|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  19  / 11 / 2014                                 زكي رضا                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 



قراءة في كتاب " التشيع العلوي والتشيع الصفوي "

د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي
(الحلقة
الثامنة)

زكي رضا

قبل أن ننتقل إلى قراءة أهم ما جاء به شريعتي في مؤلفه وهو تناوله لطقوس عاشوراء الصفوية والتي شكّلت بممارستها منذ تأسيس الدولة الصفوية تغييباً للعقل والوعي الشيعي وتجاوزاً على العديد من المسّلمات التي نادى بها أئمة الشيعة وعلى رأسهم الأمام علي.

علينا التأكيد على أن مقولة شريعتي بتغيير بعض المسّلمات التي تناولها الدين الاسلامي والتي اعتبر أنها ستتحقق بعد مئة عام من حكومة الامام علي فيما لو أستمر المسلمون عليها وفق وجهة نظره، تعني حصر التعديلات التي يحتاجها الدين ليتطور تطوراً معقولاً مع التطور البشري الذي طال مختلف مناهج العلم والحياة في حياة الامام علي وأبناءه أو استمرار نهج "الامام علي" حتى يومنا هذا!.

إن هذا الشرط بعيد جداً عن المنطق والسياق التاريخي لتطور المجتمعات والدول، التي يقول عنها ابن خلدون في كتابه "المقدمة" أنها تولد وتنمو وتهرم وهذا يعني أن لا أمكانية في تغيير أو تعديل أو تشذيب نصوص قرآنية مقدسة بغياب دولة عدل علي والتي رحلت مع رحيل علي. وهذا يدفعنا الى عدم أنتظار تغيير جذري في موقف المؤسسات الدينية أزاء نصوص التعامل التجاري والتعامل بالرق والجواري وزواج القاصرات وكل ما يدخل في باب الحيل الشرعية والجزية وغيرها الكثير، تلك التي شغلت فكر شريعتي وغيره من المفكرين الاسلاميين المتنورين. ويبقى الحل هو التفكير بأيجاد مخارج غير دينية للخروج بحلول منطقية تأخذ التطور الاجتماعي والعلمي بعين الاعتبار ، وقد أشار اليها شريعتي بشكل محدود ومن دون قصد في سياق كتابه هو النظام العلماني وان لم يسمّيه.

كربلاء حائط مبكى للتشيع الصفوي!

لقد أنتخبنا العنوان أعلاه في قراءة طقوس عاشوراء بدلاً عن العنوان الذي جاء به شريعتي وهو "نصرانية الغرب والتشيّع الصفوي الأفرنجي في كربلاء"، ونعتقد أن العنوان الذي أنتخبناه سيلمسه القاريء بعد أن نبدأ في قراءة ما جاء به شريعتي في هذا الباب، الذي يبدأه "شريعتي" في ربط الصفوية كنظام للحكم في أيران بالمسيحية كنظام حكم في أوربا لمواجهة الامبراطورية الاسلامية العظمى حسب وصف شريعتي أبان الحكم العثماني، والتي شكّلت حينها خطرا كبيرا على اوربا من خلال صراع طويل أنتهى بالنهاية بأنهيار دولة الخلافة.

أن شريعتي عند تناوله لما يسميه بظاهرة الأغتراب الشيعي يحاول قراءة الأدب الشيعي الصفوي من خلال الثقافة الشيعية الصفوية، التي أوصلت شيعة أيران الى سدة الحكم فيها بعد أن كان الشيعة قبلها أقلية مضطهدة غير قادرة على ممارسة طقوسها بحرية. ولم تتضح هوية أجتماعية خاصة للشيعة عدا فترة آل بويه والسربداران (رؤوس على المشانق). ومن الطبيعي في مثل هذه الحالة حيث شاع القمع المنظم للشيعة وحرموا من أداء طقوسهم المذهبية أن يعمل الصفويين حاملي لواء الشيعة! على أقحام الجانب السياسي في الجانب الطائفي العقائدي من خلال تنظيم "المظاهر الاجتماعية العلنية" كما يقول شريعتي بعد أستلامهم مقاليد الامور في أيران. إن أول ما بدأ به الصفويون في هذا المجال الذي يجعلهم يمتلكون بعداً أجتماعياً بين الشيعة المؤمنين والمضطهدين، هو أستحداثهم لمنصب لم يكن موجوداً سابقاً ولا لاحقاً وهو وزير"الشعائر الحسينية"!. ولمّا كان الصفويون قد أستوردوا المذهب الشيعي من جبل عامل في لبنان بكل ما في كلمة الاستيراد من معنى، فأنهم عملوا على أستيراد الشعائر الحسينية التي نجدها اليوم وقد تطورت لحاجة سياسية منذ ذلك الوقت أيضاً ولكن من أوربا الشرقية هذه المرّة.

لقد سافر وزير الشعائر الحسينية هذا الى أوربا الشرقية التي كانت وبقية بلدان اوربا في صراع مفتوح مع العثمانيين كما مع الصفويين، وهذا ما فات على شريعتي ذكره فوصف تلك العلاقة بالغموض. فدرس الوزير الصفوي وحقق في المراسم والطقوس الدينية المتبّعة هناك، ومنها طريقة أحياء ذكرى شهداء المسيحية وأدواتها، لينقلها بحذافيرها الى أيران حيث جرت عليها بمساعدة بعض الملالي التعديلات التي تجعلها صالحة في المناسبات الشيعية : "بما ينسجم مع الأعراف والتقاليد الوطنية والمذهبية في أيران"، على حد تعبير شريعتي. وقد أدى ذلك ومن خلال التطبيق العملي لتلك الطقوس بتوفير كل مستلزمات نجاحها من قبل السلطة المدعومة من المؤسسة الدينية، وأن تتحول الى طقوس أستمرت ليومنا هذا على الرغم من عدم وجودها لا في الفلكلور الأيراني الغني بعمقه التاريخي والحضاري ولا في الشعائر الاسلامية بشكل عام. ومن بين تلك المراسم "النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتطبير وأستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث بوسع كل أنسان مطلع على تلك المراسم أن يشّخص أن هذه ليست سوى نسخة من تلك" (*) .علماً أن المؤرخ ابن الأثير يشير الى ظهور مراسم عاشوراء في العراق الى زمن معزّ الدولة أحمد البويهي أثناء حكم الاسرة " 932 – 1055م".

تحت عنوان "
passions" أي المصائب، يبدأ شريعتي معلناّ أن تجسيد المصائب التي تعرّض لها الحسين وأهل بيته وصحبه وبالأحرى آل البيت وفاطمة الزهراء بنت النبي وزوجة علي وأم الحسن والحسين بشكل تمثيلي ومسرحي والذي يطلق عليه الشبيه ويسمى بالعراق "التشابيه"، ليست سوى نسخة من مراسم العزاء المسيحي في تمثيل الشهداء الأوائل للمسيحية ضحايا قياصرة الروم وطريقة قتلهم والتمثيل بهم مروراً بسيرة الحواريين والعذراء مريم وتجسيد عذابات وآلام المسيح على يد اليهود والروم. وقد أستخدم الشاه اسماعيل الصفوي "التشابيه" لأول مرّة لنشر المذهب الشيعي بين الايرانيين معتمداً على العواطف الجيّاشة عندهم تجاه أستشهاد الحسين وآله بتلك الطريقة المأساوية في عاشوراء سنة 61 للهجرة. وأصبحت ذكرى "أستشهاد الحسين" محوراً رئيسياً في استمرار التشيّع الذي فقد بريقه الثوري لاحقاً، كما يقول شريعتي، وليتحوّل الى مجرد طقس بكائي بعد أن أن تم أفراغه من محتواه الفكري، وهو الوقوف الى جانب الطبقات المسحوقة ضد السلطات على مختلف تلاوينها.

وقد تابع حكام فارس القاجاريون تقليد تمثيل موقعة كربلاء. وفي عهد أول شاه قاجاري وهو الأغا "محمد خان"، أصدر المجتهد "فاضل القمي" فتوى تشرّع هذا التمثيل. لكن الممارسات الدامية التي كانت تصاحب التمثيل مثل اللطم وشج الرؤوس بالسيوف، والجلد بالسياط لم تصل إلى المركز في إيران. ولم تُعرف هذه الطقوس في البلاد العربية إلا في القرن التاسع عشر، ومنها العراق حيث دخلت هذه الطقوس عن طريق الشيعة الاتراك والفرس بالأساس.

الا أن عملية شج الرؤوس "التطبير في العراق" لم تمارس الا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وانتقلت ممارسة شق الرأس الى مدن العتبات المقدسّة في القرن التاسع عشر بواسطة شيعة من أصل تركي. وكانت تقتصر في العراق على الشيعة الأتراك والفرس بالأساس. ويروي تاريخ النجف المحكي أن شق الرأس لم يلاحظ في كربلاء والنجف قبل منتصف القرن التاسع عشر. وقد مارس هذه الطقوس لأول مرة الزوار الشيعة من القفقاس أو من آذربيجان. فقد وصل هؤلاء الزوار الذين ربما كانوا من قزلباش، الى كربلاء حاملين أسلحتهم الشخصية" (1). وترجع مصادر تاريخية عملية شج الرؤوس الى عام 1640 في بعض انحاء القوقاز الجنوبي تحديداً.

أن مراسم الزنجيل والتطبير والتسوط وحمل الاقفال لازالت كما يقول شريعتي ممارسة سنوية في منطقة "
lourder". ويعلل شريعتي أستمرار ممارستها و"تطورها" الى أرادة سياسية وليست دينية، لكونها لم تحظ بموافقة وتأييد كبار علماء ورجال الدين الشيعة لانها تتعارض مع أحكام وموازين الشرع. الا ان شريعتي يعود ويؤكد أنه نتيجة لترسخ الظاهرة وقوتها بين العوام فأن الكثير من العلماء لا يتجرأون على اعلان رفضهم لها ويلجأون الى التقية في هذا المجال!!(2). أن طقوس عاشوراء ونتيجة للقمع المتواصل للشيعة لقرون، كانت وما زالت مجالاً رحباً وواسعاً لتمتين العلاقات المذهبية بين أبناء الطائفة الشيعية، خصوصاً بين أبناء البلدات والمناطق الواحدة. ولهذا السبب تطورت اشكال هذه الطقوس في أيامنا هذه، أضافة الى الدور البارز "للروزه خون" المقبول شعبياً لظروف منها سياسية ومنها ما يتعلق بقلّة الوعي ومنها ما يتعلق بالمساس بقدسية هذه الطقوس بعد ربطها مباشرة بالأمام الحسين. إذ يقف "الروزه خون" وهو يحث جموع المؤمنين على ممارسات وطقوس لم تكن موجودة حتى قبل عقد واحد كالمشي على الجمر ، الذي يعتبرها المؤرخ حسين الامين انها ظاهرة هندوسية"، أو المشي على الزجاج معبراً أن الحسين خط أحمر!

لقد أستغلت حادثة كربلاء سياسياً من السلطة الحاكمة ومن المعارضة ايضاً، لكون الامام الحسين يشكل رمزاً ومدخلاً للمطالبة بالحقوق المغتصبة. وتحوّلت هذه الطقوس بالرغم من قدسية الامام وما آل اليه وآله وصحبه في تلك المعركة غير المتكافئة وبتلك النهاية الحزينة، في النهاية الى ما يشبه التجارة. وقد كتب أهل الصفا في هذا الجانب : "من الناس طائفة قد جعلت التشيّع مكسباً لها، مثل الناحة والقصاص! لا يعرفون من التشيّع إلا التبري والشتم والطعن واللعنة والبكاء مع الناحة" (3) . وهذا ما يذهب اليه الفقيه الشيخ محمد جواد مغنية عندما يقول : "من الناس طائفة قد جعلت التشيّع مكسباً لها مثل النياحة والقصص.. لا يعرفون من التشيّع إلا البكاء وحب المتدينين للتشيّع.. وجعلوا شعارهم لزوم المشاهد، وزيارة القبور، كالنساء الثواكل، يبكون على فقدان أجسامنا وهم بالبكاء على أنفسهم أولى" (4).

كما وأن هناك بعض المؤرخين يتحدثون عن علاقات ميثولوجية "بين احتفالات بل - مردخ (تموز) في بابل من جهة، والاحتفالات بيوم عاشوراء من جهة أخرى. إنه من الممكن أن تتشكل إمكانية للتشابه فكرياً ووجدانياً كتعبير عن انتصار الخير على قوى الشر. فإنّ نواح عشتار على حبيبها مردخ (تموز) سنة بعد أخرى، إنّما يمثل طاقة خلق وتجديد لمبدأ الأرض - الخصوبة - الحياة، مثل الاحتفال بذكرى عاشوراء الذي يمثل تجديداً أو إحياء لمبادئ الحسين في الرفض والشهادة" (5) . أمّا المستشرق أيردمنس فأنه يقارن بين طقوس عاشوراء بأيران في القرن التاسع عشر وطقوس وشعائر سومر وبابل قائلاً : "إنّ أحد رموز الاحتفالات هو كف العباس التي ترفع في مواكب العزاء والتي تدل على تشابه واضح مع طقوس بابلية وكريتية وكذلك يهودية قديمة، حيث ترمز الكف إلى الخصوبة، مثلما ترمز إلى الوعي بعودة تموز ثانية، بالرغم من موته، في ربيع العام القادم والتقائه بحبيبته عشتار إلهة الخصوبة" (6) .

هناك العشرات من علماء ورجال الدين الشيعة أن لم يكن أكثر، ومنهم عدد لا يستهان به من مراجع التقلّيد وقفوا ضد العديد من طقوس عاشوراء، وعلى رأس هذه الطقوس عملية شجّ الرأس "التطبير في العراق" بآلة حادّة "القامة"، بإعتبار هذه الطقوس تمثل أساءة بالغة للتشيّع. ولكنهم أعترفوا بالوقت نفسه أن هناك من العلماء من يسكت عنها خوف الأهانة والضرر"وهنا نرى نجاح التشيّع الصفوي في تسويق بدعه عن طريق "علماءه - روزه خونيه"، وجعلها أشبه بالمقدسّات عند عوام الشيعة من الغوغاء، وهذا بالضبط ما يحتاجه الساسة. ومن رجال الدين الذين تناولوا خوف رجال الدين من ضرر العامة واهانتهم لهم في مثل هذه المواقف هو العلامة محمد جواد مغنية الذي قال :"ما يفعله بعض عوام الشيعة في لبنان والعراق وإيران كلبس الأكفان وضرب الرؤوس والجباه بالسيوف في العاشر من المحرم، ان هذه العادات المشينة بدعة في الدين والمذهب وقد أحدثها لأنفسهم أهل الجهالة دون ان يأذن بها إمام أو عالم كبير، كما هو الشأن في كل دين ومذهب حيث توجد فيه عادات لا تقرها العقيدة التي ينتسبون إليها ويسكت عنها من يسكت خوف الاهانة والضرر" (7) . واذا كان بعض رجال الدين يفتون بمنع هذه الطقوس فقط، فأن السيد محمد باقر الصدر قال بأن العلماء دائبون على منعه وتحريمه حيث قال في جوابه للدكتور التيجاني أثناء زيارته له في مدينة النجف الاشرف "ان ما تراه من ضرب الأجسام وإسالة الدماء هو من فعل عوام الناس وجهالهم ولا يفعل ذلك أي واحد من العلماء بل هم دائبون على منعه وتحريمه" (8). أما آية الله السيد ابو الحسن الأصفهاني فأنه أضاف الى عدم شرعية هذه الممارسات علاوة على منعها وتحريمها عندما قال :"ان استعمال السيوف والسلاسل والطبول والأبواق وما يجري اليوم من أمثالها في مواكب العزاء بيوم عاشوراء بأسم الحزن على الحسين (ع) انما هو محرم وغير شرعي" (9) . أما آية الله كاظم الحائري فأنه يوصم ممارسي هذه الطقوس على انهم يمارسون أعظم المحرمات حين كتب قائلاً : "ان تضمين الشعائر الحسينية لبعض الخرافات من أمثال التطبير يوجب وصم الإسلام والتشيّع بالذات بوصمة الخرافات خاصة في هذه الأيام التي أصبح إعلام الكفر العالمي مسخراً لذلك. ولهذا فممارسة أمثال هذه الخرافات باسم شعائر الحسين (ع) من أعظم المحرمات" . وتأكيداً على ما جاء به شريعتي وعلى رغم خلافه المبدئي معه، أكد آية الله مرتضى مطهري على ما قاله شريعتي حول استيراد هذه الطقوس من القفقاز عندما كتب قائلاً :"ان التطبير والطبل عادات ومراسيم جاءتنا من ارثودوكس القفقاز وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم" (10).

 


(*) " التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي ص 208".
(1) " شيعة العراق لأسحاق نقّاش ص 269 "
(2) " التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي ص 209 "
(3) "  من مقال لرشيد الخيّون في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 16/1/2008 "
(4)  " من كتاب مع علماء النجف لمحمد جواد مغنية ص 121 "
(5) " تراجيديا كربلاء لأبراهيم الحريري ص 326 – 327 "
(6) " المصدر السابق ص 322 "
(7) " من كتاب تجارب لمحمد جواد مغنية "
(8) " كل الحلول عند  آل الرسول للتيجاني ص 50 
(9) " هكذا عرفتهم لجعفر الخليلي ، الجزء الاول "
(10) " كتاب الجذب والدفع للمطهري "

 

د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (7)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (6)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (5)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (4)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (3)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (2)
د . علي شريعتي وأقطاب التشيع العلوي والتشيع الصفوي (1)

 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter