|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

السبت  31  / 7  / 2010                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

أسئلة حول مقالة من الاصلح للدكتور عبد الخالق حسين

زكي رضا
(موقع الناس) 

في ظل الاوضاع السياسية المعقدة التي يمر بها العراق اليوم ، وفشل القوى المنتخبة ديموقراطيا !! في تشكيل حكومة قادرة على انتشال الوطن ، من المخاطر التي تهدده ، والشعب من الازمات الكبيرة التي يعيشها . في ظل سلطة نفس هذه القوى ، التي تتحكم بمفاتيح الحكم منذ احتلال بغداد ولليوم . نُشِرت العشرات بل المئات من المقالات ، التي تدعو هذه القوى السياسية المتنفذة ، للعمل على حلحلة الوضع والاسراع في تشكيل الحكومة . التي من المفروض ان تكون قد شُكِلت منذ اربعة اشهر ، لتقدم لناخبيها على الاقل ، قسما مما وعدتهم به خلال حملاتها الانتخابية . واذا كنا منصفين في قراءاتنا لما نشر لليوم وسينشر لاحقا ، فعلينا التمييز بين كاتب معاد للعملية السياسية برمتها ، في ظل حجج وتبريرات مختلفة ، الا انها لا تخرج بالضرورة عن الحنين للنظام البعثي الفاشي المنهار ، والترويج لتسويقه اليوم . وبين كاتب تهمه مصلحة الوطن ومستقبل شعبه ، ولا يخرج بشكل عام في كتاباته عن تأييد العملية السياسية الديموقراطية في البلد ، منذ التاسع من نيسان 2003 ولليوم ، والعمل على تقدمها وترسيخها . ومن هؤلاء الكتاب د . عبد الخالق حسين ، والذي نشر مقالة تحت عنوان ( من الاصلح لرئاسة الحكومة العراقية ؟ ) نشرته العديد من المواقع والصحف الالكترونية . وقد نالت المقالة العديد من الردود والتعليقات ، حالها حال المقالات السابقة للكاتب بين مؤيد لما جاء به أو معارضا له .

وكمتابع لما يجري في بلدي ، حالي حال الغالبية من العراقيين ، فأنني قرأت مقالة د عبد الخالق حسين كما قرأت وسأقرأ جميع مقالاته القادمة ، ولأننا نعيش وضعا (ديموقراطيا ) فانني سأسمح لنفسي في ان أناقش بعض ما جاء في مقالته بشيء من التروي .

في بداية المقالة وفي المقدمة منها ، يحاول الكاتب ان يبعد عن نفسه تهمة الانحياز ، الى السيد رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية ولايته ، حيث كتب يقول ، من ان البعض يعتبر موقفه من السيد نوري المالكي في أزمة تشكيل الحكومة ، متناقضا بسبب علمانيته وليبراليته ، وأسلامية وطائفية السيد المالكي . ولكن الكاتب وضع كلمة طائفي بين هلالين ، وارفقها بعلامتي تعجب . موحيا للقارئ بعدم طائفية السيد المالكي ، وبالتالي عدم طائفية حزبه أي حزب الدعوة الاسلامية . وهنا أود ان أطرح تساؤلا على الكاتب حول استطاعته ، في ان يدلنا على حزب أسلامي ليس في العراق وحده بل في أية بقعة من هذا العالم الاسلامي ، فيه مزيج من السنة والشيعة ( ليس بضعة افراد ) ؟ ان الشعور بالمظلومية من قبل شيعة العراق والخلاف الفقهي الحاد بين المذهبين لم يستطع ان يفرز لليوم ، ولن يفرز مستقبلا الا أحزابا طائفية وبأمتياز . فالمجلس الاعلى والتيار الصدري وأحزاب الدعوة الاسلامية والفضيلة ، ومنظمات القتل الشيعية الاخرى وغيرها ، هي احزاب ومنظمات اسلامية شيعية . والحزب الاسلامي والتنظيمات الاسلامية ومنظمات القتل السنية الاخرى ، هي أحزاب وتنظيمات اسلامية سنية . وهذه الاحزاب والتنظيمات ، كانت السبب الرئيسي في المعارك الطائفية التي اجتاحت العراق كالطاعون ، اثر أحداث سامراء . ولا أظن من ان القوى المثالية والحالمة كما يصفها الكاتب ، كانت سببا في كل هذا الدمار الذي لحق ويلحق بالبلد .

وبشكل غير مباشر يمنح الكاتب صفة الوطنية للسيد نوري المالكي دون غيره ، عندما يؤكد من ان هاجسه (الكاتب) الوحيد هو مصلحة الشعب والوطن ، لانه يسبح ضد التيار في عدم مناهضته للسيد المالكي ، في هذه المرحلة التاريخية العاصفة . رغم شرحه ظروف المرحلة ليس ( للبسطاء من الناس فحسب بل حتى للبعض من الذين عـُرٍفوا بالثقافة ووطنيتهم الخالصة ) ، ورغم كل ذلك فأن هذه الروح لا تفيد معهم كما يقول لأن ( المعتقدات السياسية صارت أشبه بالمعتقدات الدينية ، اذ كما قال آينشتاين : " ان تغيير قناعات الانسان أصعب من تفليق الذرة ") . وسؤالي للدكتور عبد الخالق حسين هو ، اذا كان تغيير قناعات انسان بسيط او مثقف صعب كفلق الذرة ، لان تلك القناعات اصبحت راسخة كالقناعة الدينية . فماذا سنحتاج لنغير قناعات انسان متدين أصلا وعلى رأس حزب ديني وذاق حلاوة السلطة وأقسم على عدم التفريط بها * ، أعتقد من اننا بحاجة الى شيء اكبر من فلق الذرة ، لا اعرف ما هو ولكنني اتمنى ارشادي اليه .

وتحت عنوان حكومة التكنوقراط ، يصب الكاتب بشكل لطيف ( لليوم ) جام غضبه ، متشفيا بالنخب المثقفة والمثاليين الحالمين بحرق المراحل حسب قوله . عندما يؤكد على ان نتائج الانتخابات جاءت مخيبة لآمالهم ووفق الاستقطاب الطائفي ، عجبي اذا كانت النتائج وفق الاستقطاب الطائفي ، فلماذا اذن تبريء السيد نوري المالكي من تهمة الطائفية . ويستمر الكاتب ليكتب ( وبدلا من ان يعترفوا بالامر " يعني بهم الديموقراطيين العلمانيين " الواقع المتخلف ، راحوا يلقون اللوم على هذا وذاك ، وخصوصا على امريكا ، مدعين انها هي التي جلبت لنا حكومة المحاصصة الطائفية ) . ناسيا عن حسن نية على ما يبدو ، افكار بايدن في تقسيم العراق على اساس طائفي وقومي ، أو ان الحكومات العراقية التي شكلت بعد الاحتلال غير طائفية من وجهة نظره !! . ومن خلال استمراره في هجومه اللطيف على المثقفين والتكنوقراط ، الذين يتصورون انفسهم من فئة الملائكة حسب وصفه ، لانهم يطالبون بحكومة تكنوقراط . فأنه يأتي بأسم أيهم السامرائي وزير الكهرباء الأسبق ، على انه من التكنوقراط وسرق مبلغ 300 مليون دولار ، ليسجن ويفر بعدها الى خارج العراق ( الفت نظر د. عبد الخالق حسين على ان أيهم السامرائي قد تم تهريبه من قبل الامريكان ولم يفر من البلد ) . واسم كريم وحيد وزير الكهرباء السابق ، كرمزين للفشل والفساد . وسؤالي للكاتب هو ، لماذا تتجاوز اسم وزير التجارة عبد الفلاح السوداني ، وسرقته مئات ملايين الدولارات ، من قوت الشعب الذي صوّت لقائمة دولة قانونه ، والذي لازال ولليوم احد اهم شخصيات المالكي السياسية .

ويقول الكاتب من ان ( الديموقراطية العراقية في هذه المرحلة لابد وان تكون توافقية ورغم مشاكل التوافقية هذه ، الا انها شر لابد منه في المرحلة الراهنة في شعب متعدد الاطياف ) ، وهذا يعني ان السنوات السبع الماضية هي جزء من مرحلة لا نعرف بعد نهايتها . اما كونها موجودة لان الشعب في العراق متعدد الاطياف ، فهذا يدفعنا الى سؤال الكاتب وتوقعاته حول ، هل ان الشعب سيكون من طيف واحد مستقبلا ، فان اصبح كذلك فاننا امام خيارين لاغير . اما اندلاع حرب طائفية - قومية تنتهي بأنتصار جهة واحدة وأبادة الاخرين ، او تقسيم العراق الى كانتونات طائفية وعرقية ، ومن ثم تقسيم البلد ، والخياران احلاهما مر ، فأي الخيارين هو الافضل بنظر د . عبد الخالق حسين .

ويتناول كاتب المقال ارتباط القوى السياسية العراقية بدول الجوار ، ويتفق في هذا معه الكثيرون قائلا ، من ان الائتلاف الوطني العراقي ، مرتبطون بجمهورية الملالي في طهران . والبعثي السابق علاوي وكتلته ، يرتبطون بمعظم العواصم العربية ، ويحصل الجميع على دعم سياسي واعلامي ومالي منهم . وان السيد المالكي ودولة قانونه هم الكبار الوحيدين ، من الذين يفتقدون الى مثل هذا الدعم . نعم ولو اتفقنا مع الكاتب في ما جاء به ، فهل يستطيع ان يخبرنا عن الملايين من الدولارات ، التي استخدمها السيد المالكي وحزبه وقائمته الانتخابية في دعايتهم ، التي طالت حتى القرى التي لا توجد على الخارطة ، ومن اين جاء بها ؟ هل اساء استخدام السلطة وتصرف بالمال العام ، أم ماذا ؟ وهل يحاسب القانون العراقي ، الذين يتجاوزن على المال العام ويستغلون السلطة ؟ سؤال مطروح لكاتب المقال .

اما حول الائتلافات والتحالفات فأن الكاتب قد اشار الى نقطة مهمة جدا ، وهي ان جميع الفرقاء السياسيين من الذين انتخبهم الشعب في عملية ديموقراطية وشفافة للغاية !! ومن ضمنهم السيد المالكي ودولة قانونه ، لا تهمهم مصالح شعبهم ووطنهم . اذ يقول عن السيد المالكي في معرض خلافه مع رفاق الامس في البيت الشيعي ( لانه المنافس الاكبر لهم للهيمنة على مقدرات العراق وكشف هشاشتهم ) . اذن فالهدف هو الهيمنة ونهب البلد ، وليس خدمة الوطن والمواطن اليس كذلك ؟

ومن محاسن السيد المالكي من وجهة نظر الكاتب ، هي ضربه الميليشيات الحزبية في البصرة ومدينة الثورة في بغداد ( لقد قام علاوي قبله بضرب المليشيات في النجف والفلوجة ) . وسؤالي للكاتب هو هل السيد المالكي سائق شاحنة ام رئيس وزراء ، وقائدا أعلى للقوات المسلحة ؟ واذا لم يبادر شخص في موقعه لضرب اوكار الارهاب واستتباب الامن في ربوع البلد ، فمن الذي سيقوم بهذه المهمة ؟ ام اننا سنعود الى عهد المكرمات ثانية ، لنصنع دكتاتورا جديدا على انه رجل المرحلة .

وقبل الختام اريد ان اشير الى ان الكاتب ، قد حدد مزايا السيد المالكي في ترشيحه لدورة ثانية ، من خلال انجازاته في الجانب الامني . وأظن من ان الكاتب قد جانب الحقيقة ، اذ لولا دور الصحوات في محاربتهم للقاعدة ، لكانت القاعدة تصول الان وتجول كالماضي في ارجاء العراق . وهذه الصحوات ( السنية ) قادرة على قلب الطاولة في وجه بغداد ، متى ما شاءت او ما شاء رعاتها . والجانب الامني هو جزء من مشاكل كبيرة تعصف بالبلد ، واهمها مشكلة الخدمات . والتي فشلت الحكومات المتعددة ومنها حكومة السيد المالكي ، الاطول عمرا بينها على حلها ولو بشكل جزئي . فمشكلة الكهرباء هي من سيء الى اسوأ ، وكذلك مشاكل المياه والصحة والتعليم والبطالة والثقافة ( للحالمين بها ) وغيرها الكثير . اما ديموقراطية السيد المالكي فانها تجلت بأبهى صورها ، عندما الغى وزير نفطه وكهربائه بالوكالة السيد الشهرستاني ، نقابة عمال الكهرباء ، فمرحى لديموقراطية المالكي واتباعه . واذا كان السيد المالكي قد فشل في توفير حياة كريمة لابناء شعبه ، لانه محكوم بحكومة توافق وطني مثلما يحاول البعض تبريرها . فانه سيكون محكوما بنفس حكومة التوافق هذه ، اذا شكلت حكومة شراكة وطنية جديدة برئاسته . بل أسوا من ذلك لان القائمة العراقية ( البعثية الهوى والاتجاه ) ، تمتلك اليوم 91 مقعدا مقابل ما يقارب عشرين مقعدا في دورة البرلمان الماضية ، وهذا يعني وكما يقول المثل العراقي ( نفس الطاس ونفس الحمام ) .


الدنمارك
13 / 6 / 2010

 



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter