| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 9 / 4 / 2023 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
قانون تسليم الثروات الوطنية للاستثمار الخاص
سعد السعيدي
(موقع الناس)يعلم الجميع بالمادتين (111) و (112) من الدستور اللتين اعتبر فيهما النفط والغاز ثروات وطنية تعود للشعب العراقي. والمادة الثانية قد ذكرت بوجوب تحقيق اعلى منفعة للشعب العراقي لهذه الثروات. السؤال الذي يأتي هنا هو لماذا لم تعتبر الثروات الاخرى الموجودة في ارض بلدنا مثل معادن الكبريت والفوسفات وغيرها ايضا ثروات وطنية تعود للشعب العراقي اسوة بالنفط والغاز ؟ هذا الغياب الغريب المريب كان يتوجب مساءلة مشرعي الدستور حوله.
غياب او تغييب ذكر هذه المعادن في الدستور كثروات وطنية تعود الى الشعب يقودنا الى قانون الاستثمار المعدني الذي هو نتاج هذا التغييب. فقد انهيت القراءة الاولى لهذا القانون في تشرين الاول الماضي اي قبل ستة اشهر. وفيه قد جرت محاولة ايلاء امر هذه الثروات الوطنية لعناية الاستثمار الخاص المحلي والاجنبي. اي انه يراد تسليم هذه الثروات الوطنية لافراد ليستخرجونها ليعيدوا بيعها لنا بشكل مواد مصنعة بسعر اعلى. وهو منطق مرفوض عدا عن كونه مضحكا. فلماذا يراد لنا التفريط بثرواتنا هذه التي كنا نستغلها لانفسنا في السابق بالتنازل عنها للآخرين ؟ اليس الاجدر الاستمرار باستغلالها بانفسنا كوننا المستفيد الرئيسي منها كما كان يجري فترة النظام السابق ؟ وهذه المعادن مهمة للتنمية الوطنية في الزراعة خصوصا. فقد كانت تستغل مكمن الكبريت الشركة العامة لكبريت المشراق. والامر نفسه بالنسبة للفوسفات الذي كانت تستغله شركة عامة باسم فوسفات القائم. والعراق هو الاول عالميا في احتياطي الكبريت بمقدار 360 مليون طن من مجموع 600 في العالم. وبالنسبة للفوسفات فاحتياطيه هو الثاني عالميا بنسبة 9 بالمئة. لا نفهم سبب محاولات تسليم هذا الغنى في الثروات الطبيعية العائدة للشعب الى القطاع الخاص إلا بكونه محاولة لاسترضاء قوى دولية مثلما كان النظام السابق يحاول القيام به في اوقات ضعفه. إن هذه هي ثرواتنا نحن لا املاك ايا كان ليجري التصرف بها حسب المزاج والمصالح الضيقة.
ولما كان مشروع القانون يعطي المستثمر الاجنبي بطريق هيئة الاستثمار منافع كبيرة على حساب المصلحة الاقتصادية العليا، فانه بهذا لا يحقق اعلى منفعة للشعب العراقي، ويجب على هذا رفضه كما هو مطروح الآن. فهذه المعادن كثروات طبيعية تعود للشعب كما اسلفنا. والشعب هو الذي يقرر، لا اية فئة منه. ومع ذكر عائدية هذه الثروات يجب استغلالها وطنيا بدلا عن الاستثمار الخاص في هذا القانون.
بهذا نطالب بابعاد ثرواتنا الوطنية عن ضباع الخصخصة المتمثلة بهيئة الاستثمار. اننا لسنا مجبرين على عرض شركة كبريت المشراق للاستثمار الخاص بحجة دمارها وبحجة العجز عن تحمل تبعات اعادة اعمارها. فالامريكيون هم من يتوجب عليه تحمل تبعات اعادة الاعمار هذه. فهم من دمرها بالقصف الجوي خلال غزوهم لبلدنا العام 2003 وقبلها ايضا العام 1991. ولابد من مطالبتهم بهذا التعويض في المحاكم الدولية. إذ انها كانت منشأة مدنية استراتيجية. وقصف المنشآت المدنية هي جرائم حرب.
إن مجلس النواب يستغل جهل الناس بالدستور والحقائق لتكريس قوانين النظام السابق التي تفرط بالثروات الوطنية. لذلك فنحن نطالب باعتبار كل الثروات في باطن ارض العراق كمثيلاتها الاخرى النفط والغاز ملكا حصريا للشعب مما لا يجوز التصرف بها بالمشاركة مع آخرين. نطالب بهذا بعدم تشريع قانون الاستثمار المعدني هذا دون تضمينه عائدية وملكية كل الثروات المعدنية للشعب العراقي ومنع التفريط بها مثلما حدد في الدستور ملكية مثيلاتها النفطية والغازية.