| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 8 / 12 / 2021 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
اسئلة حول الاذرع الاخرى للخامنئي في العراق
سعد السعيدي
(موقع الناس)في تموز العام 2015 اعلن ما يسمى بمكتب قائد الثورة الاسلامية الإيرانية في النجف استلام آية الله مجتبى الحسيني الشيرازي مهامه ممثلا جديدًا ووكيلا للخامنئي في العراق. وهذا كان قبل هذا التعيين وكيل الخامنئي في سوريا. وقد عين بعد وفاة الوكيل السابق محمد مهدي الآصفي.
منصب ممثل الخامئني في العراق قد استحدث بعد الإحتلال الأمريكي العام 2003. واوكل امر ترؤوسه الى معمم يطلق عليه اسم وكيل المرجع. وينحصر دوره في نقل فتاوى الخامنئي الى العامة ونقل اسئلتهم اليه وامامتهم في جمعهم وجماعتهم واعيادهم وجمع اموال الزكاة والخمس من مقلديه. وإن له كذلك دور سياسي حسب ظروف كل دولة !! وللخامنئي وكلاء ايضا في كلي من سوريا ولبنان.
من الواضح بان وكيل الخامنئي سيتولى مهمة الاتصال باتباع الطائفة العراقيين لتشجيعهم على التجاوب مع نظام ولاية الفقيه التي هي فكرة سياسية بالاساس والترويج لتطبيقها في العراق. ومع قيام بلد الوكيل بتشكيل منظمات مع اذرع مسلحة يقوم بتسليحها وتدريبها لتكون اذرعا ضاربة له في العراق، تكون المهمة سهلة امام هذا الوكيل لترسيخ عقائد ولاية الفقيه في البلاد. اي خلق مناطق نفوذ مرتبطة به خارج بلده. وهو قد افتتح عدة مدارس دينية باسم الخميني في بلدنا مستغلا حالة الفوضى فيه. تدرس هذه المدارس من بين ما تدرسه مادة ولاية الفقيه كما هو مذكور على موقعها. ولم يقتصر افتتاح هذه المدارس في النجف فقط وإنما خارجها ايضا كما في البصرة وميسان وواسط وديالى والقادسية وسهل نينوى والتي هي في معظمها محافظات حدودية كما يلاحظ (1). ومن المؤكد بانه يخطط لافتتاحها في كل المحافظات الباقية. يقوم هذا الوكيل بتتويج طلبة تلك المدارس الدينية كما هو موضح على موقعها.
بالنظر الى الحساسية الفائقة في بلدنا في كل ما يتعلق بالتدخلات الاجنبية فيه نشدد بالقول بانه يجب لتعيينات الوكلاء الاجانب هذه ان تجري وفق اتفاق بين الدول يكون محكوما بشروط. ويستند هذا على قانون مشرع عندنا يحدد هذه الشروط. إذ يبدو ان البعض يتصور بلدنا مجرد ارضا تائهة يمكن دخول ايا كان لها وتأسيس مكتبا تمثيليا له فيها للقيام بنشاطات. والوكيل الايراني لم يأت لاهداف دينية بحتة كما هو واضح. هل لنا بصفتنا اهل البلد معرفة الاساس الذي جرى بموجبه التساهل في فتح مكتب للخامنئي في النجف والذي هو ليس إلا مرشد الثورة الايرانية اي قائدها السياسي ، واعلى سلطة دينية وسياسية في ايران والقائد الاعلى للحرس الثوري ، ام ان هذه الامور هي من اسرار الدولة ومرجعية النجف فحسب ؟ وهذا على الرغم من سابقة الشاهرودي قبل عشر سنوات. وواضح اننا لن يمكننا في اي وقت من الاوقات الاعتماد والثقة بدولتنا او باية جهة اخرى فقط لتقوم بحماية مصالح بلدنا من اطماع الآخرين بنا وببلدنا.
ليكن معلوما للجميع باننا لكوننا اهل البلد فان لنا نحن الكلمة الاخيرة في من يدخله. ومن دون اتفاقية مدونة وفق اسس متفق عليها وواضحة للجميع لا يجوز السماح لممثلي ووكلاء اجانب مهما كان شأنهم اختراق بلدنا والقيام بنشاطات. من هذه الترويج لسياسات يمكن ان تساهم في تخريب السلم الاهلي في البلد المضيف او تجنيد ابنائه في تنظيمات عسكرية تابعة لدولهم او ربما حتى التدخل في ما لا يعنيهم من اموره. وعدا عن اختيار النجف كمقر لمكتب قائد الثورة الاسلامية الايرانية هذا نسأل لماذا سمح له ايضا بجمع اموال الزكاة والخمس ؟ ما حاجة هذا الوكيل في بلدنا الى مثل هذه الاموال مع توافر شيخه ومرجعه على خزائن بلده ، ام ان الهدف هو لغاية خلق قاعدة شعبية له في بلدنا تتبعه وتدافع عن سياساته ومصالحه ؟ وهذا مع ما نعرفه من توجهات وتصرفات بلد السيد الوكيل واطماعه في بلدنا. وهو مثال آخر على استخدام الاموال العراقية لخدمة المصالح الايرانية. بنفس الوقت يكون هذا المجتبى قد كسب في تخريب عقول اهل البلد لغاية اقامة نظام ولاية الفقيه. من حقنا ايضا ان نسأل عما يدفع الخامنئي لان يعتقد بضرورة نشر افكاره في البلدان التي يعتبرها حليفة له ؟
وليس بعيدا عن وكيل المرشد فقد انتبهنا الى امر آخر لا يقل خطورة وهو ما يسمى باتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية العراقية. وهو فرع من اتحاد الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية الذي تموله وتديره ايران. وقد جرى اطلاق هذا الفرع في حزيران 2012 في مدينة النجف. ويقع مقره في الجادرية في بغداد حيث توجد مقرات الاحزاب الاسلامية والميليشيات المسلحة.
ولاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية علاقات وثيقة مع الحرس الثوري الإيراني ومكتب المرشد الأعلى في ايران. وهو يعمل كمنظمة اعلامية شاملة وكمظلة تقدم الدعم كالتمويل والبنية التحتية والدعم الفني او اللوجستي والتدريب لفروعه ووسائل إعلام ما يسمى بالمقاومة العراقية ووضع الاستراتيجيات لها. كما يدعم العمليات المحلية المناهضة للولايات المتحدة أو العمليات الخارجية المناهضة للسعودية، والاخرى المناهضة للاتجاهات السياسية والاجتماعية في البلد. محليا تتبنى هذه المؤسسات الاعلامية خطابا يحاول الترسيخ للنفوذ الإيراني والدفاع عن مصالحه وضرب خصومه في العراق سواء كانوا من الاسلاميين او من غيرهم. وهو يعتمد الخطاب الطائفي مثل ذاك المدعى حول المعركة المستمرة بين انصار الحسين وانصار يزيد لتخويف الناس من العدو الطائفي الآخر المصطنع. ويشمل هذا التخويف ايضا الاحتجاجات التي تخرج في العراق للمطالبة بالخدمات والعيش الكريم (2).
تشمل الوسائل الاعلامية المنتمية للاتحاد العراقي 35 قناة تلفزيونية وإذاعية ، مثل قناة آفاق التي يملكها ويديرها حزب الدعوة الإسلامية. وتتبع معظمها ما يسمى بفصائل المقاومة من بينها قناة الغدير التابعة لمنظمة بدر، والعهد التابعة لعصائب أهل الحق، والاتجاه والإشراق والإباء التابعة لكتائب حزب الله، والنجباء التابعة لحركة النجباء، وآي نيوز التابعة لكتائب سيد الشهداء. كما يضم الاتحاد بعض المنافذ الإعلامية الإسلامية التي لا تنتمي إلى المقاومة وحتى بعض القنوات التلفزيونية التي تبدو ليبرالية مثل تلفزيون آسيا الذي يملكه ويديره المؤتمر الوطني (3).
يدير الفرع العراقي منذ العام 2012 حميد الحسيني. وهو رجل دين عراقي له علاقات وثيقة بمكتب المرشد الأعلى في إيران ويحمل رتبة عقيد في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني. وهو كان فارا من العراق في عهد صدام حسين. نائب الحسيني هو محمد الحمد المدير العام لقناة آفاق وتربطه علاقات وثيقة مع نوري المالكي.
من كم المعلومات هذا يتبادر الى اذهاننا الكثير من الاسئلة. ماذا يعني السماح بإنشاء منظمة اعلامية ايرانية طائفية مثل هذه في بلدنا والسماح لها بتفريخ ودعم منظمات اخرى مشابهة ؟ هل هناك اتفاقية ما تسمح لمثل هذه المؤسسة بمثل هذا النشاط في بلدنا ؟ لن نسأل عن امر الجهات الاعلامية الحكومية او هيئاتها الاخرى المفترض حرصها على مصالح العراق. فمن الواضح بان هذه المنظمة الاجنبية قد ترعرعت في بلدنا وقت ما كان امثال نوري المالكي ومن خلفه يتربعون على رئاسة الوزراء. لا نريد لهذه المنظمة الاجنبية المرتبطة بالخامنئي البقاء في بلدنا. فالاعمال المناطة بهذه المنظمة في نشرها للطائفية هي عمليات واضحة لتخريب السلم الاهلي فيه. وهي اعمال مرفوضة بالمطلق. وكان يجب تنبيه هذه الجهة الاعلامية بالامتناع عن القيام بهذه التجاوزات وسحب اجازة العمل إن لم تنصَع للتنبيه. لماذا نرى استمرار عمل هذه المنصة التابعة لولاية الفقيه في بلدنا ؟ نكرر للمرة الالف باننا لا نقبل باية تبعية لاية جهة مهما كانت ولا نقبل بالتالي لادواتها بالتدخل في بلدنا ومحاولة تخريبه.
هل نرى مع هذا الاتحاد دائرة مكتملة ؟ مؤسسات اعلامية طائفية ومدارسا تعمل جنبا الى جنب مع وكيل نفس جهتها القائدة ، لبناء وتعزيز ميليشيات طائفية. ثم سفير ذاك البلد يقوم بربط الاخيرة مع القيادة في بلده ! هل نفهم مع كل هؤلاء انهم مصدر ظهور كل من تسببوا باشاعة التطرف الديني في بلدنا وتناسل المنظمات الطائفية المسلحة خلال وقبل الحرب ضد داعش ؟ وكل هذا قد جرى تسهيله خلال فترة حكم المالكي بداية ومن خلفه لاحقا. لا توجد دولة في العالم تغار على استقلالها وتقبل مثل هذه الاعمال إلا اذا كانت دولة فاشلة ينخرها الفساد وفاقدة لقياد نفسها.
هل ثمة حاجة لنا في بلدنا لممثلي معمم لديه ادوات في بلدنا يحركها للتدخل فيه ؟ ام انها نفس اطماع بعض النفوس المستمرة به ؟ نحن سنكون بحاجة لمن يدعم السلم الاهلي باخلاصه لبلدنا ، لا العكس. ومجتبى الايراني هذا لا صلة له بالعراق حيث من الواضح بانه موكول اليه القيام بمهام كسب الانصار لمرجعه بالتوازي مع مدارسه ومنصاته الاعلامية. وعمله هذا يكون غسلا للادمغة تمنعه القوانين كونه يعتبر اعتداء على البلد وتآمرا عليه. فضلا عن هذا يتوافر مرجع هذا الشخص في بلده على قوات عسكرية كما اسلفنا ، وله ميليشيات في بلدنا تأتمر بامره. وهذا التدخل الواضح هو مرة اخرى مرفوض بالمطلق وغير مقبول. يجب إخراج هذا الشخص من العراق وعدم السماح له او لامثاله بالعودة. وليأخذ معه لدى خروجه منصات مرجعه الاعلامية ومدارسه. فلسنا بحاجة لها. وكان يجب تدخل الجهات الامنية لمنعه اصلا من ان يطأ اراضي بلدنا. ونطالب بمنع ايا كان من نشر افكار ولاية الفقيه في العراق او له علاقة معها مهما كانت. إن مزج السياسة بالدين لا يمكن ان يترك لينمو وينتشر وفق مبدأ الحريات العامة. فالامر يتعلق باستقلال البلد وامنه وسلامته. وكان يجب ان تقوم الاجهزة الامنية والمخابرات خصوصا بدورها في حماية امن البلد. فإن لم تكن هذه الاجهزة بوارد القيام بهذا ، فما يكون عملها إذن ؟
إن النفوذ الايراني في العراق يشبه كثيرا حكم المقبور صدام حسين واساليبه في فرض فكره. فهو ليس نظاما ديمقراطيا يحترم الحريات العامة. إذ يريد تحويل العراق الى دولة تابعة ونسخة من الحكم في بلده. وهذا الامر لا يجوز ان يبقى ويستمر في العراق. فلم نقدم الشهداء في بلدنا كي يأتي من الخارج من يريد اعادة النظام الساقط اليه.
روابط المقالة :
(1) مدارس الخميني في العراق
https://imamkhomeini-schools.com/%d9%85%d9%86-%d9%86%d8%ad%d9%86/
(2) القصة الكاملة للإعلام الإيراني في العراق من مصادر حصرية
(3) ترددات قنوات اتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية
https://aletthad-iq.com/archives/965