| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 10 / 5 / 2024 زهير دعيّم كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
الطّفل العضّاض
(قصة للأطفال)زهير دعيم
(موقع الناس)
جلس طلاب صفّ البستان بشكلٍ دائري مع معلمتهم ديمة ، بعد فترة الألعاب والفعاليات ، جلسوا يستمعون الى القصّة اليومية .
إنهم يُحبّون القصص والحكايات ، جلسوا مسرورين إلا هديل التي وضعت رأسها الصغير على ركبة المعلمة وأخذت تبكي ، فقد عضّها منير قبل دقائق معدودة ، منير هذا الطفل الشّقيّ.
بدأت المعلمة بالقصة وهي تُداعب شعر هديل بحنان : " كان يا ما كان ، في قديم الزّمان ، ثعلب مكّار يعيش في الغابة ...
ولم تكد تنتهي المعلمة من هذه الجملة وإذا بصرخة قوية تصدر من رنين : آخ...آخ...آخ...
فسألت المعلمة عن الأمر فقالت رنين : " لقد عضّني منير ، عضّني منير "
فجاء ردّ منيرسريعًا : " لقد داست على قدمي!! ".
وهزّت المعلمة رأسها بامتعاض شديد ، وطلبت من رنين أن تأتي وتجلس بجانبها .
لم تبكِ رنين ، فهي طالبة قوية الشخصية.
احتارت المعلمة ، ماذا تفعل بهذا العضّاض الذي يعضّ كلّ يوم ... يعضّ هذا ويعضّ هذه .. وكثيرًا ما عانقته بحرارة وحدّثته عن أضرار العضّ ولكن دون فائدة.
وتابعت المعلمة سرد القصة ، وعندما جاءت أمّ منير لتأخذ ابنها بعد انتهاء الدّوام ، أخبرتها المعلمة أنّ ابنها ما زال يعضّ الطلاب ، فاليوم فقط عضّ طالبتيْن ، وهذا الأمر يقلقها ويقلق الأمهات .
وعضّت أمّ منير على شفتها خجلًا وقالت : " آسفة .. ماذا أفعل ...لقد استعملت أنا وأبوه كلّ الطُّرق لكي يترك منير هذه العادة السيئة ، ولكن دون جدوى ، ورغم ذلك سنحاول ثانية ".
ولم تنم المعلمة في تلك الليلة وهي تبحث عن وسيلة تمنع فيها منير من العضّ .
وفي اليوم التّالي ، وفي السّاعات المبكرة من الصّباح ، وبينما كانت المعلمة تقوم بالتركيز ، سمعت صرخة قوية : آخ..آخ..آخ ..
ودون أن ترفع المعلمة رأسها صاحت " : منير ..منير تعال إلى هنا، تعال إلى هنا ".
وقف منير أمام المعلمة باكيًا وهو ينظر والدّموع تملأ عينيه ..ينظر إلى يده الحمراء ..
لقد عضّتني رنين ، لقد عضّتني .
وضحكت المعلمة ، وعانقته بحرارة وهي تؤنّب رنين .
وتابعت المعلمة التركيز الذي كانت تقطعه كل فترة ببسمة خفيفة قائلة : أيكون هذا ....؟؟
وفي اليوم التّالي والأيام التي تلت غاب العضّ عن الصفّ ، غاب إلى الأبد.