| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الجمعة 27 / 9 / 2024 د. شابا أيوب كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
البرلمان الأوروبي يكيل بمكيالين
د. شابا أيوب
(موقع الناس)
أصدر البرلمان الاوروبي (١) عدة بيانات صحفية يوم 19 أيلول الماضي ومن بينها البيان، الذي يُعد تصعيداً خطيراً في مجرى الحرب الأوكرانية الروسية وتُرجم إلى عدة لغات منها الإنجليزية والروسية والدنماركية والذي جاء فيه:
"يجب على أوكرانيا أن تكون قادرة على ضرب أهداف عسكرية مشروعة في روسيا"
ودعا البرلمان الأوروبي دول الاتحاد الأوروبي إلى الرفع الفوري لجميع القيود المفروضة على ضربات كييف في عمق روسيا، ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي رفع القيود الحالية التي تجعل من الصعب على أوكرانيا استخدام أنظمة الأسلحة الغربية ضد أهداف عسكرية “مشروعة” في روسيا.
ونصّتْ الوثيقة على أنه بدون رفع القيود الحالية، لا تستطيع أوكرانيا ممارسة حقها في الدفاع عن النفس بشكل كامل وستظل عرضة للهجمات على سكانها وبُنيتها التحتية.
وزيادة في تصعيد الموقف من الحرب يدعو أعضاء البرلمان الأوروبي مرة أخرى الدول الأعضاء إلى الوفاء بالتزام مارس 2023 بتزويد أوكرانيا بمليون ذخيرة وتسريع توريد الأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك صواريخ توروس. كما يؤكدون موقفهم الذي بموجبه ينبغي على جميع دول الاتحاد الأوروبي وحلفاء الناتو أن يلتزموا بشكل جماعي وفردي بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا بما يعادل 0.25٪ على الأقل من ناتجهم المحلي الإجمالي السنوي.
إضافة الى ذلك يدعو القرار الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى الحفاظ على سياسة عقوبات المجلس الأوروبي وتوسيعها تجاه روسيا وبيلاروسيا وإلى الدول والمنظمات غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تزود روسيا بالتقنيات العسكرية وذات الاستخدام المزدوج. ويدين أعضاء البرلمان الأوروبي قيام إيران مؤخراً بنقل الصواريخ الباليستية إلى روسيا ويطالبون بفرض عقوبات أكثر صرامة على طهران وكوريا الشمالية لدورهما في دعم حرب روسيا ضد أوكرانيا.
من الواضح أن قرارات البرلمان الأوروبي في تصعيد الموقف من الحرب وتشديد العقوبات على الدول الصديقة لروسيا تعبّر عن فشل المخططات الغربية في إضعاف روسيا ومد نفوذ الناتو على حدودها الغربية.
وبدلاً من إطفاء حرائق الحرب التي يدفع الشعب الاوكراني دم أبنائه ثمناً لها والسعي نحو السلام عبر إجراء المفاوضات بدلاً من حسم الصراع في ساحة المعركة، يعتقد أعضاء البرلمان الأوروبي أن التعويضات ومدفوعات أخرى تُفرض على موسكو هي جانب رئيسي لأي حل مقبل بسبب مسؤولية روسيا عن جرائمها في الحرب. ويريد أعضاء البرلمان الأوروبي من الاتحاد الأوروبي وحلفائه إنشاء نظام قانوني قوي لمصادرة أصول الدولة الروسية المُجمدة من أجل تعويض أوكرانيا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بها. وتُعد هذه الخطوة سابقة خطيرة في التعاملات البنكية والمالية بين الدول.
وفي نفس اليوم أي في 19 أيلول إعترف أعضاء البرلمان الأوروبي في جلسته العامة بإدموندو كونزاليس (٢) رئيساً لفنزويلا بدلاً من نيكولاس مادورو ، مُتهمين مادورو بتزوير الإنتخابات لصالحه، وأدانو إضطهاد ما أسموه " المعارضة الديمقراطية" ، وحذّروا من هجرة جماعية جديدة من فنزويلا. وهذه مُبالغة مُفرطة لا أساس لها من الصحة.
وجاء في القرار أيضاً : يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يبذل قصارى جهده لضمان قدرة إدموندو كونزاليس أوروتيا، "الرئيس الشرعي والمنتخب ديمقراطيا لفنزويلا"، على تولي منصبه في العاشر من يناير/كانون الثاني 2025.
وفي نفس القرار الذي أُعتمد يوم الخميس 19 أيلول/سبتمبر، بأغلبية 309 أصوات مقابل 201 وامتناع 12 عضوا عن التصويت "يدين البرلمان ويرفض بشدة عمليات التزوير الانتخابي التي ارتكبها المجلس الوطني الانتخابي الفنزويلي الذي يسيطر عليه النظام".
ويعترف أعضاء البرلمان الأوروبي بإدموندو كونزاليس أوروتيا رئيساً شرعياً ومنتخباً ديمقراطياً للبلاد، وماريا كورينا ماتشادو زعيمة للقوى الديمقراطية في فنزويلا. كما يدينون بشدة إصدار الحكومة الفنزويلية مذكرة اعتقال بحق السيد كونزاليس.
في الوقت الذي يدعم الاتحاد الأوروبي عُملائه ومُناصريه من العنصريين و الفاشيين ومَنْ يُسمونهم بالديمقراطيين ، نراه يقف صامتاً على جرائم الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة وغزة وفي لبنان الشقيق، ويُقدِّم كل أشكال الدعم العسكري والمالي والمعنوي لهذا الكيان الغاصب.
إن هذه القرارات المُنحازة إلى جانب العُملاء وخَدمْ النظام الرأسمالي العالمي تُعبّر بصدق عن إزدواجية المعايير السياسية والإنحطاط الأخلاقي للغرب الرأسمالي وقيمه الذي تبجح بها لفترة تزيد على نصف قرن، كما تُعبر في الوقت نفسه عن ضيق نفسْ الدول الرأسمالية المتنفذة من التغيّر الحاصل في ميزان القوى العالمي لصالح تعدد الأقطاب بدلاً من هيمنة القطب الواحد، وفوز أحزاب اليسار في الإنتخابات الرئاسية في العديد من دول العالم وكان آخرها نتائج الانتخابات الرئاسية في سريلانكا.
و يحث البرلمان دول الاتحاد الأوروبي على إعادة فرض العقوبات على أعضاء المجلس الانتخابي الوطني (٣). ويدعو إلى تمديد العقوبات على النظام الفنزويلي وتوسيع نطاقها لتطبيق عقوبات حقوق الإنسان العالمي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي ضد نيكولاس مادورو ودائرته الداخلية.
وتُعد العقوبات الإقتصادية المفروضة على الأنظمة التي تُعارض النهج الرأسمالي الغربي جرائم بحق الشعوب المُستضعفة ويجب على الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية الوقوف ضدها وفضح آثارها الكارثية.
(١) يُسيطر اليمين واليمين المتطرّف على أغلبية مقاعد البرلمان الأوروبي.
(٢) إدموندو كونزاليس سياسي دبلوماسي وأكاديمي، عملَ في وزارة خارجية بلاده وسفيراً في الجزائر وتونس والأرجنتين، ثم كرّسَ نفسه أواخر مسيرته الدبلوماسية للعمل الأكاديمي وكتابة المقالات الأكاديمية والتحليلات السياسية، قبل أن يُعلن تحالف المعارضة الرئيسي المعروف بـ"التحالف الديمقراطي الموحد" ترشيحه ليُمثلهُ في انتخابات 2024. وهو حالياً لاجيء في اسبانيا.
(٣) كان المجلس الانتخابي في فنزويلا أعلن فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية التي جرت يوم 28 يوليو/تموز الماضي ، وأعلن فوز مادورو بنسبة 52% من أصوات الناخبين، بينما تقول المعارضة إن مرشحها أدموندو كونزاليس أوروتيا، فاز في الانتخابات بفارق كبير، وفقا لإحصاءاتها الخاصة.