| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زكي رضــا
rezazaki@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 10/3/ 2011



محكمة

زكي رضا

"
حكم على كل من محمد بن قاسم البقال في القاطرخانه وعبيد بن عبد الله البقال في ابوسيفين بجزاء نقدي قدره ثلاثون روبية لعرضهما للبيع بطيخا فاسدا وغير صالح للاكل وأمرت المحكمة باتلاف البطيخ .. أغرم صالح بن محمد الطباخ في فندق ابميرييال ( هكذا جاءت والصحيح ايمبريال ) بعشر روبيات لالقاءه مياه قذرة في الطريق.

وجوزي محمد بن سبع الحوذي في محلة الفضل بثلاثين روبية لعدم مراعاته نظام السير في الشوارع .

وحكم على الحوذي حسن بن علي من محلة القراغول بخمس عشر روبية لرفضه تأجير عربته حينما كانت فارغة
" *

كل ما جاء اعلاه كان قد ورد في احدى الصحف البغدادية ، خلال عشرينات القرن الماضي ، اي منذ ما يقارب التسعة عقود . وقد جال في خاطري وانا اقرأ الكتاب الذي وردت فيه الاسطر اعلاه تحت عنوان محكمة . ان اقارن بين التهم الموجهة لاولئك الكسبة ، وتلك التي استطيع كعراقي ( مع وقف التنفيذ ) ، ان اقارنها بالتهم الموازية لها والتي من حق شعبنا ان يوجهها للسيد نوري المالكي ، بعد ان اصبح وحكومته التي لم يكتمل نصابها في الذكرى السنوية الاولى للانتخابات ، مرتكبا لجرائم تفوق ما ارتكبه اولئك الكسبة . وان يقدم المالكي الى محكمة مشابهة ، لتلك التي وجهت التهم لاولئك الكسبة ، وليس المافيويون من امثال السيد ابو اسراء وزبانيته ، من الذين عاثوا واقطاب المحاصصة الطائفية القومية الاخرى في البلاد والعباد فسادا .

على ان يكون القاضي هذه المرة ، مجموعة قضاة منتخبون من الشعب العراقي ، وليس من هيئة القضاء الاعلى لانحيازها اليه صلوات الله عليه ، وعلى الغر الميامين من اعضاء مكتبه وحزبه ، واقطاب المحاصصة الطائفية القومية الاخرين . وان تنقل قاعة المحكمة من القاعة المخصصة لها من قبل هيئة المحكمة ، الى ساحة التحرير والشوارع المحيطة ، بها لكثرة اعداد النظارة والمتضررين من الاعمال التي قام ويقوم بها جلالته وزبانيته ، بحق العراق شعبا ووطنا .

على ان تقتصر هذه المحاكمة ( الرمزية ) على مثيلاتها ، من تلك التي وردت في الصحيفة المشار اليها اعلاه ، تاركين التهم الاخرى الى مقالات قادمة ، في حالة حصولنا على مصادر موثقة لجرائم مشابهة ، من تلك الفترة الزمنية ، للجرائم التي ترتكب اليوم ( وهذا امر بالغ الصعوبة ) ، ولكننا نعتمد فيه على شعبنا بالتوفيق في انجاز هذا الامر .

لنتخيل الان ان المحكمة قد جلبت الحاج ابو اسراء باعتباره رئيسا للوزراء ، ومعه بعض مرؤوسيه ، ومنهم السيد عبد الفلاح السوداني . بتهمة استيراد مواد تالفة للبطاقة التموينية ، قبل ان تسلط الاضواء على سرقاته ومافيته الحزبية لموارد وزارة التجارة . والتي والعهدة على بعض الرواة قاربت الملياري دولار ، على اعتبار ان التهم الموجهة اليه ، شبيهه بالتهم الموجهه الى كلا من الكسبة محمد بن قاسم البقال من محلة القاطرخانه ، و عبيد بن عبد الله البقال من محلة ابو سيفين !! .

كما وسيقف في قفص الاتهام ذاته السيد كامل الزيدي ، وحرامية مجلس محافظة بغداد الاخرين . لاتهامهم بتهمة مشابهة للتهمة الموجهه للطباخ صالح بن محمد !! . لانهم المسؤولين عن تلوث مياه نهر دجلة ، بعد ان اكدت بعض التقارير الحكومية ، عن ضخ مليون و250 الف متر مكعب من المياه الثقيلة دون معاجتها الى نهر دجلة يوميا ، حسب ما ذكرته قناة الحرة – العراق . وسيقف ممثلين عن المؤسستين العسكرية والامنية وبعض المسؤولين عن حمايات الشخصيات السياسية ، وجميع عسس السيد المالكي من مسؤولي حماياته وحمايات فراشي مكتبه ، وباقي المسؤولين في ذات القفص لتهم مشابهة لتهمة الحوذي محمد بن سبع من محلة الفضل !! لعدم مراعاة السير في الشوارع العامة . وسيكون السيد ابو اسراء متهما بتهمتين ، اولهما تحمله لكل التهم الموجهه الى فريق عمله ومساعديه لانهم يعملون تحت امرته ، والثانية هي التهمة المشابهه لتهمة الحوذي حسن بن علي من محلة القراغول !! لرفضه تأجير احدى البنايات للحزب الشيوعي العراقي ، على الرغم من ان حزبه والمافيات السياسية الاخرى ، تحتل العديد من مباني الدولة التي لم يستطع الحاج ابو اسراء ، من توجيه شرطي مرور واحد اليهم . عكس مقرات الحزب الشيوعي ، التي كانت الهمرات الامريكية تقف عند ابوابه حال حصولها على فرمانه بافراغها .

بعد ان تخيلنا ( الحلم شيء وارد وقد يتحقق ) المتهمين في قفص الاتهام ، والجمهور الحضور والقضاة. لم يبقى امامنا الا فريق محامي جلالته ، ومن معه من لصوص ومرتشين ومفسدين . والادعاء العام الذي سنبدأ به في توجيه التهم الى الماثلين امامها وعلى الشكل التالي .

المتهم الاول : نوري المالكي . المهنة : رئيس وزراء العراق . الاتجاه السياسي : اسلامي . نوع التهمة الموجهة اليه : عدم تحقيق برنامجه الحكومي خلال دورة رئاسته الاولى ، وفشله في تشكيل وزارته بعد مرور عام على انتهاء الانتخابات ، واثر هذا الفعل على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلد ، واستئجار حزبه مساحات كبيرة من مطار المثنى العسكري بمبلغ رمزي ، عدا استحواذه وحزبه على مئات العقارات التابعة للدولة العراقية في مختلف ارجاء العراق . فيما يطالب وحزبه افراغ الحزب الشيوعي العراقي لمقراته ، على الرغم من دفعه ( الحزب ) بدلات ايجار عالية جدا ، مقارنة ببدلات ايجار المالكي وحزبه ، التي هي اقل من ايجار بيت بسيط يقع في اطراف بغداد . محل الاقامة : المنطقة الخضراء .

المتهم الثاني : عبد الفلاح السوداني ، المهنة : وزير سابق للتجارة . الاتجاه السياسي : اسلامي . نوع التهمة الموجهة اليه : سرقة المال العام واستيراد مواد غذائية فاسدة للبطاقة التموينية ، وتحويل وزارته الى وزارة حزبية خاصة . محل الاقامة : المنطقة الخضراء داخل العراق ، وفنادق الخمسة نجوم خارجه .

المتهم الثالث : كامل الزيدي . المهنة : رئيس مجلس محافظة بغداد . الاتجاه السياسي : اسلامي ( ابو النعلجه ) . نوع التهمة الموجهة اليه : التهم ( بلاوي ) تبدأ من تلوث دجلة الخير بالمياه الثقيلة ، وانتشار برك المياه الاسنة حيث يعيش الفقراء ، وتحول بغداد في عهده الى مكب كبير للنفايات ، وتلوث مياه الشرب ، ومصادرته لحريات الناس استمرارا لسياسة صدامية - طلفاحوية سابقة ، وتحسسه لمكان مسدسه كلما سمع بكلمة ثقافة . وتجاوزه على الدستور وغيرها مما لا يسع وقت المحكمة اليوم لتلاوتها . مكان الاقامة : المنطقة الخضراء داخل العراق ، وفنادق الخمسة نجوم وغيرها من اماكن الاصطياف خارجه .

المتهم الرابع : ممثلين عن المؤسستين العسكرية والامنية . المهنة : عسكريون برتب مختلفة ومدنيون من مهن مختلفة . الاتجاه السياسي : بعثيون سابقون واسلاميوين حاليون . التهم الموجهة اليهم : ايذاء المواطنين وقطع الشوارع لساعات طويلة يوميا ، لغرض مرور سيارات المسؤولين ، وضرب المتظاهرين والصحفيين والتعدي عليهم ، وفشلهم في استتباب الامن ، ومنعهم من وصول المتظاهرين الى ساحة المحكمة ( التحرير ) في مخالفة واضحة وصريحة للدستور ، وغيرها من التهم الاخرى التي لا مجال للمحكمة من تلاوتها اليوم . محل الاقامة المنطقة الخضراء ، او ثكناتهم العسكرية بين المئات من الحمايات .

المدعي العام : باسم الملايين من الارامل والايتام ، وملايين العاطلين عن العمل ، وباسم شط العرب الذي اصبح مجرى لمياه بزل ولي الفقيه ، وباسم دجلة التي تعاني سكرات الموت ، والفرات الذي يعاني العطش ، وارضنا الموت والجفاف ، وباسم المهجرين داخل وخارج العراق ، وباسم ثروات شعبنا المنهوبة ، وباسم الديموقراطية التي تغتال كل يوم ، وباسم نصب الحرية ، الذي يحاط بالجيش والمخابرات والاسلاك الشائكة . وغيرها من الجرائم التي لم تدرسها المحكمة اليوم ، كالفساد الاداري والسياسي ونهب ثروات البلد ، ومخصصات مسؤولي الدولة الكبار ، والعفو عن المزورين من المسؤولين ، وغيرها الكثير . فاننا نطالب هيئة المحكمة بانزال العقاب العادل بحق المتهمين ، لما سببوه من آلام ومآس بحق فقراء شعبنا ، ودمار بحق وطننا وثرواته وكرامته .

الدفاع : السادة القضاة ، حضرات المستشارين ، ايتها الجماهير في هذا الميدان المقدس . قد يبدو غريبا ان يتفق فريق الدفاع لاول مرة في تاريخ المحاكم العراقية ، مع رأي الادعاء العام في انزال اشد العقوبات لمرتكبي هذه الجرائم ، على الرغم من عدم تناول المحكمة الا النزر اليسير من جرائمهم . اننا اذ نقارن جرائم الكسبة التي اقترفوها !! في عشرينيات القرن الماضي والاحكام الصادرة بحقهم ، بجرائم الماثلين امامكم وسعتها واثرها على المواطن العراقي . فاننا وكعراقيين من ابناء هذا الشعب ، نعلن عن تخلينا في الدفاع عن موكلينا . لنقف في صف شعبنا الذي عانى ويعاني الامرين من حكمهم المحاصصاتي البغيض . ولسنا كطاقم المحامين الذين دافعوا عن المجرم صدام حتى النفس الاخير ، دون خجل وحياء من ضمائرهم ولا من شعبهم . ولنعلن من هذه الساحة المباركة عن ندمنا لقبولنا بهذه المهمة غير الوطنية وغير الشريفة ، طالبين من شعب العراق العفو والمغفرة .

قرار المحكمة : قررنا نحن قضاة شعب ما تبقى من وادي الرافدين ، اصحاب اقدم حضارة عرفتها البشرية ، واول شعب عرف القانون والادب والفن والموسيقى ، واول حضارة في العالم كانت قد عرفت الزراعة والري والبزل ، واول من عرف العجلة والبناء ، ان نحيل ومن اجل عدم التسرع في اي قرار خلافا لما تمليه علينا ضمائرنا ونصوص القانون ، تحويل اوراق القضية الى لجنة من الحكماء والفقهاء ، من علماء السياسة والاجتماع والاقتصاد ، لتحديد نسبة الضرر الذي خلفته المحاصصة الطائفية القومية على العراق ارضا وشعبا .

حينها بدأت الجماهير تهتف ، المحاصصة باطل ، البطالة باطل ، التهجير باطل ، اعفاء المزورين باطل ، قمع الصحفيين باطل ، محاربة الحريات باطل ، التمييز ضد المرأة باطل ، عمل الاطفال باطل ، نقص الخدمات باطل
التمييز الطائفي باطل ، التمييز الديني باطل ، قهر الاقليات باطل .... ....... ..... الاحتلال باطل .



* من مجاميع الصحف العراقية القديمة الصادرة بين سنوات 1869 و 1934 .

 

الدنمارك
10 / 3 / 2011


 


 

free web counter