| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأثنين 2 / 9 / 2024 سعد السعيدي كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
دعوى قضائية دولية ضد الحكومة الامريكية لسماحها باعدام رئيس النظام السابق - 17
سعد السعيدي
(موقع الناس)في تشرين الثاني 2006 اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقا على رئيس النظام السابق صدام حسين، حيث نفذ به الحكم في وقت لاحق.
وكانت هذه المحكمة قد اصدرت قرارها هذا بحق رئيس النظام السابق بعد محاكمته بناء على حدث واحد فقط من بين عدة حصلت في عهده وهي حادثة الدجيل. وهي الحادثة التي وقعت عام 1982 إبان الحرب العراقية الإيرانية. إذ نجا من محاولة اغتيال اثناء مرور موكبه في القضاء حيث أطلق عليه الرصاص من بساتين مجاورة. وكان افراد من حزب الدعوة الاسلامية هم المسؤولون عن المحاولة في القضاء الذي يبعد حوالي 40 كلم شمال بغداد.
بعد محاولة الاغتيال هذه وحسب إفادة الشهود قامت قوات عسكرية وبأمر من صدام حسين بعمليات قتل ودهم واعتقال وتفتيش في البلدة. وقد قتل على اثرها 143 من سكانها من بينهم وحسب إفادة الشهود اطفال بعمر اقل من 13 سنة. وجرى حسب نفس الإفادات والوثائق التي عرضها الادعاء العام اعتقال 1500 من سكان البلدة نقلوا إلى سجون العاصمة بغداد وبعد ذلك إلى معتقل (ليا) في صحراء محافظة المثنى. وقد تعرضوا خلال هذه الفترة حسب شهاداتهم إلى التعذيب الجسدي والنفسي. وتم بعد ذلك إصدار قرار بتدمير وتجريف ما يقارب 1000 كم مربع من الأراضي الزراعية والبساتين المثمرة الواقعة في البلدة.
بعد الاستماع الى الشهود والتداول بشأن القضية اصدرت المحكمة الجنائية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقا على الرئيس السابق في التاريخ المذكور اعلاه. وصادقت بعدها محكمة التمييز على قرار الحكم.
وقد رحبت الولايات المتحدة بقرار محكمة التمييز العراقية تصديق الحكم بإعدام صدام حسين في قضية الدجيل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل إن يوم التصديق على قرار الإعدام "يمثل علامة مهمة على طريق جهود الشعب العراقي لاستبدال حكم طاغية بحكم القانون، الشعب العراقي يستحق الإشادة لمواصلته استخدام مؤسسات الديمقراطية في تحقيق العدالة، لقد حصل صدام حسين على الإجراءات الواجبة قانونا وعلى حقوقه القانونية التي حرم الشعب العراقي منها لفترة طويلة، لذا فهذا يوم مهم للشعب العراقي.
لقد وُجّهت انتقادات عديدة لقرار اعدام رئيس النظام السابق. من هذه هي المتعلقة باختيار قضية ثانوية لتكون موضوع المحاكمة والتي تعتبر قضية صغيرة الحجم والأبعاد إذا قورنت بقضايا أكبر حجما ذات ابعاد إقليمية مثل حربي الخليج الأولى والثانية واستعمال الأسلحة الكيمياوية في حلبجة شمال العراق. وقد اعتبر البعض إن اختيار هذه القضية قد جرى لتحقيق مصالح الولايات المتحدة لا مصالح وقناعات الشعب العراقي. وكان الهدف منها هو الأبتعاد عن القضايا التي تبرز تورط الولايات المتحدة ودول اوروبية كبرى في دعم صدام حسين وبناء ترسانته العسكرية من الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية وللحيلولة دون نقل المحاكمة إلى الجنائية الدولية في لاهاي. وهذا ما يعني بكلام آخر وهو من التفاصيل التي يعرفها جميع العراقيين فإن سماح الامريكيين باعدام رئيس النظام السابق كان يهدف الى إخفاء اسرار علاقته بهم.
ومن التفاصيل الاخرى المعروفة والتي نذكّر بها هو ان الامريكيين كانوا قد سلموا صداما بانفسهم الى الحكومة العراقية حيث كان طوال الوقت معتقلا عندهم وهذا مع علمهم المسبق بما ينتظره. فهم بنفس وقت ادعائهم عن معارضتهم لاعدامه كانوا يضمرون العكس ويتحينون الفرصة للتخلص منه. إن عملية الاعدام هذه حتى وإن جرت بمعية محاكمة فانها تعد جريمة اغتيال سياسي يعاقب عليها القانون الدولي. ولم يكن الامريكيون وحدهم من يريد التخلص من رئيس ذلك النظام، إذ قطعا إن ثمة اطرافا اخرى في المعارضة العراقية كانت ترغب هي ايضا في التخلص من ذلك الرئيس كي لا يفشي اسراره بشأنها.
استنادا الى ما تقدم نطالب برفع دعوى قضائية دولية ضد الحكومة الامريكية لسماحها باعدام رئيس النظام السابق دون استكمال محاكمته وبعيدا عن مصلحة الشعب العراقي. وهو ما يعتبر اغتيالا سياسيا حتى وإن جرى بمعية محكمة قانونية. وهذه المحاكمة المطلوبة كانت شأنا عراقيا خالصا تدخلت فيه الولايات المتحدة لتحقيق غايتها منه بحكم احتلالها غير المشروع للبلد.