|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  6  / 1   / 2025                                 تحسين المنذري                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

منظومة الفساد العراقية
أضلاع المثلث والجدران الساندة

تحسين المنذري
(موقع الناس)

لم تكن سنة 2003 بداية الفساد المالي والاداري، فقد كانت هناك أرضية خصبة سمحت بهذا النمو السريع الذي نعيشه الان، تلك المتمثلة ببيروقراطية مترسخة تعتمد على موظفين إحتلوا مواقعهم بحكم الولاء والدرجة الحزبية قبل الكفاءة والنزاهة. فقد كانت عمليات الرشى والابتزاز المالي قائمة بشكل شبه علني في دوائر الدولة المختلفة كالشرطة والجيش والدوائر الرسمية ذات المساس المباشر بأمور المواطنين الحياتية والتي تحفل بمراجعة ذوي المصالح المتعلقة كل بعملها، لكن ذلك لم يصل الى الدرجات الوظيفية العليا حيث الحذر من منظومة الدكتاتورية الرافضة لكل أشكال المنافسة حتى في الفساد والسرقات.

ومن هنا شكلت هذه الشريحة البيروقراطية القاعدة الارأس لنمو الفساد بعد 2003 حيث كونت الضلع الاسفل أو القاعدة للمثلث، وقد لاقت دعما من قبل المحتل فلم تُمس مصالحها ووجودها المؤثر، كما ظهرت إشارات واضحة من قبل (بريمر) تقضي بغض النظر عن فسادها تمثلت ببعض الممارسات مثل توزيعه عشرين مليون دولار لكري الانهر الفرعية في الوسط والجنوب دون مراجعة النتائج المتحققة أو تدقيق أوجه الصرف، وكذلك عدم سماحه لمجلس الحكم بمحاسبة المبعثين على رأس بعثة الحج لذلك العام عن أوجه صرف الميزانية المخصصة لهم. ومن ثم نمت هذه الشريحة بشكل كبير في زمن المدعو نوري المالكي عن طريق التوسعة في التعيينات بشكل عشوائي وغير مدروس وأيضا بتنصيب غير الكفوئين في قيادة مفاصل الدولة جميعا إعتمادا على التقسيمات المحاصصية، ومن هنا تحولت الكتل السياسية النافذة في الحكم الى غطاء يستر شريحة البيروقراطية ويشكل الضلع الثاني في المثلث.

ولقي هذا الضلع الجدار الساند متمثلا بالمرجعيات الدينية على مختلف مذاهبها وتوجهاتها والتي بدورها إستفادت من دعم أبنائها في الحكم وأفادوها بشتى الصور. وكان لابد من إيجاد قوى تحمي هذا الوجود الفاسد فكانت الميليشيات المسلحة هي الضلع الثالث في المثلث، ترهب وتقصي كل من يحاول المساس بوجود الفاسدين والسراق، وقد حضيت الميليشيات تلك بدعم قوى إقليمية نافذة من مصلحتها بقاء العراق دولة مشلولة هشة. وبذلك فقد إكتمل المشهد فمنظومة الفساد تتكون من ثلاثة أضلاع هي شريحة البرجوازية البيروقراطية والكتل السياسية المتنفذة والميليشيات المسلحة، ولكل منها جدار تستند عليه من قوة إحتلال ومرجعيات دينية وقوى إقليمية نافذة.

وأتصور إن الصورة باتت واضحة جدا بما يتعلق بالدفاع المستميت عن وجود الميليشيات المسلحة ورفض حلها أو حتى تحجيمها. أما فيما يتعلق الامر بكردستان فإن الحزبين الحاكمين تتكون منهما الأضلاع الثلاث، بيروقراطية المؤسسات الرسمية والميليشيات المسلحة والغطاء السياسي لكل ما يجري هناك
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter