|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  31  / 1  / 2011                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

يا برلمانيو العراق يا ملح البلد .. من يصلح العراق اذا الملح فسد

زكي رضا
(موقع الناس) 

ان مجرد التفكير بالقفز على بنود الدستور ، ومطالبة رئيس حزب الدعوة الاسلامية ، ورئيس الوزراء السيد نوري المالكي ، بربط الهيئات المستقلة بالحكومة أي به شخصيا ( وبالتالي بمكتبه وحزبه ) . يعتبر انقلابا سياسيا على ما جاء به الدستور العراقي في فصله الرابع ، باب الهيئات المستقلة ، وهذا الانقلاب ان كتب له النجاح ، فأنه سينقل العراق الى حكم دكتاتوري شرعي ، يستمد ( شرعيته ) من هيمنة الاحزاب الطائفية الدينية نتيجة مبدأ المحاصصة . وهو بذلك لا يفرق كثيرا من حيث الممارسة في احتكاره لمراكز القرار المؤثرة ، عن حكم البعث الدكتاتوري المنهار ، الذي كان يستمد ( شرعيته ) ، من افكار قومية كانت سببا اساسيا في ادخال العراق نفقه المرعب الذي فيه الان .

والاحزاب الاسلامية ومنها حزب الدعوة الحاكم ، الذي يهيمن على اعلى سلطة تنفيذية في البلد ويطمح أن تكون بيد رئيسه جميع خيوط اللعبة السياسية . لا تهمه العملية الديموقراطية ، لان الديموقراطية عند هذه الاحزاب تعتبر وسيلة للوصول الى سدة الحكم ،وليست غاية الهدف منها ( الديموقراطية ) الفصل الكامل بين السلطات الثلاث ، وايلاء الاحترام الكامل للهيئات المستقلة التي حدد الدستور جهة ارتباطها . وفق قوانين غير قابلة للتأويل والتفسير وفق اهواء شخصية او حزبية ، اي بمعنى آخر ولكي يكون اقرب الى العقلية الدينية ، فان الدستور ليس كالقرآن ليكون حمال اوجه . وبالطبع كأي حاكم يملك السلطة والمال والنفوذ ( وميليشيا غير مرئية ) ، في مجتمع لازالت ديموقراطيته تحاول ان تحبو رغم اصابتها بمرض الشلل الولادي . فان مؤسسات عديدة ومنها المحكمة الدستورية ، تعمل على استرضائه ، والتي كانت قد استرضت الاحزاب المتنفذة سابقا ، بتفسيرها للقانون حول توزيع المقاعد التعويضية .

قبل قراءة المواد 100 و 101 من الدستور العراقي ، نود ان نشير الى ان المشرع العراقي لم يكن خجلا عند كتابة مواد الدستور ( على الرغم من غالبيته الطائفية ) ، ولذا نراه قد حدد وبلغة عربية فصيحة ، جهة ارتباط الهيئات المستقلة ، التي يستقتل السيد رئيس الوزراء في سبيل ضمها الى امبراطوريته الطائفية .

فالمادة 100 من الدستور تنص على ان ( تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا للانتخابات ، وهيئة النزاهة ، هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ، وتنظم أعمالها بقانون ) . ومن حق المواطن هنا ان يسأل المحكمة الدستورية العليا ، من خلال سؤاله لفقهاء اللغة العربية عن معنى ( هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب ) لغويا ، وهل تعني فيما تعني ، ان ترتبط هذه الهيئات بالحكومة ، أو بشخص رئيس الوزراء او مكتبه ، او اية جهة تنفيذية أخرى !؟

أما الفقرة اولا من المادة 101 من الدستور والتي قد يجد فيها السيد رئيس الوزراء ، ثغرة دستورية ليهيمن وحزبه من خلالها على الهيئات الواردة فيه والتي تقول (يعد كل من البنك المركزي العراقي ، وديوان الرقابة المالية ، وهيئة الاعلام والاتصالات ودواوين الاوقاف ، هيئات مستقلة ماليا واداريا ، وينظم القانون عمل كل هيئة منها ) .

وذلك من خلال عدم ورود اية كلمة أو عبارة ، تشير الى جهة ارتباط هذه الهيئات . فأن المشرع العراقي قد حدد جهة ارتباط الهيئات الواردة فيه ، في الفقرة ثانيا من المادة 101 ، والتي جاء فيها ( يكون البنك المركزي العراقي مسؤولا امام مجلس النواب ، ويرتبط ديوان الرقابة المالية وهيئة الاعلام والاتصالات بمجلس النواب ) . وكي يتأكد السيد رئيس الوزراء من الهيئات المستقلة المرتبطة بسيادته ، فعليه الرجوع الى الفقرة الثالثة ، من المادة من 101 للدستور والتي تنص على ان ( ترتبط دواوين الأوقاف بمجلس الوزراء ) . واعتقد ان هذه الهيئة يجب ان ترتبط بسيادته ، في كل الاحوال ، لخلفيته الدينية .

ان عدم الاتقلاب على الديموقراطية وحماية الدستور ، هي من صلب مهمات البرلمان العراقي واعضاءه المنتخبين من قبل الشعب ، لأن بأنتخابهم كان الشعب قد وضع فيهم ثقته ، كي يكونوا صوته في اعلى سلطة تشريعية في البلاد . وعلى عاتقهم تقع المسؤولية التاريخية والاخلاقية ، في الحفاظ على النظام الديموقراطي وديمومته وتطويره . وعليهم اليوم ان يقفوا في صف شعبهم ، للحد من النيات السيئة للسيد رئيس الوزراء .
الذي اختبر سكوت النواب عن قضم نظامه التدريجي ، للحريات الشخصية التي كفلها الدستور . فعاد اليوم ليختبر قوته في تجاوز فاضح على الدستور والديموقراطية ، من خلال مطالبته بربط الهيئات المستقلة به ، وبالتعاون مع قضاة من المحكمة الدستورية يميلون حيث ما الريح تميل .

وعودة لعنوان المقالة ، التي هي في الاساس تحوير لمقولة منسوبة للسيد يوسف العطا ، مفتي الديار العراقية يقول فيها ( يا علماء الدين يا ملح البلد من يحفظ الزاد اذا الملح فسد ) . اقول للسيدات والسادة النواب المحترمون ، انكم وبأنتخاب الشعب لكم اصبحتم ملح هذا الشعب ، فحذاري من فسادكم ، لان به فساد الشعب والوطن الذي اقسمتم بالحفاظ عليه ، ديموقراطيا فدراليا موحدا . ولكم في ثورة شعبي تونس ومصر عبرة يا اولي الالباب .
 


الدنمارك
31 / 1 / 2011


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter