| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

زكي رضــا
rezazaki@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    الجمعة 10/6/ 2011



معجزة العراق الجديد ... مصفى نفط غير مرئي

زكي رضا

اكتشفت وانا اشاهد جزء من البث المباشر لفضائية السلطة الطائفية ( الفضائية العراقية ) ، لمتابعة اول اجتماع عقده السيد رئيس الوزراء نوري المالكي ، وهو منتفخ الأوداج ( وكأنه جايب السبع من ذيله ) . وهو يتوسط وزرائه الاثنان والاربعون ، (ليقشمروا) المواطن بحديث ممل وبائس عن انجازات وزارتهم ، أو ليثبتوا للشعب كفاءتهم وقدرتهم على ادارة شؤون وزاراتهم ، ومواجهة المشاكل ضمن مسؤولياتهم ( مثلما يريد البعض تسويقه ) ، بعد فترة المئة يوم التي حددها لهم رئيس الوزراء . لأنجاز ما عجزت عن انجازه الحكومات المتعاقبة منذ نيسان 2003 ولليوم ، ومن ضمنها طبعا الوزارة الاطول عمرا بينها ، اي وزارة السيد نوري المالكي . اقول اكتشفت واثناء مداخلة وزير النقل العراقي السيد هادي العامري ، ان عصر المعجزات الذي انتهى كما يقول المسلمون ، مع انقطاع الوحي عن محمد ، بعد نزول آخر آية قرآنية قبل وفاته ، ليست الاّ كذبة كبرى .

فاثناء الشرح الوافي للسيد وزير النقل هادي العامري ، لانجازات وزارته في مجالات السكك الحديد والنقل البري والبحري ، و( التكسي ) ولم يبقى الا الفضاء ! اكتشفت وانا استمع الى سعادته كما كان يستمع اليه رئيس الوزراء وزملائه من الوزراء ، ومئات الالاف بل الملايين من العراقيين ( وهذا يرتبط بتوفر التيار الكهربائي حينها ) ، وهو يتحدث عن مطارات العراق ومنها مطار كربلاء ، ان المعجزة الكبرى قد حصلت في العراق . ولا ادري كيف لم يستطع رئيس الوزراء اكتشاف هذه المعجزة ، وهو يجتمع مع وزرائه اسبوعيا ، ولماذا لم يخبره وزير النفط عن هذه المعجزة والتي ان صحت ، فان معجزة موسى وعصاه التي شق بها البحر الاحمر ، تعتبر صفرا الى الشمال مقابلها ( معجزتنا العراقية ) .

وهنا يبدو انني ادخلت القاريء في متاهة ، فما علاقة مطار مدينة كربلاء المقدسة بوزير النفط !؟ ولماذا يتحدث وزير النقل في اختصاص غير اختصاصه !؟ سؤال وجيه يطرحه اي مواطن له بعض الالمام بعمل الوزارتين ، اللتين تبتعدان في مهامهما عن بعضهما بعد الارض عن السماء . ولكنني ولأنتشل القاريء بعيدا عن هذه الاحجية ، فسوف انقله الى اجواء ذلك اللقاء وما دار فيه حول بناء مطار كربلاء .

كما هو معروف فان بناء المطارات في اي بلد ، يعتمد على الجدوى الاقتصادية للمطار ، ومدى قربه من مطارات اخرى ، وهل هناك طرق برية جيدة ( خط سريع ) او حركة قطارات منظمة ، تربط المدينة المعنية بتلك المدن التي فيها مطارات ؟ وكم هي المسافة بين اقرب مدينة فيها مطار عن تلك المدينة ؟ بالاضافة الى أهمية المدينة من ناحية عدد زائريها .

ولو أخذنا مدينة كربلاء كمثال لمدينة يُراد ان يُبنى فيها مطار ، كما خططت له وزارة النقل العراقية ، واتفقت لاجراء التصاميم والبناء مع شركة فرنسية ، منذ اكثر من عام ونصف العام حسب ما قاله السيد وزير النقل ورئيس الوزراء ، ودرسنا الجدوى الاقتصادية لمثل هذا المشروع ، فما هي النتيجة ؟ وهل تحتاج كربلاء الى مطار ؟

ليس هناك ادنى شك بعدد الزوار الكبير وجلهم من العراق ، لمدينة كربلاء في مناسبات محددة ( اذا لم تخترع القوى الطائفية زيارات يومية جديدة على مدار العام ) ، كما وليس هناك ادنى شك من ان هؤلاء الزوار ، يزورون مدن النجف الاشرف والكاظمين في بغداد والاماكن المقدسة في سامراء ، وحاجة هؤلاء الزوار الى طرق مواصلات سهلة ، للوصول الى اماكن الزيارات هذه . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل مدينة كمدينة كربلاء ،التي تبعد 90 كيلومترا عن مدينة النجف التي فيها مطار ، وما يقارب 120 كم عن مدينة بغداد صاحبة اكبر مطار في البلاد ، واللتان ترتبطان بطرق معبدة مع كربلاء بحاجة الى مطار ؟ وخصوصا لو قامت وزارة النقل بانشاء وتطوير ، خط للسكك الحديد تربط هذه المدن فيما بينها ، ليس لنقل المسافرين فقط ، بل ولنقل البضائع ، آخذين بنظر الاعتبار رخص النقل عبر السكك الحديدية مقارنة بالطائرات ، خصوصا وان سرعة القطارات قد وصلت الى ارقام كبيرة ؟

لست ضليعا بامور الجدوى الاقتصادية للمشاريع ، وعليه سأضع هذا السؤال امام من له خبرة في هذا المجال ، مع العلم انني اعيش شخصيا في مدينة تبعد عن مطار العاصمة الدانماركية كوبنهاكن بمسافة تقارب الثمانين كيلومترا ، وهناك مدن تبعد عن مطار العاصمة ما يقارب ال 140 كيلومترا وليس فيها مطار . وهنا اود ان أعتذر للقاريء مرة ثانية ، اذ يبدو انني اتعبته في امر المعجزة التي جاءت في عنوان المقالة والتي سأتناولها الان .

بعد ان تحدث السيد هادي العامري عن مشروع مطار مدينة كربلاء ، والتصاميم التي انجزتها الشركة الفرنسية التي تم التعاقد معها ، واثر الانتهاء من حديثه . قال له رئيس الوزراء ، ان المشروع هذا قد مر عليه عام ونصف العام ، وجلست اليك مرات عديدة لمناقشته ، فالى اين وصل هذا المشروع . ليجيب الوزير من انه يتابع الموضوع مع الشركة المعنية ، وهو على اتصال دائم بهم كل اسبوعين مرة ، وان التصاميم النهائية ستنتهي بحلول الشهر العاشر من العام الجاري . ولكن ( وما ادراك ما لكن ) ظهرت لدينا مشكلة "كلش بسيطة" حول موقع المطار ، اذ تبين انه يقع على بعد 200 م فقط من مصفى نفط كربلاء !!!!! يا للهول أيها السيد الوزير ، هل كان المصفى المذكور يعتمر ( كلاو الخناس ) ، فأختفى عن ناظريك وناظريّ السيد رئيس الوزراء الذي جلس اليك مرارا ، ليناقش امر هذا المطار معك . أم ان ( الكوميشين ) كان كبيرا فسالت له لعاب البعض من سراق الشعب والوطن ؟ وبالمناسبة ايها السيد هادي العامري ، اين اصبح مشروع القطار المعلق " المونوريل " في بغداد والذي ناقشتموه مع محافظ بغداد صلاح عبد الرزاق ، بتاريخ 19 / 1 / 2010 ، بعد ان وقع المحافظ العقد مع شركة " الستوم ترانسبورت الفرنسية " ، ام انكم اكتشفتم ان " المونوريل " يمر عند المفاعل الذري المخصص لانتاج الطاقة الكهربائية واجلتم تنفيذه .

العيب ايها السيد هادي العامري ليس بكم ، ولا بالسيد رئيس الوزراء المحترم . بل العيب بالمواطن الذي يصدق انكم لم تعرفوا وانتم توقعون العقد مع الشركة الفرنسية ، ان هناك مصفى نفط على بعد 200 متر فقط من المطار . او قد يكون العيب في وزير النفط ،الذي لم يخبركم بوجود هذا المصفى . ولانني حسن النية كباقي ابناء شعبنا ، فانني لا احمّلكم وزر هذا الخطأ ، بل اعتبره معجزه ( لأختفاء المصفى عن الانظار ) ، لان المعجزات تأبى الا ان تنتهي عند حضراتكم ، انتم المؤمنون بالله ورسوله والائمة الميامين الاطهار من آل بيته ، فلا تسرقون ولا ترتشون ولا تنهبون ، واصبح العراق في عهدكم جنة عدن تجري من تحتها الانهار !

ولا ادري الان هل عمل وزارة النقل خلال المئة يوم التي امهلها لهم السيد رئيس الوزراء ، لانهاء ما كانوا قد بدأوه من مشاريع ، او متابعة عمل انهاء تلك المشاريع ، بوضع برامج حقيقية لذلك ، نجحت ام لا ؟ الجواب نعم !! لماذا؟ لان السيد الوزير اكتشف خلال فترة المئة يوم ، ان الجهود التي بذلت ، والاموال التي صرفت من اجل انشاء مطار كربلاء ، قد ذهبت ادراج الرياح ، بسبب ظهور مصفى نفط لا يبعد سوى 200 متر فقط عن المطار المزمع انشاءه .

وبمناسبة صرعة بناء المطارات في كل مدينة وقرية و ( زنگه ) في العراق ، انهي مقالتي بالمثل البغدادي ......

" علچ المخبل ترس حلگه "

 

الدنمارك
10 / 6 / 2011


 


 

free web counter