| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 5 / 1 / 2022 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
حماية الآثار التي ستغمرها مياه سد مكحول
سعد السعيدي
(موقع الناس)قرأنا في الاعلام الاسبوع الماضي عن نية وزارة الموارد المائية استئناف العمل بسد مكحول. وهو انشاء كان قد توقف العمل به منذ حرب الخليج الثانية. هذا السد سيعمل إضافة إلى استخدامه لأغراض الخزن وفي إنتاج الطاقة الكهربائية، على تخفيف ضغط المياه التي تذهب باتجاه سدة سامراء وفقا للوزارة.
لا اعتراض لدينا على اقامة المنشآت التي تعني بدعم عمليات السيطرة على المياه في البلد. لكن اعتراضنا هو على تسرع الحكومة في القفز نحو انشاء السد قبل اجراء التنقيبات الآثارية التي طالبت وتطالب بها وزارة الثقافة. فهذه الوزارة تريد عن حق اجراء تنقيبات للبحث عن آثار مدينة آشور التاريخية و200 موقع أثري آخر ستغمرها مياه بحيرة سد مكحول بعد اكتمال انشائه.
تقول المادة (3) من قانون الآثار والتراث رقم (55) لسنة 2001 في فصل اهداف القانون، بمنع مالك الارض التي يوجد فيها الاثر والتراث والموقع التاريخي من التصرف المادي بها أو اجراء الحفر فيها أو تخريبها أو تغيير معالمها. وهذه المادة واضحة بحيث تغني عن ايراد كل مواد القانون المتعلقة بالحفاظ على الآثار. ومن الافضل قراءته باكمله. ويجب دائما في امور الآثار التداول مع مديرية الآثار والمنظمات المدنية اولا عند تخصيص اراض للبناء لدى احتوائها او الاشتباه في احتوائها على آثار.
بيد ان هذه المادة القانونية على الرغم من وضوحها لا تغطي كل إشكالات التنقيب في العراق. إذ اننا لم نعثر في القانون الآنف على بند حول ضرورة التنقيب اولا في الاراضي المخصصة للمشاريع حتى ولو لم يشتبه في احتوائها على آثار. فإن اكتشفت آثار في تلك الاراضي، تنقل مشاريعها الى مكان آخر او يؤجل العمل بها حتى الانتهاء من التنقيبات. إذ ان جزءاً مما قد تم اكتشافه في اماكن العالم من مواقع او لقى اثرية قد جرت لدى حفر اساسات المباني او القيام باعمال التهيئة لانشاء الطرق. وهو ما جرى ايضا عدة مرات في بغداد لدى القيام بالاعمال الانشائية آخرها كانت قبل سنتين في بغداد عند احد اكتاف دجلة. وكلها اكتشافات قد جرت كما يلاحظ بالصدفة. لذلك فإننا نشدد بوجوب اضافة هذا البند المهم في هذا القانون كيلا تضيع علينا مواقعا يمكن ان ترفد تاريخنا بالمعلومات وتحافظ على اللقى فيها من التلف والضياع. لقد جرى الانتباه الى هذا الامر في بعض الدول الاوروبية. إذ قامت فرنسا بتشريع قانون للتنقيب عن الآثار سمته بقانون التنقيب الوقائي احتوى على هذه الامور. ومن الضروري لنا اضافة هذا البند الى قانون الآثار الحالي.
تشير نية وزارة الموارد المائية بشأن استئناف العمل بسد مكحول الى نقص ما. إذ كنا ننتظر منها كجهة حكومية حتى وإن لم تكن معنية بالآثار التحلي بالمسؤولية حيال التاريخ العراقي المدفون المكتشف وغير المكتشف بعد. لا التصرف حسب المزاج وكأن لها مطلق الحرية. فلو اردنا اضاعة هذا التاريخ بهذه الطريقة الوزارية، فلم معاقبة من يسرقه ويتاجر به ؟
ايضا نذكّر هذه الوزارة بانها في حالة تصريف الاعمال بسبب استقالة حكومتها. فهذه الحالة تمنع عليها التصرف باية اموال. ويمكنها استئناف العمل في السد بعد الخروج من هذه الحالة وفقط بعدما تكون قد تشاورت مع الجهات الوزارية والمجتمعية المذكورة اعلاه.
ننتظر قيام الحكومة ومجلس النواب القادمين بالانتباه الى ما يتعلق بالآثار والقيام بحماية المواقع المهددة بالضياع مع تعديل القانون الآنف لما يخدم تاريخ بلدنا.