذه هي صرخه وجدان الشعب العراقي المظلوم، و لوعه الارامل المفجوعات، وحسرات و دموع الأيتام الجياع، وآلام المعوقين الذين طالهم ظلم النظام البعثي المجرم ، تشظت صورة المجرم صدام ، و هشم رأسه النتن بنعال ابى تحسين الشهير، الذى دخل نعاله هذا موسوعه التاريخ العراقى ، سقط النظام البعثى الدموي الفاشى المهان، وأختفى الصحاف في بيت أبن أخته، ينتظر أن تمر دبابه امريكيه من أمام البيت لكي يسلم نفسه الى الامريكان، يرتجف خوفاً من الشعب، وهو من غير المطلوبين ال (55) الذين ظهرت صورهم على التلفاز، استجوب ثم اطلق سراحه وسمحوا له بالسفر.

ومذ ذلك اليوم أختفى البعثيون المهانون فى جحورهم المظلمه العفنه ، هؤلاء الفاشيون الذين ساموا الشعب العراقى انواع الظلم والارهاب و القهر والجوع ، ونهبوا أموال الشعب وأمتهنوا حرفه القتل والاعدامات و دفن الابرياء وهم احياء .

وسيبقى نعال ابو تحسين يخلده التاريخ وتذكره الاجيال القادمه كعبرة لمن اعتبر . وقد عرض اخيرا لأهميته الرمزية والتاريخيه في معرض (حلبجة) المفجوعة ، وسيبقى هذا النعل مرفوعا بوجه كل طاغيه دكتاتور ظالم مستبد لا يحترم حريه شعبه ، و لا يخدم وطنه .

free web counter

 

أرشيف المقالات