| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 3 / 5 / 2023 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
هل سيجري تقليص الاموال المرسلة الى الاقليم بعد القرار الدولي ؟
سعد السعيدي
(موقع الناس)تجري هذه الايام التهيئة في مجلس النواب لتشريع قانون الموازنة الاتحادية لهذا العام 2023. وهي الموازنة الاولى بعد ظهور قرار التحكيم الدولي الذي اوقف الخرق التركي لاتفاقية استخدام انبوب النفط العراقي.
هذا القرار الدولي قد منع حكومة الاقليم من الاستمرار في تصدير النفط الذي كانت تسرقه وتهربه الى الخارج. وقد انهار مع هذا المنع الاساس الذي كان يعتمد عليه الاقليم وهو حرية التصرف لوحده بعوائد النفط المهرب. من خلال الاطلاع على حكومة الاقليم قد وجدنا بانها حكومة كبيرة تعادل في حجمها الحكومة الاتحادية كلها مما انشيء بواسطة النفط المهرب. وبينما يجري في مجلس النواب الاتحادي مناقشة كمية الاموال التي يتوجب تحويلها للاقليم في تكرار لما كان يجري في السنوات السابقة نرى نحن انه يجب اولا تدقيق امر حجم حكومة الاقليم هذه بعدما استرجع منها قرار التصرف بالنفط تمهيدا لتقليصها. وهذا سواء انها في بعض اجزائها كانت متجاوزة على الدستور، او انه لم يعد لبعضها الآخر من ضرورة عندما ستجبر هذه الادارة على الاندماج في الدولة العراقية. فمن غير المعقول ولا المقبول الاستمرار في تخصيص اموال لوزارات ستصبح عديمة الجدوى او حلقات زائدة في البلد. لذلك ولان الحكومة الاتحادية هي من يرسل الاموال وبهدف ترشيد الانفاق الحكومي ومنع هدر المال العام سيجري العمل وفقا لبنود الدستور. وكل هذا سيجري بانتظار تشريع قانون الاقليم الذي سيحدد شكل حكومته ومسؤولياتها وعلاقتها بالحكومة الاتحادية. اننا نرى ثمة تكاسل وتراخ في التعامل مع الاقليم دون النظر الى مصلحة الشعب التي منها مصالح الدولة. والحكومة التي لا تخدم مصالح الشعب لن يكتب لها الاستمرار. نعيد هذا على مسامع السوداني واطاره الخاسر في الانتخابات.
تتكون حكومة الاقليم من 26 وزارة ومنصب حكومي منها وزارات سيادية. هذه الاخيرة لابد من إلغائها ودمجها مع الوزارات الاتحادية كونها اختصاص حصري للحكومة الاتحادية حسب الدستور. الوزارات السيادية التي نرى وجوب دمجها الآن هي وزارة الداخلية ودائرة العلاقات الخارجية ووزارة المالية والاقتصاد ووزارة الثروات الطبيعية ووزارة شؤون البيشمركة.
لابد من الانتباه في السياق الى ان منصب رئيس الاقليم هو منصب غير مشروع. فقد نشرنا مقالة في السابق حول الاقليم خلال فترة مؤامرة استفتاء الانفصال قبل ست سنوات ونبهنا الى عدم مشروعية هذا المنصب كون لا يمكن ان يدير البلد رئيسان، لذلك فلابد ان يختفي احدهما. ولأن هذا المنصب غير مشروع قبل قرار التحكيم الاخير، فانه ما زال كذلك بعده. لذلك نطالب بإلغاء اية رواتب لهذا المنصب ولموظفيه. ويكون على حكومة الاقليم المبادرة بالغائه بنفسها بعد قطع مخصصاته اسوة بوزاراتها الآنفة الذاهبة الى الالغاء والدمج.
الامر الآخر المهم الذي يتوجب الانتباه اليه هو البيشمركة واعدادها. فهذه وبعد القرار الدولي ودمج وزارتها بالدفاع الاتحادية سيتم الصرف عليها من الاموال الاتحادية. فلما كانت مصاريف القوات الامنية اصلا ترهق مالية الحكومة الاتحادية فلا يمكن لنا من اضافة اعباء اخرى على الموازنة ويتوجب على هذا تقليص حجم هذه القوات. إذ لا يعرف احد لحد الآن اعدادها الحقيقية. وقد وجدنا من خلال البحث تقديرات بكونها تتراوح ما بين 190 الى 200 الف ضابط وجندي. وهي إن صحت تكون اعدادا هائلة. هذه القوات قد اثبتت عدم قدرتها على الدفاع عن حدود الاقليم في اي وقت من الاوقات. ويتذكر الجميع هروبها امام الدواعش العام 2014 في سنجار. فلا يمكن والحال هذا الصرف على قوات غير كفوءة مثل هذه ولا يمكن الاعتماد عليها. ولابد ايضا من الانتباه الى ضباط هذه القوات. إذ يجب تدقيق شهاداتهم العسكرية كون ان معظمهم لم يتخرج من الكليات العسكرية العراقية. لذلك فلا يمكن ان يدفع لهم نفس الراتب الذي يستلمه ضباط الجيش الاتحادي.
وامر في غاية الاهمية مما يتوجب القيام به اولا قبل دمج وزارات حكومة الاقليم هو وجوب التأكد من اعداد موظفيها. فلا يمكن دمجهم هكذا بشكل عشوائي. إذ قد تصاعدت الشكوك خلال فترة حكومة العبادي بشأن اعداد هؤلاء الحقيقية بالاضافة الى منتسبي البيشمركة. وقد لجأ العبادي وقتها الى تقنية البايومتري لتدقيق اعداد كل هؤلاء قبل ارسال اية اموال مع ظروف التقشف حينها. لكن بعد انتهاء فترة ولاية العبادي لم نعد نسمع شيئا عن هذا البايومتري وحقيقة اعداد الموظفين والمنتسبين الآنفين. فهل انتهت العملية بشكل سليم وحققت اهدافها، ام جرى ركنها جانبا وتناسيها خلال فترة الحكومات التالية ؟
في الختام نقول انه كان لكل هذه الامور ان تكون واضحة للرأي العام العراقي لو كان مجلس النواب قد ناقش قرار التحكيم الدولي هذا وكذلك الاتفاق الحكومي مع الاكراد لاستبيان مصلحة البلد فيه من عدمه وكيفية تطبيقه خصوصا وان الامر يتعلق باموال البلد والالتزام بالدستور. اي مجلس نواب يكون هذا مع تجاهل طرح هذه الامور للنقاش العلني ؟
ننتظر إذن من مجلس النواب الانتباه الى هذه النقاط قبل الشروع بارسال اية اموال للاقليم.