|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  22  / 1 / 2017                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

قراءة في إفتتاحية طريق الشعب حول "مشروع قانون انتخاب مجالس المحافظات"

زكي رضا
(موقع الناس) 

قبل التطرق الى ما جاء في إفتتاحية صحيفة " طريق الشعب الناطقة بإسم الحزب الشيوعي العراقي " حول مشروع قانون انتخاب مجالس المحافظات"، الذي أحالته حكومة المحاصصة الطائفية – القومية الى مجلس نوابها للمصادقة عليه مؤخرا. أرى من الضروري طرح سؤال بغاية الأهمية على القوى المدنية ومنها الحزب الشيوعي العراقي إن كان في نيتها الأشتراك بمهزلة " الأنتخابات " من جديد لتخسر الإنتخابات ومعها أعداد كبيرة من جماهيرها كما المرّات السابقة، إن صوّت برلمان السلطة "سيصّوت"على مشروع الحكومة وهو نفسه مشروع البرلمان ، كون الحكومة والبرلمان وجهان لنفس عملية السطو والفساد والهيمنة؟

لم تطرح إفتتاحية طريق الشعب حلولا لمساويء المشروع وإكتفت بـ " لا .. للتعديلات المجحفة"، وكأن "اللا" هذه ستمنع عصابات البرلمان من تمرير مشروعها القديم الجديد، أو أنّ البرلمانيين سيصوتّون ضد كتلهم و مصالحهم وإمتيازاتهم!!، لتقول " وقد اثار مشروع القانون الكثير من الاستياء والسخط، خاصة في شأن المواد التي صممت لتخدم توجهات الكتل المتنفذة لادامة سيطرتها وهيمنتها وسرقة اصوات الكتل الاخرى، وتقليص مساحة المشاركة في صنع القرار، والتضييق على القوى الرافضة لنهج المحاصصة وللفساد والمفسدين، والساعية الى الخلاص من كل هذا وذاك والدفع في اتجاه تدوير عجلة الاصلاح والتغيير، التي ما برح اعداؤهما يضعون العصي في دواليبها". وهنا علينا السؤال عن القوى التي سيثيرها الأستياء والسخط ومدى حجمها وتأثيرها على الحكومة وبرلمانها لأجراء عملية الأصلاح السياسي التي رفعت كشعار منذ شباط 2011 من قبل المدنيين والشيوعيين دون أن تتحقق ولو بالحد الأدنى؟ صحيح أنّ عدم تنفيذ أي بند من بنود حُزَم البرامج الإصلاحية التي رفعتها السلطة منذ بدء التظاهرات لليوم ولو بالحد الأدنى تتحمله الحكومة وبرلمانها، لكن العجيب هو مراهنة القوى المدنية على التغيير من خلال البرلمان على الرغم من خسارة الرهان هذا مرّة تلو المرّة. ومراهنتها هذه والخاسرة دوما تأتي من إصرارها على خوض كل أنتخابات وفي ظل قوانين توضع لترسيخ الطائفية السياسية وأبعاد القوى المدنية ومنها الحزب الشيوعي عن التأثير بالقرار السياسي، لتعود بعد إنتهائها مبررة خسارتها بسوء القانون الأنتخابي، وكأن القانون الأنتخابي وضع أثناء بدء عمليات الفرز والعد والتي تطول الى ما يقارب الشهر لتوزيع النسب بين الكتل الثلاث "شيعة - سنة - كورد" !! لهذا فأنّ "النجاح" الجزئي للقوى المدنية في انتخابات مجلس المحافظات والذي لم يستطع تغيير خارطة الفساد والسرقة في هذه المجالس لضعفه مقارنة مع الآخرين، لا يمثل دليلا على سعي القوى المدنية لخوض مهزلة أنتخابات محسومة النتائج سلفا.

أنّ رفض الحزب الشيوعي العراقي عبر افتتاحية جريدته المركزية لمشروع "قانون مجالس المحافظات" تبخّر حال نشره، إذ نشرت "طريق الشعب" في اليوم التالي وبالصفحة الاولى تصريحا لرئيس اللجنة القانونية في برلمان الحكومة محسن السعدون قال فيه "أنّ البرلمان أنهى القراءة الاولى لمشروع قانون مجالس المحافظات الذي أرسلته الحكومة "متوقعا أمكانية إقراره خلال شهر! واللافت للنظر هو تقليل أعداد أعضاء مجالس المحافظات في المقترح مقابل مقترح قانون قدّمه رئيس دولة الفساد "فؤاد معصوم" يبقي فيه على عدد أعضاء مجلس نواب المحاصصة دون تغيير!! والسبب هو تكريس هيمنة مثلث الفساد "الشيعي - السني - الكوردي" على قرارات البرلمان وإستمرار برنامج الفساد على نفس الوتيرة، إذ حتّى وإن وصل عدد من المدنيين الى برلمان السلطة بمعجزة على الرغم من أنتهاء زمن المعجزات فأنّ تأثيرهم سيكون قريبا من اللاشيء.

تطرقت الأفتتاحية كذلك الى أنّ (غياب قانون عادل ونزيه متكامل، وعدم توفر شروط اخرى مطلوبة لاجراء الانتخابات "مفوضية مستقلة ونزيهة وغير منحازة وبعيدة عن المحاصصة، اشراف دولي فاعل.. الخ" سيغدو عاملا اخر لتكريس نظام المحاصصة والهيمنة والاقصاء، وادامة سلطة الوجوه ذاتها التي عرف المواطن قبل غيره بؤس ادائها). لكن دون أن تلتفت الى أنّ الحكومة وبرلمانها هم من يحددون أعضاء هذه المفوضية الفاسدة كفساد جميع أجهزة الدولة وطبيعة عملها، لذا نرى أنّ مجلس وزراء الكتل الثلاث قد حدّد تاريخ السادس عشر من أيلول/ سبتمبر 2017 لأجراء أنتخابات مجالس المحافظات أي 4 أيّام فقط قبل أنتهاء عمل المفّوضية قانونيا، وخمسة أيّام قبل حلول شهر محرّم الذي ستستغلّه الاحزاب الشيعية الطائفية لتحشيد البسطاء للمشاركة بالمهزلة الانتخابية والتصويت لها مستفيدين من جيش العمائم التي تدور في فلكها، وهنا لا نحتاج الى عبقرية لمعرفة نيّة حكومة الكتل الثلاث في حسم الأنتخابات لصالحها، وإبعاد القوى التي من الممكن أن تثير لهم بعض المشاكل وأن تكن بسيطة بفعل هذه المفّوضية الفاسدة حتّى النخاع.

ختمت الصحيفة إفتتاحيتها لتقول" اننا اذ نعلن رفضنا لهذه التعديلات المتقاطعة مع كل دعوات الاصلاح والتغيير، نجدد التمسك باعتماد الباقي الاعلى في توزيع المقاعد، او الابقاء على سانت ليغو بصيغته الاصلية. وندعو كل القوى الرافضة لسرقة اصوات الناخبين من قبل الكتل المتنفذة، وللطائفية السياسية والمحاصصة والفساد، الى تدشين حملة واسعة للضغط على مجلس النواب، كي يرفض هذه التعديلات ولا يمررها، ويقوم بصياغة قانون انتخاب عادل ونزيه". فهل هذا النداء هو بمستوى الأحداث الجسام التي مرّت وتمرّ على شعبنا ووطننا منذ الإحتلال لليوم على يد مثلث الشيطان الفاسد؟ ومن هي القوى الرافضة لسرقة أصوات الناخبين الذين دعتهم الأفتتاحية لتدشين حملة واسعة للضغط على برلمان السلطة، هل هم متظاهري ساحات التحرير في عموم البلد أم هناك غيرهم ، على أن نخرج التيار الصدري من هذه المعادلة لضبابية مواقفه وكونه ركن رئيسي من البيت الشيعي الفاسد الذي تمتلك طهران مفاتيحه.

أنّ مطالبة الفاسدين بتحقيق شروط صحّية لاجراء أنتخابات عادلة ونزيهة هو ضرب من الخيال، والمشاركة بأنتخابات وفق هذه الشروط هو أنتحارعلى الصعيد السياسي ومنح الشرعية لأسوأ عملية سياسية شهدها العالم لليوم. لذا على القوى المدنية أن تبدأ من الان على تثقيف الجماهير عن طريق طاولات الحوار في الشوارع والساحات والمقاهي والملاعب، عليها أن تشكل فرق توعوية لطرق أبواب الناس والحديث اليهم بشكل مباشر وحثّهم على مقاطعة الأنتخابات، التي لن تأتي بجديد كونها ستكرسّ نفس الواقع المأساوي وتزيده تشّوها.

من يدلوا بأصواتهم لا يقررون نتيجة الأنتخابات، من يفرزون الأصوات هم من يقررون .... "ستالين"

ولما كانت المفوضّية السلطوية الفاسدة هي من ستفرز الأصوات فعلينا معرفة نتائجها منذ هذه اللحظة...


الدنمارك
22/1/2017



 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter