|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأحد  9  / 7 / 2017                                 سعد السعيدي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شركة لافارج الفرنسية مولت داعش في سوريا

سعد السعيدي
(موقع الناس)

لم تثر الاخبار التي نشرت مؤخرا حول قيام بعض سياسيو الانبار بعقد التعاملات التجارية مع الدواعش الدهشة لدينا. وقد جاء تحرك الامن والدفاع النيابية مثيرا للسخرية. فلم يعرف عن هذه اللجنة الفاشلة مع إمعاتها المعروفين اهتمامها بامن البلد والناس إلا حسب المصلحة الانتهازية. وإلا فلماذا تكون هذه هي الفضيحة الوحيدة التي يتوجب التحرك بشأنها (مع الضجيج الاعلامي اللازم) دون ايلاء الاهتمام بنفس الدرجة للفضائح الاخرى الآسنة التي تملأ البلد ، وكيف يمكن الحكم على هذه اللجنة... إن لم يكن بقرب الانتخابات ، وحيث لابد انهم يعلمون بانه لن يتأدب الصغار ما لم يكبح الكبار ؟ مقابل كل هذا لن ننتهي من سرد فضائح اولئك الذين اؤتمنوا على مفاتيح بلدنا مما تكتموا عليها ، وحيث يبدو انها تتزايد طرديا مما نراه في الاخبار مع تزايد الاراضي المحررة من رجس داعش !

فقد كشفت صحيفة (اللوموند) الفرنسية في حزيران العام الماضي عن فضيحة مدوية مفادها تعاون شركة (لافارج) الفرنسية لصناعة الإسمنت مع تنظيم داعش ما بين العامين 2013 و 2014 ، لضمان استمرار المصنع الواقع في شمال سوريا في عمله. وبحسب التقارير التي نشرتها الصحيفة فالشركة لم تتعاون مع داعش فقط ، بل وتعاونت قبلها ايضا مع النصرة وأحرار الشام والتنظيمات المسلحة التي كانت موجودة في المنطقة.

وشركة (لافارج) الفرنسية هي اكبر الشركات العالمية في صناعة الاسمنت ومواد البناء. ويشتغل لديها حوالي 90 الفا من العمال والموظفين في اكثر من 80 بلدا. وكانت قد استثمرت في المصنع السوري ما قيمته 600 مليون يورو، ما جعله المشروع الأكثر أهمية في الاستثمارات الخارجية لشركة (لافارج) بعدما اقتنعت بسرعة ربحيته في سياق إقدام الحكومة السورية على فتح ميدان الصناعة الإسمنتية للمنافسة في ظل الاحتياجات المتعاظمة للإسمنت في البلد. وقد بدأت وقائع الفضيحة حسب الصحيفة في ربيع 2013 حينما كان تنظيم داعش يبسط سيطرته التدريجية على كل شمال سوريا حيث يقع المصنع.

ما بين العامين 2013 و 2014 ، عندما سقطت مدينة الرقة بأيدي مسلحي داعش وبعدها بلدة منبج التي تقع على مسافة 65 كيلومترا شرق مقر المصنع ، قامت إدارة (لافارج) من مقرها الرئيس بباريس بشتى المحاولات لضمان أمن المصنع وعماله وتأمين الطرق التي تسلكها الشاحنات منه وإليه حيث استعانت بخدمات شخص أردني ليقوم بالاتصال بامراء داعش المتواجدين في الرقة. وكان هذا الشخص هو المندوب الأساسي الذي يتولى ترتيب الأمور معها ودفع "أتاوات" مالية كبرى مقابل تصاريح مدموغة بطابع (الدولة الإسلامية) تتيح لشاحنات المصنع المرور عبر سيطراتها العسكرية. وأيضا السماح لشاحنات الوقود بالوصول إلى المصنع لضمان اشتغاله وتموين شاحناته. كما أكد تحقيق (اللوموند) بأن الشركة كانت تشتري الوقود من تجار السوق السوداء الذين كانوا على علاقة بالتنظيم، وأيضا بعض المواد الأولية اللازمة لصناعة الإسمنت من مناطق محاذية لمدينة الرقة. ووفق شهادات اخرى لإدارة الشركة في سوريا والشركة الأم في باريس، فإن إيصال الأموال كان يتم عبر فراس طلاس (نجل مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الاسبق والذي انشق عن النظام السوري لاحقا) حيث كان يقوم بإيصال الأموال إلى التنظيمات المسلحة بعد أن انشق هو ايضا عن النظام وأقام في دبي. لا بل إنه ساهم في تمويل النشاطات العسكرية لعدد من الفصائل. لاحقا قامت الشركة بغلق المصنع والانسحاب من المنطقة بعد قيام داعش بمهاجمته والاستيلاء عليه.

وقد وجدت تفاصيل هذه الفضيحة طريقها الى كل الاعلام العربي الورقي والشبكي في حزيران العام الماضي. ولم يخلُ مصدر إعلامي عربي واجنبي من ذكر تفاصيل هذه الفضيحة المدوية.

بالمقابل... حيث كان كل هذا يتردد في الاعلام العربي والاجنبي ، خلا الاعلام العراقي كليا من اية إشارة لهذه الفضيحة !!! فلو وضعت جملة (داعش لافارج) في الكوكل ، فلن يظهر فيه اي موقع عراقي من بين تلك التي نشرت موضوع الفضيحة ولا حتى بين القنوات التلفازية. بل هو الصمت والظلام المطبقان !

من خلال التدقيق في موقع الشركة وجدنا بأنها تملك مصنعين في العراق. احدهما في السليمانية في بازيان. والثاني... في محافظة كربلاء !

من المؤكد بأن لا الرئيس معصوم ولا رهطه ذاك المسمى الاتحاد الوطني الكردستاني (ولا من باقي شلة الاكراد الحاكمين وما يسمى بالمعارضين) ، هم ممن يمكن الاعتماد عليهم في تقديم تفسير عن سبب التزامهم الصمت حول هذه الفضيحة الجديدة. نقصد بها فضيحة التستر على تواجد شركة اجنبية في مناطق نفوذهم قامت بتمويل منظمة إرهابية مثل داعش. لكن الحقيقة التي يعرفها الجميع هو ان ليس اولئك الذين يتعاطفون في وضح النهار مع إرهابيي الجيش الحر هم ممن سيبقى لهم اي وازع في هذا المجال (وحيث كانوا يقومون ايضا بتهريب النفط لصالح داعش من خلال شركات نوكان ومير سوما – انظر مقالتنا : امريكا وبريطانيا تغضان الطرف عن مبيعات نفط داعش). فإن كنا نتعاطف مع الجيش الحر ، فلماذا سيكون الامر مختلفاً مع داعش ؟

وبنفس السياق نقول اية فضيحة مماثلة تكون تلك المتعلقة بصمت الحكومة الاتحادية يدا بيد مع حكومة كربلاء المحلية حول اخبار هذه الفضيحة العالمية التي تردد صداها في كل الاعلام خارج العراق ، حيث تستروا هم ايضا عليها ولزموا الصمت حولها ولم يتخذوا اي إجراء ازاء هذه المتعاملة مع الارهاب المتواجدة في كربلاء حيث كانوا قبل سنوات يكررون الدعوات لتجفيف منابع الارهاب وإنهاء وجوده ؟ الم يكن واضحا لهؤلاء بأن بعض ارباح هذه الشركة من صفقاتها في العراق التي دفع منها الى الدواعش في سوريا... عادت علينا بشكل إرهاب وجرائم دموية وتدمير للبنى التحتية هنا في بلدنا ؟ ام لعل للعطايا (او الرشاوي) التي يبدو ان هذه (اللافارج) بارعة في توزيعها دخل في هذا يا ترى ؟ وبالتالي فصمت المستفيدين يكون طبعا في سبيل الحرص على دولة الفساد التي من دونها سيفقدون جميع امتيازاتهم ومعها الاموال التي يجنونها من ممولة الارهاب هذه.

ولم تقم الحكومة الفرنسية بالمباشرة بمقاضاة الشركة ومحاسبتها مما ارتكبت إلا الشهر الماضي ، اي بعد مرور سنة كاملة على نشر التقارير في صحيفة (اللوموند). قد يكون السبب هو لكون تلك الحكومة (حالها كحال معظم الحكومات الغربية مثل الامريكية والبريطانية والالمانية والهولندية وحتى حكومات الدول الاسكندنافية) تنتمي الى شلة داعمي الارهابيين علنا حيث ما زالت من المؤيدين لتدمير سوريا بقوة الارهاب مما كشف عنه في الصحافة الغربية. وسيكون مثيرا للسخرية إن حصل وادعت الحكومة الفرنسية بجهلها بتعاملات (لافارج) هذه مع الارهابيين قبل نشر التحقيق الصحافي.

يتوجب طرد (لافارج) هذه من العراق واستعادة مصانعنا منها. فهي لا تستحق الارباح التي تجنيها من بلدنا. وهذه الاخيرة هي مما يجب ان يعود لخزينتنا الوطنية فهي الاولى بها ، لا لتمكين الدواعش. ولا ضمان لدينا من الا تكون (لافارج) هذه مستمرة بتمويل الارهاب ودفع الرشاوي إن لم يكن في سوريا ، ففي اماكن اخرى. وإن تساهل العبادي مع هذه الشركة فلا داع له لان يحاول إقناعنا بجديته في محاربة الارهاب.


 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter