| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زكي رضــا
rezazaki@hotmail.com

 

 

 

الجمعة 4/2/ 2011



الانترنت يهز عرش الفرعون ، فتهتز معه باقي عروش الطغاة

زكي رضا

البطالة ، الفقر ، الجوع ، التفاوت الطبقي الشاسع بين ملايين الفقراء وبين آلاف الاغنياء ، الفساد السياسي ، الثراء غير المشروع ، الفساد الاداري ، تفشي الرشوة والمحسوبية ، الاستهتار بحياة الشعب ، تبديد ثروات الشعب ، الامية والجهل ، وقوف المؤسسة الدينية الى جانب الحكومة الظالمة ، وتبرير مواقفها التي تقف بالضد من مصالح الناس ، الدكتاتورية بلبوس ديموقراطي ، تزوير الانتخابات ، تسخير كل اجهزة الدولة للحزب الحاكم ، عدم الالتفات الى قانون الانتخابات ، استخدام البلطجية والشقاة لتهديد الناس والناخبين ، السجون والسجون السرية وما يرافقهما من اساليب التعذيب السادية ، عدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب . كانت كلها وغيرها مترسخة في الضمير والعقل الجمعي للمارد المصري ، الذي لم يظل حبيس قمقمه ، بعد ان وقع هذا القمقم بيد شباب الانترنت ، الذين استطاعوا فك شفرته بالعلم والمعرفة ، وما ان تنفس المارد الهواء الطلق، حتى تحركت رياح الشعب المضطهد على مر القرون ، ليقودها شباب بعمر الورد ، عانوا طويلا من الازمات المختلفة التي كان يصنعها النظام .

واليوم وبعد مرورعشرة أيام على تحرر الانسان المصري من الخوف ونير العبودية ، حيث تفترش الجماهير ولليوم ميدان التحرير المقدس . نرى المارد الثوري يقف بكامل عنفوانه ، وبقامته المديدة حيث أحدى قدميه في تونس الياسمين ، والاخرى في قاهرة الفل * ، وهو ينظر جذلا ضاحكا الى الرعب في عيون الطغاة ، والفزع المرسوم على وجوههم ، وهم يتوسلون شعوبهم التي أذاقوها مرارة الحياة من جهة ، ورافعا قبضتيه ليحث الجماهير على كنس الدكتاتوريات والديموقراطيات البائسة الكارتونية والطائفية من جهة أخرى . وليصرخ بهم ان هبوا انه يوم الخلاص ، انه يوم النجاة ، انه يوم الشعوب التي تريد ان تلحق بركب البشرية ، التي تخلفت عنها بسبب الحكام ووعاظ السلاطين ، ودورهم في نشر الامية والتخلف .

ان الجماهير المصرية اجتازت الامتحان الاصعب في صراعها ضد الدكتاتورية ، وعرفت فنون اللعبة بعد هذا التمرين الشاق الذي لم ينتهي لليوم . ومهما كانت نتائج ثورته المظفرة ، فأن عودة الاوضاع لما كانت عليه قبل 25 كانون الثاني / يناير يعتبر ضربا من الخيال . وهذه الجماهير بقبضاتها وصدورها العارية عزفت لحن الحرية ، الذي وصلت انغامه الى كل عواصم المنطقة . التي تنتظر شعوبها ان تعزفها كي تقرب ساعة الخلاص .

ان الشباب الذي استطاع ان يحل رمز الاحجية الموجود على القمقم ، ليحرر المارد المسجون فيه منذ عصر الفراعنة وحتى الخامس والعشرين من كانون الثاني / يناير 2011 . استعان بالانترنت ولغاته وشفراته ، هذا الانترنت الذي حل محل الطلقة ، وحرب العصابات ، والثورة الشعبية المسلحة ، والمقاومة في الجبال والغابات والادغال . هذا الانترنت كان محل تندر واحتقار السيد نوري المالكي ، رئيس حزب الدعوة الاسلامية و رئيس وزراء العراق ، عندما قال مستهزئاً بمرتاديه من كتاب وقراء في الربع الاخير من عام 2008 على انه مكب نفايات .

هذا الانترنت وليس غيره جعل صدام الصغير في اليمن ، ان يعلن عن عدم ترشيح نفسه ، والقيام باصلاحات سياسية ، والعمل على الغاء التوريث ، وحرك الاوضاع في الاردن والجزائر . هذا الانترنت الذي بدأ يهز عرش البعث الفاشي في سوريا ، وهو نفسه الذي جعل حامي المنظمات الارهابية في الرياض ، ان يعلن عن فتح باب التحقيق للكشف عن المسببين في غرق مدينة جدة . وهذا الانترنت هو الذي سيقود الحراك الجماهيري والسياسي في الدول العربية ودول المنطقة ليزيح الانظمة الدكتاتورية . وهذا الانترنت وعلى الرغم من عدم انتشاره في العراق بشكل كبير لاسباب منها عدم توفر الطاقة الكهربائية ، والتي لم تستطع الاحزاب الطائفية منذ الاحتلال ولليوم حل معضلتها ، هو الذي جعل مجلس الوزراء العراقي ان يوعز لوزراة التجارة ، بزيادة مفردات الحصة التموينية وتحسينها . بعد ان سرق وزير التجارة السابق والمافيا الحزبية التابع لها ما يقارب المليارد دولار ، دون ان يهتز جفنا للسيد المالكي . وهذا الانترنت هو الذي جعل السيد المالكي ان يتنازل عن نصف راتبه اليوم ، وليس هناك تفسيرا لصحوة السيد المالكي هذه ، بعد ما يقارب الخمسة أعوام من حكمه ، الا انه استطاع ان يقرأ اخيرا ما تأتي به مكبات النفايات !!

ان التنازل عن نصف راتبك اليوم وبعد ثورة الانترنت في القاهرة ، هو ذر للرماد في العيون يا سيادة رئيس الوزراء . وكان الاحرى بكم ان تجتمعوا بوزارئكم الاثنان والاربعون !! لسن قانون يحدد رواتبكم مقارنة برواتب ابناء شعبنا المبتلى بكم . كان الاحرى بكم ان تطلبوا من كتلتكم النيابية ، ان تتقدم بمشروع قانون الى البرلمان ، ليحد من جشع اعضائه الى المال السحت ، ولتستعيد خزينة فقراء العراق ما سرقوه منذ تشكيل مجلس الحكم ولليوم بأثر رجعي . كان الاحرى بكم ان تحاسبوا الفاسدين والمرتشين والسراق ومنهم وزير تجارتكم الاثير على قلبكم على ما يبدو . كان الاحرى بكم وانت رئيس وزراء لدولة اسميتها القانون ، ان تحاسب والي بغداد (السيد كامل الزيدي "ع") عن انتهاكاته للدستور والحريات العامة . كان عليكم ان تلجم جماح بعض السياسيين المعممين ، والبعض من وزرائكم الذين يعملون على اسلمة المجتمع خلافا لما جاء به الدستور ، ومنهم وزير اللاعدل .

واسمح لي يا سيادة رئيس الوزراء في الختام ، ان انقل لكم ابياتا لشاعر شعبي يتندر على الذين يشيعون الجهل والامية بين ابناء شعبنا ، ويحاربون التعليم والفن ومن خلالهما كل ما هو جميل في العراق ، اذ يقول :

لازم نحرگ اهله اليحچي بالتعليم
وعلى كل فن نصدر فتوت التحريم
لان غايتنا احنا الجهل والتعتيم
حتى انهيأ المهدينه مطلاعه

 

الدنمارك
4 / 2 / 2011


 


 

free web counter