| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأثنين 30 / 12 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
تركيا الغادرة... هل تعمدت تركيا افشال الوساطات مع النظام السوري ؟
سعد السعيدي
(موقع الناس)في الـ 19 من هذا الشهر وفي لقاء خاص مع الاعلام العراقي المرئي عن موقع شفقنا كشف السوداني رئيس الوزراء عن تفاصيل محاولة الوساطة العراقية بين تركيا وسوريا في وقت سابق، وما حال دون ذلك.
وقال السوداني بان كلي الجانبين كانا موافقان على عقد اجتماع في بغداد على مستوى وزراء الخارجية على الرغم من انه كانت لكل منهما شروطه. ويستمر السوداني بكشفه قائلا بانه قد كرر المحاولة مع الأسد 3 مرات لعقد اجتماع ببغداد على مستوى وزراء الخارجية مع موافقة الجانب التركي. وقد اشترط الاخير عودة النازحين واللاجئين على أراضيه من السوريين ومواجهة الإرهاب. بينما الجانب السوري الذي ابدى موافقة مبدئية على عقد الاجتماع قد قال بانه يشترك مع شروط تركيا حول عودة النازحين ولكن يجب مواجهة الإرهاب بشكل عام سواءً على PKK أو الفصائل المسلحة الأخرى وكانت هذه هي نقطة الخلاف. ثم يضيف انه بعد هذه المحاولات الثلاث تعذر جلوس تركيا وسوريا على طاولة واحدة. وفي مكان آخر من الخبر قال السوداني بانه غير مقبول لتركيا أن تتدخل في الشأن السوري أو تكون على أراضيها.
لدينا ملاحظاتا حول ما ذكره السوداني. وما سنورده هنا هو ليس دفاعا عن انظمة استبداد وحشي منهارة او اخرى قائمة، بل التوضيح للمستقبل. فما جرى اعلاه قبل سقوط النظام السوري سيتكرر مستقبلا وسيعاد طرحه في سوريا بنفس الصيغة ربما، ولذلك فلابد من التعلم واستخلاص الدروس.
إن تركيا هي من بادر في البداية الى التدخل في الشؤون السورية الداخلية، لا العكس. لذلك كان يجب عدم قبول الشروط التي طرحتها كشرط لقبول الجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام السوري. بل كان يجب الضغط عليها اولا لاجل ان تقدم بادرة حسن نية للسوريين. وتكون مثلا هذه التوقف عن دعم وامداد ما يسمى بالفصائل المسلحة في سوريا او الالتزام به. فهذا الدعم وبغض النظر عن طبيعة الاوضاع في سوريا نفسها يكون تدخلا فجا في الشأن الداخلي يرفضه القانون الدولي. وتركيا هي من تآمر على سوريا بداية مما تسبب في تدمير البلد. فهي من كان يستلم الاسلحة من دول الخليج وغيرها في قاعدة انجيرليك لترسل الى سوريا. وهي من كان يرسل الارهابيين اليها مشيا على الاقدام عبر الحدود بحماية اجهزتها الامنية وهو امر موثق في فيديو (انظر اسفل المقالة). وهذا يجعلها دولة داعمة للارهاب بشكل لا لبس فيه.
ولم يكن سينفع تركيا التحجج بحزب العمال الكردستاني او قوات قسد. فهؤلاء قد انتشروا على الاراضي السورية بعد وبسبب التدخل التركي فيها. هذا التدخل الذي نتج عنه تراخي السيطرة الامنية للدولة السورية على اراضيها وبالنتيجة صعود وانتشار هذه الجهات. ويكون استناد تركيا على نتائج تدخلها في دولة مجاورة واستخدامه كحجة لعدم المساهمة في تقدم المفاوضات هو صفاقة وعدم جدية واهم منه سوء نية واضحة المعالم. والسوداني كان مما يتبدى من تصريحاته من خلال الخبر اعلاه كان مؤيدا للموقف السوري عندما قال بانه غير مقبول لتركيا أن تتدخل في الشأن السوري أو تكون على أراضيها.
وعدا عن امر الاحتلال التركي للاراضي السورية بداية من خلافه وتعنتها حول الامر فإن الوساطة العراقية كانت تعاني من مشكلة برأينا. مشكلة منحت الاتراك قناعة اثرت على الوساطة نفسها. هذه المشكلة تتمثل بالتخاذل العراقي عن المطالبة بانسحاب القوات التركية المحتلة لاراضيه هو، وهو ما اثرناه في المقالة السابقة. فاستمرار العراق بالتعامل مع الاتراك الذين يحتلون اجزاءا من شماله الكثير منها حدودية واحدها في قاعدة قرب مدينة مهمة، وسعيه الى عقد الاتفاقيات التجارية الواحدة تلو الاخرى معهم غير تركهم يتدخلون في شؤونه الداخلية قد اعطى الاتراك القناعة بامكانية تكرار نفس الشيء مع اية دولة مجاورة كانت واحتلال اراضيها تحت اية حجة كانت والبقاء فيها الى ما لا نهاية. وهو ما لن يؤدي الى احتجاج وغضب من الجهة المقابلة كما يمكن ان يتوقع على العكس، إذ ستتقاعس الجهة المقابلة عن المطالبة باي شيء وستزيد بالمقابل التعاملات التجارية. والاهم سيجلسون معهم على طاولة المفاوضات لحل المشاكل وكأن شيئا لم يكن.
هذه المشكلة التي انتجت هذه القناعة التركية هي برأينا ما ادى الى فشل المفاوضات. فتركيا هي من افشلها، لا النظام السوري الذي سقط لاحقا والذي ترمي كل المواقع الاعلامية على الشبكة الممولة خليجيا وغيرها الاجنبية الاصل باللائمة عليه. وتكون تركيا هي من بادر الى الغدر بجارتها الجنوبية عندما وبحجة تعنت نظامها السياسي في المفاوضات قد اعطت لاحقا الضوء الاخضر لارهابييها من بقايا التنظيمات الارهابية مثل القاعدة وجبهة النصرة لبدء هجماتهم بحجة التحرير وذلك للتغطية على احتلال سوريا وابتلاعها باكملها وتحقيق مصالحها بها.
وتكون تركيا بالتالي دولة غادرة غير جديرة بالثقة ولم يكن يتوجب ايلائها اياها. ويكون رئيس النظام السوري السابق على حق عندما طالب الاتراك بالانسحاب من البلد بداية والكف عن التدخل في الشأن السوري الداخلي كشرط للجلوس معهم على طاولة المفاوضات.
رابط المقالة :
كلام صادم لنائب تركي عن داعش في تركيا
https://www.youtube.com/watch?v=s2YT-zuqY5E