|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الجمعة  5  / 9 / 2014                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



مغالطات الميليشياوي هادي العامري حول كركوك و الپيشمرگة

زكي رضا

قلنا في مقال سابق أن المالكي نجح في ما فشل فيه صدام حسين رغم دمويته في أن يجعل الصراع العربي الكوردي على مستوى الشارع، بعد أن كان هذا الصراع ولعقود طويلة حتى قبل سيطرة نظام العهر البعثي على مقدرات البلد، صراعا بين جيش وطني فيه جنود كورد كما بقية أبناء شعبنا وبين قوات الپيشمرگة التي أستخدمت طيلة تاريخها القتالي حرب العصابات لنيل حقوق الشعب الكوردي العادلة ضمن دولة العراق، وقد دافعت العديد من القوى السياسية عن حقوق الشعب الكوردي ونضال الپيشمرگة من أجل أن ينال الشعب الكوردي تلك الحقوق. وكان قتال الپيشمرگة الشرس سببا أساسيا في أن يعقد البعث العراقي مع القيادة الكوردية أتفاقا لأنهاء عقود من الحرب وذلك بالتوصل الى أتفاقية في 11 آذار من العام 1970 تنظم علاوة على وقف أطلاق النار العلاقة بين المركز وأقليم كوردستان، على أن تتم صياغة قانون الحكم الذاتي لمنطقة كوردستان وأعلانها وتبنيها في 11 آذار 1974 ، أستنادا الى نصوص الاتفاقية الموقعة في 11 آذار العام 1970 في أعتماد مبدأ الأحصاء السكاني وفق بيانات وسجلات عام 1957 للمناطق المتداخله قوميا ومنها "كركوك" والذي بموجبه يتم تحديد المناطق والوحدات الادارية ضمن الرقعة الجغرافية للحدود الادارية والسياسية لمنطقة أقليم كوردستان للحكم الذاتي على أساس الأغلبية الكوردية. الا ان تلك المحاولة لأنهاء الحرب الداخلية أنتهت بالفشل بعد أن طلب البعث من القيادة الكوردية حينها الادارة المشتركة في كركوك علاوة على عدم تنظيم الأحصاء السكاني المتفق عليه في العام 1970 ، وبأنهيار ذلك الاتفاق أندلع القتال بين الطرفين من جديد لينهيه نظام البعث بأتفاقية العار مع شاه ايران والمعروفة بأتفاقية الجزائر ، التي أعتبرت نقطة خط القعر هي الحدود البحرية بين العراق وايران وذلك بالعودة الى الاتفاقية المبرمة بين الطرفين عام 1937 والتي رفضتها ايران مطالبة ان تكون الحدود وفقا لاتفاق عام 1913 بينها وبين العثمانيين.

لقد كان ضروريا ان تكون هناك مقدمة قصيرة وسريعة كالتي سقناها لتحديد وضع كركوك من الناحية السياسية وفقا لأحدث الاتفاقيات التي وقعها النظام البعثي والتي تخلى عنها كتخليه عن العديد من الاتفاقات المبرمة بينه وبين اطراف عدة منها داخلية واخرى خارجية. أما مسألة كركوك في عهد ما بعد الاحتلال الامريكي فتم التأكيد على حلها من خلال المادة 52 من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وبالخطوات التالية.

(أ‌) - تقوم الحكومة العراقية الانتقالية ولا سيما الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، وعلى وجه السرعة، باتخاذ تدابير الخطوات التالية:

1 - فيما يتعلق بالمقيمين المرحلين والمنفيين والمهجرين والمهاجرين، وانسجاما مع قانون الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية، والاجراءات القانونية الاخرى، على الحكومة القيام خلال فترة معقولة، باعادة المقيمين الى منازلهم وممتلكاتهم، واذا تعذر ذلك على الحكومة تعويضهم تعويضا عادلا.

2- بشأن الافراد الذين تم نقلهم الى مناطق وأراض معينة، وعلى الحكومة البت في امرهم حسب المادة 10 من قانون الهيئة العليا لحل نزاعات الملكية العقارية، لضمان امكانية اعادة توطينهم، او لضمان امكانية تلقي تعويضات من الدولة، او امكانية تسلمهم لأراض جديدة من الدولة قرب مقر إقامتهم في المحافظة التي قدموا منها، او امكانية تلقيهم تعويضا عن تكاليف انتقالهم الى تلك المناطق.

3- بخصوص الأشخاص الذين حرموا من التوظيف او من وسائل معيشية اخرى لغرض اجبارهم على الهجرة من أماكن إقامتهم في الأقاليم والأراضي، على الحكومة ان تشجع توفير فرص عمل جديدة لهم في تلك المناطق والاراضي.

4 - اما بخصوص تصحيح القومية فعلى الحكومة الغاء جميع القرارات ذات الصلة، والسماح للاشخاص المتضررين، بالحق في تقرير هويتهم الوطنية وانتمائهم العرقي بدون اكراه او ضغط.

(ب) - لقد تلاعب النظام السابق ايضا بالحدود الادارية وغيرها بغية تحقيق اهداف سياسية. على الرئاسة والحكومة العراقية الانتقالية تقديم التوصيات الى الجمعية الوطنية وذلك لمعالجة تلك التغييرات غير العادلة. وفي حالة عدم تمكن الرئاسة الموافقة بالاجماع على مجموعة من التوصيات، فعلى مجلس الرئاسة القيام بتعيين محكم محايد وبالاجماع لغرض دراسة الموضوع وتقديم التوصيات. وفي حالة عدم قدرة مجلس الرئاسة على الموافقة على محكم ، فعلى مجلس الرئاسة ان تطلب من الامين العام للامم المتحدة تعيين شخصية دولية مرموقة للقيام بالتحكيم المطلوب.

(ج) ـ تؤجل التسوية النهائية للاراضي المتنازع عليها، ومن ضمنها كركوك، الى حين استكمال الإجراءات أعلاه، وإجراء إحصاء سكاني عادل وشفاف والى حين المصادقة على الدستور الدائم. يجب ان تتم هذه التسوية بشكل يتفق مع مبادىء العدالة، اخذا بنظر الاعتبار إرادة سكان تلك الأراضي.

وحين تم اقرار الدستور الدائم كان نص المادة 140 منه يشير الى :

أولاً: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.

ثانياً: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستورعلى ان تنجز كاملة (التطبيع، الاحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة اقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة الفين وسبعة.

وبدلا من ان تقوم حكومة بغداد ذات الغالبية الشيعية بتنفيذ بنود المواد التي اقرتها بنفسها كمساهم رئيسي في صياغة الدستور أضافة الى مساهمتها في طرح قانون الدولة للمرحلة الانتقالية وموافقتها عليه، نراها قد نحت منحى البعث "لعدم وجود بند دستوري يحكمه" بل واسوأ منه حين أعتمدت على عامل الوقت للتملص من تنفيذ مادة دستورية ضمن دستور ساهم الشيعة بصياغته وقبله الشعب العراقي بأستفتاء شعبي مدعوم من مرجعيته المذهبية.
أن تراجع القوى الشيعية عن تنفيذ المادة 140 الدستورية لم يأتي بمنأى عن فشل المفاوضين الكورد في أدارة هذا الملف الشائك والحيوي بأعتمادهم وبسذاجة على وعود شفهية وترطيب للخواطر من قبل بعض الشخصيات الاسلامية ومنهم رجال دين، أضافة الى الضغط الواقع عليهم من قبل القوى الأقليمية وفي المقدمة منها ايران حول ضرورة التنسيق مع الاحزاب الشيعية لصد البعث الحالم بالعودة للسلطة ممثلا بسنة العراق. وبقيت كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها بين جذب وشد حتى ظهور داعش وتمددها "المفاجيء" وأنسحاب القوات الحكومية بزعامة صناديد المالكي من أمامها كالجرذان تاركة خلفها اسلحة ومعدات متطورة جدا من تلك التي لم تمتلكها قوات الپيشمرگة لليوم، ما دفع قوات الپيشمرگة لسد فراغ القوات الحكومية التي فرّت هاربة ، لتتمدد "داعش" في العديد من المناطق التي لم تحسم امرها لليوم دستوريا، قبل أن يبدأ الجيش العراقي بأسناد من الطائرات الامريكية وقوات الپيشمرگة والحشد الشعبي "الشيعي" بالهجوم المضاد على عصابات داعش وتطهير العديد من المناطق التي كانت تحت سيطرتهم ومنها مدينة "آمرلي" التي ارتفعت فيها رايات ميليشيا بدر الشيعية بدلا عن اعلام الدولة العراقية!!. ليقوم بعدها الميليشياوي وربيب أجهزة "سازمان أطلاعات" المخابرات الايرانية وزير النقل في كابينة نوري المالكي المنتهية ولايته "هادي العامري" بألقاء خطاب يثير الكراهية والحقد حول دور البيشمركة ومصير كركوك، مستهزئا بهذه القوات التي قادت نضالات الشعب الكوردي ببطولة نادرة في مختلف البلدان التي يتواجد فيها الكورد ومنها بلد أسياده في أيران، فهل قوات الپيشمرگة "ميليشيا" كما عصابات بدر التي قامت وغيرها بأغتيال المئات من الكوادر العراقية بعد الاحتلال الامريكي؟

بعد الاحتلال الامريكي وأقرار الدستور الدائم للبلاد تم أعتبار قوات الپيشمرگة جزء من منظومة القوات المسلحة العراقية بأسم "حرس الاقليم" على أن يكون تسليحها ومخصصاتها المالية بعهدة الحكومة المركزية وهذا ما لم تفي به حكومتي المالكي المنتهية ولايته نتيجة الخلافات المستمرة بين المركز والاقليم والتي أثرت سلبا على مجمل الواقع السياسي العراقي. أما حول عصابات "بدر" فأن الدستور كان واضحا وصريحا معها وغيرها من الميليشيات الشيعية والسنية حينما نصّت مادته التاسعة ، الفقرة ب بما يلي "يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة". ومن خلال نص هذه المادة الدستورية ، من حقنا أن نسأل الميليشياوي هادي العامري وقائده العام للقوات المسلحة ورئيس وزراءه بأعتباره ضمن تشكيلته الوزارية عن تفسيرهما لهذه المادة الدستورية، وهل وفى الاثنان بأحترامهما للدستور الذي أقسموا على العمل به؟

يقول العامري أن وزارة الپيشمرگة وزارة كارتونية "وتعبانة" وانها ليست سوى اوراق كارتونية فقط لانها فشلت في مواجهة داعش. طيب، دعونا هنا ان نوافق العامري ،على ما جاء به بل ونزيده من طنبورنا نغمة أخرى قائلين له بل أنها "جبانة" أيضا على الرغم من بساطة الاسلحة التي تملكها البيشمركة مقارنة مع ما استولت عليه داعش من معسكرات جيش المختار، الى جانب قلة وقدم اسلحة البيشمركة نتيجة عدم حصولها على اسلحة جديدة لرفض السلطة العراقية أمدادها بها أو السماح لها بشراء ما تحتاجه من السوق الدولية. ولكن من حقنا أن نسأل العامري عن وصفه لفرق عسكرية كاملة بالعدد والعدة والتي تركت معسكراتها ومدن وبلدات وطنها نهبا لعصابات شذّاذ الآفاق الداعشية لتهرب كجرذان السفينة ساعة غرقها، أن كانت كارتونية أم مجرد ظل لأي جيش يقوده جبناء وغير مهنيون يترك ساحة المعركة بعد أن التجأ قادته الى حيث الاوراق الكارتونية التعبانة على حد الوصف السوقي لهادي العامري!؟ وأستمر العامري قائلا من كركوك "أنه لا يسمح للپيشمرگة بالبقاء في المناطق المتنازع عليها من دون التنسيق مع الجيش العراقي"، فهل العامري رئيسا للبلاد أم قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية ومن منحه حق التصريح بهذ الامر الذي هو من أختصاص رئيس الوزراء المنتهية ولايته طبقا لحقوقه الدستورية، أم أن طبول المليشيا سترتفع أكثر لتهدد وحدة البلاد ونسيجها الوطني؟ أن مجرد ظهور عصابات "بدر" وعصابات "عصائب أهل الحق" وغيرها من الميليشيات في المعركة الدائرة مع الأرهاب دلالة على ضعف الجيش العراقي الذي صُرِفَ على تسليحه مئات ميليارات الدولارات من أموال شعبنا لينتهي به الحال هكذا الى نهايته المؤسفة والحزينة التي تحز في ضمير كل مواطن عراقي يرى بلده تمزقه أهواء الطائفيين الحمقى. وهل سيسيّر العامري ميليشياته " لتأديب" الكورد وفق منطق وأعلام البعث المقبور أثناء معاركه ضد الپيشمرگة إذا لم يلتزموا بفرمانه.

أخيرا يقال أن المجرم صدام حسين قال يوما لأحدى الوفود التفاوضية الكوردية (نحن لا ننكر ان كركوك كوردية لكننا لا يمكن ان نعطيكم اياها لأنها قاعدة جاهزة لأعلان دولة... كل شيء الا كركوك)، وموقف صدام هذا يعتبر موقفا أستراتيجيا للحكومات المركزية في بغداد، ولا تختلف حكومة التحالف الشيعي بزعامة حزب الدعوة الحاكم في تبنيها لهذا الموقف من الكورد عن سلفهم حزب البعث في أية مفاوضات قادمة. كون كركوك خطا احمرا على المستوى الاقليمي فلا طهران ولا أنقرة ولا دمشق "قبل أندلاع المعارك في سوريا" على أستعداد لمنح كركوك للكورد وهذا ما يعرفه الساسة الكورد جيدا ويجب أن يعملوا على نيل حقوقهم في العراق الفدرالي من هذا المنطلق، وذلك بعدم التعويل على العامل الامريكي ومشاريع التقسيم التي تتبناها بعض الاطراف في الأدارة الامريكية على المدى القريب، كون تقسيم العراق في الوقت الراهن سيطلق أكثر من مارد من قمقمه ويعرض المنطقة بأسرها الى أضطرابات وحروب لم تتهيأ لها أمريكا وحلفائها بعد، خصوصا بعد أن بان أن صنيعتهم "داعش" أكثر دموية وفتكا من مولودهم الشرعي "القاعدة" وأمكانية نقل نشاطه الى داخل أمريكا نفسها وأوربا.

اذا كان العراق الغني، ديموقراطيا وتستخدم ثرواته لبناء وطن معافى وشعب مرفّه فلا الكورد ولا بقية الاقليات لهم المصلحة في تركه والانفصال عنه، واذا كان النظام السياسي في بغداد يحترم التعددية القومية والدينية والمذهبية والسياسية ولا يعمل على تشويه وتلويث السلطة لطائفيته المقززة، فأن أعادة بناء العراق الذي كنا نحلم به سيبدأ على أسس صحيحة وسيتكاتف الجميع للنهوض به شرط أن يكون الشعب العراقي المرجعية الوحيدة لجميع القوى السياسية، والى بغداد وليس الى عواصم الدول الاقليمية الاخرى يكون الحج من أجل بناء هذا العراق الديموقراطي الفدرالي الموحد.

لم تحل الاحزاب الشيعية وهي تقود الجيش والأمن الداخلي ميليشياتها "لن تحلها" بل كانت منها تقية.



الدنمارك
5/9/2014


 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter